الغارديان: لماذا يخاطر مسنون جزائريون بحياتهم في قوارب الموت لـ”الحرقة” مع الشباب؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
49

لندن ـ “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لزينب بالطيب، خبيرة تكنولوجيا المعلومات والصحافية في مجال الشؤون الثقافية سابقا عن سبب رغبة الكبار في العمر وليس الشباب بالهجرة بطريقة غير شرعية من بلادهم.

 وتناولت الكاتبة نموذج نوارة، 65 عاما، التي عبرت عن استعدادها للانضمام إلى آلاف يحرقون هوياتهم ويدفعون للمهربين أموالاً من أجل الوصول إلى أوروبا وبدء حياة فيها من جديد.

وتقول الكاتبة إن نوارة فتحت في يوم مشرق نافذة بيتها في العاصمة الجزائر، الذي يطل على الشارع وقالت لنفسها “لا أستطيع العيش هنا أكثر”. وهي في سن الـ 65 ولا ترغب بأكثر من مغادرة البلد وتفكر الآن بركوب القوارب التي تحمل المهاجرين في رحلات محفوفة بالخطر عبر البحر المتوسط باتجاه إسبانيا. وتقول نوارة “فقدت الأمل الصغير الذي كان عندي بهذا البلد”. وفجعت نوارة، وهذا ليس اسمها الحقيقي بوفاة زوجها فضيل نتيجة الإصابة بكوفيد عام 2020. وكان فضيل واحدا من بين 6.800 جزائري ماتوا نتيجة وباء فيروس كورونا (حسب الأرقام الرسمية). ورغم التقدم في العمر، فقد كان في حالة صحية جيدة، ومات بعد أسبوعين نتيجة نقص حاد بالأوكسجين. وهي اليوم تكافح، والطاولة القديمة في غرفة المعيشة مغطاة بالأوراق: طلبات تأشيرة ونسخ من شهادة الولادة. ولم ينجب الزوجان أولادا، لكن فضيل له أولاد من زيجة سابقة، وقالت نوارة “قام أولاد زوجي بقطع راتبه التقاعدي عني وأنا أعيش اليوم على الفتات، ولو رفض طلب التأشيرة إلى فرنسا فسأبيع هذه الشقة وأركب زورقا سريعا”. وتقول “أعرف أنه غير قانوني وغير آمن” و “لكنني أبحث عن مكان مناسب أقضي فيه ما تبقى من عمري بكرامة”.

وبحسب السلطات الإسبانية فقد وصل 10.000 جزائري على الأقل إلى الشواطئ الإسبانية بهذه الطريقة ما بين كانون الثاني/يناير وكانون الأول/ديسمبر 2021، أي بزيادة نسبة 20% عن العام الذي سبقه. وينطلق معظمهم من مدن في غرب الجزائر مثل وهران والشلف، وفي الصيف عادة حيث يكون البحر هادئا. فالمسافة الأقصر ما بين الجزائر وإسبانيا- وهران وألمريا، تصل إلى 150 كيلومترا.

ويحصل المهربون على  2,000 – 7,000 يورو للشخص الواحد، وكلما كان السعر عاليا كلما كان القارب أكبر وأسرع في رحلة قد تستغرق ما بين 3 ساعات إلى 3 أيام. ويقوم المهاجرون بحرق هوياتهم الشخصية حتى لا يتم اكتشاف هويتهم بسرعة، لو اعتقلوا في أوروبا وبالتالي إعادتهم من حيث جاءوا، ويطلق على العملية هذه “الحرقة”.

وصل 10.000 جزائري على الأقل إلى الشواطئ الإسبانية بهذه الطريقة ما بين يناير وديسمبر 2021، أي بزيادة نسبة 20% عن العام الذي سبقه

وتضيف الصحيفة أن عملية الهجرة غير المشروعة زادت في الفترة الأخيرة رغم القانون الصادر عام 2009، والذي يعاقب بستة أشهر سجن من يعتقلهم حرس الحدود وهم يحاولون الهجرة بطريقة غير شرعية. ويعاقب المهربون بمدة خمسة أعوام سجن.

وردا على تزايد نسب المهاجرين أو الذين يحاولون الهجرة بطرق غير قانونية، أعلنت الحكومة الجزائرية عن “الجمعية الوطنية لتحسيس وتوعية الشباب من مخاطر الهجرة غير الشرعية (الحرقة)” عام 2018 والبحث عن طرق لحل المشكلة. وشاركت فيها أكثر من 20 منظمة ومسؤولون من وزارة الداخلية والسلطات المحلية. وتعتبر الجمعية مؤسسة ريادية حيث نظمت لقاءات وورش عمل في المدن الساحلية لإقناع الناس بعدم المخاطرة بحياتهم. وقال سمير زليخة، مدير الجمعية إن “الهدف هو زيادة الوعي حول مخاطر الحرقة والحفاظ على مصادر البلد البشرية” و”نتعاون مع المدارس والمساجد ونوادي الرياضة والعائلات”.

وقال نبيل، الذي فضل استخدام اسم واحد إنه يفكر بالحرقة، وفشل بالعثور على عمل بعد تخرجه من المعهد الوطني لعلوم البحر وتنمية الشواطئ ويعتاش على الأعمال المتفرقة “قضيت أربعة أعوام في بحث عن عمل مختلف بدون ثمار”، وهو الآن في الثلاثينات من عمره. وأضاف “بدأت أفقد الأمل عندما رأيت زملائي في الجامعة يحتلون مناصب مهمة في المؤسسات الهامة واصطدمت بواقع أنني لست ابن مسؤول بارز”. ويأسه واضح، كما تقول الصحيفة “ذاب الطموح الذي كنت أحمله لتنمية الشواطئ، وكنت مسحورا بالبحر وألغازه” و”تحتاج والدتي المال لكي تغسل الكلى” و “لكنني لا أرى أي مستقبل هنا والحرقة هي الطريق الوحيد لبناء مستقبل جيد لي ولعائلتي”. وأقنع زليخة نبيل بالمشاركة في مؤتمر للجمعية الوطنية بهدف “تدريب الشباب المتطوعين على الطرق المناسبة للتعامل مع الشباب الذين يفكرون بالهروب من البلد بطريقة غير قانونية، وليس فقط توعيتهم بالمخاطر ولكن الاستماع لمظاهر قلقهم وتقديم حلول”، كما قال. وأضاف أن “مشاركته ستضيف للمؤتمر بعدا جديدا” و”كانت اللقاءات السابقة من أجل الحديث مع المجتمع المدني والسلطات وكذا حوار وجها لوجه بين المسؤولين والشباب بطريقة قد تقود لحلول ملموسة”.

 وتنتظر نوارة مقابلة مع السفارة الفرنسية للبت في موضوع تأشيرتها، وهي فرحة و”أخطط للسفر إلى بلجيكا بعد وصولي إلى فرنسا، حيث عرضت ابنة عمي عليَّ الإقامة في بيتها. وسأحاول البحث عن وظيفة أو التطوع على الأقل في منظمة مجتمع مدني. ويمكنني المساعدة في المهارات التي حصلت عليها كمدرسة”. إلا أن فرنسا قررت تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين والمغاربة والتونسيين إلى النصف لرفض دول شمال إفريقيا مواجهة الهجرة غير الشرعية. و تؤكد نوارة “لو فشلت خطتي، فالهجرة غير الشرعية هي ملجئي الأخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول شهدان باريس:

    عندما تشعر بعدم الاطمئنان وتري الشقاء يحوم حولك في كل مكان سواء في الشارع أو في بيتك فلن تفكر إلا في مغادرة المكان الذي تشعر فيه بالخوف هكذا عندنا البطالة الأزمة النفسية سببها انعدام فرص الحياة الكريمة .ورغم كل هذا فندعوا بالرحمة والغفران لأبائنا الذين شاركوا في طرد المستعمر لقد أسرعوا لأن حالنا وحال شوارعنا كانت احسن بكثير من اليوم وهذا ينطبق على جل دول المغاربية والإفريقية والسؤال المطروح هل هناك من يغادر دار العرس أبدا فلو رفعت التأشيرات ما بقي واحد في الجزائر الا الذين استفادوا من الريع وخيرات البلاد وعندما تسمع أن الوفيات بسبب الكوفيد لا تتعدي 7000 آلاف هنا تعرف الحقيقة المخفية تحياتي لكل المغاربيون

  2. يقول Jamal:

    الجزائر و الشعب الجزائري يستحق العيشة الكريمة مثل الشعوب الأوروبية أضعف الإيمان، لكن النظام العسكري الجزائري أفسد كل ما هو جزائري لا مواطن صالح ولا مستقبل واضح سوى العمل على الشيء الذي يعرفه القاسي و الداني…

  3. يقول عمار:

    الجزاءر جنة فوق الارض كل شيء بلا مقابل الدراسة الجامعية، المستشفيات ، الدواء ، السكن . اغلب الهاربين من الجزاءر ليس لديهم مستوى دراسي عال ويعشقون اوروبا لارتكاب كل انواع المحرمات . الجزاءري يفضل بيع الدخان وتنظيف الشوارع في اوروبا على العيش بكرامة في بلده هده هي عقلية الشباب الضايع في الجزائر

  4. يقول Saad:

