في أواخر تموز (يوليو) 2006، وتعقيباً على آثار العدوان الإسرائيلي البربري على لبنان عموماً، والضاحية الجنوبية بصفة خاصة، طرح الصديق الشاعر اللبناني عباس بيضون سؤالاً لافتاً حقاً: هل من الممكن كتابة قصيدة عن الضاحية الجنوبية؟ وبالطبع، كانت بعض تفريعات السؤال ذاته تفيد التالي: هل من الممكن لأية قصيدة أن تلتقط مشهدية الدمار في الضاحية؟ وكيف للشاعر أن يفتش هناك ‘عن عشبة في الشقوق، عن منديل وسجادة مهدبة، عن مسبحة وعصا مكسورة’، كما كتب بيضون؛ خصوصاً وأنّ ‘حساب الزلازل والانفجارات الكوكبية وهيجانات الطبيعة أمور لا مفردات لها’؟ و’هل يمكن لشاعر أن يقول شيئا عن مساحات مهدمة تحتاج إلى توبوغرافي، إلى فلكي، إلى مخطط مدن، إلى سينمائي، إلى كومبيوتر أكثر منها إلى شاعر’؟
أجدني، اليوم، أستعيد السؤال ذاته، وكامل تفريعاته، بصدد مشاهد الدمار التي حاقت ببلدة القصير السورية، بعد حصار طويل وقصف بربري بدوره، أعقبه غزو خارجي واحتلال عسكري نفّذه مقاتلو ‘حزب الله’؛ ثمّ استباحة البلدة، وتلك المشاهد الفاضحة لجنود النظام السوري وهم يحملون ما خفّ وزنه أو ثقل، من أثاث منزلي ومعدّات كهربائية وبضائع مختلفة منهوبة. وكان محتماً، إلى هذا، أن يهيمن سؤال جديد، وليد واقعة فريدة حقاً: كيف أمكن لبعض أهل الضاحية الجنوبية، ضحايا البربرية الإسرائيلية، أن يوزّعوا الحلوى على المارّة، احتفاء بـ’سقوط’ المدينة ذاتها التي لجأوا إليها، ذات يوم غير بعيد، جرّاء الوحشية الإسرائيلية؟ وماذا تفعل القصيدة إزاء هذا التفصيل، الذي لا يحضّ على واحد من إغواءات الشعر الأقدم في التاريخ، أي حسّ المفارقة، فحسب؛ بل يحضّ على واحد من أقصى، وأقسى، التمثيلات المأساوية لتناقضات النفس البشرية؟
المرء، هنا، يستعيد أيضاً ذلك السجال الكبير، والخطير، الذي دشّنه الفيلسوف الألماني اليهودي تيودور أدورنو ذات يوم، حين أطلق عبارته الرهيبة: ‘كتابة الشعر بعد أوشفتز أمر بربري’؛ حول ما إذا كان الشرّ المطلق يفرض قيوداً على الفنّ المسلّح بالوجدان، أو المتكيء على الضمير. صحيح أنّ أدورنو لم يقصد ذلك المعنى الحرفي، والاختزالي تماماً، الذي رسّخته التأويلات التبسيطية للعبارة؛ إلا أنّ جوهر الفكرة، كما طوّرته فقرة قصيرة من مقال شاقّ حول النقد الثقافي، لم يكن يتعارض جوهرياً مع ‘الحكمة’ التي استمدها الفهم الشعبي العريض من عبارة ذهبت مذهب القول المأثور: أنّ الشعر الذي أنتجته ثقافة ما قبل أوشفتز، لا يجوز (وذاك أمر بربري) أن تعيد إنتاجه ثقافة ما بعد أوشفتز. ولهذا فإنّ عمل ريشارد شتراوس ‘أربع أغنيات أخيرة’ هو الذي كان في ذهن أدورنو حين أطلق تلك العبارة الصاعقة، قبل أيّ شعر أو فنون كتابية أخرى.
لكنّ روح السؤال تبقى قائمة، بل تكتسب سلسلة أبعاد تخصّ اللحظة العربية الراهنة، في زمن الانتفاضات الشعبية، وربما السياقات الأخصّ للعلاقات السورية اللبنانية: هل يمكن للمثقف (والشاعر بالذات، في المضمار المخصصّ الذي تتناوله هذه السطور) أن يفرز وفق أيّ أسس سياسية أو عقائدية، أو في ضوء انحيازاته الشخصية على اختلافها مشاهد خراب الضاحية الجنوبية سنة 2006، عن مشاهد القصير 2013؟ وكيف لأيّ فرز، إذا تحقق، أن يُكتب شعراً، أو ينتج إبداعاً ما، بالمعنى الأوسع الذي قصده أدورنو، دون أن يقع في مظانّ أخلاقية ذات صلات صارخة بالفارق بين مساندة الحقّ أو الاصطفاف خلف الباطل؟ وباستثناء رثاء الممالك، والوقوف على الأطلال، كيف للحساسية الشعرية المعاصرة أن تتفادى ما هو سياسيّ مباشر، وفاجع إنسانياً، وشاخص بعنف بصري رهيب؛ أو أن تتحاشى اعتباره ‘غرضاً’ و’موضوعة’ شعرية بامتياز؟
هذه حال تتجاوز، بكثير، ما قصده أمير الشعراء أحمد شوقي (في قصيدة عن سورية، ودمشق، أيضاً!)، حين اعتذر من اليراعة والقوافي، لأنّ ‘جلال الرزء عن وصف يدقّ’؛ وإنْ كان عسر التعبير هو أحد تجليات الحال ذاتها، عن قصيدة هيهات لها أن تبحث، وسط ركام الضاحية، ‘عن عشبة بين الشقوق، عن دمية، عن مسبحة، عن عباءة، عن مكحلة، عن أدوات زينة’، كما كتب بيضون. ذلك لأنّ ‘السياسيّ’ قد يدفع بشاعر ما إلى التعاطف مع ‘حزب الله’ عقائدياً، أو ربـــما مباركة غزوته في القصير؛ فهل يتيح له ‘الشعريّ’ خيارات مماثلة، تجبّ ما بعد الضاحية الجنوبية من دمار، وتكتفي بما بعد القصير من ‘انتصار’؟ صحيح أنّ منحازاً من هذا الطراز قد يكون جديراً بلقب ‘البوق’ أكثر من ‘الشاعر’، إلا أنه قد يكون معلّماً في البلاغة، قابضاً على أسرار الكيمياء المباشرة بين الشعر والخطابة، قادراً على كتابة قصيدة حماسية لاهبة، تحوّل الدمار إلى انتصار، في الضاحية أسوة بالقصير!
يبقى، مع ذلك، أنّ ثقافة مقاومة الطغـــيان، ومثلها مواجهة البربريات المعاصرة أياً كانت أنماطها، هي إحــــدى أبرز محـــرّضات ارتقاء الفنون. وإذا لم تكن هذه الروحية التي تمسّ معيش البشر اليوميّ، وتكبّف آمالهم وآلامهم، وتحيلها إلى أقانيم إنسانية كونية قادرة على تخليق قصيدة فذّة، حول قصف الضاحية مثل اجتياح القصير؛ فكيف، سوى هذا، يولد أيّ شعر عظيم؟
.القوى الكبرى والأقليميه ودول العااار العربي . في الشأن السوري. تدخل داخلي من باب الآخوه والصداقه . لجماعة التكفير والأرهاب. الله يحفظ سوريا. ومانريد الا أن أن تنتهي هذه الأزمه على خير. وأن يتفق الجميع في جنيف 2 لصالح الشعب السوري…
استاذ صبحي انا معجب بكتاباتك و بفكرك النقدي و متابع لك و لكن اجبني بصراحة لو وصل المقاتلون التكفيريون الوهابيون الى الحكم بسوريا سيكفرونك و سيهدرون دمك و سيحرقون الكتب التي كتبت . نحن نعاني منهم في تونس و من ضيق صدرهم للراي المخالف و مقتهم للمفكرين الا اذا كانوا شيوخا ملتحين .
مقاتلون اسلاميون يعدمون مراهقا أمام أفراد عائلته في شمال سورية!!!
