مباني مدمرة إثر العدوان الإسرائيلي في قرية الخيام الحدودية جنوب لبنان
بيروت- “القدس العربي”: ترخي التطورات في جنوب لبنان بثقلها على المشهد الداخلي في ضوء استمرار الخروقات الاسرائيلية ومعاودة الغارات التي تستهدف كوادر من “حزب الله”. فبعد يوم واحد على استهداف قائد القوات البحرية في قوة “الرضوان” خضر هاشم، نفذت مسيرات اسرائيلية اكثر من غارة على سيارة في رأس الناقورة ، بالقرب من مكب للنفايات جنوب موقع “اليونيفيل” مما أدى إلى جرح شقيقين كانا يعملان على جمع الخردة. وحاولت عناصر الجيش ومواطنون التوجه إلى المكان المستهدف، إلا أن المسيرات شنت غارةً جديدة لمنعهم من الوصول إلى المكان. ولاحقاً، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أنه “تم رصد عدد من المشتبه بهم ينقلون وسائل قتالية إلى عدة مركبات في منطقة الناقورة حيث قامت طائرة لسلاح الجو بمهاجمة إحدى المركبات وإزالة التهديد”، مشيراً إلى “أن أنشطة المشتبه بهم تشكل خرقاً للتفاهمات بين اسرائيل ولبنان”.
السيارة والرابيد اللذان استهدفتهما المسيرة في رأس الناقورة https://t.co/Jd9MOhwESk pic.twitter.com/Rf22O2NcV8
— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) March 5, 2025
وفي وقت سابق، ألقت مسيّرة اسرائيلية قنبلة صوتية في اتجاه مواطن على الطريق المؤدية من تل النحاس إلى كفركلا. وحلّقت مسيّرة أخرى على علو منخفض جدًا فوق سهل مرجعيون، القليعة، برج الملوك، والخيام وأجواء الناقورة.
كذلك، قام الجيش الإسرائيلي بعملية تمشيط بالرصاص ورمايات رشاشة من موقع العاصي في اتجاه منطقتي الجدار ودرب الحورات جنوب شرق بلدة ميس الجبل، وذلك لترهيب المواطنين والأهالي الذين يتفقدون بيوتهم المدمرة، وتضررت سيارة مدنية تعود لأحد المواطنين من دون وقوع إصابات.
مجلس الوزراء
هذه المستجدات ستحضر على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد أولى جلساته العملية في قصر بعبدا برئاسة الجمهورية العماد جوزف عون ومشاركة رئيس الحكومة نواف سلام الذي كان أجرى جولة تفقدية مع عدد من الوزراء على القرى الحدودية.
ومن المقرر أن يطلع الرئيس عون العائد من الرياض والقاهرة الحكومة على نتائج زيارته المملكة العربية السعودية ومشاركته في القمة العربية الطارئة حول فلسطين وما تخللها من لقاءات مع عدد من رؤساء الدول، حيث لقيت زيارته إلى السعودية ومشاركته في القمة أصداء إيجابية لجهة عودة لبنان إلى الحضن العربي واستعادة دوره كمدافع عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية.
وكان البعض توقف عند ما صدر من مواقف ايرانية جديدة بالتزامن مع سفر الرئيس اللبناني والتي جاءت متعارضة مع تأكيده على حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما حمل الرئيس السابق ميشال سليمان على التعليق بالقول “بالأمس خاطب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون الجامعة العربية وعبرها المجتمع الدولي حول وجوب تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وحصر السلاح بيد الدولة. فهل يُعقل ان تقوم دولة صديقة مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية بالتزامن مع موقف الدولة اللبنانية، أن تعلن استمرار المقاومة لأن غالبية الشعب اللبناني يدعمها”.
قبلان ينتقد حفلة الدبلوماسية
ولم تكن المواقف المحلية بعيدة عن الموقف الايراني، فبعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري رفضه مقايضة المساعدات وإعادة الاعمار بالسلاح، انتقد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان المواقف والدبلوماسية التي لا تسترد ما تحتله اسرائيل، ونصح “من يهمه الأمر أن يتعامل معنا بخلفية المصلحة الوطنية ودوافع المشروع الوطني”، معتبراً أن “الخطأ بالتصنيف الوطني قاتل، والإصرار على لعبة قاتل ومقتول لا تفيد البلد مطلقاً، وظنّ البعض أن الفرصة الإقليمية والدولية تسمح بقلب معادلات الداخل مقامرة خطيرة وغباء أرعن”. وقال قبلان في بيان “الحكومة ومشروعها وكل وظيفتها تعيش لحظة شلل وأولويات غريبة عن صميم الأزمات الوطنية، وقراءة التاريخ مفيدة لمن يريد النهوض بهذا البلد لأن تصميم لبنان باللوائح الخارجية يضعه بقلب الخراب، كل ذلك وسط بلد مشلول وحركة حكومية معدومة، وكأننا أمام حكومة انتخابات وأولويات سياسية إسقاطية، والحل بمصالحنا السيادية فقط، ولن نتنازل قيد شعرة عن المصالح السيادية للبنان، وحفلة المواقف والدبلوماسية لا تسترد ما تحتله إسرائيل، وحالة الجنوب السوري وما جرى على لبنان طيلة احتلاله خير دليل على ذلك”. وختم: “واليوم، الاحتلال الإسرائيلي واستباحة الأرض والجو والغارات التي تطال البلد عار وطني والمواقف السياسية بلا قوة سيادية أمر فارغ، والإعمار سيحصل إن شاء الله ولن يوقفه شيء ولبنان لا يقوم إلا بأهله، وتاريخنا الوطني يقول لا قيام للبنان بلا تضحيات، ولن نقايض سيادة لبنان وقوة سيادته بأي ثمن على الإطلاق، ومشاريع الخنق لا شرعية وطنية لها سوى أنها تدوس القيمة الوطنية وتضع الدولة بقلب التهمة الوطنية الأخطر، والقوانين التي تتحول ضد الوطن وشعبه وتضحياته ليست قوانين ولا قيمة لها بتاريخ الأوطان، ومزيد من الضغط يضعنا بقلب الإنفجار، وليس لنا بهذه الدنيا كلها وطن آخر، ولا بديل وجودي لنا عن لبنان”.
فياض: اسرائيل لا تلتزم
وخلال تشييع “حزب الله” وأهالي بلدة تولين الجنوبية الشهيدين كرار علي علي والشيخ علي حسن شقير، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض “ان هذه الأرض التي تحتضن شهداءنا، ستلفظ كل محتل يدنسها، ولن تتعايش أو ترضى أو تتهاون مع وجود هذا العدو، الذي ينضح شراً لا نهاية له، ولو على شبر منها أو كمشة من ترابها”. وقال: “لقد التزم لبنان ورقة الإجراءات التنفيذية التزاماً كاملاً، وهذا ما أكده رئيس الجمهورية، في حين أن إسرائيل وبدعم أمريكي لم تلتزم، بل استمرت في خروقاتها على أكثر من مستوى، في البقاء على أرضنا، وفي تنفيذ الأعمال العدائية ضد المدنيين في الجنوب والبقاع وأماكن أخرى”.
وأشار إلى “أن هذا العدو الذي ينضح شراً، إنما يعمل أيضاً على تقسيم سوريا، على محاذاة حدودنا الشرقية، أملاً منه بأن تنتقل هذه العدوى إلى لبنان، إلا أننا نقول إن بقاء العدو على أرضنا هو انقلاب على الاتفاق، الأمر الذي يرتب مسؤوليات إستثنائية على لبنان، لمواجهة هذا الخطر، والحكومة مطالبة برفع مستوى متابعتها وخطابها واتصالاتها، وصولاً إلى إعادة تقويم الموقف وما يستوجب من إجراءات، لأن العدو الإسرائيلي يقول انه باقٍ في أرضنا بضوء أخضر أمريكي”. وختم “أن الحكومة مطالبة بتحريك وتسريع عملية إعادة الإعمار وتحريرها من أي شروط سياسية كما جاء في بيانها الوزاري”.
وفي هذا السياق غمز فياض من قناة وزير الخارجية يوسف رجي المحسوب على حزب “القوات اللبنانية”، وقال “بعض الوزراء، يطلق مواقف لا تنسجم مع البيان الوزاري ولا السياسات المعلنة للحكومة، رغم ملاحظاتنا، وهذا البعض “فاتح على حسابه” وينفّذ أجندة حزبية وليس أجندة الدولة اللبنانية، في حين أن هذه الدولة ليست ملكاً لأحد، لا لرئيس أو وزير أو حزب، هذه دولة اللبنانيين جميعاً”.
خليل: المعتدي إسرائيل
من ناحيته، شدد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل على “التزام الحكومة ببيانها الوزاري في شأن العمل على تحرير الأرض”، ورأى “أن ذلك يستوجب أولًا أن يكون هناك موقف جماعي، داخل مجلس الوزراء، على هذه المسؤولية وأن لا يتحول الغنى في الإختلاف السياسي، داخل مجلس الوزراء، إلى إنقسام في الرؤيا الوطنية”. وقال: “نحن ملتزمون بوضوح بتطبيق القرار 1701 ومن يخرق الإتفاق وكل ملحقاته هي اسرائيل، من يخرق ويعتدي ويحتل ويضرب الإرادة الدولية هي اسرائيل”. وأكد خليل “وجوب الالتفات إلى هذا الامر وألا نعطي اسرائيل أي ذريعة نتيجة خطاب سياسي ينطلق من حسابات ضيقة او فئوية”، مشدداً على “وجوب أن تكون اللغة المشتركة بين جميع أعضاء الحكومة ووزرائها نابعة من الالتزام الوطني باتجاه مسؤولية التحرير بكل الوسائل كما ورد في البيان الوزاري”. واعتبر “أن لبنان في مرحلة مصيرية بالتوازي مع ما يجري في كل المنطقة هذا الأمر يستدعي مقاربة جديدة للتحديات الداخلية والخارجية أولًا”.