    لم أرى ولم اسمع في حياتي في المهجر ان مواطنا من دول الخليج المصدرة للبترول و الغاز- كالجزائر – يعيش في حالة غير شرعية!!!!! بينما 10000 جزائري في 2021 فر من الجزائر الى اسبانيا فقط….هذا مجرد رقم رسمي….و مجرد بلد أوروبي واحد !!!!!!!
    لاحول ولا قوة الا بالله

  5. يقول ابن سعيد:

    نعم ،الحرقة هي عنوان يتخذونه الفاشلين حجة سواء أكانوا شبابا أو شيوخا فمثل هذه المرأة العجوز تبحث عن الحرقة لأنها فشلت في حياتها الزوجية لعدم انجاب الاولاد وكذلك الطالب المتخرج من الجامعةو فشل في التوظيف لان نتائج شهادته ضعيفة وهزيلة لاتستوفي الشروط ثم هناك الشباب الذي الضائع فقدتمردوا على ابائهم فتركوا لهم الحبل على الغارب ايام المدرسة ففشلوا في بناء مستقبلهم بالتعليم، ومعلوم ان كل فاشل يحمل فشله الذاتي الى المجتمع و الى المسؤولين.

  6. يقول فؤاد:

    هناك طفرة هائلة ونوعية في الجزائر سببها ارتفاع مداخيل الغاز والبترول نتيجة الارتفاع القياسي لأثمنته في السوق الدولية ورغم هذا نجد الكل يغامر بحياته في قوارب الموت من الصغير حتى الشيخ… لا حول ولا قوة الا بالله في كل ظالم

  7. يقول محمد:

    الجزائر ليست سوداء بهذا الشكل. هناك تحسن في كثير من الجوانب ويبقى النقص في جوانب أخرى. الجزائري الذي يهرب من الجزائر لا يبذل أي جهد لتحسين مستواه ويظن أنه بهروبه سيجد الجنة في أوروبا: كم هو واهم هذا المسكين.

  8. يقول عربي:

    صاحب هذا المقال مسكين استغفر الله العظيم في هذا الشهر الكريم لا حول ولا قوة الا الا بالله العظيم حفظك الله يا جزائر اللهم اجعل كيدهم في نحرهم

  9. يقول الحاج قويدر من مستغانم:

    المقال ما هو إلا خاطرة مرت بمخيال من كتبها لان سبب الهجرة لا يستحق و لان الباعث علي الهجرة حسب الكاتب او الكاتبة هو قضاء الله و قدره حتي ولو ان أبناء السيدة المفترضة أخذوا الراتب التقاعدي للزوج فعليها ان تلجى الي الجهات المسؤولة لا ان تهاجر .و اعتقد جازم ان الجزائر تمنح الأرامل رواتب شهرية .أما عن العدد ١٠٠٠٠خلال سنة كاملة فهذا عدد قليل اذا ما قرن بمهاجريى بعض البلدان التي وصل عدد مهاجريها في يوم واحد الي ١٤٠٠مهاجر منهم ١٥٠٠ قاصر .و السؤال أين هم إباء هؤلاء القصر .هل هم الذين دفعوهم الي الهجرة حتي يتسنى لهم الاتحاق بهم في ما بعد في إطار جمع الشمل اعتقد ان هؤلاء الآباء فيهم من يبلغ اكثر من ستون سنة .

  10. يقول زوبير بودربالة:

    يا sad ان إنتاج السعودية من النفط الآن يصل الي ١٠ مليون لعدد من السكان يبلغ ٢٢مليون .و مع ذلك في الجزائر التعليم مجاني من الاول الابتدائي الي ما بعد التدرج و التعليم بجميع شروطة من نقل و إطعام و تصفية و تهويئة و سكن للجامعات و و بعض الطلاب الثانيين الذين بعيدين عن المدرسة .في الجزائر تعطى مفاتيح المنازل مجاننا او يكاد و في السنوات الأخيرة أنجز ٣ مليون سكن .في الجزائر الدولة تتكفل بدعم المواد الأساسية كلها في الجزائر شبكة مواصلات برية تبلغ ١٢٣الف كلمتر .و شبكة قطارات جيدة و في الجزائر المدينة التي يتعدى عدد سكانها ٣٠٠ الف تحصل علي نقل التراموي .هذه الجزائر يا Saad

    1. يقول Saad:

      الى زوبير بودربالة:
      – عدد ساكنة السعوديه 35 مليون وليس 22 مليون.
      – السعودية في المرتبة 54 في مؤشر التنمية البشرية ( الصحة، التعليم ،السكن، التربية… )بينما الجزائر تحتل المرتبة 115 !!!
      هذه أرقام بعيدا عن التأويلات و الدعاية السياسية.

1 2 3 4

اشترك في قائمتنا البريدية