القضاء الفرنسي يستدعي رياض سلامة للمثول أمامه ويتهم مصرفياً لبنانياً بمساعدته في اختلاس أموال عامة

حجم الخط
0

باريس – أ ف ب: يتسارع التحقيق الفرنسي في الثروة التي يملكها حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، في اوروبا بعدما استدعته قاضية فرنسية للمثول أمامها في 16 أيار/مايو في جلسة يُرجَّح أن يوجه إليه الاتّهام خلالها، في قضية اتّخذت فيها الدولة اللبنانية صفة طرف مدني، ويُلاحَق فيها أيضاً الوزير السابق مروان خير الدين مدير “بنك الموارد” اللبناني.
وينفي سلامة باستمرار الاتّهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية وإعلامية كيدية “لتشويه” صورته، ويؤكّد أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسّسة “ميريل لينش” المالية العالمية ومن استثمارات في مجالات عدّة.
وقال مصدر قضائي لبناني ومصدر مُطَّلع على القضية لوكالة فرانس برس أن القضاء الفرنسي استدعى سلامة للمثول أمامه بشبهة جمع ثروة ضخمة في اوروبا، تشتمل على أموال وعقارات، من خلال ترتيبات مالية معقّدة واختلاس كمّيات ضخمة من الأموال العامة اللبنانية.
وأوضح المصدر القضائي اللبناني أن السلطات اللبنانية لا يمكنها إرغام سلامة على الذهاب إلى فرنسا، لأنه ممنوع من السفر.
كذلك وبغض النظر عن مسألة “إمكانية السماح لرياض سلامة بمغادرة لبنان من عدمه”، يطعن محامي سلامة بقانونية الإجراءات المتّخذة بحقّ موكّله، بما فيها قرارات الحجز على أموال موكّله والتي صدرت في آذار/مارس 2022.
وسيشكّل توجيه الاتّهام إلى سلامة خطوة كبيرة في هذا التحقيق القضائي الذي بدأ في تمّوز/يوليو 2021 في فرنسا، بالتوازي مع إجراءات قضائية أخرى في اوروبا وسويسرا. وبحسب المصدر المطّلع على القضية ومصدر قضائي لبناني، فإن الدولة اللبنانية اتّخذت مؤخراً صفة الطرف المدني في فرنسا في هذه القضية.
وأوضح المصدر القضائي اللبناني أن بيروت “تريد بالتالي الاحتفاظ بحقّها في أن تستردّ لحساب الخزينة اللبنانية أية أموال أو ممتلكات يمكن أن يكون سلامة قد استحوذ عليها بصورة غير مشروعة إذا ما تم تجميد” هذه الأموال. وتحرّكت الدولة اللبنانية لرفع دعاوى في اوروبا وفي الدول التي وضعت حجزاً على أموال أو ممتلكات لسلامة، حتى يتم حجز الأموال لصالح الخزينة اللبنانية في حال تبيّن أنّ مصادرها غير شرعية. لكن، بالنسبة إلى المحامي وليام بوردون، وكيل جمعية “شيربا” وتجمّع “ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان”، وهما طرفان مدنيّان في هذه القضية، فإن القانون الفرنسي الصادر في آب/أغسطس 2021 بشأن ردّ ممتلكات تم الاستحواذ عليها بطريقة غير مشروعة “هو الذي يطبّق عندما يتمّ توجيه اتّهام إلى واحد أو أكثر من الموظفين العموميين اللبنانيين”.
وفي حال أدين سلامة بصورة نهائية وباتّة، فإنّ المحامي بوردون يقول أن “الأموال المصادرة بصورة نهائية لن تعود بالتالي إلى الدولة اللبنانية بل ستذهب لتمويل مشاريع لصالح المصلحة العامّة” في لبنان. من جهة ثانية وجّهت قاضية التحقيق المالي، أود بوريزي المكلّفة هذه القضية في باريس، إلى مروان خير الدين، رئيس مجلس إدارة “بنك الموارد” اللبناني خاص لائحة اتّهام رسمية.
وبموجب هذه اللائحة فإنّ خير الدين متّهم بالارتباط بـ”عصابة إجرامية” بهدف اختلاس أموال عامّة من قبل موظف عمومي على حساب الدولة اللبنانية، وخيانة الأمانة، وإفساد موظف عمومي.
كما يُلاحق خير الدين (55 عاماً) الذي استمع إليه محقّقون اوروبيون في لبنان في كانون الثاني/يناير، بتّهمة أخرى هي “غسل أموال في إطار عصابة منظّمة”.
ويُشتبه في أن سلامة استخدم “بنك الموارد” لتحويل أموال بدون الخضوع لمراقبة، في مقابل حصول هذا البنك على خدمات.
وبحسب المصدر المطلّع على القضية، فإنّ خير الدين الذي كان وزيراً في العقد الماضي وُضع تحت مراقبة قضائية بكفالة مالية قدرها مليون يورو ومُنع من السفر من فرنسا.
ويُشتبه بأنّ “بنك الموارد” لم يتحقّق كما ينبغي من الحسابات التي كان المستفيد منها سلامة، وذلك في مقابل حصوله على مزايا مختلفة من حاكم المصرف المركزي اللبناني.
وبالنسبة إلى بوردون، فإنّ هذا الأمر يشير إلى أنّ “عمليات غسل الأموال التي قام بها سلامة والمقرّبون منه ما كان ممكناً أن تحصل إلا بمساعدة مصرفيين في فرنسا وأماكن أخرى”.
وفي حزيران/يونيو 2022، وُجّهت التّهمة رسمياً إلى مقرّبة من سلامة هي آنا ك (أوكرانية عمرها 46 عاماً) للاشتباه بضلوعها في “ترتيبات مالية معقّدة تسمح بإخفاء مصدر الأموال التي اختلسها رياض سلامة”.
وفي آذار/مارس 2022 جمّدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقرّبين منه، بينهم شقيقه رجا، وذلك بتهم غسل أموال و”اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021″.
ويطالب وكلاء الدفاع عن سلامة باستعادة أصول بعشرات ملايين اليوروهات يملكها موكّلهم ومحجوزة في فرنسا، بينها شقق في الدائرة السادسة عشرة من باريس وفي جادة الشانزيليزيه، وأخرى في المملكة المتحدة وبلجيكا، فضلا عن حسابات مصرفية وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية