ديالى (العراق)- “القدس العربي”: لايزال سكان محافظة ديالى يعانون من استمرار سطوة المليشيات الشيعية ونفوذها منها منع الأهالي من العودة إلى ديارهم تارة وإجبارهم على ترك مناطقهم وبيوتهم والأراضي الزراعية بأساليب مممنهجة مدروسة لتهجيرهم بهدف إحداث تغيير ديموغرافي واسع تارة أخرى.
وقال شاهد عيان من نازحي محافظة ديالى العراقية لـ”القدس العربي” إن مليشيات شيعية تابعة لمنظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري منعتهم من العودة إلى منازلهم وقراهم في ناحية كنعان بقوة السلاح وأجبرتهم على العودة من حيث أتوا والرجوع إلى مخيمات النزوح التي كانوا فيها.
وأوضح الشاهد ويدعى أحمد المقدادي أن “المليشيات تواصل منعنا ورغم تدخل الأجهزة الأمنية إلا أنها لم تسطيع الضغط على المليشيات بأخذ الموافقة والسماح للعائلات بالدخول والرجوع إلى بيوتهم، لكن أحد الضباط في الجيش العراقي طلب منا نصب خيامنا على أبواب مناطقهم في محاولة لممارسة الضغط عليهم”.
وقالت عضوة مجلس محافظة ديالى نجاة الطائي لـ”القدس العربي” إن ديالى ماتزال تعاني من سطوة المليشيات وعمليات التهجير ومنع الأهالي مستمرة خاصة في ناحتي بهرز والمقدادية وهما أكثر المناطق تضررا”، مشيرة إلى أن هذه المليشيات بعد أن هجرت السكان قامت بتدمير منازلهم وبعض البيوت سويت بالأرض بالكامل وهذا يدل على أعمال طائفية وتغيير ديموغرافي في مناطق ديالى وأطماع واضحة في السيطرة على هذه المدن وتغيير تركيبتها السكانية”.
وأضافت الطائي “للأسف اليوم في ديالى هناك طرفان طرف قوي مسلح وطرف ضعيف مجرد من القوة المسلحة وهم العرب السنة الطرف الأضعف في المعادلة لأننا لا نمتلك فصائل مسلحة ودعم دولة مجاورة مثل الطرف الأول ولا حتى وجود قوة داخل الأجهزة الأمنية تدافع وتنصف هذه العائلات والمكون السُني بشكل عام”.
وتابعت الطائي “هناك قرى مسحت بأكلها من على أرض ديالى وأصبحت أثر بعد عين وهذه القرى إن أردنا عودة النازحين إليها فإنها تحتاج إلى تخصيصات مالية هائلة لإعادة إعمارها وقبل عمليات الإعمار نحتاج إلى ضمانات أمنية وعشائرية لسلامة تلك العائلات في حال سمح لها بالعودة من بطش المليشيات”.
واستبعدت عضوة مجلس المحافظة في حدثيها لـ”القدس العربي” أن يكون هناك حل في الأفق المنظور لعودة النازحين وإنهاء سيطرة الفصائل المسلحة في ديالى العراقية.
أما مهند العيساوي مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان فقال لـ”القدس العربي” إن استمرار جرائم منع النازحين من العودة إلى مناطقهم يؤكد استمرار سيطرة المليشيات وغياب القانون، وعودة هذه العوائل كان منسقا بين قيادة العمليات في ديالى ووزارة الهجرة، إلا أن المسلحين فرضوا إرادتهم على الدولة وقواتها ومؤسساتها، وإن العودة الطوعية للنازحين حق بموجب القانونين الدولي والوطني، ومنعهم منه جريمة تستوجب العقوبة، ومنع أي فرد من العودة لمنزله وممتلكاته لا يكون إلا بموجب أمر قضائي وليس وفقا لرغبة ومصالح المسلحين وميليشياتهم”.
وأضاف العيساوي “فوفقا لجدول قيادة عمليات ديالى الخاص بعودة العوائل النازحة، كان من المقرر أن تجري الخميس الماضي عودة 18 عائلة من عشيرة بني زيد كوجبة أولى من أصل 118 عائلة، في ناحية كنعان، إلا أن المسلحين منعوهم رغم الحصول على الموافقات الرسمية لعودتهم وعدم وجود أي مذكرة قضائية ضد أي من أفراد هذه العوائل، إلا إن قوة الجيش المرافقة للقافلة لم تتخذ أي خطوة لمنع هؤلاء المسلحين، بل اقترحت على العوائل العودة للمخيم الذي خرجت منها ورضخت لرغبة المسلحين”.
والمسلحون ينتمون لعشيرة شمر صكوك في ناحية كنعان، يستولون على الأراضي الزراعية العائدة لهؤلاء النازحين، منذ ما يقرب 14 عاما، لذلك يرفض عودتهم، ويتحججون بوجد خلاف عشائري معهم، ورغم توقيعهم على الصلح الذي تم بين العشيرتين في 2014.
وأكد أن هذه الجرائم سببها غياب دور السلطات العراقية، وعدم قيامها بواجبها المتمثل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع استهتار المسلحين والمليشيات والوقوف بوجه جرائمهم.
والسلطات العراقية مطالبة بوجوب تمكين النازحين من حقهم بالعودة الطوعية لمناطقهم وحمايتهم فيها من بطش المليشيات، ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم التي تحدث في ديالى وفي صلاح الدين.