الفلسطينيون في المهاجر… صوت الحق الذي يعلو

جنبا الى جنب مع استمرار المجازر الصهيونية في قطاع غزة والضفة الغربية تشهد مدن أوروبا والأمريكيتين وكندا واستراليا تظاهرات شبه يومية مساندة للحق الفلسطيني ومطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي وإيقاف المجازر الصهيونية. واللافت المشاركة النشطة من شعوب الدول الداعمة حكوماتها لإسرائيل وروايتها.

الرواية الفلسطينية

في هذا الوقت برزت في المهاجر القريبة والبعيدة طاقات كبيرة بين الفلسطينيين في مغترباتهم الجديدة في كافة ميادين الحياة، مؤكدين على الدوام تمسكهم بالهوية الوطنية الفلسطينية ووطنهم الأصلي والوحيد فلسطين والدفاع عن قضيتهم العادلة، وقد توضح ذلك منذ بداية العدوان الصهيوني في تشرين الأول/أكتوبر المنصرم.
بعد حصول مئات الآلاف من الفلسطينيين على جنسية البلدان في مغترباتهم البعيدة والاندماج الى حد كبير مع مجتمعاتها أصروا على إيصال الرواية الفلسطينية الحقيقية لمواجهة زيف الرواية الصهيونية لاحتلال وطنهم فلسطين، وهم بذلك رصيد وطني للشعب الفلسطيني وقضيته الأولى. ولوحظ، ولو بشكل بطيء، انحياز عدد متواتر من شعوب العالم الى جانب الحق الفلسطيني، فضلاً عن مؤسسات أكاديمية ومجتمعية. تجلى ذلك في مقاطعة بضائع المستوطنات والجامعات الإسرائيلية خلال العقد الأخير، وبهذا يُعتبر الفلسطينيون في المهاجر البعيدة رصيدا وطنيا كبيرا لقضيتهم.
وبنظرة سريعة يمكن الجزم بأن الفلسطينيين وصلوا الى المهاجر عبر ترانسفير ممنهج جذره نكبة الفلسطينيين الكبرى عام 1948 وما ارتكبته العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي من مذابح بعد ذلك، لتستمر عمليات تهجير الفلسطينيين من الوطن والمهاجر العربية خلال الأعوام 1967، 1970، 1976، 1976، 1978، 1982، 1992، 2012. ولم تتوقف عمليات تهجير الفلسطينيين من مهاجرهم العربية حتى كتابة هذه السطور.
ومن المهم التأكيد أن الحراك الفلسطيني في المهاجر البعيدة بقي في حدوده الفردية لنصرة قضيتهم. وتبعاً لذلك تحتم الضرورة تشكيل حالة عامة ومؤسسات فاعلة بين الفلسطينيين بغرض بناء جسور معرفية وثقافية مع المجتمعات والمؤسسات والاحزاب في المهاجر البعيدة وصولاً إلى تثبيت الرواية الفلسطينية للنكبة والإجرام الإسرائيلي المنظم بحق الشعب الفلسطيني، وإبراز المعاناة التاريخية للاجئين الفلسطينيين إثر نكبة 48 التي مازالت فصولها وتداعياتها مستمرة. ويجب التأكيد على أن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في المهاجر البعيدة في أوروبا والأمريكيتين واستراليا وكندا ليسوا من دون هوية، أو مجهولي الهوية، بل هم أصحاب تاريخ حضاري ووجود سياسي بامتياز، لم يستطع المشروع الصهيوني تغييبه أو شطبه.
وقد بات للسلطة الخامسة، أي لوسائل التواصل الاجتماعي، أهمية فائقة ودور محوري للفلسطينيين في المهاجر البعيدة لإيصال رسائل الحق الفلسطيني جنباً الى جنب مع التأكيد على أهمية احترام القوانين والآليات والضوابط القانونية لكل بلد، ولذلك فإن اعتماد آلية التواصل والانفتاح على المجتمعات كإستراتيجية هو أمر في غاية الأهمية، ولهذا لابد من تشكيل مجموعات إعلامية وثقافية فلسطينية ومناصرة للقضية الفلسطينية في تلك المهاجر تقوم بإنتاج مواد إعلامية تجسد الرواية الفلسطينية ومحاولة النفاذ الى الأحزاب في دول المهاجر والتواصل معها بخطاب متوازن للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وبشكل خاص حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم فلسطين، وكذلك محاولة بناء علاقات مع مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول، فضلاً عن العمل الجدي للنفاذ الى وسائل أعلام دول المهاجر لشرح مفاصل القضية الفلسطينية والإرهاب الإسرائيلي المنظم، والتركيز على قضايا فلسطينية جوهرية، وفي مقدمتها قضية اللاجئين وحق العودة الذي كفلته الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 وقضيتا القدس والمستعمرات.
ولتحقيق ذلك لابد من كتابة وعمل تقارير مختصرة جداً وبعدة لغات، كما تحتم الضرورة معرفة وتقدير عدد الفلسطينيين في كل بلد من بلدان المهاجر البعيدة ومعرفة البنية الديموغرافية الفلسطينية وانتشارها الجغرافي، بغرض معرفة القدرات والطاقات الكامنة لدى الفلسطينيين. وثمة أهمية قصوى لمعرفة قبلية لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في تلك الدول والأحزاب والمنظمات القائمة هناك مع الاشارة البسيطة الى مواقفها من القضية الفلسطينية، فضلاً عن معرفة تركيبة البرلمانات في تلك الدول، وصولاً الى الدراية الكافية وحصر مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.

جهود ذاتية

ولإنجاح دور وحراك الفلسطينيين في المهاجر في أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا على كافة الصعد وخاصة الإعلامية منها لابد من الاعتماد على الجهود والإمكانيات والمهارات الذاتية الكامنة والكبيرة وبلغات متعددة ومتقنة حيث توضحت بشكل جلي خلال العدوان الإسرائيلي والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.

٭ كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول [email protected]:

    ان شاءلله مستمرين حتى نحقق النصر وعودة كامل الارضي الفلسطينه من المغتصبين

اشترك في قائمتنا البريدية