تونس ـ «القدس العربي»: أعلن رئيس الحكومة التونسي المكلف، هشام المشيشي، في وقت متأخر من ليل الإثنين، عن حكومته الجديدة، التي تضم كفاءات وطنية، شكك أغلب الأحزاب السياسية باستقلاليتها، ولجأ بعض الأطراف إلى تسميتها بـ«حكومة الرئيس»، مشيرة إلى وجود بصمات واضحة لدى رئاسة الجمهورية في اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، فيما قرر البرلمان عقد جلسة عامة حول منحها الثقة مطلع أيلول/سبتمبر المقبل.
وتضم الحكومة الجديدة 28 عضوا (25 وزيرا و3 كتاب دولة)، بينهم ثماني نساء وسبعة أعضاء من حكومات سابقة.
وخلال إعلانه لتشكيلته الحكومية الجديدة، قال المشيشي إنه قرر، بعد سلسلة مشاورات مع الطبقة السياسية وتقييم للوضع الذي تعيشه البلاد، تشكيل حكومة كفاءات مستقلّة «تنكبّ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي واستحقاقات التونسيين».
الأحزاب تشكّك باستقلاليتها واتحاد الشغل يتبرّأ من اختيار أعضائها
وتضم الحكومة كفاءات بارزة في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي، على غرار وزير الخارجية عثمان الجرندي، الذي يعتبر من أبرز الدبلوماسيين التونسيين، وعلي الكعلي وزير الاقتصاد والمالية، الخبير في عدد من المؤسسات المالية الدولية، فضلا عن ألف بن عودة وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وغيرهم.
ورغم أن أغلب أعضاء الحكومة يعتبرون من الكفاءات المستقلة غير المعروفة لدى التونسيين، غير أن بعضهم يُعتبر من الشخصيات المحسوبة بشكل غير مباشر على الأحزاب السياسية، على غرار وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقات مع مجلس النواب، علي الحفصي، المستقيل حديثا من حزب نداء تونس، ووزير الاقتصاد علي الكعلي، وهو أحد أبرز مؤسسي حزب قلب تونس، ووزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، وهو مقرّب من حزب تحيا تونس.
كما تبدو بصمات الرئاسة واضحة في التشكيلة الحكومية الجديدة، فوزير الخارجية سبق أن عمل مستشارا للرئيس قيس سعيد، كما أن وزير الداخلية توفيق شرف الدين، كان عضوا في الحملة الانتخابية لسعيد.
غير أن أبرز ما يميز حكومة المشيشي الجديدة هي أنها تضم «وزيرا كفيفا» هو وزير الثقافة وليد الزيدي، وهي المرة الأولى في تاريخ تونس. ويبدو أن رئيس لحكومة يعول على كفاءة الزيدي (34 عاما) أستاذ البلاغة الحاصل على الدكتوراة في الآداب بدرجة «مشرف جدا»، والباحث المتخصص في علم نفس الإعاقة، والذي يلقّبه البعض بـ«طه حسين تونس».
وتباينت مواقف الأحزاب التونسية من حكومة المشيشي الجديدة، حيث وصفها النائب عن حركة النهضة سمير ديلو بـ«حكومة الأمر الواقع»، مشيرا إلى أنها تتكون من «كفاءات مستقلة وأخرى غير مستقلة ومستقلين علينا التثبت من كفاءتهم، وكان من الأجدر الإبقاء على بعض الوزراء الذين نجحوا في حكومة إلياس الفخفاخ».
وأكد أمين عام حركة الشعب ، زهير المغزاوي، وجود تحفظات لدى الحركة حول استقلالية وكفاءة بعض الوزراء المقترحين في حكومة المشيشي، مشيرا إلى أن بعضهم يتميز بالكفاءة وأن الآخرين غير معروفين.
في حين قال القيادي في حزب التيار الديمقراطي، هشام العجبوني، إن حزبه لن يمنح الثقة لحكومة المشيشي، معتبرا أن المسار الذي اتخذه الأخير في تشكيل الحكومة «خاطئ وغير تشاركي».فيما أكد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب قلب تونس، أسامة الخليفي، أن حزبه سيصوت لصالح حكومة هشام المشيشي رغم وجود تحفظات على بعض الوزارات، مشيرا إلى أنه «يجب إنهاء حكومة تصريف الأعمال والذهاب نحو حكومة جديدة تتولى حل الملفات العاجلة».
كما أكد أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أن الاتحاد لم يتدخل في اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، داعيا المشكّكين بهذا الأمر إلى عدم الاستنقاص من قدرة وكفاءة المشيشي على اختيار فريقه الحكومي.
وكان مكتب البرلمان قرر عقد جلسة عامة للتصويت على منح الثقة لحكومة المشيشي، مطلع أيلول/سبتمبر المقبل.