العراق يدعو للحفاظ على وحدة سوريا وتنوعها

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يراقب المسؤولون العراقيون عن كثّب التطورات الجارية في الساحة السورية، ومدى التزام الفصائل المسلحة هناك بوعودها في تأسيس نظام سياسي حرّ يحفظ وحدة الأراضي السورية وحقوق الشعب بجميع أطيافه، رغم التخوّف من احتمال استغلال التنظيمات «الإرهابية» لاضطراب الأوضاع هناك وتهديد الساحة العراقية، وهو ما يتوجّب، حسب رأي الحكومة، زيادة التنسيق مع التحالف الدولي المناهض لتنظيم «الدولة الإسلامية» لدرء خطر «الإرهاب» عن المنطقة، والحفاظ على استقرارها.
وأجرى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، زيارة «غير معلنة» إلى الأردن، استمرت بضع ساعات، بحث خلالها مع الملك عبد الله الثاني، تطورات الأحداث الإقليمية، لا سيما الأوضاع في سوريا.
بيان لمكتب السوداني أفاد أن اللقاء شهد التأكيد على أهمية «تعزيز التنسيق الثنائي من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ومواصلة الجهود لمنع اتساع الصراع في الشرق الأوسط، وخطر الانزلاق نحو الفوضى».
وأكد أهمية «الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الصعبة، وضرورة احترام الإرادة الحرة لجميع السوريين، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادة البلاد وتنوعها الإثني والديني والاجتماعي، ودعم خيارات الشعب السوري نحو بناء سوريا مستقرة ومزدهرة تضمن مشاركة جميع مكوناتها في إدارة شؤون البلاد واستمرار التشاور مع جميع الأطراف، وتبادل الرؤى لتقديم مبادرات فعالة تخدم المصالح المشتركة وتعزز الاستقرار في المنطقة». كما شدد الجانبان على «تكثيف الجهود الدولية للتوصل إلى وقف فوري للعدوان على غزة، ومضاعفة المساعدات الإغاثية والطبية للحدّ من معاناة أهالي القطاع، مع التحذير من خطورة استمرار الأعمال العدائية للمستوطنين بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكذلك العمل على بذل الجهود لضمان تثبيت وقف إطلاق النار في لبنان وضمان استقراره».
وتطرق اللقاء، وفقاً للبيان، إلى «بحث جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، ومواصلة العمل على بناء الشراكات المثمرة في مختلف المجالات، بما يصبّ في مصلحة الشعبين الشقيقين». وسبق لرئيس الحكومة العراقية أن أعلن استعداد بلاده مساعدة السوريين في هذه الظروف والمرحلة الانتقالية.
وقبل مغادرته إلى عمّان، كان السوداني قد التقى في بغداد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا والوفد المرافق له، وبحث معه «التعاون والتنسيق بين العراق والتحالف الدولي في مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف».
وأكد السوداني أن «العراق عضو أساسي في هذا التحالف وهو ملتزم بالتعاون مع التحالف الدولي، للتصدي ومتابعة الجماعات الإرهابية، بما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة».
في المقابل أكد كوريلا «التزام التحالف الدولي في دعم العراق لحفظ أمنه وسيادته بالضدّ من أيّ تهديد ارهابي».
كما تضمن اللقاء «البحث في آخر تطورات الأوضاع في سوريا، والتداعيات المستمرة في المنطقة» حيث شدد السوداني على أهمية «احترام الخيارات الحرة للشعب السوري، واستعداد العراق لمساعدة السوريين في هذه الظروف والمرحلة الانتقالية». وأشار إلى ضرورة «الحفاظ على أمن سوريا، ووحدة أراضيها، وسلامة شعبها والتنوع الإثني والديني والاجتماعي الذي يتمتع به» مؤكداً أهمية «منع أيّ اعتداء على أيٍّ من مكونات الشعب السوري أو مقدساته الدينية، وأن العراق سيتابع مجريات الأحداث، ومصداقية الأفعال وليس الأقوال».
وجدد السوداني التأكيد على «مضيّ العراق في العمل مع الدول العربية ودول الجوار لمساعدة السوريين، وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة».
