القرار الأمريكي في مجلس الأمن: غموض ومطبات وغرائب

عبد الحميد صيام
حجم الخط
2

الأمم المتحدة ـ «القدس العربي»: اعتمد مجلس الأمن يوم الإثنين الماضي العاشر من الشهر الحالي قرارا بصياغة أمريكية يتضمن مبادرة حول وقف الحرب في غزة أطلقها الرئيس الأمريكي جو بايدن يم 31 أيار/مايو وأعطي الرقم 2735 (2024). وبين خطاب بايدن والقرار المعتمد فروق كبيرة ما يدل على سوء النية بهدف تسويق الخطاب الذي تضمن الاقتراح للرأي العام الأمريكي بعد استطلاعات الرأي التي بدأت تظهر تفوّق المرشح المنافس، دونالد ترامب، حتى بعد إدانته بـ 34 جنحة ومخالفة.

كما أن مشروع القرار الأمريكي كان يهدف أيضا إلى قطع الطريق على مشروع القرار الجزائري البسيط والواضح والمكون من ثلاث فقرات: وقف إطلاق نار فوري ودائم، إيصال المساعدات بكميات كافية لكل أنحاء غزة وإطلاق جميع الرهائن (وهذا البند كي يتجنب الفيتو).
وزع مشروع القرار أول مرة مساء الإثنين 3 حزيران/يونيو ثم أدخلت عليه تعديلات جوهرية من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخاصة من الجزائر باسم المجموعة العربية وأهمها «في حال استمرت المفاوضات (بشأن غزة) في المرحلة الأولى أكثر من ستة أسابيع، فإنّ وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات».
كما أضيف إلى المرحلة الأولى ذكر تبادل الأسرى الفلسطينيين، وهو ما أورده بايدن في مقترحه يوم 31 أيار/مايو، ولم تأت على ذكره المسودة الأولى والثانية للمشروع القرار الأمريكي، إذ كانت قد اكتفت بالحديث عن «إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإعادة رفات الموتى من الإسرائيليين» من دون أي ذكر للأسرى الفلسطينيين أو رفات شهدائهم.
كما حذفت الإشارة إلى إقامة الدولة الفلسطينية عبر المفاوضات، وبقيت إقامة الدولة القلسطينية لأن المفاوضات فرصة تعطى للكيان كي يضمن استمرارها إلى الأبد، ما يذكرنا بإعلان رئيس وزراء الكيان الأسبق إسحاق شامير، الذي وعد أن يفاوض عشرين سنة. وتم تغيير عودة مدنيين فلسطينيين إلى المدنيين الفلسطينيين، كما حذفت الإشارة إلى استثناء المناطق العازلة واعتبار قطاع غزة وحدة جغرافية واحدة وجزءا من الدولة الفلسطينية من دون نقص أو تغيير.
لكن القرار يتضمن مجموعة غامضة من الأمور والتي في النهاية تخدم توجهات مجلس الحرب الصهيوني. وأغرب ما جاء في القرار فقرته العاملة الأولى التي تنص على ما يلي:
«يرحب (مجلس الأمن) باقتراح وقف إطلاق النار الجديد الذي قبلته إسرائيل في 31 أيار/مايو، ويدعو حماس إلى قبوله أيضاً، ويحث الطرفين على تنفيذه بالكامل بدون تأخير وبدون شروط».
فمجلس الأمن لم يطلب وقف إطلاق النار فوراً كما كان واضحا في نص مشروع القرار الجزائري لكنه رحب باقتراح صدر في 31 أيار/مايو من دون أن يذكر اسم صاحب الاقتراح.
فكيف لمجلس الأمن أن يقر ويثبت في قراره أن إسرائيل قبلت القرار وأن يطلب من حماس أن تقبل القرار، وبالتالي يرفع الضغط عن إسرائيل ويرمي الكرة في ملعب حماس علما أن إسرائيل رفضت القرار مرارا وتكرارا. وبما أن أحداً لا يستطيع الضغط على إسرائيل فللتوجه الضغوط الأمريكية والعربية إلى حركة حماس لتوافق على قرار غامض يتحدث عن ثلاث مراحل، خاضعة للمفاوضات.
هذا الغموض والادعاء أن إسرائيل قبلت اقتراح وقف إطلاق النار، نقضه السفير الروسي، فيسالي نيبنزيا، الذي صوت بـ«امتناع» وقال في تعليل تصويته: «وعلى الرغم من أن حماس مدعوة لقبول هذه الصفقة المزعومة، إلا أنه ليس هناك وضوح فيما يتعلق بالموافقة الرسمية من إسرائيل». وأشار في هذا الصدد إلى تصريحات إسرائيل العديدة بأنها «ستواصل حربها حتى هزيمة حماس». وشدد على أنه لا ينبغي للمجلس أن يوقع على اتفاقيات ذات معايير غامضة ودون فهم واضح لموقف الأطراف. كما أن اعتماد وثيقة أخرى – التي يثير محتواها تساؤلات – يقوض سلطة المجلس باعتباره الهيئة الرئيسية لصون السلام والأمن الدوليين. وقال: «لا نرغب في عرقلة القرار لأن العالم العربي يؤيده». لكن الأسئلة التي أثارتها موسكو تحتاج إلى إجابة.
