لندن- “القدس العربي”:

قالت صحيفة “الغارديان” في تقرير لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور، ومراسلتها في القدس بيثان ماكرنان، إن إلدول الإسلامية ليست داعمة بشكل مفتوح لرد عسكري إيراني ضد إسرائيل انتقاما لمقتل الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية.

وأضافا أن إيران قد تعيد النظر في خطة الانتقام من إسرائيل، لكن هذا لا يعني التراجع عن الضربة في ظل غياب الدعم الواضح من الدول الإسلامية. وفي الوقت نفسه، توصل المسؤولون الإسرائيليون إلى أن حزب الله، مصمم بالمقارنة مع إيران، على القيام بالهجوم في الأيام المقبلة ردا على قتل إسرائيل للرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر، لكنهم لا يعرفون مستوى تنسيقه مع إيران.

وذكرت مصادر إسرائيلية وأمريكية في الأيام القليلة الماضية، أن طهران لا تزال تفكر في حجم ومدى الرد بعد الضغوط الدبلوماسية الهائلة التي تعرضت لها لتجنب الضحايا بين المدنيين الإسرائيليين.

ومن المحتمل أن تستهدف إيران المسؤولين عن عملية الاغتيال، وتحديدا الموساد والوكالات التابعة له بدلا من المدنيين. وساد الجلسة التي طلبت إيران عقدها لمنظمة التعاون الإسلامي هذا الأسبوع في جدة، جو عام من شجب اغتيال هنية، حيث قال أعضاء المنظمة إن عملية القتل تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة إيران وأمنها القومي.

ورغم الشجب، لم يصدر عن الاجتماع أي دعم رسمي لهجوم إيراني ضد إسرائيل، في وقت دعا وزير خارجية باكستان إسحق دار، إلى التفكير الهادئ واتباع الطريق الدبلوماسي، قائلا إن انتقاما يجب أن يتم نتيجة للاغتيال، ولكن “علينا ألا نحقق خطة بنيامين نتنياهو لإشعال حرب واسعة”، قائلا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد وضع مصيدة.

وأخبر نتنياهو الجنود يوم الأربعاء، وأثناء زيارة لمركز التجنيد في تل هاشومير إن إسرائيل جاهزة للدفاع وكذا الهجوم و”نحن مصممون على الدفاع عن أنفسنا”. وتحضر إسرائيل نفسها لرد من إيران وحزب الله الذي قتل قائده العسكري شكر الأسبوع الماضي في بيروت. وتحضر المستشفيات في شمال إسرائيل ولبنان لاحتمال استقبال أعداد كبيرة من الجرحى.

وأرسلت القيادة الداخلية فرق تفتيش وإنقاذ إلى المدن الكبرى، ومنعت التجمعات الكبرى في شمال إسرائيل. إلا أن إسرائيل لم تضع قيودا بعد على نشاطات المدنيين أو غيرت من تعليمات الطوارئ. وهي لا تريد وضع تحذيرات مبكرة حتى لا تعطي إيران وحزب الله الفرصة لتغيير خططهما.

وفي محاولة لإحياء الجهود الدبلوماسية، اقترحت ماليزيا في جدة عقد دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحاولة إثراء الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن سياسة إسرائيل في المستوطنات.

وفي اجتماع على هامش لقاء جدة، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري، وهو الثاني خلال أيام، حيث قال الصفدي إن الأردن سيسقط الصواريخ والمسيرات التي تدخل المجال الجوي لبلاده في طريقها إلى إسرائيل.

وفي تصريحات لسي إن إن، قال الصفدي: “كانت رسالتنا واضحة للإيرانيين وللإسرائيليين بأننا لن نتحول إلى ساحة حرب. ولن نسمح لأحد بقدر ما نستطيع خرق مجالنا الجوي. ومسؤوليتنا الأولى هي تجاه شعبنا وحماية سيادة بلدنا وسلامة الشعب. وموقفنا هو عدم السماح لأي أحد باستخدام مجالنا الجوي ويجب ألا يعرّض أحد شعبنا للتهديد من أي صاروخ يسقط على أي جزء من أراضينا والتسبب بالأذى، وهذا هو الموقف الذي أبلغنا به الإيرانيين والإسرائيليين وبعبارات واضحة”.

واتهم باقري في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية إسرائيل بمحاولة “توسيع الحرب” للمنطقة. واقترحت الصحافة الإصلاحية في إيران، أن أي قرار لتجنب الهجوم الانتقامي قد يزيد من مكانة إيران بالمنطقة، ويزيد عزلة إسرائيل، بل سينسب إلى طهران الفضل في جلب السلام.

وقالت الولايات المتحدة إنها أرسلت رسائل إلى إيران بأن أي هجوم ستكون له نتائج عكسية. وقالت إنها جمعت من جديد التحالف العسكري للدفاع عن إسرائيل الذي عمل في أبريل/ نيسان خلال المواجهة الأخيرة. وأبلغت الولايات المتحدة إيران أيضا بأن إسرائيل وحماس ربما تكونان قريبتين من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ولكن الأدلة الصريحة على ذلك لا تزال ضئيلة، وقد تم عرضها على دول المنطقة من قبل فقط لكي يثبت أن الاتفاق بعيد المنال.

وقام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بالاتصال مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، ودعا إلى تجنب دوامة العنف. لكن بزشكيان قال إن إيران “ترفض أن تظل صامتة أمام العدوان على مصالحها وأمنها”.

وقال ماكرون إن على الدول الغربية بذل المزيد من الضغط على إسرائيل، مضيفا: “إذا كانت الولايات المتحدة والدول الغربية تسعى حقا إلى منع الحرب في المنطقة، فيجب عليها إجبار هذا النظام (إسرائيل) على وقف الإبادة الجماعية والهجمات على غزة وقبول وقف إطلاق النار”.

وأرسلت بريطانيا رسالة تدعو لخفض التوتر عبر وزير الخارجية ديفيد لامي إلى علي باقري. وتشعر إيران بالغضب نظرا لعدم شجب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة اغتيال هنية. ولا يعتقد الدبلوماسيون الإيرانيون أن إسرائيل ستقدم تنازلات في وقف إطلاق النار.

وتوصلت إيران لنتيجة مفادها أن فشل مجلس الأمن الدولي في شجب اغتيال هنية يعني ألا خيار أمامها سوى اتخاذ خطوات من طرف واحد. وتوصل المسؤولون الغربيون إلى أنه وبعد مرور أسبوعين على الاغتيال وعدم رد إيران، أن طهران ليس لديها أي نية لإثارة حرب إقليمية أو التسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في إسرائيل.

كما أن إيران منشغلة بتشكيل الحكومة التي ستعرض على البرلمان يوم الأحد. وأكد بزشكيان أنه يريد تشكيل حكومة وحدة وطنية وليس حكومة يقودها الإصلاحيون فقط.

وستواجه الحكومة عددا من المصاعب الاقتصادية وغضبا شعبيا بسبب نشر فيديو يُظهر اعتقال فتاتين وضربهما على يد شرطة الأخلاق. وقد صُوّر الحادث في طهران قبل الانتخابات، لكن بزشكيان طالب بالتحقيق فيه.