كما استقبل وفداً من وزارة الخارجية الأمريكية، برئاسة وكيل الوزارة للشؤون السياسية جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط بربارا ليف، حيث بحث اللقاء العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، وسبل تعزيزها وتنميتها.

السوداني بحث مع الملك عبد الله في الأردن «التطورات الإقليمية»

وجرى، خلال اللقاء، التأكيد على التنسيق المشترك بخصوص الأوضاع في سوريا، وأهمية أن تكون هناك مرحلة انتقالية تضمّ جميع الأطراف، وتحفظ حقوق المكونات كافة، من أجل ترسيخ الاستقرار داخل سوريا.
وأكد السوداني على أن العراق يؤدي دوره في التواصل مع الأشقاء والأصدقاء للتشاور بشأن الأوضاع السورية، وأهمية احترام إرادة الشعب السوري في تقرير مستقبله.
فيما بين باس أنّ العراق شريك أساسي في المنطقة، مؤكداً أهمية التشاور معه بشأن تطورات الأحداث، كما عبَّر عن التزام التحالف الدولي بحماية أمن العراق وسيادته من أي تهديد خارجي.
وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، التقى كذلك باس والفود الأمريكي، حيث أشار إلى أن «هذه الزيارة تأتي في يوم مهم يحمل معاني كبيرة للعراقيين والأمريكيين، وهو يوم تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابي».
وأكد الجانبان أن «هذا النصر تحقق بفضل تضحيات العراقيين والأمريكيين، مع التشديد على أن التنسيق والتعاون سيستمران لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن العراق وشعبه».
وخلال اللقاء، «تمت مناقشة الأوضاع والتوترات في المنطقة، مع التركيز على الوضع في سوريا واستعراض جميع الاحتمالات الممكنة لمستقبلها».
وأكد حسين «اهتمام العراق بأمن واستقرار سوريا» مشدداً على «دعم العراق لخيارات الشعب السوري وسعيه نحو بناء سوريا مستقرة ومزدهرة تضمن مشاركة جميع مكوناتها في إدارة شؤون البلاد».
كما أشار إلى «حرص العراق على التشاور مع الأصدقاء في واشنطن حول المرحلة الحالية والمستقبل السوري، بهدف إقامة علاقة إيجابية بين الشعبين العراقي والسوري».
واتفق الجانبان حسب البيان أهمية «استمرار التشاور وتبادل الرؤى لتقديم مبادرات فعالة تخدم المصالح المشتركة وتعزز الاستقرار في المنطقة».
يأتي ذلك في وقتٍ كشف فيه العراق عن «خريطة طريق» من «11» نقطة تمثّل طبيعة تعامله مع الأوضاع في سوريا بعد انتهاء نظام الأسد.
المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، ذكر في تصريح للصحيفة الرسمية، إنه «لم يتدخل العراق بالشأن الداخلي السوري، وكان الموقف السيادي الوطني أن يترك القرار للسوريين بتقرير مصير بلادهم ومستقبلهم، وأن لا يتدخل العراق عسكريا ولا بأي صورة بالضد من إرادة الشعب السوري».
وأضاف: «يحمل العراق غصن الزيتون للواقع السوري الجديد، وجاهز لبناء أفضل وأوثق العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها، بناء على ثوابت الأخوة والجوار وتمتين العمل العربي المشترك» لافتاً إلى أن «هناك خططا استثمارية عراقية طموحة لمستقبل العلاقات بين البلدين» معتبرا أن «الجغرافية السورية من أقرب الوجهات نحو البحر الأبيض المتوسط لنقل الطاقة ذهابا، والاستيراد من أوروبا إياباً، وبالتالي فمستقبل العمل الاستثماري بين دمشق وبغداد سيكون مشرقا ونافعا للبلدين».
وكشف العوادي عن «رفض العراق حالة التدخل السلبي أن يعمل مع طرف سوري ضد آخر، أو يدعم جماعة سياسية أو مكوناتية ضد أخرى، وسيعمل بحالة (التدخل الإيجابي) كشقيق وجار لمساعدة الدولة السورية الجامعة لكل السوريين بما يتفقون عليه من حكومات تحظى بالتأييد الشعبي والسياسي والقبول العربي والأممي» مستدركاً بالقول: «لن يرجح العراق أي محور إقليمي على أي محور آخر للتأثير في سوريا، ولن يصطف مع أي مشروع خارجي لكسب النفوذ في سوريا على حساب قرار شعبها».
وأوضح أن «المشروع العربي الجامع هو خريطة العراق لمستقبل سوريا، وسيكون الحراك العراقي متسقا ومتزامنا وتحت مظلة المنظومة العربية، وسيكون أداة تواصل بين الدول العربية الفاعلة للوصول إلى قرار وموقف عربي جامع وشامل لمساندة سوريا وشعبها».
وزاد: «مثلما كان العراقي مستقلا في اتخاذ قراره برفض التدخل في شؤون سوريا، فإن العراق لن يرجح أي مشروع إقليمي على آخر في سوريا، وسيكون عاملا مساعدا لتقارب المحاور الإقليمية وتأثيراتها في الأرض السورية» مبيناً إن «الوضع السوري في أمس الحاجة إلى العناية والرعاية الأممية والمجتمع الدولي، والعراق يتحرك بواقع خبرته ما بعد 2003 والعلاقات التي نسجها، لدفع الأمم المتحدة والدول الكبرى والفاعلة للعمل مع الفعاليات السورية ورفدها بالدعم اللازم وحماية الحالة السورية من التدخلات السلبية».
وأفاد أن العراق يتطلع إلى «فتح سفارته وزيادة طاقمها الدبلوماسي وتكثيف عملها لتكون أداة ربط رسمية بين البلدين» معرباً عن أمل بلاده في «تعاون أمني سريع بين بغداد ودمشق، لتأمين الحدود المشتركة وتبادل المعلومات والحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي لبلدينا الشقيقين، وفتح المنافذ التجارية لتسهيل حركة التبادل التجاري والاقتصادي».
وأكد أن «العراق يرحب بكل الفعاليات والتيارات السورية، ومستعد للاستماع لمختلف الآراء والتوجهات وتقديم النصح من خلال تجربته الغنية في التغيير بعد 2003، ودعوة الجميع للاستفادة من التجربة العراقية وتجاوز عثراتها، بما يخدم مصلحة الشعب والدولة السورية الجديدة». في الطرف المقابل، أعرب زعيم تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم، أمس الأربعاء، عن قلقه إزاء بعض التطورات التي تحصل في سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد من قبل الفصائل المسلحة، مشددا على ضرورة تحصين جبهة العراق الداخلية من أي تداعيات قد تحدث بسبب الأزمات المتواصلة التي تشهدها المنطقة.
وأجرى الحكيم زيارة إلى محافظة كركوك التقى خلالها محمد إبراهيم حافظ رئيس مجلس محافظة كركوك، وريبوار طه محافظ كركوك وأعضاء مجلس المحافظة والمسؤولين في الحكومة المحلية.
وقال في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع مسؤولي الحكومة المحلية، إن «في الأيام الأخيرة شهدنا تطورات إقليمية وكان أهمها التطور في الساحة السورية» مردفا بالقول: «نتابع باهتمام ما يجري في الساحة، ونتمنى أن يعمّ السلام والوئام والاستقرار في هذا البلد».
وأضاف: «لكن ننظر بقلق في بعض التطورات، ونتمنى أن نحصن واقعنا العراقي من أي تداعيات سلبية لمثل هذا الحراك» مؤكدا أن «هناك إجراءات أمنية مهمة تتخذها القوات المسلحة العراقية في الحدود».
وشدد على أن «أفضل خطوة نقوم بها هي ترصين جبهتنا الداخلية من خلال التعاون والتكامل الشراكة الحقيقية بين أبناء الوطن الواحد حل الإشكاليات وتصفيرها، وهذا كله هو المدخل الصحيح الذي يجعل العراق محصنا ومؤمن من أي انزلاقات أو مخاطر تمسُّ أمن مواطنيه».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية