المنصف المرزوقي لـ«القدس العربي» منبهاً قادة تونس: أنتم ترقصون على بركان

 نزار بولحية
حجم الخط
2

عندما استقبلني الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي في بيته في مدينة سوسة الساحلية، كان واضحاً أن انشغاله بما يحصل في بلاده من تجاذبات حادة وصراعات عبثية غير مسبوقة بين الرئاسات الثلاث وتخوفه على مصير تجربتها الديمقراطية الفريدة في المنطقة هو أكثر ما يستحوذ على اهتمامه. وفي هذا الحديث الحصري لـ”القدس العربي”، يتطرق المرزوقي وفي جزء كبير إلى جانب من تلك المشاغل، محدداً رؤيته للوضع الحالي في تونس وتصوره لكيفية للخروج من الأزمة التي تجتازها وللدور الذي يمكن أن يضطلع به في ذلك الاتجاه، كما يتعرض إلى عدة قضايا وملفات عربية تخص العراق وسوريا ومصر والمغرب العربي، قبل أن يوجه في الختام رسالة أمل وتفاؤل إلى الشعوب العربية بأن ما تعيشه اليوم من محن وآلام ليست -على حد تعبيره- سوى آلام مخاض لتحولات مقبلة ستطرأ على كامل المنطقة العربية في وقت قريب، وستسمح لشعوبها بأن تكون سيدة الموقف والقرار.
وفيما يلي نص الحوار:
لطلما تجنبت منذ إعلانك الانسحاب من الحياة السياسية والحزبية في تونس أي حديث عن الشأن التونسي. ولكن وصول الأزمة السياسية اليوم إلى درجة غير مسبوقة باتت تنذر بتصدع التجربة الديمقراطية وانهيارها بالكامل، يجعلني أسألك عن تصورك للمأزق السياسي الحالي وطريقة الخروج منه؟

دولة فاشلة

الصورة اليوم هي كالآتي؛ لدينا وضع وبائي خطير مع مؤشرات عن قرب ظهور موجة ثالثة من وباء كورونا، وهذا الوضع ناتج في جزء منه عن غياب دولة فاعلة في وقت كان من المفروض فيه أن تكون لنا الآن حكومة متماسكة تواجه الوباء؛ فبالمقارنة مثلاً مع بلد كالمغرب قام بتطعيم مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من سكانه ضد الوباء، فمازلنا في بداية البداية. وهذا المشكل الوبائي يفاقم المشكل الاقتصادي؛ فهناك الآن من التونسيين من صار يقتات على الفضلات، وهذا شيء لم يحدث قط في تونس، والطبقة الوسطى بصدد الانهيار، والفقيرة تزداد فقراً، وأضف إلى ذلك كله وجود أزمة سياسية غير مسبوقة. فأنا كنت رئيس جمهورية وتعاملت مع ثلاثة رؤساء حكومات لم تجمعني بهم كثير من الروابط العقائدية أو الشخصية، وكانت هناك صعوبات لكننا استطعنا تسيير الدولة. والآن ولأول مرة، أرى شيئاً كهذا لم يسبق أن حصل في تاريخ تونس؛ أي دولة منقسمة إلى ثلاثة رؤوس: رئيس جمهورية، ورئيس حكومة، ورئيس برلمان، وكل منهم يخاصم الآخر. وأمام هذه الأزمات الثلاث، هناك سردية تروج بقوة وتقول: انظروا أيها التونسيون لما أنتجته ثورتكم ودستوركم. وأنا أقول وبوضوح إن الثورة حكمت في تونس لثلاث سنوات من 2011 إلى 2014 وأرست دولة القانون والمؤسسات، ووضعت دستوراً من أفضل الدساتير في العالم، كانت مهمته الأساسية منع عودة الحكم الفردي. ثم في 2014 تسلمت الثورة المضادة قيادة الدولة، ومن ذلك التاريخ إلى اليوم فإن الثورة المضادة أو من ليست لهم علاقة بالثورة هم من تسلموا الحكم مع حركة النهضة، التي تحالفت مع الثورة، ثم تحالفت مع الثورة المضادة لأسباب تخصها، لكن الشيء الواضح هو أن الثورة بريئة من كل ما حصل في السنوات السبع الأخيرة في تونس.

