نواكشوط –«القدس العربي»: دعا النائب البرلماني، بيرام الداه اعبيد، الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى «فرض حظر قانوني على ترشح متقاعدي ضباط الجيش للانتخابات لمدة خمس سنوات بعد تقاعدهم»، معتبرًا «أن هذا الإجراء ضروري لضمان نزاهة العملية الديمقراطية». وطالب النائب الذي يقود جبهة سياسية يسميها «التحالف المناهض للنظام»، «الشعب الموريتاني بالتصدي لما وصفه بـ»الديمقراطية الشكلية»، التي يرى «أنها لا تعكس الإرادة الشعبية الحقيقية».
وأكد ولد اعبيد في نقطة صحافية أمس «أن المؤسسة العسكرية الموريتانية تمسك بمفاصل السلطة منذ عام 1978، وأنها «تضع نفسها مشرفًا على ديمقراطية موجّهة ومنحازة».
وأضاف «أن الانتقال الديمقراطي الحقيقي أصبح ضرورة لضمان حرية الاختيار للشعب»، مشددًا على «أن ذلك لن يكون موجهًا ضد الضباط أنفسهم، بل سيساهم في استقرار البلاد، وفي منع أي انهيار سياسي قد ينعكس عليهم».
وفي سياق حديثه عن المؤسسة العسكرية، طالب ولد اعبيد «بمراجعة ميزانيتها لتحقيق العدالة بين أفرادها»، كما شدد «على ضرورة الإنصاف في منح الرتب والترقيات داخل القطاعات العسكرية والأمنية».
وأعاد ولد اعبيد تكراره للحديث عن الإرث الإنساني منتقدًا «ما وصفه بـ»استرخاص الدماء» من قبل قوات الأمن، ومقدمًا كمثال على ذلك ما قال إنها «حوادث وفاة شهدتها مناطق مختلفة مثل نواكشوط وكيهيدي».
وفيما يتعلق بملف الإرث الإنساني، أكد «أن قضية 600 جندي وضابط من الزنوج الذين قُتلوا لم تُحل بعد، معتبرًا أن إعدام منفذي محاولة انقلاب 16 مارس 1981 دون محاكمة عادلة يعد تجاوزًا خطيرًا».
كما انتقد النائب في تصريحاته التحضير الحالي للحوار السياسي، مشددًا «على ضرورة أن يكون هذا التحضير علنيًا وأن تكون نتائجه ملزمة وليست مجرد توصيات».
وهاجم ولد اعبيد قانون الأحزاب الجديد، ووصفه «بأنه مصمم لخدمة السلطة، ولوّح بعدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إذا لم تطبق الاقتراحات التي تقدم بها»، داعيًا «الشعب إلى مقاطعتها والنضال السلمي لتحقيق ديمقراطية حقيقية». وواصل النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد انتقاداته اللاذعة للنظام، متهمًا إياه «بتوجيه الاقتصاد لصالح فئة محددة من رجال الأعمال عبر قنوات المصاهرة والقبلية؛ وهو ما اعتبره أحد أبرز أوجه الفساد الاقتصادي في البلاد».
وفي سياق أوسع، شدد ولد اعبيد على ضرورة إصلاح المنظومة الاقتصادية التي قال إنها منهوبة عبر آليات الفساد المتمثلة في الاحتكار والتلاعب بالصفقات العمومية، مستشهدًا بقطاعات مثل الذهب، والتوريد، والضرائب كنماذج على التجاوزات الاقتصادية التي تتطلب مراجعة جذرية»، حسب تعبيره. وأعلن ولد اعبيد تضامنه مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، المسجون منذ عامين، ومع الناشط السياسي أحمد ولد صمب، معبرًا عن قلقه إزاء وضعهما الصحي، ومحذرًا السلطات من مغبة تعريض حياتهما للخطر نتيجة الإهمال الطبي. وأكد ولد اعبيد «أن جمعيته منظمة «إيرا» الحقوقية ستكثف جهودها بالتعاون مع الهيئات الدولية للضغط من أجل تمكين السجينين من حقهما في الرعاية الصحية».
وطالب ولد اعبيد بإطلاق سراح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، معتبرًا أن قضيته «مجرد تصفية حسابات سياسية». ويُعرف بيرام الداه اعبيد بمواقفه الحادة تجاه نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حيث يجمع بين المطالبة بالإصلاح السياسي والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان؛ غير أن بعض منتقديه يرون في مواقفه تناقضًا وتأرجحًا بين النضال الحقوقي والمناورات السياسية، وهو ما يجعل حضوره في المشهد السياسي مثيرًا للجدل.
وشكل ولد اعبيد مع مجموعة من أنصاره في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تحالفًا معارضًا للنظام؛ وحدد له أهدافًا بينها «مواجهة النظام الحاكم والعمل على تغييره بالطرق السلمية والمشروعة، وإحداث قطيعة جذرية مع الممارسات المدمرة التي يمارسها النافذون ولوبياتهم، الذين يمثلون العقبة الرئيسية أمام تقدم موريتانيا».
ودعا ولد اعبيد في بيان تأسيس تحالف المعارض «شركاء موريتانيا للكف عن استمرار دعمهم لهذا النظام»؛ مؤكدًا «أنه ليس في مصلحتهم على المدى الطويل، ولا في مصلحة الشعب الموريتاني، لكونه يقود البلاد إلى طريق مسدود ويشكل عائقًا كبيرًا أمام التنمية، ويهدد الوحدة الوطنية ويقوض أسس الدولة واستقرارها».
ودعا ولد اعبيد «جميع القوى الوطنية، من تحالفات وأحزاب سياسية، حركات ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى الشخصيات المستقلة في الداخل والخارج، إلى توحيد الجهود ورص الصفوف تحت مظلة ائتلاف واسع يسمح ببناء موريتانيا جديدة، دولة العدالة والمساواة، ودولة لجميع أبنائها».