لندن – “القدس العربي”:
علق الكاتب مارتن كيتل، في مقال بصحيفة “الغارديان” على “مهمة سلام” جو بايدن في إسرائيل وأنها كشفت عن محدودية التأثير الأمريكي العالمي.
وقال إن أمريكا قبل خمسين عاما كانت قوية لكي تلعب دورا مهما في النزاع الإسرائيلي- العربي ولكنها اليوم أضعف، وهو ما يفسر تردد الرئيس جو بايدن منذ وصوله إلى البيت الأبيض وطاقمه من المستشارين استثمار الكثير في أزمة الشرق الأوسط.
وقال كيتل إن مستويات التوتر في البيت الأبيض ربما زادت عدة درجات، في الوقت الذي جلس فيه الرئيس الأمريكي بايدن وحاشيته على مدرج المطار تحضيرا لزيارته إلى الشرق الأوسط ليلة الثلاثاء.
وبعد المشاعر العالية والعنف المستمر منذ أسبوعين، فزيارة الرئيس هي مقامرة سياسية بحد ذاتها. ولكن الأخبار التي جاءت من غزة عن ضرب المستشفى الأهلي العربي، زادت القلق حول ما يمكن أن تحققه الزيارة.
وقد تأكدت هذه الشكوك مع حصيلة القتلى في المستشفى والغضب العارم في المنطقة وقرار القادة العرب عدم لقاء الرئيس في قمة مرتبة بالعاصمة الأردنية عمان. ومن خلال هذا فقد جعل القادة الفلسطينيون والأردنيون والمصريون واحدا من أهداف بايدن باستخدام تأثيره في مقابلة وجها لوجه لكي يدعو لعدم التصعيد، صعب المنال.
لكن الرئيس قرر المضي في رحلته، حيث هبط يوم الأربعاء في تل أبيب والتقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان من الصعب الثقة في ما يمكن لبايدن تحقيقه. ولو كانت الزيارة مجرد فشل، بدون ممر إنساني وعملية عسكرية برية وإهانة، وبخاصة أن قلة من القادة في العالم يرفضون لقاء الرئيس الأمريكي، فستكون علامة على تراجع القوة الأمريكية ولن تمر عن انتباه الناس في كل زاوية في العالم.
وأضاف كيتل أن القادة الأمريكيين عادة ما يرغبون بالتعبير عن دعمهم لإسرائيل والتي تعتبرها واشنطن الحليف الذي لا يستغنى عنه منذ 75 عاما، وبعضهم سافر كصناع سلام، بدءا من هنري كيسنجر في السبعينات من القرن الماضي. وربما نظر بايدن لنفسه، وسط العنف الحالي بأنه صانع سلام ومتضامن مع إسرائيل. لكن من الصعب التفكير بزيارة تجمع ما بين هذه الأهداف المعقدة والمخاطر وتمت وسط أحداث تتطور بسرعة. وكون بايدن مكرسا عاطفيا وسياسيا لإسرائيل، ليس محل تساؤل، فمسيرته السياسية تؤكد هذا وكذا تصويته منذ كان سناتورا حيث زار إسرائيل عدة مرات، من عهد غولدا مائير وحتى الآن. وكان خطابه في واشنطن الأسبوع الماضي بعد هجوم حماس بيانا أخلاقيا قويا واستثنائيا عن إسرائيل التي يعرف نفسه بها.
لكن بايدن يدعم الفلسطينيين، ففي العام الماضي قارن في القدس بين معاملة الفلسطينيين ومعاملة بريطانيا للكاثوليك في أيرلندا والذي يعرف بايدن نفسه بهم. واستشهد بكلام الشاعر شيموس هيني “أشتاق إلى موجة عارمة من العدل”، حيث قال إن الوضعين “لا يختلفان بشكل أساسي”، واستشهد مرة أخرى بهيني حيث عبر عن أمله بأن الشرق الأوسط يقترب من لحظة “قافية الأمل والتاريخ”.
إلا أن السبب الرئيسي لزيارة بايدن هو إظهار التضامن بعد “مذبحة 7 تشرين الأول/أكتوبر”. ولكنه سافر لكي يحث على رد حذر من إسرائيل وتجنب الرد المفرط وأن التصعيد هو ضد مصالح الولايات المتحدة. وتريد الولايات المتحدة أن تبقي الباب مفتوحا لعودة الأسرى لدى حماس وبعضهم أمريكيون أحياء. وكان أنطوني بلينكن، وزير الخارجية قد حقق نجاحا محدودا عندما حث على تجنب رد مفرط. لكن من السهل القول لا للفعل، ومن الصعب تحقيق التوازن، هذا إن كان هناك واحد. فالتفجير في مستشفى الأهلي العربي هو تذكير مدمر بأن سقوط الضحايا المدنيين متأصل في أي عملية جوية أو برية في غزة، أيا كان المسؤول عن مقتل 500 شخص، وستكون التداعيات السياسية بائسة كما هي.
كما أن مخاوف أمريكا من نزاع إقليمي حقيقية، وركز بلينكن معظم جهوده في الأسبوع الماضي على منع هذا، وبخاصة من إيران التي لديها جماعات وكيلة على الحدود الشمالية لإسرائيل. وقررت الولايات المتحدة تحريك بوارج عسكرية إلى شرق المتوسط للتأكيد على هذا. لكن انهيار لقاء بايدن في عمان كان ضربة موجعة لهذه الإستراتيجية، حيث رفضت المنطقة نفي إسرائيل مسؤوليتها عن مجزرة المستشفى. ونزاع واسع لا يعني خسارة المزيد من الأرواح، وهو أمر خطير، بل ويعني حرف الدعم الأمريكي عن أوكرانيا، وبخاصة في ظل الشلل الذي يعيشه الكونغرس.
وربما جرأت الحرب في الشرق الأوسط، روسيا في أوكرانيا، بل والصين في تايوان. وكما أظهرت أزمات سابقة في الشرق الأوسط، فنزاع واسع يحمل إمكانيات زيادة أسعار النفط وسيدفع الاقتصاديات الهشة للانكماش. ثم هناك عامل نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يعيش على الوقت المقترض.
وهو تفكير خطير، فأحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر هي فشل استخباراتي غير مسبوق حدث تحت سمعه ونظره. ولكنه يظل في الحكم. وهو من حاول بايدن الحصول منه على تأكيدات طالما استمرت الأزمة الحالية. لكن لا يوجد أي سبب يجعلهما يثقان ببعضهما البعض، ولا يوجد أي سبب لعقد صفقة على طريقة كيسنجر. وذكر الكاتب بزيارة بايدن عام 2010 حيث كان نائبا لباراك أوباما، في محاولة للدفع بمحادثات السلام مع الفلسطينيين، لكن نتنياهو خرب الزيارة عندما أعلن عن توسيع المستوطنات في القدس الشرقية. وجعل نتنياهو نفسه حليفا رئيسيا لدونالد ترامب وحثه على التخلي عن صفقة ترامب النووية مع إيران. ومنحه ترامب “مفتاحا” رمزيا للبيت الأبيض. ولأن ترامب قد يعود في 2024، فربما فكر نتنياهو أن بايدن هو من يعيش على الوقت الضائع.
كل هذا يفسر تردد بايدن ومنذ أن أصبح رئيسا في 2021، في أن يستثمر في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، والذي استنفد جهود الرؤساء الأمريكيين من قبل. فلديه أولويات في السياسة الخارجية نحو الصين وتايوان إلى أوكرانيا وروسيا. وحتى في الشرق الأوسط انتبه بايدن أكثر للسعودية وإيران وأكثر مما اهتم بإسرائيل- فلسطين.
ويعكس هذا بالتأكيد ضعفا، ففي كتابه الأخير، “الوهم العظيم” قدم الخبير السابق بالشرق الأوسط بوزارة الخارجية، ستيفن سايمون خريطة لما أسماها “جهود التخبط” الأمريكية لإعادة تشكيل المنطقة خلال الأربعين عاما الماضية. ويقول سايمون إن سياسة أمريكية قد تكون حسنة النية لكنها تحتوي على “فرض أفكار عظيمة على الحقائق المتناقضة في الشرق الأوسط والقدرات الأمريكية”. والوضع الحالي في الشرق الأوسط، خطير وغير مستقر، كما كان قبل نصف قرن.
وحتى هذا الوقت، لم يكن مفاجئا أن بايدن ومستشاريه ابتعدوا عن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني نظرا لأنهم لن يحصلوا على ثمار. وبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر فليس من المدهش ألا تحاول الولايات المتحدة أصلا. وفي نتيجته القاتمة يقول سايمون: “الأطراف بعيدة جدا والمسافة تتسع”. وقبل خمسين عاما، كان النقاش أن الولايات المتحدة قوية، أما اليوم فالمشكلة هي أنها ضعيفة جدا.
الحلف الصهيو أمريكي الذي يرتكب هلوكستات بحق أبناء فلسطين هذي عقود وعقود وعقود إلى زوال مهما طال الحال وعد رب العالمين وكان وعد الله مفعولا اقتربت نهاية دويلة السراب والخراب التي تجثم على أرض فلسطين منذ 1919، 🇵🇸✌️⏰🔥🐒🐖🔥
( زيارة بايدن لإسرائيل كشفت عن تراجع التأثير الأمريكي ).هذا غير صحيح بالنسبة لتراجع الدور الأمريكيّ عن الكيان الصهيونيّ.لكنها الأوّلويات الأمريكيّة التي توازن بين مصالحها الجامحة ومصالحها النائمة.هي الآن تريد للصراع المسلّح في فلسطين أنْ يبقى { نائمًا } حتى حين؛ لتتفرّغ للصراع المسلّح الجامح في أوكرانيا ضد روسيا بوتين.لا تنسوا أنّ جريدة الغاريان هي صحيفة تنتمي إلى وسط اليسار اللبريطانيّ…الذي يلجأ إلى وخزّ السياسية الأمريكيّة بصمت الساحرات.