الثورة المضادة والشعبوية

يعني أن تعطيل الدستور وانتهاكه وعدم الاستقرار السياسي والوضع الحالي الموجود، كل ذلك تسببت فيه الثورة المضادة. لا بد أن يفهم هذا ولا بد أن يعرف الشعب اليوم أن الثورة المضادة والشعبوية اتفقتا على إلغاء كل مكتسبات الثورة والمؤسسات الدستورية كالبرلمان، والعودة إلى الحكم الفردي، وهذا هو الخطر الكبير أو ما سمّيه نهاية مسار تصفية الثورة، وسأقف بقوة ضد هذا.
■ لقد دعوت الرئيس قيس سعيد، في وقت سابق، لأن يجتمع برئيس البرلمان ورئيس الحكومة لإيجاد حل للأزمة السياسية، لكن دعوتك لم تجد صدى على ما يبدو، ثم عدت ودعوت الاثنين الماضي عبر صفحتك على فيسبوك إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في تونس. لكن، ألا ترى أن إجراء تلك الانتخابات قد يسقط التجربة الديمقراطية هذه المرة، لا بالانقلاب بل بالانتخاب؟
*
الرئيس يستبعد إمكانية إجراء الحوار الوطني

■ بداية، ومن تجربتي الحقوقية والسياسية، أعرف أنه لا بد من ترك باب مفتوح للفاعل السياسي ولو كان خصماً. إذن، أنا توجهت ومنذ ثلاثة أشهر للرؤساء الثلاث بنداء للاجتماع ولإنهاء الصراع بينهم، فلم يرد على ندائي أو يتصل بي أحد منهم، وكأن “كلامك يا هذا في النافخات زمراً”. وللأسف، فليست هناك ثقافة دولة وكأنك إن خرجت من السلطة فيجب -بنظر هؤلاء- أن تخرج من الذاكرة، ويبدأ التاريخ معهم. لقد خرجت من الحياة الحزبية وتفرغت للبحث والكتابة، لكن عندما ترى أمك تغرق فلا بد أن تفعل شيئاً. وتونس بالنسبة لي هي أمي التي دافعت عنها لخمسين عاماً، ولهذا توجهت لهم بذلك النداء. ثم قلت عندما سمعت حديثاً عن فكرة حوار وطني ربما سنجد الحل، لكن لم يحصل شيء. بل على العكس، أرى أن الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم. فخطاب الرئيس سعيد الثلاثاء في المنستير مخيف حين يقول إنه يستبعد أي إمكانية للحوار الوطني. إذن، ما ينتظرنا هو مزيد من تفتت الدولة، وهذا لم يسبق أن حصل في تونس، والرؤساء الثلاثة هم من يتحملون المسؤولية عن ذلك. فما الحل؟
في الديمقراطيات وعندما تبلغ الأمور هذا الحد فالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة تكون حلاً من الحلول، عكس ما فهمه البعض من أن طرحي للمقترح يعني أني أعد العدة للانتخابات. وبالفعل، فهذه مغامرة؛ فمن الممكن جداً أن تستغل الثورة المضادة ذلك، لكن الثابت هو أننا إن تركنا الوضع على حاله فالكارثة ستكون أعظم في السنوات الثلاث المقبلة، وستتفكك الدولة وسيتعفن المجتمع ولا يمكن أن نسمح بذلك. إذن، لا بد أن يتفقوا ويقع تكوين محكمة دستورية وربما إنشاء حكومة وحدة وطنية تكمل العهدة الحالية، ويتم وضع حد للانفلات والعبث داخل البرلمان. وإذا لم يحصل ذلك، فأعتبر أن من مسؤولية كل التونسيين الذين يشعرون بالقرف مما يجري وفضلوا الانسحاب، وأنا واحد منهم، أن يعلموا اليوم أن تونس تستصرخهم؛ لأنها في خطر.

البلاد في خطر

■ إذن، ما الخطوة المقبلة التي تفكر فيها إن لم تقع الاستجابة لمقترحك بانتخابات مبكرة؟
■ مرة أخرى، الانتخابات المبكرة إمكانية وليست قدراً إن تم تطويق الأزمة الحالية. إذا لم يحصل هذا، فالخطوة المقبلة سأفكر فيها مع كل مكونات الشعب التونسي، ما يعنيني الآن هو استنهاض الهمم والتنبيه إلى أن البلاد في خطر.
■ لكن، كيف يمكن لك أن تتحرك وأنت لا تعمل داخل إطار حزبي وتواجه نوعاً من المقاطعة من قبل الإعلام المحلي؟
■ حتى الآن، ما زال لي أمل بأن يعود هؤلاء؛ أي الرؤساء الثلاث، للجادة. أما إذا لم يحصل ذلك، فالبلاد كلها ستتحرك، والشعب لن ينتظر المنصف المرزوقي ليفعل ذلك. والآن، لا بد من أن يجلس عقلاء البلاد ضمن أي إطار لإنقاذ تونس من المنقذين (في إشارة إلى جبهة الإنقاد التي تشكلت في 2013 للإطاحة بالترويكا الحاكمة آنذاك.
■ هل تتوقع حصول اضطرابات وحالة فوضى، وربما حتى ثورة ثانية، إن لم تحصل تفاهمات بين الرئاسات الثلاث؟

عوامل الانفجار جاهزة

■ طبعاً، لأن هناك التقاء بين ثلاثة أشياء: الوبائي، والاقتصادي، والسياسي، والبركان ينفجر نتيجة جملة من العوامل الفيزيائية، والآن كل عوامل الانفجار السياسي والاجتماعي جاهزة، وأستغرب كيف أن هؤلاء لا ينتبهون إلى أنهم بصدد الرقص على فوهة بركان.
■ تعاني تونس من سيطرة المال الفاسد والإعلام الفاسد. كيف ترى السبيل للتخلص من ذلك؟
■ لقد عانيت من الاثنين. تذكر كيف حاربوني عندما أصدرت الكتاب الأسود حول منظومة الفساد الإعلامي، فعوض أن يرحبوا بالكشف عن الصحفيين الفاسدين زمن الاستبداد، هاجموا من كشفهم. ثم لا ننسى أنهم ربحوا الانتخابات بالإعلام الفاسد، وآخر كذبة روجوها في شخصي تلك التي تقول إني كنت أنفق الملايين على شراء نوع من السمك باهظ الثمن في قصر قرطاج، وكل تلك الأكاذيب لعبت دوراً. فالإعلام الفاسد دمر التجربة الديمقراطية، ولا يزال، إلا من رحم ربك. بعض الصحفيين الشرفاء يقومون بواجبهم بشرف، وهذا في الواقع ما يعمق أزمة شعب محبط ومضلل. أما التخلص من ذلك، فالعملية ستكون صعبة وطويلة، وربما شيئاً فشيئاً سيكتشف الناس الحقيقة، وسيفقد ذلك الإعلام أي قيمة.
■ حتى نختم الحديث في الشأن التونسي، كيف ترى أداء الدبلوماسية التونسية الآن؟

اختفاء تونس عن الساحة الدولية

■ للأسف الشديد، من جملة الأشياء التي تسببت بها الثورة المضادة هي تراجع ثم اختفاء دور تونس على الساحة الدولية. وأهم شيء بنظري هو الملف الليبي، فلما كنت رئيساً اخترتُ أن تكون ليبيا أول وجهة خارجية لي، واصطحبت معي وفداً مكوناً من وزراء من مختلف الاختصاصات؛ لأني أعتبر أن ليبيا هي المتنفس الطبيعي للاقتصاد والأمن القومي التونسي. وصدقني، عندما أقول لك إنه وعلى مدى ثلاث سنوات من رئاستي، أول نقطة كنت أتحدث فيها في مجلس الأمن القومي كانت تتعلق بليبيا، وكان هناك تبادل مستمر للزيارات بيني وبين المسؤوليين الليبيين. لكن بعد خروجي من السلطة، تغيرت كل المعطيات، فصارت ليبيا بالنسبة لهم قضية ثانوية. ثم تكررت الأخطاء. فكيف وصل بهم الأمر ليقولوا عندما كان حفتر يهاجم طرابلس إنهم يقفون على مسافة واحدة منه ومن الحكومة الشرعية؟ لقد كانت طرابلس بالنسبة لي خط الدفاع الأخير عن الثورة التونسية. ثم قصة استدعاء رؤساء القبائل إلى تونس. فكيف حصل ذلك ونحن نريد بناء دولة قانون ومؤسسات؟ وأخيراً، فضيحة الزيارة الأخيرة للرئيس سعيد لليبيا التي تمت من دون تنسيق مع الحكومة، ولذا فأنا أقول لك إن حصيلة السياسية الخارجية صفر، وهذا نتيجة جهل تام بالتاريخ والجغرافيا. فالليبيون أقرب شعب إلى تونس، والليبيون بأمس الحاجة للتونسيين مثلما أن التونسيين بأمس الحاجة لليبيين، لكن هذه السياسة الحمقاء ضيعت علينا الكثير، وهذا ما لا أغفره للحكم الحالي.
والملف الثاني هو علاقاتنا مع إفريقيا. إن تلك القارة هي مستقبلنا، وأخوتنا المغاربة فهموا ذلك. وعندما كنت في الرئاسة، أخذت معي مئة رجل أعمال وفتحنا أسواقاً في عدة دول إفريقية، لكن تُركت تلك السياسة وأهملت. وهناك نوع من الاحتقار وحتى العنصرية تجاه إفريقيا.

سقوط بغداد كارثة

■ يتزامن هذا اللقاء مع اقتراب الذكرى الثامنة عشرة لسقوط بغداد في 09 نيسان/إبريل 2003. ماذا يمثل لك ذلك التاريخ؟ وكيف ترى مستقبل العراق؟
■ بالنسبة لي، هذا تاريخ كارثة من كوارث الأمة، لأني اعتبره تتويجاً للغلطة الكبرى للنظام العراقي عندما غزا الكويت، وكنت من القلائل في تونس ممن نبهوا لعواقبها، ما سبب لي في ذلك الوقت هجومات القوميين مثلما يهاجمونني الآن حين يتعلق الأمر ببشار. أما الكارثة الأخرى، فهي محاولة إدخال الديمقراطية للعالم العربي عبر الغزو. الشعب العراقي ذهب ضحية استبداد عنيف وفاسد وديمقراطية ما زالت لم تتخلص بعد من مقاتلها الثلاثة: ولادتها على ظهر الدبابات، والفساد، والطائفية. ارتكبها صدام حسين وأخرى ارتكبها بوش، لكن عندي املاً في أن هذا الشعب سيجد طريقه كي يبني ديمقراطية حقيقية خالية من الفساد والطائفية.
■ بالنسبة لسوريا، ما المخرج الذي تراه الآن من الوضع الذي تعيشه؟
■ المطلوب بالأساس من الأخوة السوريين أن يستعدوا لما بعد بشار الأسد. لأنه حتى من يدعمونه لا يتصورون وجود حل ببقائه، طال الزمن أم قصر سيتخلصون منه. والمشكل أن القوى التي وراء بشار الأسد لها بدائلها، وربما تكون أقل سوءاً منه، لكن ربما تكون على الخط نفسه. وبالتالي، لا بد من المعارضة السورية أن ترتقي إلى مستوى تضحيات الشعب السوري، وتفرز رؤية وقيادة ورموزاً قادرة على المبادرة.
■ تحذير السيسي، الأسبوع الماضي، من المساس بحصة مصر من مياه النيل… هل تراه مقدمة لمغامرة عسكرية قد يقدم عليها الجيش المصري ضد إثيوبيا، وكنت أشرت لإمكانية حصولها في حديث سابق؟
■ إن التاريخ يعيد نفسه. فعندما تصل دولة إلى حالة من الضعف أو الارتباك أو العجز عن حل مشاكلها الداخلية، فإن الحرب يمكن أن تكون طريقاً لإعادة اللحمة ولاستعادة شيء من الشرعية. وبالتالي، ممكن بتفاقم الأزمة أن تقدم مصر على ذلك، علماً وأن المصريين لهم لحق في عدم الرضوخ لسياسات تؤدي لتعطيشهم. ولا بد من حل سلمي يحفظ حقوق الجميع أساساً في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، ويجب أن نتفادى قدر الإمكان أي مغامرات عسكرية، لأنها لن تؤدي إلى أي نتيجة.
■ربما تابعت، السبت الماضي، الهالة التي أحيطت بموكب نقل الموميات الفرعونية في مصر، هل تقرأ في ذلك رسالة سياسية ما؟
■ ارجع للتاريخ وستجد أن كل الدكتاتوريين يحبون تلك المظاهر، تذكر مثلاً ما كان يفعله هتلر وستالين وموسولوني، فهذا الاستعراض جزء من تقنيات الديكتاتورية للإيهام بالعظمة، والتغطية على نقاط ضعف في النظام.
■ أنت الرئيس الشرفي لمؤسسة محمد مرسي للديمقراطية، ما الذي تنوي فعله للفت انتباه العالم إلى مأساة آلاف المعقلين والمساجين السياسيين في مصر؟
■ بالنسبة لي، قضية المعتقلين في كل أنحاء العالم العربي هي قضية شخصية، لا لشيء إلا لأني أنا نفسي كنت معتقلاً سياسياً. وسواء ضمن الإطار الذي أشير تاليه أو في إطار المجلس العربي أو باقي الأطر التي أتحرك فيها بما هو معلوم وبما لا يعرفه الناس من تدخلاتي الشخصية لدى الملوك والرؤساء، فإني سأواصل النضال من أجل عالم عربي من دون مساجين سياسيين، وبالطبع ليس لدي وهم كبير حول النتائج لكني سأفعل كل ما في وسعي.
■ في رأيك، هل سيكون للتقارب التركي المصري انعكاسات على الثورات العربية وعلى مستقبل الديمقراطية في مصر وفي العالم العربي؟
■ أولاً، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. الأخوة الأتراك فعلوا كل ما في وسعهم، لكن “ما حك جلدك مثل ظفرك”، يجب أن نعول على أنفسنا في هذه القضية، ولا نعول على أحد آخر.
■ أثيرت قبل فترة مسألة تكوين اتحاد ثلاثي بين ليبيا وتونس والجزائر، كخطوة أولى لتفعيل الاتحاد المغاربي. كيف تنظر للفكرة؟
■ إنها فكرة غبية، لأني دائماً وأبداً أشبه الاتحاد المغاربي بأصابع اليد الخمسة. فلا يمكن أن تكون لك يد بثلاثة أصابع. والحل هو أن يجلس الأخوة الجزائريون والمغاربة معاً ويحلوا هذه المشكلة المزمنة حتى نعود إلى الشيء الطبيعي، وهو اندماح هذه المنطقة، أما الأمر الآخر فهو غير معقول.
■ هل ترى أن الغرض من تلك الفكرة عزل المغرب؟
■ طبعاً، وعلى أي حال وكما قلت لك، هذه يد واحدة لا تشتغل إلا بأصابعها الخمس.
■ تتردد الآن بعض المطالب باستئناف المفاوضات حول قضية الصحراء. هل تعتقد أن هناك فرصة حقيقية اليوم لحل هذا الملف؟ وهل ترى أن الجزائريين والمغاربة سيقبلون بأي موقف أو أي قرار دولي قد يصدره مجلس الأمن في تلك القضية؟
■المطلوب هو إيجاد صيغة لحل هذا النزاع، لكن إذا لم توجد نية حقيقية لتجاوز الخلاف وتغيير “البراديغم” نفسه، فحتى لو صدرت قرارات دولية فستبقى بلا تأثير.
■أخيراً، هل من رسالة توجهها إلى الشعوب العربية، سواء تلك التي ثارت في مختلف موجات الثورات العربية أو التي ما زالت تقبع تحت هيمنة الاستبداد؟
■ الرسالة هي التالية: عندما ترون الوضع في سوريا واليمن وتونس وليبيا لا تستمعوا إلى الخطاب الذي يقول لكم إن الركون والعيش تحت الاستبداد أفضل من الثورة. وأريد أن أنبه إلى أن كل هذه الآلام التي نعيش هي آلام المخاض. نحن بصدد ولادة عالم عربي جديد ونهاية النظام السياسي العربي الفاسد المبني على الشخص الواحد وحكم المخابرات. والآن، فإننا نشهد آلام المخاض لبناء دولة القانون والمؤسسات وشعوب المواطنين بدل شعوب الرعايا. وللتذكير، فماذا دفعنا نحن بالمقارنة مع ما دفعته أوروبا مثلاً من 1914 إلى 1944 حين شهدت حربين عالميتين أدتا إلى مقتل أكثر من ستين مليون شخص؟ هذا كان ثمن التخلص من الاستبداد وبناء الاتحاد الأوروبي، فماذا قدمنا نحن العرب أمام ما قدمته الصين وشهدته مثلاً من 1840 إلى 1940 من مجاعات وحروب كانت نتيجتها دولة صينية قوية؟ إن هذه الآلام إذن هي آلام المخاض لغد أفضل، وسنرى إن شاء الله قريباً في كل دولة عربية أن الشعب سيصبح هو سيد الموقف، وسنشهد ميلاد اتحاد الدول المستقلة والشعوب العربية الحرة من المحيط إلى الخليج، وعودة الأمة إلى ساحة التاريخ. وكما أقول دوماً: ولا بدّ لليل أن ينجلي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو عائشة:

    حقق الله أملك في أمة الإسلام الحقيقية .تلك الأمة التي ترشد قدراتها، وتهمش الإعلام الفاسد المضلل

  2. يقول صفي الدين لبات مبارك - موريتانيا:

    لا بد لليل أن ينجلي. و لا بد القيد أن ينكسر…ينكسر..ينكسر..

اشترك في قائمتنا البريدية