غزة ـ «القدس العربي»: من المقرر أن تبدأ قريبا الفعاليات الشعبية، الهادفة إلى إسقاط «اتفاق الإطار» المبرم مؤخرا بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» وبين الإدارة الأمريكية، الذي استأنفت بموجبه الأخيرة دعمها المالي المشروط، وذلك بعد أن وصلت رسالة المفوض العام لهذه المنظمة الأممية إلى لجان اللاجئين، التي شملت ردا غير مقنع، يحمل في طياته جملا تهديدية.
وبعد وصول الرسالة من المفوض العام، من المقرر أن تجتمع لجان اللاجئين وقيادات التنظيمات، لإقرار قريب لبرنامج الفعاليات الهادف لإسقاط الاتفاق، حيث كانت قيادة الفصائل ولجان اللاجئين، قد تعهدت بتنظيم فعاليات جماهيرية، رافضة له.
ومن بين الخيارات المطروحة تنظيم وقفات أمام مقار «الأونروا» في غزة، وكذلك تنظيم اعتصام دائم أمام المقر الرئيس غرب مدينة غزة، علاوة على فعاليات تجري دراستها لإقرارها قريبا، تبرز مأساة اللاجئين، وضرر الاتفاق على الخدمات المقدمة لهم.
وفي السياق، قال مسؤول ملف اللاجئين في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلل، إن «اتفاق الإطار» «مؤامرة خطيرة على قضية اللاجئين» مؤكدا أن هذا الاتفاق مرفوض جملةً وتفصيلاً من الكل الفلسطيني. وقال في تصريح صحافي، «هناك حالة حراك وطني من كل فصائل وقوى شعبنا الحية لحشد الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده للمشاركة في الفعاليات الوطنية من أجل إسقاط هذا الاتفاق المشؤوم».
وأوضح أن قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية وعنوانها الأساس، مبينا أن الشعب الفلسطيني قدم التضحيات الكبيرة من الشهداء والجرحى والأسرى والمشردين من أجل تحرير الأرض وعودة اللاجئين الذين هُجّروا قبل ثلاثة وسبعين عاماً قسراً من ديارهم ومنازلهم بفعل القتل والدمار والإجرام الذي مارسته العصابات الصهيونية ضدهم.
وأضاف «لم يستطع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تمرير صفقة القرن التي من أبرز عناوينها تصفية قضية اللاجئين وإسقاط حق العودة، بالرغم من وقف الدعم المالي الذي يمثل 40٪ من ميزانية الأونروا، ولن يستطيع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن تصفية قضية اللاجئين بإعادة الدعم المالي المشروط أمريكياً وإسرائيلياً بأن تكون الأونروا ذراعاً أمنياً لملاحقة الموظفين والمنتفعين من الوكالة والتضييق عليهم وفصلهم».
وجدير بالذكر أن ما كشف عن «اتفاق الإطار» يشير إلى ربط استمرار التمويل بـ «ضمان الحياد» في عمل «الأونروا» وموظفيها ومنتفعيها من اللاجئين الفلسطينيين، وهو ينذر بوقف تقديم المعونات عن المحتاجين من اللاجئين، وإيقاف بعض الموظفين.
ووفق ما يتكشف فإن «اتفاق الإطار» يحرم موظفي الحكومة من ذوي الدخل المحدود، وكذلك المتقاعدين الذين يحصلون على رواتب متدنية، بالإضافة إلى موظفي غزة، وكل من يحصل على دخل ثابت، ولو بقدر قليل، بالإضافة إلى عوائل الشهداء والجرحى والأسرى التي تتلقى مساعدات من الحكومة، من المساعدات الغذائية التي توزعها «الأونروا» على الأسر المعوزة في غزة.
وقد جددت اللجنة المشتركة للاجئين، رفضها لما جاء في رسالة المفوض العام لـ«الأونروا فيليب لازارني، وما تضمنته في العديد من الجوانب التي قلت إنها تؤكد «ارتهان الأونروا» للشروط الأمريكية، وأكدت أنها ستواصل مجابهة هذا الاتفاق حتى إسقاطه، ومواجهة أي انحرافات للإدارة تصب في خدمة مشاريع التصفية.
اللجنة المشتركة قالت إن الرسالة حملت «جملا تبريرية وتهديدات»
وأكدت اللجنة المشتركة في بيان لها، رفضها المطلق لما جاء في الرسالة من «جمل تبريرية، وتهديدات مبطنة، ومغالطات» وقالت إن ذلك «يؤشر إلى إصرار إدارة الأونروا، على المضي قدماً في تنفيذ شروط اتفاق الإطار مع الإدارة الأمريكية، بما يُحولّها إلى وكيل أمني ينُفذ الإملاءات الأمريكية الصهيونية».
وأعادت التذكير بأن المبادئ الأساسية التي من خلالها تم تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» خلفيتها سياسية قبل أن تكون إنسانية، وقالت وهي ترد على رسالة المفوض العام لها بعد اعتراضها المقدم على الاتفاق «بالتالي استخدامك موضوع الحيادية بشكل مجتزأ هدفه التغطية على ما تشهده إدارة الأونروا من انحرافات في عملها وأهدافها».
وأشارت إلى أن رسالة المفوض العام تضمنت جملة من المغالطات النظامية والقانونية، التي هدفها تحويل القوانين الناظمة للأمم المتحدة و«الأونروا» إلى «سيف مسلط على رقاب اللاجئين والموظفين» ومحاولة لمصادرة حقوقهم في التعبير عن الرأي، وخصوصاً في المسائل الوطنية العامة التي بدونها أصلاً لا توجد كيانية لـ «الأونروا».
وقالت «نُذِكّر المفوض العام أيضاً بأن الولاية التي أعطتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للأونروا وفقاً للقرار الأممي 194، ما يلزمها ليس فقط بتقديم الخدمات للاجئ الفلسطيني بل ضمان عملية الحفاظ على تعريف اللاجئين الفلسطينيين بالمعنى السياسي وخصوصية قضيتهم والدفاع عن حقوقهم المكتسبة، التي لا يمكن أن تتم استعادتها إلا باستخدام كل أشكال المقاومة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة نفسها، ويُصبح سلاح الكلمة والتعبير عن الرأي في سياق ذلك مشروعا ومحميا.
وأكدت أن محاولات إسقاط ما يُسمى «قائمة العقوبات الموحدة» للأمم المتحدة على قضية اللاجئين الفلسطينيين تعد «لعبة لا تنطلي على شعبنا» وأكدت اللجنة أن الأزمة المالية مرة أخرى تعد مشكلة يجب على الأمم المتحدة و«الأونروا» حلها عبر مجموعة من الإجراءات، بعيداً عن تحميلها على اللاجئ الفلسطيني، أو تعليق هذه الأزمة شماعة أو فزاعة للقيام بإجراءات تحد من حقوق اللاجئين والموظفين.
يذكر أن مركز العودة الفلسطيني في لندن، أصدر تقريرًا، تابع فيه ما وصفها بـ «الأبعاد الخطيرة» لمذكرة التفاهم الموقعة في يوليو/تموز الماضي بين الولايات المتحدة و«الأونروا» وقال إن بنود الاتفاقية تتيح لـ «الأونروا» الحصول على مبالغ مالية من أمريكا «مقابل الخضوع لشروط قاسية تمس بالوضع القانوني والإنساني والسياسي للاجئين الفلسطينيين».
كما لفت إلى خطورة ما ورد في مذكرة التفاهم من محاولة تعريف اللاجئ الفلسطيني وفقًا للمنظور الأمريكي، وأكد أن الاتفاق يهدف إلى «ترسيخ واقع جديد يقوم على انتزاع البُعد السياسي عن قضية اللاجئين الفلسطينيين».
ووصف الاتفاق بأنه «صك انتداب أمريكي على اللاجئين الفلسطينيين الذين لايزالون حتى اليوم يدفعون ثمن انحياز الولايات المتحدة لسياسات الاحتلال وحماية انتهاكاته» وحذّر من إمكانية خضوع «الأونروا» للشروط الأمريكية، مشددا على أن ذلك يعتبر «تنكراً لحقوق اللاجئين الفلسطينيين التاريخية وغير القابلة للتصرف» خاصة وأن الاتفاق يخصص جزءًا كبيرًا من جهد الوكالة لـ «الرقابة على اللاجئين» للتحقق من أن المستفيدين من الخدمات تنطبق عليهم الشروط الواردة في المذكرة «حسب الرؤية الأمريكية».
وطالب بالعمل على استنهاض جميع الأطراف ذات الصلة لـ «مواجهة المشروع السياسي الأمريكي الموجه ضد اللاجئين تحت ذريعة الدعم وادّعاء الحيادية».