غزة- “القدس العربي”: بحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ملف المصالحة الفلسطينية، وتداولا عدة أفكار خلال اللقاء الذي عقد في أنقرة السبت، بهدف إحداث اختراقات في هذا الملف الذي تعثر عقب قرار القيادة الفلسطينية تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في مايو/ أيار الماضي، فيما تستعد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لعقد اجتماع برئاسة محمود عباس، بعد انتهاء زيارته لتركيا، لبحث الملف.
وعلمت “القدس العربي” أن الرئيس الفلسطيني أبدى استعداده خلال لقاء أردوغان، لدفع جهود المصالحة، وتقديم كل ما يلزم من أجل توحيد الصف الفلسطيني في هذه المرحلة التي وصفها خلال استعراض الوضع السياسي العام مع نظيره التركي بـ”الحساسة”، من أجل مواجهة السياسات الإسرائيلية الاستيطانية في هذه المرحلة.
وقُدمت خلال اللقاء عدة أفكار فلسطينية، ضمن التحركات الرامية لإعادة قطار المصالحة إلى سكة الانطلاق، وعُرضت على الرئيس التركي من أجل التدخل في هذا الملف من جديد، لما يتمتع به الرجل من علاقة قوية مع حركة حماس التي يتواجد قادتها باستمرار على الأراضي التركية.
من ضمن الأفكار المقدمة، جرى تكرار ما طرحه وفد فتح مؤخرا خلال اللقاءات التي عقدت في العاصمة المصرية مع وفد حماس، بأن يصار للذهاب نحو تشكيل “حكومة توافق وطني” تكون مقبولة دوليا، توكل لها مهام توحيد المؤسسات الوطنية والحكومية، وكذلك الإشراف على إعمار غزة، والتحضير للانتخابات الفلسطينية الشاملة، على أن يُبحث في الوقت ذاته دخول حماس والجهاد الإسلامي لمنظمة التحرير، من خلال عقد انتخابات للمجلس الوطني، في خطوة لاحقة.
ووفق مسؤول في حركة فتح، فإن الرئيس عباس والوفد المرافق له، والذي ضم مسؤولين دبلوماسيين وأمنيين ودينيين، شعروا براحة ورضى كبيرين بعد لقاء أردوغان، الذي تعهد بزيادة الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، إلى جانب استمرار الدعم الاقتصادي للفلسطينيين.
ووفق ما ذُكر، فقد أكد أردوغان على ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس وتشكيل حكومة وطنية وتمكينها في غزة، وأن تكون في مقدمة مهامها إعمار غزة.
وهنا، من المتوقع أن يقوم المسؤولون الأتراك بالتواصل مع قادة حماس، في مسعى لتقريب وجهات النظر مع فتح، خاصة وأن حماس كانت تنادي في القاهرة خلال جولة الحوار الأخيرة، بالذهاب إلى انتخابات المجلس الوطني، والدخول في منظمة التحرير قبل تشكيل الحكومة، فيما رأت فتح أن أمر تشكيل الحكومة هو الملحّ في هذه المرحلة، التي تحتاج إلى تقديم خدمات كبيرة للمواطنين، الذين يواجهون سياسات الاحتلال والاستيطان والحصار في غزة والضفة.
وهذا ولم يجرِ خلال اللقاء الاتفاق على موعد يجمع قادة فتح وحماس في هذه المرحلة، فيما استبعد مسؤول في فتح عقد لقاء بين عباس وقيادة حماس في تركيا خلال الزيارة، لعدم شمول الوفد الفلسطيني على أي من المسؤولين في الحركة الموكل لهم مهام التواصل مع حماس، وهو فريق يقوده جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، لكن المسؤول لم يستبعد أن تُعقد لقاءات لاحقة، في حال تقريب وجهات النظر حول المصالحة، سواء في مصر بصفتها راعي الاتفاق، أو تركيا، التي كانت قد استضافت لقاءات وحوارات سابقة.
وكان بيان فلسطيني رسمي صدر عقب اللقاء، ذكر أنه جرى التأكيد خلال اللقاء بين عباس وأردوغان على أهمية المصالحة الفلسطينية ووحدة الصف، وأن الرئيس الفلسطيني أكد على سعي القيادة الفلسطينية لتوحيد الأرض والشعب والذهاب للانتخابات بمجرد التمكن من عقدها في مدينة القدس الشرقية.
وفي السياق، كان عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قد أعلن أن الرئيس عباس سيدعو عقب عودته من تركيا لاجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لمناقشة الأوضاع السياسية والتأكيد على ضرورة الوحدة الوطنية.
من جهته وصف فائد مصطفى، سفير فلسطين لدى تركيا، زيارة الرئيس عباس إلى تركيا بـ”المهمة”.
وقال مصطفى: “الزيارة تأتي في توقيت مهم بعد التطورات الأخيرة التي عصفت بالمنطقة، والتي شهدتها القضية الفلسطينية، بما في ذلك العدوان على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في الضفة الغربية وفي مدينة القدس”.
وأشار إلى أن علاقة تركيا بفلسطين “متشعبة في كل المجالات”، مضيفا بأن “العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين تنمو وتزدهر”.
وقال في تصريحات لتلفزيون فلسطين الرسمي: “اجتماع الرئيسين هام وسادته أجواء تعكس الاحترام والتقدير بين الرئيسين والبلدين، وأطلع الرئيس عباس نظيره التركي على الجهود التي تقودها القيادة للخروج من الدائرة التي رسمتها الإدارة الاميركية السابقة بقيادة ترامب، والصمود الفلسطيني أمام الضغوط الهائلة التي تعرضت لها من تلك الإدارة، والنجاح الفلسطيني في إفشال “صفقة القرن”.