اسطنبول ـ ‘القدس العربي’ قال اعضاء في الائتلاف الوطني السوري المعارض امس الثلاثاء ان الائتلاف شكل حكومة مؤقتة لادارة المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بعد ثلاثة أيام من المناقشات الساخنة في اسطنبول ورغم معارضة الغرب.
ووضعت ثلاث ملفات شائكة على جدول أعمال الهئة العامة للائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة في اجتماعها باسطنبول يومي 9و10 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، والذي تمّ تمديده ليوم ثالث إضافي، وهذه الملفات كانت:
ـ تحديد موقف المعارضة السورية من جنيف 2.
ـ الموافقة على تشكيل الحكومة المؤقتة.
ـ استكمال انضمام أعضاء المجلس الوطني الكردي للائتلاف.
ففي ملف جنيف 2 الذي استغرق نقاشات مطولة كانت مستمرة منذ أشهر، وافق الائتلاف على المشاركة في المؤتمر بعد يومين من المباحثات المضنية، تواصلت حتى فجر يوم الاثنين، على أساس نقل السلطة إلى هئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات بما فها الصلاحيات الرئاسية والعسكرية والأمنية، وعلى أن لا كون لبشار الأسد وأعوانه الملطخة أدهم بدماء السوريين أي دور في المرحلة الانتقالية ومستقبل سورة، وهو ما أشار إليه بيان أصدقاء الشعب السوري الصادر في لندن بتاريخ 22 تشرين أول 2013(اكتوبر)، والذي يمكن اعتباره أول وثيقة دولية تؤكد أن لا وجود للأسد في المرحلة الانتقالية لمستقبل سورية.
تلك الوثيقة التي شكلت مع رسالة الائتلاف الوطني إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية بتاريخ 30 تشرين الأول (اكتوبر) 2013، وقرارات الشرعية الدولية بدءاً من اتفاق جنيف1 في 30 حزيران (يونيو) 2012، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67262 بتاريخ 15 أيار (مايو) 2013، والقرار 2118 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 27 أيلول (سبتمبر) 2013، الخلفية لتوافق الائتلاف بخصوص جنيف، مع الاشارة لأهمية المداولات التي وصلت أحيانا حد العرقلة، سواء ما يتعلق منها بالصياغة، أو ما يؤكد على عجز المجتمع الدولي ومسؤوليته في ما آلت إليه أوضاع السوريين، مع التأكيد على طبيعة وأهمية وجود ضمانات دولية وعربية.
واتفق أغلب المتحدثين أن أي مؤتمر دولي يهدف إلى تحقيق انتقال سياسي، يستدعي التزام النظام بالمبادئ والقرارات الدولية السابقة، ويملي عليه تسهيل المساعي الدولية والعربية لتجاوز الأوضاع الإنسانية المزرية التي قاد السوريين إليها، لذلك طالب الائتلاف بخطوات جدية وملوسة في هذا المستوى كمقدمة لأي معالجة سياسية لاحقة، بدءاً من السماح بوصول واستمرار دخول قوافل الإغاثة الغذائية والطبية من الصلب الأحمر والهال الأحمر وغرهما من هئات الإغاثية إلى كافة المناطق المحاصرة والمهددة بالمجاعة والأوبئة، كما طالب بإطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية الثورة السورية، وبشكل خاص النساء والأطفال، وطالب أيضا بوقف القصف العشوائي للمدنيين بالطيران والصواريخ، مرورا بالقذائف العنقودية والبراميل المتفجرة.
مع التأكيد على ضرورة وجود جدول زمني لتنفيذ بنود جنيف1 وكل التعهدات الملزمة للنظام، حتى يكون الحل السياس مدخلاً لرحيل النظام، وتحقيق أهداف الثورة في الحرية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية.
