المقاومة تكبّد الاحتلال خسائر وتشتبك من النقطة صفر إسرائيل تقتل عشرات الغزّيين… والأمم المتحدة: سيبدأون بالموت عطشا

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»:

بذات الوتيرة الدامية، أبقت قوات جيش الاحتلال على هجماتها العنيفة على قطاع غزة، وجددت استهدافها لمنتظري المساعدات الإنسانية في وسط القطاع، كما قصفت منازل المواطنين، ونقاط شحن الهواتف النقالة، ومناطق النزوح، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا الجدد.
ونقلت شبكة «الجزيرة» عن مصادر طبية أن عدد الشهداء في غزة ارتفع إلى سبعين شهيدًا في قصف شنّه جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينهم خمسة وعشرون من منتظري المساعدات.
وترافق ذلك مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، جرّاء الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المواد الغذائية والأدوية والوقود، وسط تحذيرات منظمات دولية ومؤسسات خدماتية محلية من مخاطر جسيمة تهدد حياة السكان.
وقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» من أن «الأطفال سيبدأون بالموت عطشًا».
فقد واصل جيش الاحتلال ارتكاب مجازر موصوفة، ولم يرحم حشود المجموعين الذين كانوا ينتظرون على طريق صلاح الدين شمال مخيم النصيرات، للحصول على بعض المساعدات الغذائية التي توزّع في أحد المراكز القريبة التابعة للآلية الإسرائيلية – الأمريكية، وذلك بعد يوم واحد فقط من مجزرة مماثلة طالت المجموعين في ذات المكان.
وقالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال شرعت بإطلاق وابل من الرصاص والقذائف من عدة اتجاهات على حشد المواطنين الذين كانوا على مقربة من «محور نتساريم»، حيث يقع أحد مراكز توزيع المساعدات هناك.
وأسفر الهجوم عن ارتقاء خمسة وعشرين شهيدًا، بالإضافة إلى عشرات الجرحى الذين جرى نقلهم إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات.
وكان هؤلاء المجموعون قد بدأوا بالتجمع في ذلك المكان في ساعات الفجر الأولى، على أمل الحصول على تلك الكمية القليلة من المساعدات، رغم علمهم بالمخاطرة، غير أنهم عادوا إمّا جثامين تنزف الدماء بعد إصابتهم في مناطق قاتلة، أو مصابين يتلقّون العلاج في المستشفيات، فيما عادت الغالبية إلى أسرهم وأطفالهم خالية الوفاض.
وارتقى خمسة شهداء برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز توزيع المساعدات غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
وبالعادة، يتجه إلى تلك المناطق شبان ورجال ومسنون وأطفال ونساء، على أمل العودة بسلة غذائية تتضمن عبوات قليلة الحجم من الدقيق والأرز والمعكرونة والزيت.
ومنذ أن بدأت إسرائيل تشدّد الحصار على غزة، ولا تسمح للمنظمات الأممية بإدخال المساعدات الكافية للسكان، تسعى لحصر العملية في المراكز الأربعة التي أقامت واحدًا منها في وسط القطاع، وثلاثة في مدينة رفح جنوبًا.
وترفض الأمم المتحدة آلية توزيع المساعدات التي أقرتها حكومة الاحتلال بالشراكة مع الولايات المتحدة، ويؤكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» أن الناس في غزة يخاطرون بحياتهم باستمرار «في محاولة للعثور على شيء يأكلونه، أو يُتركون مع خيار الموت جوعًا»، حيث لا تزال المساعدات التي تسمح السلطات الإسرائيلية بدخولها إلى القطاع محدودة للغاية.
ولم تكن هذه المجزرة الوحيدة في وسط قطاع غزة، إذ ارتقى أحد عشر شهيدًا، وأصيب العشرات جرّاء استهداف قوات الاحتلال بغارة جوية منزلًا لعائلة عياش في مدينة دير البلح، ونُقل الضحايا بعد انتشالهم بصعوبة إلى «مستشفى شهداء الأقصى»، كما ارتقى عدد من الشهداء والمصابين في قصف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة العديني شرقي المدينة.
ونفّذت قوات الاحتلال توغلا محدودًا في المناطق الواقعة شرق مخيم البريج، تحت غطاء من القصف المدفعي وإطلاق النار الكثيف، كما تعرضت المناطق الشمالية من مخيم النصيرات لقصف مماثل.
أما في مدينة خان يونس جنوب القطاع، فقد استشهدت طفلة من عائلة البريم وشاب من عائلة قديح جرّاء استهدافات طالت منطقة المواصي التي يقيم فيها النازحون، واستشهد شاب من عائلة النجار متأثرًا بجراحه التي أصيب بها في استهداف سابق للمدينة.
وأُصيب مواطنون برصاص قوات الاحتلال بالقرب من مركز المساعدات في شارع الطينة جنوب غرب المدينة، فيما أُصيب طفل برصاص الاحتلال قرب منطقة أصداء غرب المدينة.
وذكرت مصادر محلية أن جيش الاحتلال واصل شن الغارات والقصف المدفعي على المناطق الواقعة شرق ووسط وشمال المدينة، حيث طالت الضربات بلدات عبسان وخزاعة والقرارة، وكذلك أحياء الكتيبة والسطر الغربي، كما قصف جيش الاحتلال منطقة المقابر في حي بطن السمين جنوبي المدينة، على وقع استمرار توسيع رقعة التوغل البري.
وقد استمرت هجمات جيش الاحتلال على مناطق شمال قطاع غزة، التي وجّه فيها إنذارات إلى جميع السكان بالنزوح القسري، حيث شن الطيران الحربي عدة غارات ترافقت مع قصف مدفعي وعمليات نسف مبانٍ في مناطق التوغل.
واستشهد اثنان من المواطنين من عائلة عصفور، وأُصيب آخرون جرّاء قصف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين في شارع عايدية غرب مدينة غزة، كما استشهد اثنان آخران من عائلة قنيطة متأثرَين بجراحهما جرّاء القصف الإسرائيلي الذي طال شارع الجلاء يوم الخميس.
وارتقى سبعة شهداء وأصيب عدد من المواطنين في استهداف طائرة حربية نقطة شحن في محيط مؤسسة «أرض الإنسان» التي تؤوي نازحين في حي النصر غرب المدينة، كما أوقعت غارة أخرى ثلاثة شهداء من عائلة الشرافي في حي التفاح.
وفي السياق ذاته، أصدر جيش الاحتلال أوامر تهديد جديدة لسكان أحياء ومناطق سكنية في مدينة غزة، وطالب القاطنين في البلدة القديمة وحي التفاح والبلوكات 606، 607، 719، 720، بالنزوح القسري الفوري إلى غرب المدينة، وهدد بالعمل بقوة في مناطق سكنهم، كما أنذرهم بعدم العودة إلى تلك المناطق.
إنسانيًا، حذّرت بلدية مدينة غزة، كبرى بلديات القطاع، من توقف مشاريع حيوية وخدماتية تشمل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي، بسبب استمرار العدوان والحصار، ونقص الوقود ومواد الصيانة والبناء، وأشارت إلى أن هناك «مشاريع إسعافية» متوقفة بسبب العدوان وعدم توفر الإمكانيات.
وقالت البلدية إنها تعاني من عدم توفر الوقود والآليات وقطع الصيانة لآبار المياه ومحطات الصرف الصحي، والمواسير ومواد البناء، ومعدات أخرى ضرورية لصيانة المرافق الخدماتية، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة عشر مشروعًا حيويًا من بين ست عشرة مدرجة قد دخلت حيز التعاقد، إلا أن التنفيذ الفعلي لا يزال متعذرًا نتيجة استمرار العدوان، والإخلاءات المتكررة، وتصاعد الأوضاع الميدانية، خاصةً في الأحياء الشرقية من المدينة.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، أولغا تشيريفكو، إن مدينة غزة «على بُعد ساعات من تدهور كارثي وإغلاق المزيد من المرافق» إذا لم يتم تأمين الوقود على الفور.
ونقل موقع الأمم المتحدة هذا التحذير عن المسؤولة الدولية في ختام زيارة للمدينة، حيث شاهدت الوضع «المروّع للغاية» في الملاجئ المكتظة بالنازحين داخليًا، فيما يستمر تدفّق السكان الفارّين من القصف على مناطق أبعد شمالا. وقالت تشيريفكو: «إن نقص الوقود لا يزال حرجًا للغاية، ويؤثر على المرافق المنقذة للحياة، بما في ذلك المعدات في المستشفيات، ومرافق المياه والصرف الصحي»، مضيفة أن مضخات المياه توقفت في أحد المواقع التي زارتها بسبب نفاد الوقود. وأكدت: «ما لم يتغير الوضع بحيث يُسمح بدخول المزيد من الوقود إلى القطاع وللمنظمات الإنسانية باستعادة الوقود من مخازنها، فإن المزيد من المرافق ستُغلق حتمًا».
وأشارت إلى أن الناس في غزة يخاطرون بحياتهم باستمرار «في محاولة للعثور على شيء يأكلونه، أو يُتركون مع خيار الموت جوعًا»، حيث لا تزال المساعدات التي تسمح السلطات الإسرائيلية بدخولها إلى القطاع محدودة للغاية.
وتصدّيًا لهجمات الاحتلال، عرضت قناة «الجزيرة» مشاهد حصلت عليها لكمين مركب نفذته «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، ضد قوات الاحتلال شرق خان يونس. وتوثق هذه المشاهد كمينا قتل فيه ضابط وجندي إسرائيليان وأصيب عدد آخر، كما توثق اشتباك عناصر «القسام» مع جنود الاحتلال من المسافة صفر، وتظهر المقاتلين الفلسطينيين وهم يلاحقون دبابة إسرائيلية انسحبت من مكان الاشتباك.
كما نشرت «القسام» على «تليغرام» مشاهد ضمن سلسلة عمليات «حجارة داود» من الكمين المركب الذي استهدف آليات الاحتلال في 14 من الشهر الحالي، على خط الإمداد في منطقة الزنة شرق مدينة خان يونس.
وكانت «القسام» قد أعلنت عبر حسابها على «تلغرام» أن مقاتليها، وبعد عودتهم من خطوط القتال، أكدوا أنهم «دكّوا تجمعًا لجنود وآليات العدو في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان يونس بقذائف الهاون، واستهدفوا كيبوتس «نيريم» و«العين الثالثة» شرق المدينة بمنظومة صواريخ «رجوم» قصيرة المدى من عيار 114 ملم».
ونشرت «سرايا القدس»، الذراع العسكري لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، مشاهد من استهداف مقاتليها قوة إسرائيلية راجلة بقذائف الهاون شرقي خان يونس.
كما أعلنت عن «عملية مركبة» استخدمت فيها صاروخًا موجهًا من نوع (فاغوت)، وآخر من نوع (مالوتكا)، استهدما مقر قيادة وسيطرة لقوات الاحتلال وقوة خاصة متحصنة في أكثر من منزل شمال شارع ٥ في خان يونس.
وقالت إن «الهجوم حقق إصابات مباشرة، ما استدعى هبوط طائرات مروحية في مسرح العملية بعد تغطية نارية كثيفة واستخدام قنابل دخانية»، وأضافت: «رصدنا عمليات نقل القتلى والجرحى من المكان».
وفي بلاغ على «تليغرام»، أعلنت «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، الذراع العسكري لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أنها، بالاشتراك مع «ألوية الناصر صلاح الدين»، قصفت «موقع ناحل عوز» العسكري شرق مدينة غزة بصاروخَين من عيار 107 ملم، وذلك في إطار الرد المستمر على جرائم الاحتلال بحق شعبنا.
أما في الجانب الإسرائيلي، فقد أعلن جيش الاحتلال يوم الجمعة أنه شنّ أكثر من ثلاثمئة غارة على أنحاء قطاع غزة خلال أسبوع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية