القاهرة – «القدس العربي»: تبرز بعض الأصوات العالمية الهامة التي تنادي بضرورة التحرك من أجل نصرة القضية الفلسطينية، ومنها صوت الفنان البولندي إيغور دوبرولسكي، الذي اختار أن يرفع صوته ضد هذا الظلم، متحديًا المخاطر والمصاعب التي قد يتعرض لها في بلاده التي تعاني من قمع أي انتقاد لإسرائيل.
وفي مقابلة له مع قناة الجزيرة مباشر، تحدث الرجل عن الأسباب التي دفعته للمشاركة في الحركات المؤيدة لفلسطين، مبينًا أن مشاهدته لأعمال مثقفين وفنانين مثل فرانكشتاين ونعوم تشومسكي كانت بمثابة الشرارة التي دفعته للتفاعل بشكل أكبر مع القضية الفلسطينية.
وقال: «شعرت أن الفلسطينيين هم إخوتي وأخواتي، وإذا عومل الناس بهذه الطريقة فلا يمكننا الصمت أمام الظلم الذي يتعرضون له».
وأضاف: «لقد كان شعوري بالظلم يدفعني للتحرك، وهذا ما فعلته بالفعل. مثلما لا يمكننا السكوت عن الظلم في أماكن أخرى، لا يمكننا السكوت عن معاناة الفلسطينيين».
وأوضح أن مشاركته الفعالة في هذا النشاط لم تكن مجرد موقف شخصي، بل نابعة من قناعة عميقة بأن الفنان لا يجب أن يكون صامتًا أمام المآسي التي تحدث حوله. فقد قال: «إذا وجدنا أن هناك ظلمًا في مكان ما، فإننا يجب أن نتحرك. أنا تحركت بالفعل، وهذه هي طريقتي في إظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني».
إيغور دوبرولسكي لم يواجه فقط التحديات الداخلية في موقفه، بل عانى أيضًا من قمع السلطات البولندية التي تلاحق أي انتقاد موجه لإسرائيل. وعلق على ذلك قائلاً: «من الصعب جدًا التعبير عن موقفنا في بولندا ضد إسرائيل، ولكنني في الوقت نفسه لا أستطيع أن أغض الطرف عنما يحدث في غزة، حتى وإن كان ذلك يعرضني للخطر».
وأشار إلى موقفه أثناء الاحتجاج بالقرب من معسكر أوشفيتز، حيث قال: «كنت أحتج في مكان شهد الإبادة ضد اليهود، ورغم أن هذا كان محفوفًا بالمخاطر بالنسبة لي، إلا أنني كنت مصممًا على أن أكون هناك احترامًا لضحايا الهولوكوست، وأيضًا احترامًا لواجبنا في الوقوف ضد ما يحدث في غزة». وانتقد الفنان البولندي الموقف السياسي في بلاده، مشيرًا إلى أن السياسيين في بولندا قد «باعوا أنفسهم» بسبب صمتهم تجاه جرائم إسرائيل. وأضاف: «الأشخاص العاديون في بولندا لديهم الشجاعة للتعبير عن مواقفهم، لكن السياسيين لا يفعلون ذلك، رغم أنهم يعلمون ما يحدث في فلسطين».
ووجه انتقادات لاذعة للسياسيين البولنديين قائلاً: «لقد غابت الأخلاق عنهم، ونحن نرى الآن أن الفلسطينيين يُعاملون كدرجة ثانية في المجتمع الدولي».
تجدر الإشارة إلى أن دوبرولسكي لم يكن مجرد منتقد للظلم، بل كان يعبر عن صراعات داخلية ومخاوف شخصية. فقد قال: «وصلتني تهديدات بالقتل من بعض الصهاينة، لكنني لا أكترث لهم، لأنني أعلم أنني أفعل ما هو صواب». وأضاف: «أنا لا أستطيع أن أغلق عيني على ما يحدث في غزة، وإذا كنت أخاف من هذا أو ذاك، فسأظل أعيش في خوف دائم. لكنني أتمسك بقراري وأشعر بالفخر بما أفعله».
وعن إلهامه، ختم قائلاً: «أستمد قوتي من أولئك الذين يقاومون في غزة، من الأطباء والصحافيين الذين يواصلون عملهم رغم معرفتهم بأنهم قد يُقتلون في أي لحظة. هؤلاء الشجعان يعطونني الأمل ويبددون أي خوف في داخلي».