الموضوع الثاني على جدول الأعمال والذي انتهى المجتمعون من إقراره فجر الاثنين أيضا، تمثل باستكمال انضمام أعضاء المجلس الوطني الكردي، وفق الاتفاقية الموقعة بالأحرف الأولى مع الهيئة السياسية للائتلاف الوطني، والتي أقرت في الدورة التاسعة لاجتماعات الهيئة العامة، وتضمنت تمثيل المكون الكردي من الشعب السوري ب11 ممثلا لهم داخل الائتلاف، وبما أنه في أصل تشكيل الائتلاف كان لهم حصة ثلاثة ممثلين، تمثلوا منذ بداية الجلسة بالسادة عبد الحميد بشار من حزب البارتي الكردي، وآخرين من الحزب التقدمي وحزب المستقبل ‘يكتي’، لذلك توجب التصويت على منح صلاحية للمجلس الوطني الكردي بضم ثمانية أعضاء جدد، والذي جرى التصويت عليه بشكل سري، وبعد الكثير من المشاغبة في هذا المجال، فاز القرار بموافقة 85 عضوا في الائتلاف من أصل 109 أعضاء شاركوا بالتصويت، بمن فيهم المتغيبون عن حضور الاجتماع، مقابل معارضة 22 صوت.
أما الحكومة المؤقتة، وهي البند الثالث على جدول الأعمال، فقد تأخر التوافق على أسماء أعضائها، مع أن الحكومة من حيث الأساس أقرت أيضا في اجتماع الهيئة العامة التاسع برئاسة الدكتور أحمد طعمة، بعد تأجيل يومين، وكان المطلوب في هذا الاجتماع الآن فقط المصادقة على البيان الوزاري وعلى تركيبة الحكومة التي اعتبرت حكومة تكنوقراط مصغرة لتوفير النفقات.
وقد جاء البيان الوزاري للدكتور أحمد طعمة شاملا ومقتضبا في نفس الوقت، تحت عنوان ‘حكومة الاستقلال الثانية’ مؤكدا على ثوابت هذه الحكومة في العمل على:
ـ إسقاط النظام والانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تمثل الاستقلال الثاني لسورية.
ـ عودة الحياة الطبيعية للمجتمع وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين بما يحقق العيش الكريم.
ـ تفعيل دور المجتمع المدني وتأهيله للمشاركة مع الحكومة في تنمية المجتمع واستقراره.
ـ التأسيس لممارسات ديمقراطية في سورية المستقبل.
ثم تحدث باقتضاب عن برنامج عمل الوزارات بما يحقق ‘توفير الأمن والسلم الأهلي، وتلبية الاحتياجات المعاشية للمواطنين، بالتزامن مع الهاجس الأساسي لاستثمار كل الوسائل والإمكانيات المتاحة لتحقيق انتصار الثورة.
وجرى تقديم أسماء الوزراء المقترحين، بعدما جرى تقليص الحكومة من 14 وزيرا إلى 9 وزراء فقط إضافة للرئيس طعمة ونائبه الدكتور إياد القدسي، وكان أهم ملاحظتين على التشكيلة الوزارية خلوها من أي تمثيل نسائي، وغياب وزارة العدل عنها، فطلب إلى الدكتور أحمد طعمة تدارك الأمر قبل إجراء التصويت على جميع الأسماء المقترحة في اليوم التالي، وهم: عبد العزيز الشلال للدفاع، وعمار قربي للداخلية، باقتراح من اللواء سليم ادريس وهيئة الأركان، وتولى حقيبة وزارة الاقتصاد والمال إبراهيم ميرو، أما وزارة الإدارة المحلية فذهبت إلى عثمان بديوي، والصحة إلى محمد جميل جران. وجاءت حقيبة التربية من نصيب عبد الرحمن الحاج، وسمي إلياس وردة وزيرا للطاقة، فيما حظي وليد الزعبي بحقيبة وزارة تجمع البنية التحتية والزراعة والموارد المائية، وذهبت حقيبة الاتصالات إلى ياسين نجار.
وعصر الاثنين تمّ تدارك اسم وزير الدفاع من قبل هيئة الأركان، وقبل التكليف العميد المتقاعد أسعد مصطفى، بدل عبد العزيز شلاش، وأضيف فايز الضاهر في وزارة العدل، والدكتورة تغريد عبده الحجلي لحقيبة الثقافة والأسرة، إلا أن أغلب أعضاء وكتل الائتلاف الذين تدربو على السياسة والاعلام اللبناني، يلعبون لعبة التعطيل الدبلوماسي، التي يمكن أن تستمر لأشهر، إضافة للعبة تعطيل النصاب بحيث يجتمع المجلس المعني دون أن يستطيع اتخاذ أي قرار لغياب النصاب القانوني.
يشار أن الإشكاليات التي ظهرت داخل الائتلاف وترافقت مع موضوع التوسعة التنظيمية، ما زالت تحكم عمل الائتلاف بشكل غير مباشر، حيث تظهر نقاط تنظيمية خارج إطار التوافق، وبشكل خاص فيما يتعلق بتسمية الكتل داخل الائتلاف، والتي يحق لها استبدال أعضائها، وحجب هذا الحق عن القائمة الديمقراطية تحديداً، لحرمانهم من استبدال اسمين انسحبا قل الالتحاق بالائتلاف ، وهما جمال سليمان، وياسر سليم.
كما جرى التصويت على أن أي إعلان للانسحاب على الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي يُعتبر نافذا دون الرجوع للتصويت عليه في الهيئة العامة، وجرى التصويت على تثبيت انسحاب أربع أعضاء، هم: الشيخ معاذ الخطيب، وليد البني، إضافة لجمال سليمان وياسر سليم.
هذه الأشكال من المناكفة، تتطور داخل الاجتماعات إلى أشكال من العرقلة ليست سياسية، بقدر ماهي محاولات لإثبات الوجود تارة، أو للدخول في مساومات أقرب للمحاصصة منها للعمل السياسي، وتتجلى العرقلة المستمرة في هدر الوقت بشكل لا مبرر له، كما تظهر في آلية النقاشات التي يغلب عليها طابع المطمطة والتكرار، فلماذا يستعاد الحديث في جدوى الحكومة المؤقتة ومن سيعترف بها، أثناء نقاش البيان الوزاري الذي قدمه الدكتور أحمد طعمة، أو أثناء مناقشة التركيبة الوزارية المقترحة، بعدما أقرت بالتصويت في اجتماع الهيئة العامة السابق!؟
ورحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان اليوم الثلاثاء بقرار الائتلاف الانضمام إلى محادثات السلام في جنيف ووصفه بأنه ‘خطوة كبيرة تجاه حل سياسي’.
وذكر أن تشكيل الحكومة المؤقتة أظهر ‘روح المسؤولية’ التي يتحلى بها الائتلاف وقال إن فرنسا تدعم الجهود الرامية إلى توصيل مساعدات فورية للمدنيين.
وقال جون ويلكس المبعوث البريطاني لدى المعارضة السورية إن تشكيل الحكومة ‘خطوة مهمة’ وإن بريطانيا مستعدة لمساعدتها في توصيل الخدمات والمساعدات داخل سوريا.
ومن بين الشخصيات الرئيسية في الحكومة المنشق السوري المدعوم من السعودية أسعد مصطفى الذي عين وزيرا للدفاع. وكان أسعد وزيرا للزراعة في حكومة الأسد.
واختير ابراهيم ميرو وهو رجل اقتصاد درس في هولندا لمنصب وزير المالية وعينت تغريد الحجلي الوزيرة الوحيدة في الحكومة في منصب وزيرة الأسرة والمرأة.
ولم يعين وزراء لحقائب الداخلية والتعليم والصحة لأن المرشحين لم يحصلوا على التأييد اللازم.
وشارك في التصويت 101 عضوا، من مجموع 123 عضوا، يشكلون أعضاء الهيئة العامة للائتلاف، حيث كان يتطلب فوز الوزير المرشح بمنصبه، إذا تمكن من الحصول على 62 صوتا، أي بنسبة 50 +1.
وفيما يلي أسماء الوزراء الناجحين مع عدد الأصوات:
– نائب رئيس الحكومة المؤقتة، إياد القدسي، وحصل على 71 صوتا.
-وزير الدفاع، أسعد مصطفى، وحصل على 64 صوتا.
– وزير الاتصالات والنقل والصناعة، محمد ياسين نجار، وحصل على 66 صوتا.
-وزير المالية والاقتصاد، إبراهيم ميرو، وحصل على 72 صوتا.
-وزير الادارة المحلية والاغاثة واللاجئين، عثمان بديوي 64 صوتا.
-وزير العدل، فايز الظاهر، وحصل على 65 صوتا.
-وزير الطاقة والثروة المعدنية، إلياس وردة، وحصل على 67 صوتا.
-وزير البنية التحتية والموارد المائية، وليد الزعبي، وحصل على 63 صوتا.
-وزيرة الثقافة والأسرة، تغريد الحجلة، وحصلت على 62 صوتا.