إذن السبب في عدم استخدام الفيتو هو التأييد العربي لمشروع القرار حيث ضغطت الولايات المتحدة على حلفائها الرئيسيين والذين ضغطوا بدورهم على الموقف الفلسطيني لقبول القرار فاضطرت الجزائر، وتنفيذا لرغبة المجموعة العربية، أن تصوت مع القرار، «لعل وعسى» يؤدي إلى وقف المقتلة.
في توضيح تصويته لصالح القرار، السفير الجزائري، عمار بن جامع، بعد إبداء تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع ضد الاحتلال وتأكيده أن الشعب الفلسطيني لن يخضع لإرادة المحتل مثلما فعلت الجزائر، برر تصويته لصالح القرار قائلا: «إن القرار رغم أنه ليس مثاليا، إلا أنه يقدم بصيصا من الأمل. لقد صوتنا لهذا النص لإعطاء فرصة للدبلوماسية. وستقوم الجزائر، مسترشدة بتضامنها مع الشعب الفلسطيني، بدورها في جهود إعادة الإعمار الدولية». وأكد السفير بن جامع مجددا التزام الجزائر بمحاسبة الذين قتلوا في النصيرات وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. «لن يكون أحد محصنا. ولن يكون أحد فوق القانون. فإذا لم تتم المصادقة على أوامر محكمة العدل الدولية، فإن إبادة جماعية جديدة تلوح في الأفق، لذلك، يجب أن يكون هدفنا إنهاء الاحتلال».
ولتأكيد رفض الكيان للقرار لنسمع مندوبة الكيان الصهيوني في مجلس الأمن تعلن «إن أهداف بلادي كانت واضحة للغاية منذ غزوة حماس في 7 اكتوبر: إعادة الرهائن إلى الوطن وتفكيك قدرات تلك الجماعة الإرهابية. فبمجرد تحقيق هذه الأهداف، ستنتهي الحرب». وعادت وكررت أوهامها قائلة: «إذا أطلقت حماس سراح الرهائن وسلمت نفسها فلن يكون هناك حاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة أخرى. ومع ذلك، لا يزال 120 رهينة محتجزين لدى حماس، التي تواصل تحقيق هدفها المتمثل في قتل كل إسرائيلي». وأضافت «إن الجهاديين الذين ارتكبوا الإبادة الجماعية هم الذين بدأوا هذه الحروب وهم الذين يمنعون الحرب من الانتهاء. يجب ممارسة الضغط على حماس ويجب إلقاء اللوم في مكانه».
فأين هو القبول الإسرائيلي بالمشروع الأمريكي لوقف الحرب؟
بعد اعتماد القرار، بدقائق أصدرت حركة حماس بيانا يرحب بالقرار. وبعد أن خرج السفراء من قاعة المجلس واحدا تلو الآخر، سألنا السفير الروسي، فيسالي نيبنزيا، إذا ما كان متفائلا بأن وقفا لإطلاق النار سيتبع هذا القرار فقال: «اسمعوا مرة أخرى كلمة المندوبة الإسرائيلة». ثم توقف السفير الأمريكي، نائب المندوبة الدائمة، روبرت وود، أمام الصحافة وسألناه أين هو القبول الإسرائيلي؟ وقلنا له لقد رحبت حماس بالقرار فهل رحبت إسرائيل به؟ وظل مصرا على أن إسرائيل قبلت بالقرار وأن الكرة في ملعب حماس وليس في ملعب إسرائيل. يذكرني هذا بالمثل القائل «عنزة ولو طارت».
حماس سلمت ردها المفصل على القرار الأمريكي. وهو ما اعتبرته إسرائيل رفضا للقرار بينما اعتبره البيت الأبيض يتضمن تعديلات مقبولة ومعقولة وأخرى بحاجة إلى مزيد من النقاش. وزير الخارجية الأمريكي الذي يزور المنطقة للمرة الثامنة قال في مؤتمر صحافي في الدوحة «كنا نأمل أن يكون رد حماس مكونا من كلمة واحدة هي نعم». يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس: المقاوم الصلب هو المفاوض الصلب، بينما الذي تخلى عن المقاومة هو الذي لا يملك إلا أن يقبل ما يملى عليه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    هه عصابة الأمريكان هم من يشنون حربا خاسرة على الشعب الفلسطيني منذ 1948 بدعم عصابة الشرذمة الصهيونية النازية بالسلاح الفتاك والمال القذر لإبادة شعب فلسطين وسرقة أرض فلسطين هذي عقود وعقود وعقود ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🚀

  2. يقول فصل الخطاب:

    عصابة الأمريكان هي من تحتل فلسطين و تبيد الفلسطينيين منذ 1948 بدعم عصابة الشرذمة الصهيونية النازية بالسلاح الفتاك الأمريكي والمال القذر هذي سنين وسنين وسنين وسنين والله ينصر فلسطين و يهزم عصابة الشر الصهيو نازية الأمريكية البريطانية الغربية الحاقدة على الفلسطينيين منذ 1948 ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🚀🐒🚀🚀

اشترك في قائمتنا البريدية