النازحات يواجهن ظروفا صعبة بسبب انعدام الخصوصية داخل مراكز الإيواء في غزة

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تواجه النازحات داخل مراكز الإيواء في قطاع غزة ظروفا صعبة وافتقادا للخصوصية، نتيجة الاكتظاظ الكبير داخل مراكز الإيواء التي تفوق طاقتها الاستيعابية، وصعوبة حصولهن على المستلزمات الشخصية بسبب إغلاق المعابر التجارية مع قطاع غزة، وفقدان المستلزمات الصحية النسوية من الأسواق، حتى دورات المياه باتت غير صحية نتيجة عدم توفر المياه بداخلها، عدا عن طابور الانتظار لساعات من أجل دخولها.
ومنذ اندلاع الحرب المستعرة على قطاع غزة مطلع أكتوبر الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع، ودفعت بسكان مدينة غزة وشمالها إلى النزوح نحو وسط وجنوب غزة، حيث سبب التكدس والازدحام أزمة إنسانية وكارثية وطالت المعاناة النساء بشكل أكبر بسبب الظروف المحرجة والقاسية التي يتعرضن لها.

انتشار الأمراض المعدية

يهدد الوضع بانتشار أمراض خطيرة نتيجة غياب النظافة داخل مراكز الإيواء، ويزداد الخوف أكثر مع انهيار المنظومة الصحية واقتصار عمل المستشفيات على استقبال الحالات الطارئة وغياب عمل أقسام الرعاية الصحية الأولية، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان العشرات من النساء حياتهن. ووفق صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن هناك أكثر من 700 سيدة حرمن من الحصول على منتجات النظافة الشخصية الخاصة بالدورة الشهرية، إلى جانب تعرض الحوامل لظروف صعبة، في حين تتفاقم المعاناة يومياً في ظل الازدحام الشديد داخل مراكز الإيواء، بالتزامن مع النقص الحاد للمياه ونفاد مستلزمات النظافة الشخصية، إلى ذلك يقول المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن هناك أكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني باتوا يعيشون في مراكز الإيواء حياة غاية في الصعوبة، وأشار المكتب في بيان مقتضب إلى أن الأعداد الكبيرة من النازحين يحتاجون إلى حل جذري لإنهاء معاناتهم المتواصلة وجميعهم بحاجة إلى مساعدات وإمدادات عاجلة.
ورصدت «القدس العربي» الواقع المأساوي الذي تعيشه شريحة واسعة من النساء داخل الخيام البدائية في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، حيث يفترش الرجال والنساء والأطفال الأرض على الرمال، عدا عن الاختلاط بين الرجال والنساء عند الذهاب لدورات المياه المكشوفة والبدائية.
تقول أم عدي لم أتوقع في يوم من الأيام أن أواجه حياة قاسية وحرجا، وهذا الحال تمر به مئات الآلاف من اللاتي هجرن قسراً تحت القصف من شمال قطاع غزة نحو الجنوب.
وأوضحت لـ«القدس العربي» أن الذهاب لدورات المياه من أبرز المشاكل التي تواجه النازحات، نتيجة الطابور الطويل وعدم توفر المياه ومواد التنظيف، وانتشار الروائح الكريهة، وهذا يهدد بانتشار أمراض تنفسية خطيرة.
ولفتت إلى أن الواقع يزداد سوءاً مع مرور الأيام، خاصة وأن قضية النازحين لا تزال عالقة ولا توجد أي بوادر تنهي حالة التهجير، والسماح بعودة النازحين إلى منازلهم في مدينة غزة، وعودة الحياة لطبيعتها أو على الأقل استقلالية المواطنين داخل منازلهم حتى ولو كانت مهدمة.

أزمة صحية

يفرض الواقع الذي تعيشه النساء داخل مراكز النزوح القيام بأعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الشخصية. أم كرم تعاني من التهابات حادة في الرئتين، نتيجة تعرضها للروائح الكريهة المنبعثة من النيران، التي تعمل على إشعالها منذ ساعات الصباح الأولى لإعداد وجبات الطعام والمشروبات الساخنة خاصة مع أجواء البرد، حيث يزداد وضعها صعوبة مع انعدام الرعاية الصحية، وعدم إيجاد بدائل لإعداد الطعام بغير الحطب والقطع البلاستيكية.
تقول أم كرم لـ«القدس العربي» وتبدو ملامح الإرهاق والإعياء على وجهها، إن واقع النساء صعب للغاية، خاصة مع استمرار تكدس النازحين الفارين من الموت نحو مركز الإيواء.
وتتخوف من استمرار أمد الحرب لأسابيع وأشهر، وهذا سيعمق من أزمات النازحات اللاتي لا يجدن أي مخرج للواقع الذي يتعرضن له سوى التحمل وانتظار الفرج، لأن الظروف المأساوية تعم كافة أرجاء القطاع، والاحتلال الإسرائيلي يحاول تأزيمها بشكل أكبر.
وتقول الأخصائية النفسية أماني معروف «تعاني النازحات بشكل عام في كافة مناطق النزوح داخل قطاع غزة من ظروف إنسانية صعبة، عدا عن ضغوط نفسية خطيرة بفعل تعمد إسرائيل فرض المزيد من الضغوط على النازحين ضمن مسلسل إبادة المدنيين وتأزيم حياتهم منذ الأيام الأولى من الحرب، حيث تنتقم من النازحين من خلال منع توريد كافة المستلزمات الصحية والخاصة بالنظافة الشخصية، من أجل انتشار الأمراض المعدية والخطيرة خاصة».
وأوضحت أن النساء يجدن صعوبة في التعامل مع آلام الحيض، إضافة لانعدام الفوط الصحية، وتوجه العديد من النساء لاستخدام وسائل بديلة عنها.
وأشارت إلى أن دورات المياه داخل مراكز الإيواء تعتبر من المصادر الأساسية لتفشي الأمراض بين النازحين، نتيجة استخدامها من قبل المئات، عدا عن صعوبة تنظيف تلك الدورات المبنية على الرمال، وتصريف المياه من داخلها إلى براميل أرضية يتم تفريغها بين الفينة والأخرى.
ودعت إلى ضرورة وجود تدخل أممي وعربي عاجل وحقيقي لوقف المعاناة التي يتعرض لها النازحون داخل مراكز الإيواء، وتدفق المساعدات والاحتياجات الأساسية للنازحين، إلى جانب الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، والسماح بعودة النازحين إلى مساكنهم في شمال قطاع غزة آمنين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية