«القمع العابر للحدود»: استهداف وترهيب الحقوقيين خارج مصر

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: أصدرت منظمتا «المنبر المصري لحقوق الإنسان» و«الجبهة المصرية لحقوق الإنسان» تقريرا قالتا فيه إن السلطات المصرية تواصل استهداف وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان خارج البلاد، بهدف إسكاتهم وإنهاء أنشطتهم المشروعة.

أنماط الاستهداف

وتناول التقرير الذي حمل عنوان «القمع العابر للحدود» أنماط استهداف الناشطين الحقوقيين في الخارج، التي تشمل إصدار أحكام غيابية بالسجن أو التحقيق وتوجيه اتهامات ضد بعضهم في قضايا ذات طابع سياسي وتتعلق بالممارسة السلمية في الحق في حرية الرأي والتعبير، والحرمان التعسفي من الحصول على الخدمات القنصلية عبر منع إصدار بطاقات الرقم القومي، وشهادات ميلاد لهم ولأبنائهم، وإصدار وتجديد جوازات السفر المصرية.
وحسب التقرير، تضمنت أنماط الاستهداف تجميد وضعية بعض الحقوقيين البارزين في السجل المدني داخل البلاد لحرمانهم من الحصول على وثائقهم الثبوتية، وضع بعض المدافعين عن حقوق الإنسان المقيمين خارج مصر على قوائم الإرهاب، وترويع أفراد من أسر الحقوقيين المقيمين داخل مصر، وتعقب ومراقبة أنشطة الحقوقيين في دول إقامتهم، وتعرض ناشطين ومنظماتهم للاستهداف الرقمي من خلال برامج المراقبة والتجسس. وتتبع التقرير، الاستراتيجية الأمنية والسياسية الرسمية التي لاحقت الحركة الحقوقية المصرية منذ نهاية عام 2013، والتي أدت للتضييق على الحركة الحقوقية في مصر، وتعقبها داخل حدود الدولة وخارجها، والتي تُلاحق بالتبعية كافة الدوائر الاجتماعية المرتبطة بأعضاء هذه الحركة.
واستند التقرير على سلسلة من المقابلات التي أجريت مع نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان أجبروا على الخروج من مصر بين عامي 2017 و2020، ومقيمين حالياً في دول الاتحاد الأوروبي وتركيا وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت إلى أن مصر تشهد منذ عقد من الزمن تصاعداً في معدلات النزوح وفرار العاملين في المجال العام والحقوقي لوجهات مختلفة في العالم، هرباً من انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة داخل البلاد والتي شملت الاعتقال التعسفي طويل المدة، والملاحقات القضائية في قضايا ذات دوافع سياسية، والتعذيب، والاختفاء القسري، وبحثاً عن ملاذات آمنة لهم، يُمكن لهم من خلالها الاستمرار في أداء مهمتهم في سبيل محاولة إيقاف آلة القمع في مصر، بشكل أكثر حرية وأماناً.

يمنعون من إصدار بطاقات الرقم القومي وشهادات ميلاد لهم ولأبنائهم

ووفق التقرير، موجة النزوح غير المسبوقة التي بدأت منذ صيف 2013، أثبتت أن الخروج من مصر لا يحمي المدافعين، ولا أسرهم، والذين تستمر معاناتهم من ملاحقة، واستهداف وتعقب، ومحاولات حثيثة رسمية لترحيلهم لمصر لاستكمال سياسات القمع والاضطهاد لهم وإخماد أصواتهم المعارضة للأوضاع الحقوقية القائمة في مصر.
وقد شملت السياسات الانتقامية التي تنتهجها السلطات المصرية ضد الحقوقيين في الخارج أبرز مؤسسي وأعضاء المنبر المصري لحقوق الإنسان الذي تأسس في أبريل/ نيسان 2018، وأفراد من أسرهم المقيمين داخل مصر، وفق التقرير.
وطالب التقرير السلطات المصرية باتخاذ عدد من الإجراءات، بينها، إنهاء أي قضايا أو اتهامات عالقة ضد المدافعين ومنظمات حقوق الإنسان، والتعهد بشكل رسمي بعدم ملاحقتهم أمنياً أو قضائياً، ووقف حملات التشويه والتشهير المستمرة ضدهم، والعمل على إسقاط الأحكام الغيابية ذات الدوافع السياسية الانتقامية ضد المدافعين/المدافعات عن حقوق الإنسان في المهجر. والسماح للمتهمين من الحقوقيين في الداخل والخارج المصري بشكل قانوني بالاطلاع على أوراق قضاياهم والتحقيقات في حال وجدت بالفعل.
كما طالب، باستبعاد المدافعين عن حقوق الإنسان من قوائم الإرهاب، والإيقاف الفوري لأي تداعيات قانونية مترتبة على ضمهم لهذه القوائم، والتوقف عن قيام الأجهزة الأمنية باستدعاء الحقوقيين بشكل متكرر في مقرات الأمن الوطني، واستجوابهم حول أنشطتهم داخل وخارج مصر بهدف التهديد وجمع المعلومات.

الوقف الفوري للتعسف

وأكدت المنظمتان، على ضرورة الوقف الفوري للتعسف في إصدار الوثائق الرسمية والأوراق الثبوتية، وتقديم الخدمات القنصلية الأساسية للمدافعين عن حقوق الإنسان وكافة المصريين بالخارج وأطفالهم وذويهم. وإقرار حق عودة الحقوقيين والنشطاء السياسيين بالمهجر، دون التعرض لأي مضايقات أمنية أو ملاحقات قضائية، ودون أن يكون قبول عودتهم مشروطاً بتقديم تنازلات أو وضع قيود على عملهم.
وناشدت المنظمتان المجتمع الدولي والشركاء الدوليين للحكومة المصرية خاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى، ضرورة دمج تحقيق تقدم ملموس في سياسات حقوق الإنسان، وتحسين أوضاع وأمن المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، في أي مباحثات ثنائية تتعلق بالمساعدات المالية والأمنية والعسكرية المقدمة للسلطات المصرية، والتأكد من عدم استخدام برامج التجسس الإلكترونية، والمستوردة من شركات عاملة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، في انتهاك حقوق الإنسان والمدافعين عنها.
كما طالبتا، بالضغط على السلطات المصرية لإطلاق مبادرة لإنهاء القضايا القانونية والاتهامات العالقة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الذين أُجبروا على مغادرة البلاد، والتزام الدول المستضيفة للمدافعين عن حقوق الإنسان خاصة في بلدان الشرق الأوسط بعدم الاستجابة لطلبات ترحيل المصريين، وتعهد دول الاستضافة بتوفير الحماية القانونية والأمنية قدر المستطاع للمدافعين المقيمين بها خشية ملاحقتهم والتعرض لهم في محلات إقامتهم بالخارج.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية