يبدو المغرب مقبلا على مرحلة سياسية قد تكون حبلى بالمفاجآت، فقد تتزايد الضغوط على الحكومة مع استمرار المعارضة في تصعيد انتقاداتها، وتزايد الاحتقان الاجتماعي بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
الرباط ـ «القدس العربي»: يشهد المغرب حاليا، مرحلة سياسية واجتماعية دقيقة، إذ تتفاقم الخلافات بين الحكومة والمعارضة، ويظل المواطن هو المتضرر الأكبر من هذه التجاذبات السياسية، حيث ينتظر حلولًا حقيقية لمشاكله اليومية، بعيدًا عن الحسابات الانتخابية والصراعات الحزبية.
وأثار تصديق البرلمان على مشروع قانون الإضراب موجة انتقادات واسعة، خصوصًا من لدن النقابات التي ترى فيه تقييدًا صارخًا للحقوق العمالية. هذا المشروع الذي حظي بموافقة 84 نائبًا ومعارضة 20 آخرين، أصبح نقطة ارتكاز رئيسية في مواجهة شرسة بين الحكومة والهيئات النقابية التي دعت إلى إضراب وطني عام، نُفّذ يومي الأربعاء والخميس الأخيرين، احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية وتعثر الحوار الاجتماعي.
وأعلنت النقابات العمالية الرئيسية عن نجاح الإضراب بنسبة مشاركة تجاوزت 80 في المئة في مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك التعليم والصحة والموانئ والنقل والمصارف وغيرها.
في المقابل، قللت الحكومة من حجم الإضراب، إذ صرح وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بأن نسبة المشاركة في القطاع الخاص لم تتجاوز 1.4 في المئة، بينما بلغت في القطاع العام 32 في المئة. وأشار إلى أن الحكومة تحترم حق الإضراب، مؤكدًا أن مشروع قانون الإضراب يهدف إلى تنظيم هذا الحق بما يتماشى مع الممارسات الدولية.
ويعكس هذا الإضراب حجم الاحتقان الاجتماعي في المغرب، ويبرز الفجوة بين تقديرات الحكومة والنقابات حول مدى نجاحه. كما يشير إلى تصاعد التوتر بين الطرفين، خاصة في ظل استمرار النقاش حول مشروع قانون الإضراب وتأثيره على حقوق العمال. وترى النقابات أن القانون الجديد يقيّد حق الاحتجاج، ويضع شروطًا صارمة لممارسة الإضراب، ما يُفرغه من مضمونه كأداة ضغط اجتماعية. وتؤكد أن تمرير هذا المشروع دون توافق واسع مع الفاعلين الاجتماعيين يعكس نهجًا حكوميًا لا يولي أهمية كافية للحوار الاجتماعي، وهو ما دفع بعض النقابات إلى التلويح بالتصعيد إذا لم يتم تعديل القانون أو إلغاؤه. على صعيد آخر، وجّه حزب التقدم والاشتراكية انتقادات شديدة للحكومة، معتبرًا أنها تتجاهل الوضع الاجتماعي المتدهور، وتعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة لحل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.
وجاء في بلاغه الأخير أن الحكومة «تتجاهل تصاعد الاحتقان الاجتماعي والصعوبات الاقتصادية»، وترفض اتخاذ إجراءات ملموسة لمواجهة الغلاء وارتفاع البطالة. كما اتهم الحكومة بـ«التطبيع مع الفساد والاحتكار»، مشيرًا إلى أنها لم تتخذ خطوات جدية للحد من هيمنة لوبيات المال على الاقتصاد الوطني.
ومن أبرز الانتقادات التي وجهها الحزب المعارض إلى حكومة عزيز أخنوش ارتفاع معدلات البطالة إلى 21 في المئة، وتزايد عدد الفقراء إلى 1.5 مليون شخص، وضعف تنزيل ورشة الحماية الاجتماعية، وتباطؤ الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الموعودة. فضلا عن عدم تقديم حلول واقعية لمشكلة غلاء الأسعار، ما زاد من معاناة الطبقة المتوسطة والفئات الهشة. وكذا انشغال بعض مكونات الأغلبية بالتنافس المبكر على انتخابات 2026، عوض التركيز على خدمة المواطنين.
كما اعتبر الحزب أن الحكومة تحاول «تكميم الأفواه والحد من حرية الرأي والتعبير»، عبر التضييق على الإعلام، وقمع المعارضة البرلمانية من خلال لجنة الأخلاقيات، وهي ممارسات وصفها الحزب بأنها «تراجع خطير عن المكتسبات الديمقراطية».
وتحيل هذه الفقرة الأخيرة إلى قضية النائبة البرلمانية ريم شباط عن حزب «جبهة القوى الديمقراطية» المعارض التي تقدمت إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بسؤال حول مشكلة المواصلات العامة في مدينة فاس، وربطت ذلك باستعداد المغرب لتنظيم تظاهرات رياضية كبرى. وخلال مداخلتها، رفعت البرلمانية لوحة تعبيرية لم تظهر في البث التلفزيوني المباشر، ما أثار جدلاً واسعًا.
وقرر رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، إحالة النائبة البرلمانية ريم شباط على «لجنة الأخلاقيات»، معتبرًا أن موضوع سؤالها يندرج ضمن اختصاصات المجالس البلدية المحلية وليس من اختصاص البرلمان. وأثار هذا القرار استياء ريم شباط التي اعتبرته «شططًا في استعمال السلطة» و«خرقًا سافرًا» للدستور. وطالبت رئيس المجلس بتقديم اعتذار رسمي، مشددة على أن الإحالة لم تحترم المساطر القانونية، حيث كان ينبغي عرضها على مكتب المجلس قبل اتخاذ أي قرار.
وأثار هذا الحادث ردود فعل متباينة داخل الأوساط السياسية والبرلمانية. فقد استنكر بعض النواب ما اعتبروه «تكميمًا للأفواه» و«تضييقًا على حرية التعبير داخل المؤسسة التشريعية». كما انتقدوا طريقة الإخراج التلفزيوني للجلسات البرلمانية، معتبرين أنها تخضع لرقابة مشددة تحول دون نقل الصورة الحقيقية لما يجري داخل القبة. بدوره، واصل حزب «العدالة والتنمية» توجيه انتقاداته إلى الحكومة، حيث ركز على ملف الحماية الاجتماعية، واتهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش بتقديم معلومات «غير صحيحة» حول هذه الورشة. وفي خطوة رمزية، قام النائب عبد الصمد حيكر خلال جلسة برلمانية حديثة، بتقديم «هدية» لرئيس الحكومة تحتوي على المراسيم والقوانين التي وضعتها حكومة العثماني لتفعيل ورشة الحماية الاجتماعية، في إشارة إلى أن الحكومة الحالية تدعي أنها بدأت من الصفر، بينما الحقيقة أن العمل على هذا الورشة بدأ منذ الحكومة السابقة.
ووجهت الأمانة العامة للحزب اتهامات مباشرة للحكومة بـ«عدم الكفاءة في تدبير الملفات الاقتصادية والاجتماعية»، و«تهميش البرلمان واحتقار دوره الرقابي» عبر عدم التجاوب مع الأسئلة البرلمانية وغياب الوزراء، علاوة على «الإخفاق في الحد من ارتفاع الأسعار» وترك المواطن يواجه الغلاء بدون دعم حقيقي. كما طالب الحزب رئيس الحكومة بتقديم اعتذار رسمي عن «المغالطات» التي أدلى بها بشأن ملف الحماية الاجتماعية، ودعاه إلى تصحيح تصريحاته أمام البرلمان.
على صعيد بيت أحزاب الأغلبية الحكومية، فرغم محاولات هذه الأخيرة إظهار التماسك، إلا أن التصريحات الصادرة عن قادة التحالف الحكومي تشير إلى تنافس سياسي مبكر بين أحزاب الأغلبية، حيث بدأ كل حزب في الترويج لنفسه كخيار قيادي محتمل في انتخابات 2026.
الأمين العام لحزب «الاستقلال»، نزار بركة، أعلن أن حزبه يسعى إلى تصدّر الانتخابات المقبلة، مؤكدًا أن أعضاء حزبه سيواصلون الدفاع عن قضايا المواطنين بقوة. في المقابل، صرح القيادي في حزب «الأصالة والمعاصرة»، محمد المهدي بنسعيد، بأن حزبه قادر على قيادة الحكومة المقبلة، ما يعكس وجود صراع ضمني بين مكونات التحالف الحالي.
هذه التصريحات أثارت تكهنات حول إمكانية انهيار التحالف قبل 2026، أو على الأقل تصاعد الخلافات بين مكوناته، خاصة إذا لم يتم ضبط التوازنات السياسية داخل الحكومة.
ولتدارك الوضع، أصدرت أحزاب التحالف الثلاثة (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال) بيانًا مشتركًا أكدت فيه تماسكها واستمرارها في تنفيذ البرنامج الحكومي. وتضم البيان عدة نقط من أهمها التأكيد على وحدة صف الأغلبية، ورفض أي تأويلات إعلامية حول وجود انقسامات، والالتزام بتنفيذ الإصلاحات الكبرى، لا سيما في مجالات الحماية الاجتماعية والتعليم والاستثمار؛ وكذا نفي وجود أي تنافس مبكر بين مكونات التحالف، والتأكيد على أن الحكومة تعمل بمنهجية موحدة.
ورغم هذا البيان، يظل التساؤل مطروحًا: هل ستنجح الأغلبية في الحفاظ على هذا التماسك حتى الانتخابات المقبلة، أم أن الطموحات السياسية للأحزاب الثلاثة ستؤدي إلى التفكك التدريجي لتحالفها الهجين؟
في ظل هذا المشهد المتوتر، يبدو أن المغرب مقبل على مرحلة سياسية قد تكون حبلى بالمفاجآت، فقد تتزايد الضغوط على الحكومة مع استمرار المعارضة في تصعيد انتقاداتها، وتزايد الاحتقان الاجتماعي بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
البلد الذي تصدر صورته على أنه السباق في كل شئ نتيجة للنظرة الإستباقية و المتبصرة ل …. و التي لا تمل من تكرارها بلاتوهات الإعلام الموجه و المتحكم فيه و مجموع المجترين من أنصاف المحللين لا تكاد تخفي الواقع المر إن لم نقل الأمر للمواطن المغربي الذي يبحث بشق الأنفس عن رغيف الخبز المغمس بكأس الشاي في ظل إخفاق حكومي في تلبية أدنى متطلباته و أمام تغول طبقة الحاشية و المال الفاسد معاناة سكان زلزال الحوز و جدالات مدونة الأسرة و قانون الإضراب و التطبيع و تفشي البطالة و إرتفاع معدلات الفقر كلها تراكمات تضع مستقبل البلاد على المحك
كفيت اخي الكريم👆🤲🤲😞😞😞
ان يكون لدى الفرد مشكل ويعرف ان لديه مشكل فقد قطع اول مرحلة نحو العلاج.
اما ويكون لدى الفرد مشكل ولا يعرف ان لديه مشكل أو يتجاهله أو يمنع من التعبير عنه فهذا هو المشكل الحقيقي.
في المغرب اخي الكريم لا نغطي الشمس بالغربال. تتم الإشارة للنظرة المتبصرة لملك البلاد في اغلب القرارات التي يتخدها بناءا على الاختصاصات الممنوحة له دستوريا ونعني بذلك السياسة الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية. ولحد اللحظة فقد توفق ملك البلاد بشكل مثالي في الملفات التي يديرها واهمها الوحدةالترابية للمملكة.
فيما يخص تسيير الشأن المحلي من صحة وتعليم وشغل … الخ، فذلك من اختصاص الحكومة المنتخبة التي يبقى بينها وبين المواطن صندوق الاقتراع ويبقى للمواطن الحق في التعبير عن رفضه للسياسة الحكومية وله الحق ان يقول ” انا ماراضيش” دون خوف.
اما وان لا يستطيع المواطن حتى التعبير عن معاناته كما في العالم الآخر فتلك هي الطامة الحقيقية.