بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي أعلن فيه نائب رئيس الوزراء العراقي، وزير الخارجية، فؤاد حسين، الاستعداد لخوض جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، تركّز على ملفات التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة، كشف عن مطالبته مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، برفع العقوبات عن سوريا، جراء المعاناة الإنسانية التي تخلّفها بحق الشعب السوري، مشدداً على أهمية الدفع نحو تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة سوريا واستقرارها، وتحفظ حقوق جميع مكوناتها.
التعاون الاستراتيجي
واستعرض حسين، حسب بيانات منفصلة للخارجية العراقية، خلال مشاركته في طاولة مستديرة نظمها معهد بحثي أمريكي في العاصمة واشنطن، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، رؤية الحكومة العراقية تجاه التطورات الإقليمية والدولية، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين».
وأشار إلى أهمية «التعاون الاستخباري والأمني لدعم جهود العراق في مواجهة التهديدات الإرهابية ومنع عودة تنظيم «داعش» الإرهابي».
وفي إطار العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، أكد حرص العراق على «تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن»، مشيراً إلى «الإعداد لجولة جديدة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين خلال العام الجاري، بهدف تطوير التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية، والاستثمارية، والتعليمية، والصحية، وتوسيع آفاق التبادل العلمي والثقافي بما يعزز مصالح الشعبين الصديقين».
وأوضح أن «العراق يرى في علاقته مع الولايات المتحدة ركيزةً أساسية لدعم الاستقرار الداخلي وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة»، لافتاً إلى أهمية «الاستفادة من الخبرات الأمريكية في مجال بناء القدرات، ودعم الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتعليم والرعاية الصحية».
وأكد أهمية «استمرار الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، بما يسهم في تعزيز المصالح المشتركة، ودعم مسيرة الأمن والاستقرار الإقليمي، وتكريس أسس السلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط، واستكشاف آفاق جديدة لتعزيز التعاون الثنائي، ولا سيما في الجولة المقبلة، التي ستركز على مجالات التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة».
كما أشار إلى أن «العراق، بحكم موقعه الجغرافي وعلاقاته المتوازنة مع جميع الأطراف، يعتمد سياسة الحوار والانفتاح لتخفيف التوترات الإقليمية، ويعمل على تعزيز أطر التعاون مع دول الجوار والمنطقة لتحقيق الأمن الجماعي والاستقرار المستدام».
كما تطرق إلى أهمية «متابعة المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران»، مؤكداً أن «العراق يدعم أي جهود دبلوماسية تهدف إلى تخفيف التوتر وتعزيز الأمن الإقليمي، انطلاقاً من قناعته الراسخة بأن الحوار هو السبيل الأمثل لحل الخلافات وضمان مصالح جميع شعوب المنطقة».
تحقيق الاستقرار الإقليمي
وأكد حسين «التزام العراق بتعزيز الشراكات المتوازنة مع دول المنطقة، ودعم جميع المبادرات الرامية إلى التهدئة وتحقيق الاستقرار الإقليمي، مع متابعة العراق لمجريات المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران»، مشدداً على أهمية «الحلول السلمية عبر الحوار».
وفيما يتعلق بتطور المسار الديمقراطي في العراق، ذكر أن بلده «قطع أشواطاً مهمة في ترسيخ العملية الديمقراطية رغم التحديات»، مؤكداً أهمية «الاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة بما يرسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة».
بغداد تستعد لمفاوضات مع واشنطن: التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة أبرز الملفات
كما جدد «التزام العراق الكامل بإجراء الانتخابات البرلمانية السادسة وفق أعلى المعايير الديمقراطية، بما يسهم في ترسيخ الاستقرار السياسي وتلبية تطلعات الشعب العراقي».
كما استعرض «التحسن الملموس في الوضع الأمني داخل العراق»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن «الحشد الشعبي يُعد جزءاً من المنظومة الأمنية الرسمية، ويعمل تحت قيادة الدولة وضمن إطار القانون».
ودعا الوزير العراقي الإدارة الأمريكية الجديدة إلى «إعادة النظر في تحذيرات السفر الصادرة بشأن العراق، لا سيما في ظل الاستقرار الأمني الذي تشهده معظم المحافظات»، وحث الشركات الأمريكية على «الاستثمار في العراق».
وفي معرض حديثه عن التحديات الإقليمية، تطرق إلى الأزمة السورية، مشدداً على أهمية «الدفع نحو تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة سوريا واستقرارها، وتحفظ حقوق جميع مكوناتها، مع ضرورة تخفيف معاناة الشعب السوري ورفض السياسات والإجراءات التي تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية».
ورحب حسين بـ«الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية»، معتبراً أن «مثل هذه الاتفاقات تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والأمني عبر حلول سلمية وتفاوضية».
وكان الوزير العراقي قد أفاد في مقابلة لمحطة عربية بأن «محادثاته في واشنطن تطرقت إلى الأوضاع في سوريا»، موضحاً أن «الإدارة الأمريكية وضعت 8 شروط للإدارة الجديدة في دمشق».
وذكر أن من بينها «مسألة حساسة» للجانبين وهي وجود المسلحين الأجانب، واصفاً تلك النقطة بأنها «بؤرة قلق للجميع» سواء للدول المحيطة بسوريا أو الدول الغربية.
ولفت إلى أنه شدد خلال المحادثات بواشنطن على أهمية «الدفع نحو تسوية سياسية شاملة في سوريا»، موضحاً أنه طالب خلال لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين «برفع العقوبات عن سوريا بسبب معاناة الشعب السوري».
وشدد على أهمية «ضمان الاستقرار في سوريا بالنسبة للعراق»، قائلاً: «نهتم جداً بالوضع السوري لأن ما يحدث فيها يؤثر سلباً وإيجاباً علينا».
وفيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية، أعرب الوزير العراقي خلال الجلسة الحوارية في واشنطن، عن «قلق العراق البالغ تجاه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة»، مؤكداً ضرورة «تكثيف الجهود الدولية لدعم التهدئة وحماية المدنيين».
والإثنين زار حسين سفارة العراق في واشنطن حيث التقى بسفير العراق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، نزار الخيرالله، وأعضاء كادر السفارة.
وجاءت الزيارة في إطار متابعة سير العمل الدبلوماسي وتعزيز العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، بالتزامن مع المباحثات التي يجريها الوزير مع المسؤولين الأمريكيين خلال زيارته الحالية إلى واشنطن.
وخلال اللقاء، بحث حسين مع كادر السفارة، وفق بيان رسمي، سُبل تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، بما يتماشى مع الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وفي مقدمتها اتفاقية الإطار الاستراتيجي.
كما تناول اللقاء التحضيرات الجارية لعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين العراق والولايات المتحدة، المزمع عقده قريبًا، والذي سيناقش التعاون في عدة مجالات، مع التأكيد على أهمية الاستعداد الجيد لهذه الاجتماعات. وأشاد الوزير بالجهود الكبيرة التي يبذلها السفير وكادر السفارة في هذا الإطار.
وأشار أيضًا إلى أهمية تعزيز التنسيق بين البلدين في ظل التطورات الإقليمية الراهنة.
وفي السياق ذاته، شدد حسين على ضرورة تبسيط الخدمات القنصلية المقدمة للجالية العراقية في الولايات المتحدة، مؤكداً أهمية تحسين جودتها.
وأعرب السفير نزار الخيرالله عن تقديره لهذه الزيارة، واصفًا إياها بـأنها ”خطوة داعمة للعمل الدبلوماسي تأتي في ظل ظروف وتحديات كبيرة تمر بها المنطقة».