الشاعر يتفاعل دائما مع الاحداث ويكتب ما يراه ويلمسه ويشعر به, سواء كان كوميديا او تراجيديا. فاما ان يبدع او يفشل. والكاتب او الصحافي فاما ان يكتب ما يمليه عليه ضميره او حسب الثمن الذى يقبضه من اصحاب الاملاءات مقابل تأجير هذا الضمير. عندها يضيع الحق ويبرز الباطل ولكنه لا ينتصر لأن الباطل كان زهوقا. اما الاحتلال الخارجي لمدينة القصير والقصف البربرى فهي مفردات ليست في مكانها الصحيح. فحزب الله من اهل البيت وله الحق في الدفاع عن مدينة القصير من المحتلين القادمين من الخارج كحزب النصرة الذى استولى على المدينة وطرد اهلها منذ السنة الاولى من الحرب الكونية على سوريا وحفر الخنادق وبنى السدود والانفاق وفيها مخازن لمختلف انواع الاسلحة الواردة من اوكرانيا عبر تركيا. وللعلم حزب النصرة ليس من ابناء سوريا, لذا كان من واجب الجيش السورى تخليص المدينة من المحتلين بمساعدة حزب الله كون احتلال مدينة القصير يشكل تهديدا لأمن البلدات واللبنانيين المقيمين على الحدود السورية اللبنانية .عندما لجأ سكان الضاحية الجنوبية الى مدينة القصير اثناء الاجتياح الاسرائيلي كان السوريون يسكنونها, اما عندما احتلتها النصرة ثم حررها الجيش السورى وحزب الله معا فمن حق سكان الضاحية الاحتفال بالمدينة التي سبق ان احتضنتهم وتوزيع الحلوى فرحا بتحريرها.ولا فرق بين تحرير الضاحية الجنوبية من الاحتلال الاسرائيلي وتحرير مدينة القصير من الاحتلال التكفيرى, فكلاهما اعداء للعرب والمسلمين تجمعهما عقيدة التدمير وارتكاب المجازر واحتلال بلدان الغير بقوة السلاح ,لذا يجب التخلص منهما مهما بلغ الثمن. والشاعر المبدع يستطيع ان يصنع شعرا مبدعا من خراب, عملا بالمثل العامي: “الشاطرة بتغزل برجل عنزة”, اما الفاشل فلا يحركه جمال او خراب.
عزيزي الكاتب صبحى، مع الأسف هناك فرق كبير بين تغير نظام الحكم في أي بلد وبين تدمير دولة وتقسيم شعب الى مذاهب وطوائف وعشائر وأقاليم. وهذا مع الأسف والألم ما يحدث في سوريا العرب، التي تجمعت فيها كل الوحوش الكاسرة لتدميرها بأسم الأسلام والديموقراطية، وكأن باقي الدول العربية تنعم بأفضل حال. ويبقى السؤال لكل عربي عاقل وعندة ضمير حي، أيهما أهم قلب نظام حكم في بلد عربي أو العمل لوقف أمتداد السرطان الصهيوني في فلسطين، وأحتلال ما تبقى من فلسطين أمام أنظار كل العالم، ومنهم الدول العربية الصامتة والمهتمة فقط بتدمير وتمزيق سوريا ؟ اتمنى عليك وعلى كل المثقفين العرب أن يقفوا بشجاعة وصدق ويقولوا كفى كفى كفى ما يحث في سوريا.
إذا أردت قصيدة فاقرأ قصيدة المرحوم الشاعر نديم محمد ’نيرون‘ عن حماة، نديم الذي لم يسعفه العمر ليشاهد حماة ’العشرون‘ في زماننا الرديء هذا. عندي صورة عن القصيدة بخط يد الشاعر المرحوم،. بيت واحد يختصر ما في القصيدة من آلام ومعاناة أدت إلى هجاء قومه، ‘.
بما أن مدينة القصير منكوبة و الإرهابيين يعرفون التنقل بين البيوت المهجرة و السرقة هاربين داخل أنفاق العمالة لكيان إغتصاب كل فلسطين منهم مجرم قطع أجساد أب مهندس و أم معلمة و إبنهم الوحيد في حالة الغيبوبة قرب مدينة تلكلخ أثناء سفرهم لعلاجه في لبنان الحكمة تجميع مرتزقة جبهة التصهين من كل أنحاء بلاد الشام توزيعهم على قرى الضبعة _البويضة الشرقية المدمرة المحررة المدمرة بدل تعميم فشلهم على كل قرى درعا و حلب الأسلحة من مصانع تل ربيع موجودة بكثرة لم تستعمل بعد حاميليها أدوات جيش لحد تابعين لقوى الإستكبار الغربي من يدعمهم ضرب الثورة السلمية اليتيمة سينهزمون في حمص العظمى هذه أمة الشهداء “جول جمال “و ” أحمد قصير “كل مناورات التأهب تفشل أمام عزيمتها .شكرا.
ساعدوا السوريين للخروج من محنتهم ولو بكلمة طيبة .