مع هيمنة النسبية على الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية، احتج البعض على عرض المجلات الإباحية في الأسواق، وبيعها للقُصّر، بينما لم ير آخرون بها بأسًا، فوقع القضاء في حيرة، وانتهى إلى أن معيار تحديد الإباحية يرجع لكل جماعة محلية أو ولاية على حدة، فترتّب على تحديد المعايير وفق النسبية مشكلة أخرى، فالقادم من نيويورك التي تسمح بذلك إلى نيوجيرسي التي تمنعه، كيف سيتعامل معه القانون؟ هل سيحاكِم القانون والدَ القاصر باعتبارها مخالفة لقوانين نيوجرسي المانعة؟ أم سيعفو لأنه اشتراها من نيويورك المُبيحة؟
إن هذه الحادثة تشير إلى ضرورة وجود مرجعية نهائية تحدد معايير الحسن والقبيح، وهي الفكرة المركزية التي تصيغ الأفكار، وترتكز عليها النظرة إلى الكون في مجتمع ما، وإليها يرُدُّ كل أفكاره، ويؤسس عليها أنظمته الحياتية، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية. فالمرجعية النهائية سابقة على كل عقد اجتماعي، تُستمد من النسق الحضاري والقيمي للمجتمع، وليست نتاج التجربة أو قوانين العقل والماد، لكن النسبية كما اتضح من المثال غير صالحة، وأي تحديد للمرجعية النهائية على أساس العقد الاجتماعي منفردًا سيحدث فيها الشيء نفسه، فماذا لو انضم ابن مجتمع ما إلى مجتمع آخر؟ كيف سيحدد مرجعيته النهائية؟ هل ستكون وفقا للمجتمع، الذي أتى منه؟ أم المجتمع الذي ذهب إليه؟
وماذا لو قُسِّم هذا المجتمع أو الدولة، أو صار لكل من شطريه حكمٌ ذاتي، هل ستختلف المرجعية النهائية لكل منهما؟ وماذا لو كانت بيوت العائلة الواحدة موزعة في الشطرين؟ هل سيجعل كل منهم مرجعيته النهائية باعتبار الجغرافيا؟ أم التراث والقيم التي نشأ عليها مع عائلته؟
لذلك يؤكد العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري رحمه الله ـ وهو من أبرز من تناول المرجعية النهائية بحثا وتحليلا ـ أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يُحدد وجهته واتجاهاته وأولوياته من دون تحديد المرجعية النهائية، ومن دونها سيفتقد المجتمع المعايير التي يمكن أن يحكم بها على ما يحيط به من ظواهر، وما يقع له من أحداث. وليس تحديد المرجعية النهائية مهمًا من أجل تسيير حياة المجتمع وتحديد معايير الحسن والقبيح فحسب، بل هي تحدد للمجتمع أو الأمة العدو من الصديق، فعلى سبيل المثال: في الصراع العربي الإسرائيلي – الذي لم تعد تصلح له كلمة صراع حاليا- المرجعية النهائية وحدها هي التي تحدد، هل الكيان الصهيوني عدو أم لا؟ فلو كانت مرجعيتنا في مواجهة الصهاينة مرجعية اقتصادية، فلا يكون هناك جدوى ومبرر للصراع، طالما كانت هناك علاقات اقتصادية بين العرب والصهاينة، لكن الأمر سيختلف حتما إذا ما كانت المرجعية إسلامية، حيث سيتم التعامل مع الكيان الإسرائيلي على أنه كيان لقيط مُحتل لقطعة من أرض المسلمين، ما يستوجب نصرة كل البقاع الإسلامية للفلسطينيين، باعتبارهم جزءًا من نسيج الأمة الإسلامية. لكن قد يقال، لماذا لا تكون المرجعية النهائية للأمة فكرة أخرى غير الفكرة الإسلامية، العلمانية مثلا أو الليبرالية؟ لأنه كما أكد علماء الاجتماع قامت معظم الحضارات على أساس الدين بشكل أو بآخر، أرنولد توينبي مثلا يقول في مختصر دراسة التاريخ: «إذا ما ألقينا ببصرنا على الحضارات، التي ما برحت قائمة حتى يومنا الحاضر، نجد أنه يكمن وراء كل منها نوع من العقيدة الدينية العالمية، وعلى هذا النحو تصبح العقيدة الدينية جزءًا من نظام الاستيلاد الحضاري».
خصوصية الأمة العربية بكافة مللها مستمدة من الإسلام الحضاري، فهو بالنسبة للمسلمين مرجعية دينهم
ويؤكد في كتابه «التحديات الكبرى» على أن أسلوب الحضارة إنما هو التعبير عن ديانتها، وأن الدين هو القوة الروحية التي جعلت كل مجتمع متحضر متماسكًا زمنًا. فكل حضارة تنبش في أصلها ستجد أنه الدين، إما وحيًا من السماء، أو على الأقل التوجه إلى معبود غيبي حتى وإن كان معبودا لا يستحق العبادة، كحال الحضارة الفرعونية التي قامت على أساس ديني، والحضارة البوذية التي كانت التعاليم البوذية هي بذورها. أما العلمانية أو الليبرالية وغيرها، فهي لا تصلح أن تكون فكرة مركزية، لأنها لا تنبع من النسق الحضاري والقيمي للأمة، وليست متوافقة مع منظومة القيم الإيجابية المترسخة في الوجدان العام للمجتمع، وكونت هويته الثقافية، بل إن هذه الاتجاهات قد استوردت الفكرة المركزية من بيئة خارجية مناقضة تماما لتاريخ وثقافة وقيم وهوية أمتنا، وكان ظهورها في أوروبا نتيجة سيطرة الحكم الكهنوتي الثيوقراطي، الذي يختلف تماما عن صورة النظام الإسلامي الذي هو في أصله حكم مدني بمرجعية إسلامية. ثم قد يرد تساؤل آخر، ولماذا الإسلام تحديدًا؟
الجواب أن الحضارة الإسلامية هي الهوية الثقافية التي انتهى إليها الإنسان العربي، وتشبّع بها، وصبغت تاريخه وحياته وتكوينه، بعدما انصهرت فيها جميع الحضارات السابقة، علمًا بأن القول بوجود راية حضارية إسلامية جامعة لكل أبناء الأمة، بمن فيهم غير المسلمين، ليس كلامًا نظريا، وإثارة اللغط حول ذلك هو قضية معاصرة، فخصوصية الأمة العربية بكافة مللها مستمدة من الإسلام الحضاري، فهو بالنسبة للمسلمين مرجعية دينهم، الذي يدينون به لخالقهم، وبالنسبة لغير المسلمين فهو مرجعية الحضارة التي تميزت بها أوطانهم. إن قضية تعيين المرجعية النهائية ليست ترفًا ولا بدعًا من القول، والمجتمع الذي لا يحدد مرجعيته النهائية، حتمًا سيتبنى المرجعية النهائية لغيره، أدرك ذلك أم لم يدركه، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
الاسلام السياسي بشقه الاخوانى أصبحت له مشكلة كبيرة وهى انه لم يعد له القدرة على الصراخ و بكل وضوح على الأسطح أنه يريد أن يحكم بالقرآن و السنة و الشريعة الإسلامية فى ظل خلافة راشدة عل منهاج النبوة ….فأصبح يتهرب من مصطلح الاسلام السياسي ….الى مصطلح الاسلام الديمقراطى….بعد ما كانت الديمقراطية هى كفر و الحاد لأن الديمقراطية هى حكم الشعب لنفسه و ليست حكم لله للجميع حسب رأيهم….و اليوم أصبحوا يروجون للحكم المدنى بمرجعية إسلامية…..!!! ماذا يعنى ….هذا المصطلح و ماذا يعنى حشر الدولة المدنية التى هى نقيض الدينية الدينية ….الدولة الاسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية و بالقرأن و السنة يعنى دولة لها مرجعية دينية بحتة ….يعنى دولة ترتكز أساسا على الدين …
أنا كنت اتمنى ان يبقى الاسلام السياسي وفيا لشعاره الاسلام هو الحل و يدافع عن ذالك بكل وضوح ….لانه اذا تواصل الحال هكذا ربما بعد حين سنصل إلى الدولة العلماسية ….اى الدلة العلمانية بمرجعية إسلامية…..
الاسلام هو الحل شعار طرح ابان فترة عبد الناصر و ما بعدها و قد كان ردا علي التمدد الشيوعي ان ذاك. لطالما كان الحكم خلال فترة الاسلاميه الممتده منذ الفترة الراشديه الي نهاية الدولة العثمانيه بسقوط الاخلافه حكما مستندا الي الاسلام بهذا المعني الواسع للاسلام فلم يكن شيخ الاسلام منصبا اداريا بل كان منصبا استشاريا غير ملزم و احب ان اذكرك بحوادث عده
– عمر ابن الخطاب لما كان عام الرماده اوقف حد السرقه لانه عمل بروح الاسلام القائم على الرحمة
– الحجاج ابن يوسف الثقفي والي العراق قطع اعناق الكثير من علماء المسلمين منهم سعيد ابن جبير لما اعلنو انه فقد وجوب الطاعه لضلمه و تعسفه
– الامام احمد بن حنبل سجن و عذب لانه يخالف رأي الحاشيه التي كان المأمون يحيط نفسه بها فيما عرف بقضية خلق القران
و الشواهد اكثر من ان تحصى احيطك علما ان الاسلام ينبذ الكهنوت و احتكار العلم و يشجع على التنوع. و هذا ما كان سائدا منذ ان ظهرت الديانة المسيحيه التي سيطرت فيها الكنيسة علي مقاليد الحكم و المحكومين فلن تصبح ملكا في فرنسا الا ان صادق البابا على ذالك وهذا ما جعل الناس تعزو الاستبداد افي اوروبا الي تسلط الدين و هو ما ادي الي ثورة ضد الدين
يتبع
جميل ودقيق
معجب جدا بكتاباتك الشيقة و العميقة التي تنم عن ثقافة عالية
حفظك الله
جلال الخرطوم
فقير أنا !!
هذه أبلغ عبارة قد يكتبها قارئٌ ما، أراد أن يُثني يوما على كاتبة لها فضلٌ عليه بعد ربّه، بمقالاتها ومفرداتها وبلاغة الكلمة ودلالة العبارة، و وحي الفكرة ومصعد المعرفة، وستائر العلم ونوافذ الابتكار وجودة الاقتباس.
نعم فقير أنا، حين أصف لغتي فقيرة في البحث عن جُمل تعبّر عن الشكر لقلم الكاتبة الأديبة والمفكرة ( إحسان الفقيه)، والتي تستحق منّا جميعا أن نُثني عليها وندعم مسيرتها ونجاحاتها، وننشر إنتاجها المعرفي بكل منحنياته، لكل من نراهم من سرب طيور المعرفة في سماء الحضارة.
فقير أنا، ولكن سألجأ لبيت الحكمة النبوي لأجد ضالّتي وأقول بما أوصى به النبي ﷺ : «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ»، فجَزَاكَم اللَّهُ خَيْرًا.
يتبع >>>
تحية للسيدة احسان وللجميع
يجب ان لا يكون الانتماء الديني هو المرجعية الاساسية او النهائية لتحديد الامور لانه حتى في الدين الواحد هناك مرجعيات كثيرة وتختلف نظرتها لالامور العامة فيما بينها فالقوانين التي تحددها الدولة او جزء من الدولة {حكم ذاتي} يجب ان تحترم من الجميع واي زائر لاي بلد وخاصة في الوقت الحاضر عليه ان يطلع على القوانين الخاصة لذلك البلد لكي لا يخالف القانون
*من يقول أن (الديموقراطية ) تتعارض
مع روح (الإسلام ) جاهل بالإسلام.
*(الإسلام ) دين عدالة وحب واحترام
الآخر وسلام للجميع.
*الديموقراطية تحقق كل هذه المعاني
السامية وبالتالي لا تعارض الإسلام .
*المشكلة جهل الناس بروح الإسلام
العظيم السمح العطر الصافي..
سيد سامح هل يسمح الإسلام بكل الحريات الفردية وخاصة حرية الضمير و المعتقد التى هى اساس المواطنة التى هى اساس الديمقراطية….
من يغير دينه فى الإسلام ماهو حكم ذالك و من يغير توجهه الجنسي ماهو حكم ذالك…؟ المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث مثلا …فى الديمقراطية ليس هناك فرق بين المواطنين و اليوم نتحدث عن النوع الاجتماعى ….؟
الديمقراطية ليست انتخابات فقط و بعدها نتحدث عن الحلال و الحرام الديمقراطية تأخذها كلها او نتركها كلها….
من وجهة نظري هذا عنوان ذكي (المرجعية النهائية للمجتمع وكيف يتم تحديدها) والأذكى هو اختيار الولايات المتحدة الأمريكية، وليس الإتحاد الأوربي أو الكيان الصهيوني، كمثال عملي لإسقاط النقاش حول دولة الحداثة،
ومعنى المعاني فيها، في مفهوم القانون، ومفهوم الحقوق، ومفهوم منتج الأسرة الإنسانية، وكيفية المنافسة في سوق العولمة والإقتصاد الإليكتروني،
خصوصا وأن الكاتبة نشأت في دولة ملكية (الأردن) وليس جمهورية، ولكني أختلف معها في كل شيء غير ذلك طرحته في المقال، لماذا؟!
لأن بدأ تسويق سوق العولمة ( عام 1945 بواسطة مشروع مارشال ورقم سويفت الموحد، كوسيلة دفع/تحصيل ثمن البضاعة)
وبدأ تسويق الإقتصاد الإلكتروني (عام 1992 بواسطة الشّابِكة (الإنترنت) لربط أسواق المال والأسهم حول العالم بواسطة الآلة) وكلاهما منتج أمريكي صرف.
بعد انهيار النظام المالي الربوي والتأمين عليه عام 2008،
اضطرت الصين لطرح نظام إقتصادي احتياطي جديد، أساسه (المقايضة بالمنتج المحلي) لبناء البنى التحتية لأي دولة في العالم، أطلقت عليه سوق وطرق مواصلات واتصالات الحرير.
ولذلك الآن هناك (فلسفة) السوق الأمريكية تمثله (موقع أمازون)، وهناك (حكمة) الصينية تمثله (موقع علي بابا)،
نحن نطرح سوق (الحلال) للتبادل والتمويل التجاري بدل التمويل الربوي، من خلال مشروع صالح التايواني لأم الشركات، التي تجمع القطاع العام 40٪ (كسوق)، مع القطاع الخاص 40٪ (كمستثمر)، مع حاضنة التقنية لأتمتة الوظيفة 20٪ (لزيادة الإيرادات للجميع، الإنسان والأسرة والشركة المنتجة لمنتجات إنسانية، وبالتالي الدولة من خلال الضرائب والرسوم والجمارك).??
??????
*عزيزي (تونس الفتاة) حياك الله والجميع.
عندكم في تونس حركة أو حزب أو جماعة
(النهضة) ذو توجه (إسلامي ) عصري
وأفكارها متقدمة جدا وهي بشكل عام
مع (الديموقراطية ) والعدالة والحرية.
*عزيزي أنا لست مختصا ف الفقه
الإسلامي ولكن سمعت بعض العلماء
يقولون أن (المرتد) لا يقتل .
أما اباحة قتله تكون أثناء (الحرب)
في حالات خاصة.
عزيزي للأسف معظمنا فهم روح
الإسلام بطريقة خاطئة.
*ومن هنا خرج علينا متطرفين جهلة
مجرمين أمثال (داعش والقاعدة
وبوكوحرام) الخ والإسلام العظيم
منهم براء.