الميتاشعري بوصفه خطابا (1-2): عندما تفكر القصيدة في نفسها ومآلاتها

يُعنى بـمصطلح «الميتاشعري» كلَّ قصيدة، أيّا كانت طبيعتها، ترتكز على الشعر من داخل الشعر نفسه، أي ما نجده في القصيدة العربية الحديثة من وصف الشاعر لحالات قصيدته من الداخل، بحيث يصبح الشعر موضوعا من موضوعات الشعر، ويتولّى الشاعر، بلغته الواصفة الخاصة، الكلام عن الشعر وما يتعلّق بمفهوماته، وحدوده، ولغته، ورؤيته للعالم، ومصادر إلهامه، ومجموع علاقاته بالذات والآخر، التراث والحداثة، الوطن والمنفى، الحقيقة والمجاز، إلخ. إنّه الشعر على الشعر، وهو أشبه ما يكون بتنظيرٍ ناعمٍ لمآلات العملية الشعرية وهواجسها والجدوى منها، بقدر ما يعكس قلق الشاعر الحديث ووعيه الحاد بأدوات عمله التعبيري ومشاريعه الممكنة.

خاصية المضاعفة

يصير الميتاشعريّ وجه القصيدة الآخر، لا الإبداعي فحسب، بل الوصفي والتأمُّلي بما هي تتحدث عبر وجودها الذاتي عن الشِّعر كتصوُّر ورؤية داخل العمل الذي تتحرك فيه، أو في ارتباطٍ ذي صلة بتجربة الشاعر ومنظوره وأسلوبه ككلّ. ولذلك يتّسم الميتاشعري بخاصية المضاعفة؛ أي أنّ خاصيته الجوهرية تتمثل في أن يجعل من القصيدة نصّا وميتانصّا في آن.
وقد تنامى هذه النوع من السيرة «الميتا شعرية» إذا شئنا القول، مع ازدياد الانشغال النظري لدى الشاعر العربي ووعيه النقدي الذاتي بأسئلة الشعر والشعرية إبّان صعود حركة الشعر الحر ومستتبعاتها المعرفية والجمالية. فقد أكثر شعراء الحداثة من الحديث عن الشعر، لا في ثنايا القصائد، وإنما في قصائد كاملة موضوعها الشعر، إلى درجة أن صار الخطاب الميتاشعري حاضرا باستمرار في كلّ ملفوظٍ شعريٍّ سواء باعتباره مُكوِّنا جزئيّا لدى كثيرين، أو باعتباره في حالات أخرى مُكوِّنا شموليّا كما عند شعراء معاصرين شغلتهم قضايا الكتابة داخل برنامجهم الشعري أساسا. غير أن ذلك لا ينسينا أن نستعيد، هنا، تجربة الشعراء المحدثين في العصر العباسي، من أمثال أبي نواس وابن الرومي وأبي تمام والبحتري، الذين برز عندهم وعي نقدي أثناء صراعهم مع القدماء ومن جاراهم. ويكفي أن نستشهد ببيت أبي تمام الشهير:
الشِّعر فَرْجٌ ليستْ خصيصتُهُ طول الليالي إلا لِمُفْترِعِهْ
أو البحتري على الوزن نفسه:
والشّعر لمحٌ تكفي إشارته وليس بالهَذْر طُوِّلتْ خُطَبُهُ
ترى هدى فخر الدين التي بحثت هذا الموضوع في التقليد الشعري العربي، أن (الميتاشعرية) تتأكد في بدايات مشاريع التجديد الشعري بحيث يصبح الشعراء أكثر وعيا بدورهم كمجددين، بما ينضوي عليه هذا من هدم و بناء، وخاصّة عندما تسعى مشاريع التجديد هذه إلى تحديد موقفها من الماضي أو علاقتها مع التراث. وقد استعرضت نماذج من الشعر الحر في القرن العشرين ومن الشعر المحدث في العصر العباسي، إذ يبرز فيهما وعي نقدي ميتاشعري لدى الشعراء.
لقد فرض هذا النوع من الخطاب على شعراء الحداثة، بعد أن استثمروه لمقاصد إبداعية تكشف توتُّر قلق الكتابة والتباس مفاهيمها وحدودها الأنواعية (شعر/ نثر) أو لمقاصد تواصلية تتغيّا تشكيل أفق معين للقراءة وتعديله بما ينمي وعيا جديدا في عملية التلقي. ويمكن أن نستقرئ هذا النزوع الميتاشعري لدى الرواد منهم، من أمثال: بدر شاكر السياب، ويوسف الخال، وسعدي يوسف، وأدونيس، ومحمود درويش. كما لدى عددٍ من الشعراء المعاصرين: محمد علي شمس الدين، وقاسم حداد، وسركون بولص، ومحمد بنيس، علي جعفر العلاق، وشوقي بزيع، ومحمد بنطلحة، وهاشم شفيق، وعبد الله زريقة، وشربل داغر، ومنصف الوهايبي، وأديب كمال الدين وغيرهم.
بيد أنَّ قلّة منهم من زاوجت بين الجمالي والنظري إبداعيّا دون أن تسقط قصائدها في شرك تمرينات حدسية، أو بروتوكولات لغوية، أو محاولات لتطبيق نظرية تكون أوضح في ذهن بعضهم من القصائد نفسها. لكن سنركز على الميتا شعري باعتبار خطابا سيرذاتيّا مخصوصا تعاطى معه بعض هؤلاء الشعراء بوعي حينا ومكر حينا آخر، فكشفوا من خلاله عن حدوسهم وتأمُّلاتهم في الكتابة الشعرية من حيث مأتاها وهويّتها ومصادرها، أو من حيث وظيفتها ورؤيتها للذات والعالم.

ديمومة وارتياد

في أكثر الأمثلة التي وقفنا عليها، نجد الشعراء يصفون قصائدهم بطريقةٍ حسّيةٍ وأليغوريّةٍ تمزج بين الواقعي والخيالي، وهم يتذكّرون عبرها ماضيها ويتخيّلون أفقها الذي تتحرّك فيه وإليه، من حالة الهجس والانبثاق إلى وضع الصقل والاستواء. يرى شوقي بزيع أنَّ مأتى القصيدة ليس من الكلام ولا من «الصمت المراوغ» حتى تُسمَّى باسمها، وإنّما أتت:
«من تَفَتُّحِ نجمةٍ بين الأصابعِ
واشتباك يَدَيْنِ في ليلٍ
بلا أبوَيْنِ..»
فقد ارتقى حدس الشاعر إلى أن يجعل قصيدته عالقة في المطلق بلا نسب أرضي، وخارج الزمن الفيزيقي الطبيعي. فهي «لم تأْتِ من جهةٍ تُحدِّدها» وإنما بالأحرى صرخة حدثت مُصادفة من لقاءٍ هُلاميٍّ، ومرّت مثل «تهويم غنائي» سرعان ما يتلاشى في الفراغ. ورغم أن القصيدة، في هذا المعنى، تبدو بلا طائل، إلا أن الشعراء ينتظرونها كـ«حُرّاس على باب الشقاء».
وترتفع مليكة العاصمي بكتابة القصيدة إلى لحظة عشق وتجلٍّ وسموّ من لحظات انبلاج الفجر وشبوب العاطفة، فتأتي ولادة هذه القصيدة مقرونة بالعذاب والمعاناة، ثُمّ سرعان ما تتلوها صورٌ تنبض بالحياة في عالم الأعيان بمباهجه ومباذله:
«عذابٌ
هَواها
وأُنْسٌ
مودَّتُها ورِضاها
عذابٌ
هَواها
يُؤذِّنُ في بَلَج الْفَجْرِ
حيَّ على صَبْوتي وحنيني»
تتجمّع أثناء هذه الولادة والهجس بإشراقات القصيدة المرغوب فيها، مشاعر ومخايل وتمثُّلات متضاربة تضمُّ بعضها إلى بعض على نحو ما يشبه «الهوى المستحيل». والأطرف أن نجد شاعرة تُمثِّل مخاض القصيدة بمخاض الولادة الذي يتحرك في أحشائها، فنجدها تحشد في قصيدتها مشاعر الأنثى التي خبرت هذا المخاض وتجرّعت آلامه. تقول ربيعة جلطي:
«أسير إليك.. هكذا..
يا مخاض العسير،
بيقين فراشة
تسلم ألوانها للهب.
فاجأني طلق البراكين
كنت في طريقي إليك،
غريرة..
كنت في طريقك إليّ
تحمل فانوسا من ماء».
ورغم ما توحي به متواليات القصيدة من هشاشة ذات الشاعرة ومواجعها أمام ما تتعرضه له من أهوال المخاض، إلا أنّها الأنا المتلفّظ داخلها ينطق بلسان «أنوثة متطرفة» تتحمّلها وتصبر عليها، بل تزيد على ذلك بتشهِّيها وتوقُّع وعدها الآتي بعطشٍ وشوقٍ. وثمّة من يتحدث عن الحالات النفسية الغامضة التي تنتاب الشاعر وهو يتهيّأ لكتابة القصيدة، مثل أديب كمال الدين إذ يقول:
«لم تبدأ بعد». الشاعرُ قالْ.
فأتاه الحزنُ الأبيضُ والخوفُ البارد
وأتته الريحُ الغبراءْ.
«لم تبدأْ بعد». الشاعرُ قالْ.
فأتاه الجوعُ الأصفرُ والثلجُ القاسي
وأتاه الليلُ يمزّقُ ثوبا أسْوَد.
«لم تبدأْ بعد». الشاعرُ قالْ.
فأتته العاصفةُ، السيلُ، الأحجار.
«لم تبدأْ بعد». الشاعرُ قالْ.
فأتاه الموتْ! (قصيدة): يا أرحبَ لَحْدٍ مُعشِبْ
يا أرحبَ مَنْأى!
فالشاعر يؤكد، بهذا التمثيل الكنائي، أن الحوافز الطبيعية جميعها لا تؤثر فيه لكي يدخل في كتابة القصيدة إلا إذا مات؛ أي غاب عن عالم الأعيان والشهود وتمثَّل القصيدة التي يكتبها قَبْرا مُعْشبا يوحي بالديمومة التي انقطعت عن العد والقياس.
ويُكنّي حسن نجمي عن «الظلّ» وهو يكتب قصيدته، بالجانب الآخر الذي يضيء غيريّته التي تتمرأى، أو تمتدُّ في تكوينات إحالية وإستطيقية من سيرته؛ فالأنا يتكلّم إليه ويخاطبه بكيفية محسوسة ومعقّدة في آن، في ما هما يتساندان ويسكنان إلى بعضهما بعضا دون أنْ يتطابقا، وأنْ يتشابها. تنبثق الذات نصّيا لتأخذ شكلا عبر الكتابة ومعه لا مطابقة بين «أنا» ذات التلفُّظ و«أنا» ذات الملفوظ، بعكس ما يوحي به سطح القصيدة، وذلك بسبب هذا الصدع الفضائي- الزماني الذي يرتسم عبرها وهي تنكتب:
«هو ذا ظِلّي.
هو ذا أنا في ظِلّي.
يُغنّي لي-
فأردّد غِنائي.
قد صِرْتُ ظِلَّهُ-
مُذْ صار ظِلّي»
تعرض المتواليات حياة لا شخصيّة فيما هي تبني الأنا، وهما معا يتطوران ولا يتشكّلان إلا عبر فعل الكتابة، من أجل تحقيق كيان متحقّق لم يكن موجودا في البداية، فينكشف الأنا عن كونه بناء نصّيا والظلّ ذريعة:
«والآن-
وأنا أُنْهي هذه القصيدةَ-
يُنْهيها ظِلّي معي»
ويتذرّع محمد الميموني بالحلم، أو يتّخذه ذريعة بشكل يتيح له أن يُفكِّك مسلَّمات لغة الأيديولوجيا التي كانت تحتمي بها الذات في ما مضى، ويعيد بناءها وقف منطقٍ لوذعيٍّ يتسلّى مع النسق بقدر ما يُفجِّره من الداخل. يقول:
«أُراوِدُ مُنْطلقَ الحُلْم
أَمْ أستعيد
ملامحَ حُلْمٍ بعيد
أقولُ لصاحبتي
والمتاهة تبدئ في كلِّ مُنْعطفٍ
وتُعيد:
سأحلمُ في زمن الوَهْمِ
كي أتجاوز مستنقعات الغباء
وفي النَّفَق الملتوي العنيد
سأحفرُ مُتّسعا للضياء
فهَلْ تُنْكر العَيْن لمعةَ ضَوْء
تلوحُ على شُرْفة الأنبياء».
عبر الحلم بوصفه كشفا وانكشافا للغة، ثُمّ تجاوزا لوعي الأنا بالحاضر، يتجلّى لنا تصوُّر الشاعر للقصيدة؛ القصيدة – الحلم، التي هي على الدوام في «رحلة كشف» مُبْحرة في «مسلّة الكلمات» وباعثة لإشراقات الأنا الذي يأمل من انتظاره للقصيدة أن يكون «فاتحة للوجود».

رؤيا وإشراق

من وجود إلى آخر أكثر إشراقيّة، نكتشف حالاتِ أكثر من كونها مجرد نصوص؛ حيث الأنا اللامرئي والشفّاف يسافر في الزمن ويتأثر بانجذابه إلى الحال، أو يعرج في البعيد والمطلق بخلفيّةٍ يتقاطع فيها الذاتي والعرفاني، وتمتدُّ من حاضر الكتابة إلى زمن الطفولة بوصفها تجربة، فلا تشعر بأنّ هناك حدودا لغوية أو عائقا زمكانيّا يحول بين البياض والأزرق، بين ذلك الأنا الذي انجرح وما يهفو إليه:
«سَلْوةُ الكلماتْ
في دَمٍ
يترقرقُ
فوق البياض
إذا ما رأتْهُ
تحنّتْ به
وزهَتْ
واعتلَتْ عرْشَها
في السماءْ»
إن القصيدة التي يكتبها عبد الكريم الطبال ويحلم بكتابتها دائما، هي ما يمكن تسميته بـ(القصيدة المعراجية) التي لا تكفُّ عن العروج والتحليق والسَّبْح؛ فما ينشده فيها هو البوح بما يضجّ في السريرة من صخب لا ينتهي، وبما يمور في ضمير الكون من أصداء وتموُّجات تتلبّس كيانه. تبدأ القصيدة موسيقى وتوقيعا، ثُمّ تتلبّس المعنى بما فيها من إيحاء واستشفاف، قبل أن تعرج في الملكوت بلُغةٍ عرفانية تشير أكثر مما تصف أو تعني بوجه واحد:
«صخَبٌ
بين الأوراقْ
هذي تتزيَّنُ
كي تخْرُجَ كالموسيقى
كي تدْخُلَ
في نايِ الكوْنْ
وهذي تتزيَّنُ
كي تخْرُجَ كالوردةْ
كي تدْخُلَ
في البستان
وهذي تتزيَّنُ
كي تخْرُجَ كالطيرْ
كي تدْخُلَ
في لُغة الله»
فالشاعر يعيّن اسم الطير حسب دلالته التداولية في ديوان (نمنمات) فهو النسر حينا، وهو السيمرغ حينا آخر. وفي مرات كثيرة، هنا أو في أمكنة أخرى، يؤثر الشاعر دالّ «الفراشات» بصيغة الجمع، التي تُشخّص تجربة عبور الذات في عالم الأعيان ورغبتها في الكشف والمكاشفة على حدّ سواء: «وما الفراشات إلا الأيام التي تأتي صباحا وتذهب مساء».
على نول هذه المعاني الإشراقية، يكتب أحمد الشهاوي مُتخلّصا من مادّيته وعالمه البرّاني ومتوحّدا ببياض الورقة في غموضه:
«نَسِيتُ اللُّغَةَ والنّاسَ
مَرَقَتِ الشّوارِعُ مِنّي
لكنّ الأَبْيَضَ الفَتّاكَ
ما زالَ عالِيا فيّ كَصَارِي سفينةٍ مَثْقوبةٍ
مُقَدَّرٍ لَها أَلا تَغْرَقَ وألا تَعُودْ»
هي كتابة الأحوال التي تتماوج على حدود الخطر، فيصير الأنا لحظتئذٍ غريبا وكائنا آخر، بذهب إلى النص عاريا إلاّ من روحه وبوصلة قلبه، ما يجعله متهيّئا لتلقّي حال الإشراق والتجلّي التي تخترق حجاب قلبه وتفيض على لغته ونصّه، ثُمّ «من نقطة» تُشاغِله وتهجس له، تستوي العبارات في دورة من التأويل لا تنتهي لما فيها من رمز وتكثيف ومحو وعليها من التباس وتظليل:
«كلُّ شاعرٍ
لَهُ نُقْطةٌ
يَبْدَأُ مِنْها الكلامُ ولا ينتهي
تَبْدأُ مِنْها الظِّلالُ وتدنو كَأَرْضٍ
بلا جاذِبيّة»
«بلا جاذِبيّة» كأنّما الجسد الكاتب يتخلّص من سجنه المادّي، ويعيش حالة جذْبٍ وشَطْحٍ صُوفيٍّ، ويملي على دولة أسراره – من الألف إلى اللام- «نحْوَ الحالة» المشبع بـمعجم المسّ والانجذاب والحيرة والعشق، بدلا من «نحو الفطنة» وهو ما يعمل على تشفيف الحسّ ووَجْدنة الرؤيا:
«بالإشارةِ أتكلّمُ
لكنَّ جسدي
أَوّلُ اللُّغاتِ»
يتحرّر الجسد الذي تُطوِّف به الرموز والإشارات في فلك النقطة، وهو يسافر «في» لا «إلى» تحت «رعشة الخدر» فيحصل «طلاقُ القَيْد» للذات وللقصيدة في آن، وعلى نحو لا يقبل الفصل بين أنا وأنا:
«بِكِ
بِلَوْنِكِ السِّرّيِّ
بِصَوْتِ السّماءِ فيك
بِالضِّحْكةِ المُشْتهاة
بِعَيْنَيْكِ في طريقهما إِلَيَّ
بِنَبيذِ بَحْرَيْكِ
حَرَّرْتِ رَقَبةَ القصيدَة»
وإذن، فقد شكل الخطاب الميتا شعري علامة على وعي الشعراء بما يكتبونه ويقترحونه من صيغ وممكنات جماليّة؛ لكنّه لا يقدم نفسه بديلا عن نظرية ما، وإنّما يتقدم باعتباره يجسد تفكير الشاعر في ما يكتبه من الداخل، ومن ثمّة لا يجور فصله عن الشاغل الجمالي لهذا الشاعر أو ذاك، بل عن اتجاهه الشعري ككُلّ، سواء كان غنائيّا أو صوفيّا أو سرديّا.

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية