المعارضة الموريتانية تدفع باتجاه الحوار وتبدي قلقها من «حسم الحكومة الأحادي لنقاط أجندته» وتراخيها في تنظيمه

 عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط ـ «القدس العربي»: يواصل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذي يتولى زعامة المعارضة الديموقراطية الموريتانية هذه الأيام، ضغوطه لحمل نظام الرئيس الغزواني وحكومته على الإسراع بتنظيم الحوار السياسي الذي وعد به الرئيس الغزواني في خطاب تنصيبه لمأموريته الحالية، وأكد عليه وزيره الأول المختار أجاي في عرضه لبرنامج الحكومة لعام 2025 أمام البرلمان أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي.
فقد أكمل سيدي المختار رئيس حزب التجمع أكبر وأقوى أحزاب المعارضة الموريتانية والمحسوب على الإخوان، سلسلة اتصالات خصصها للحوار شملت لقاءين مع الرئيس الغزواني والوزير الأول المختار ولد أجاي، كما شملت كافة الأحزاب السياسية المعارضة.
وناقش المكتب التنفيذي لحزب التجمع في اجتماعه أمس، وفقاً لبيان صحافي صادر عنه “مستجدات المشهد السياسي متوقفاً بشكل خاص مع موضوع الحوار السياسي، حيث جدد التأكيد على ضرورة التحضير التشاركي للحوار من أول خطوة لإتاحة الفرصة للجميع لتقديم رؤاهم ووجهات نظرهم حول كل التفاصيل من المشاركين إلى مواضيع التداول إلى صياغة المخرجات واعتماد آليات تطبيقها”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن حزب التجمع شكل على مستواه وعلى أساس زعامته للمعارضة، لجنة موسعة للحوار السياسي مكلفة بإعداد الوثائق، وبإعداد رؤية حزب التجمع لكل القضايا الوطنية كالوحدة الوطنية، وقضايا الإرث الإنساني، والقضايا السياسية وحكامة الانتخابات.
وتشعر المعارضة الموريتانية بعدم الثقة في وعود الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بشأن الحوار السياسي، مستندة إلى سلسلة من المواقف التي تعتبرها دليلاً على عدم الجدية؛ فبالإضافة إلى تعليقه حوار يونيو 2022 السياسي من طرف واحد دون تشاور، حسمت السلطات مسألة تعديل قانون الأحزاب بقانون أجازه البرلمان مؤخراً وتعتبره المعارضة أحادياً واستباقياً، رغم كونه من القضايا الجوهرية التي لا ينبغي البت فيها إلا في إطار حوار وطني شامل؛ كما أن الرئيس الغزواني، رغم وعوده المتكررة بالحوار منذ مأموريته الأولى وفي مختلف المناسبات، لم يتخذ، حسب المعارضة، أي خطوة عملية نحو تنظيمه، ما يعزز لدى المعارضة قناعة بأن هذه الوعود لا تعدو كونها مجرد تصريحات تفتقر إلى الإرادة السياسية الفعلية لتحقيق توافق وطني شامل”.
وفي تعليق له على مجريات التحضير للحوار المثير للجدل، أكد إسلكو ولد أبهاه، النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، أمس، أن “الحاجة لحوار سياسي جامع أمر متفق عليه نادت به المعارضة فترة طويلة بكل أطيافها وفي المقدمة منها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وطالب به رئيس الجمهورية في عيد الاستقلال وقبل ذلك في خطاب تنصيبه، كما طالب به الوزير الأول”.
وقال: “ليس الخلاف في أهمية الحوار وضرورته للبلد فهذا محل اتفاق لكن المشكل هو نوع الحوار وتوقيت الحوار، فهذا هو محل النقاش ومحل الخلاف”.
وحول ما إذا كان هناك تواصل فعلي مع أطراف سياسية أخرى لضمان مشاركة أوسع، أم إن الدعوة ما زالت في إطار الطرح النظري، أوضح النائب ولد أبهاه “أن حمادي سيد المختار رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، أجرى اتصالات مع كل الأطراف، فقد قام بزيارة للرئيس محمد ولد مولود وللرئيس بيرام الداه، وهو في تواصل مع قادة الأحزاب الممثلة في زعامة المعارضة”؛ مضيفاً “أن الرئيس حمادي زعيم المعارضة قابل رئيس الجمهورية والوزير الأول وتحدث معهم في موضوع الحوار”.
وأضاف: “ما سمعناه وما سمعه الرئيس حمادي سيد المختار من رئيس الجمهورية هو أنه فعلاً، يريد حواراً شاملاً لا يستثني موضوعاً ولا يترك أي طرف”؛ ولكننا، يقول النائب، نريد تحويل هذه الوعود إلى واقع ملموس، ونريد أن نتأكد من هذه النوايا الطيبة ومن هذا الكلام الجميل،؛ نريد أن نراه واقعاً على أرض الواقع ولا نخفي أنه ينتابنا تخوف شديد بسبب التجارب السابقة، فقد سمعنا من قبل، كلاماً جميلاً ولكن في النهاية كانت المخرجات غير ذلك؛ فنتمنى في هذه المرة أن يدرك القائمون على هذا البلد أننا في منعرج حساس وأننا نقع في إقليم تحيط بنا من كل جانب، القلاقل، والمشاكل والاضطرابات، وبأننا جميعاً في سفينة واحدة وأن مسؤولية أمان هذه السفينة ومسؤولية المحافظة عليها وعلى هذا الشعب هي مسؤولية الجميع، وطبعاً، القيادة الحالية أو الرئيس وطاقمه يتحملون المسؤولية الكبرى والأولى والثانية في هذا الأمر لأنهم أصحاب المبادرة وأصحاب القرار”.
وزاد: “نحن في المعارضة أبدينا استعدادنا وأبدينا جاهزيتنا، ولكن يبقى أن نجد فاعلية وأن نجد استعداداً حقيقيـاً، وأن يترجم الكلام إلى واقع ملموس”.
وعن طبيعة العراقيل التي تعترض الحوار، وحول ما إذا كانت المعارضة مستعدة لتقديم تنازلات من أجل إنجاح هذا الحوار، قال النائب البرلماني ولد أبهاه: “بالنسبة للعراقيل، لا نعلم حتى الآن ما هي العراقيل التي ستواجه الحوار؛ لكن إذا قسنا على المرات الماضية نجد أن السلطة تراجعت في الماضي عن التزاماتها”.
وعن الأولويات التي يراها حزب التجمع هامة في أجندة الحوار، قال النائب: “إنها القضايا الكبرى كالوحدة الوطنية وقضايا الحكامة الرشيدة وقضايا محاربة ومكافحة الفساد وقضايا الديموقراطية والتنفيذ السليم لكل الأمور المتعلقة بقضايا الانتخابات، وكذا الرؤية المستقبلية لهذا البلد”.
وحول القرار الذي ستتخذ المعارضة إذا لم تتجاوب الحكومة مع مسعى إطلاق الحوار، قال النائب البرلماني: “بالنسبة لنا فنحن حزب معارض ينتهج النضال السلمي ولا نملك كلمة نقولها في البرلمان، ونقولها في المهرجانات ونقولها في الخطابات، فهذا هو نضالنا، ونحن نمشي مع السلطة، حتى إذا رأينا أن الطريق مسدود أو أنها تراجعت عن عهودها نرجع إلى سابق عهدنا في النضال، ونضع المواطن الموريتاني أمام مسؤوليته”.
يذكر “أن الرئيس الغزواني قد أكد مرات عدة على أهمية الحوار، وكان آخر ذلك قوله في خطاب تنصيبه “سأظل متمسكاً بمبدأ الانفتاح، والتهدئة السياسية والتشاور والنقاش واليد الممدودة على الدوام، لكافة مكونات الطيف السياسي، ولذا كان تنظيم حوار جامع للطيف السياسي عنواناً بارزاً في برنامجي الانتخابي، ونحن نريد لهذا الحوار أن يكون جامعاً صريحاً ومسؤولاً، ولا يقصي أحداً ولا يستثني موضوعاً جوهرياً، كما نريده حواراً تترفع أطرافه عن المزايدات، والمشاكسات العقيمة، وعن الانسياق وراء البحث عن تحقيق مكاسب شخصية أو حزبية ضيقة، على حساب الصالح العام المتوخى منه”.
وفي نفس السياق، أكد الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد أجاي، في عرضه لبرنامج الحكومة أمام البرلمان أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي “أن الحكومة ستسهل وتواكب كل إجراءات التحضير للحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كما ستضع كل إمكانياتها البشرية والفنية تحت تصرف الأطراف المشاركة في هذا الحوار”.
لكن تبقى بعد كل هذا، أسئلة مطروحة: فهل نحن أمام محاولة جدية لتأسيس أرضية مشتركة لحوار سياسي أم إن الأمر لا يعدو كونه ورقة ضغط سياسي لحزب معارض يسعى عبرها لكسب نقاط في المشهد؟
وهل ستتجاوب الحكومة مع هذه الدعوة أم إنها ستبقى مجرد صدى في أروقة الفعل المعارض؟ وهل ستفي الحكومة بوعودها بشأن هذا الحوار أم إن التأجيل سيظل سيد الموقف؟
ويجب ألا ننسى أن الرئيس الغزواني لا يرى أن تنظيم حوار سياسي أمر واجب عليه، فقد أكد من ذي قبل، أن تنظيم الحوارات السياسية مع المعارضة، إنما يكون في حالة مرور بلد ما بأزمة عميقة، وليست هذه، حسب رأيه، حال موريتانيا التي يحكمها الآن.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية