النظام السوري يتبع سياسة الأرض المحروقة… عينه على سراقب ويعلن حرب «المدن الاستراتيجية» في إدلب

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق- «القدس العربي»: تقدمت روسيا والنظام السوري إلى مواقع استراتيجية جديدة في أرياف محافظة إدلب خلال الساعات الماضية، وسط تراجع ملحوظ في الأداء العسكري للمعارضة السورية ومشاركة فصائلية تبدو خجولة، في حين تحدث خبراء لـ»القدس العربي»، عن استعداد قوات النظام وموسكو لدخول حرب العقد الاستراتيجية للسيطرة على الطرق الدولية الرابطة دمشق بحلب واللاذقية بحلب، في حين تستمر روسيا في سياسة الأرض المحروقة، واستهداف كل المؤسسات المدنية، إضافة إلى استهداف البنى التحتية بما فيها المشافي ضمن المناطق التي بدأت تمهد لاقتحامها برياً.
فقد استهدفت مقاتلات حربية روسية مشفى «الشامي» في مدينة أريحا، والمخصص للجراحة، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل ونشوب الحرائق فيه، وكانت المقاتلات الروسية والسورية قد قصفت مشافي عدة خلال الحملة المستمرة على الشمال السوري، بهدف الضغط على المدنيين وإجبارهم على النزوح وتضخيم المآسي الإنسانية.

الدفاع المدني: مقتل 11

ونفى الجيش الروسي أمس تنفيذ ضربات ليلية على مستشفى وفرناً في محافظة إدلب الواقعة في شمال غرب سوريا والخاضعة بمعظمها لسيطرة فصائل جهادية ومعارضة، بعد أن نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان النبأ. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن «الطيران الروسي لم ينفذ أية مهمّة قتالية في هذه المنطقة من سوريا» مندداً بـ»استفزاز إعلامي» بعد أن أفاد المرصد بمقتل عشرة مدنيين في غارات جوية نفّذتها روسيا، حليفة النظام السوري، قرب فرن ومستشفى.

باحث سياسي لـ «القدس العربي»: صمت تركي… نزوح جماعي كثيف وموسكو تقصف المنشآت الطبية

مدير الدفاع المدني السوري مصطفى الحاج يوسف، تحدث لـ»القدس العربي»: عن مقتل 11 مدنياً بينهم نساء وأطفال وإصابة أكثر من 50 آخرين، في حصيلة غير نهائية، نتيجة غارات جوية من قبل الطائرات الروسية استهدفت مشفى الشامي الجراحي وفرناً ومنازل المدنيين في مدينة أريحا جنوب إدلب، فجر الخميس.
عسكرياً، أكدت مصادر محلية لدى المعارضة السورية، سيطرة النظام السوري والميليشيات الموالية له على قرى وبلدات في عدة ريف إدلب الجنوبي، وسط قصف تمهيدي تعرضت له مدينتا سراقب واريحا اللتان تعتبران أهم المراكز الاستراتيجية الواقعة على الطريقين الدوليين «إم- 4 و إم-5».
والمدن التي سيطرت عليها قوات النظام السوري هي «خان السبل» والتي كانت قد سيطرت عليها المعارضة في عام 2012، وقرى «تل دبس وقمحانة ومعردبسة» في ريف إدلب الجنوبي، وسط مئات الغارات الجوية تجاوزات، وبسيطرة القوات المهاجمة على خان السبل، تصبح تلك القوات على بعد كيلومترات فقط من مدينة سراقب الاستراتيجية، وسط اشتباكات وصفت بالعنيفة مع المعارضة السورية.

تغول في الشمال

وبذلك، يرتفع عدد المناطق التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها منذ 24 من الشهر الجاري إلى 33 بلدة وقرية وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهي: (تلمنس ومعرشمشة والدير الشرقي والدير الغربي ومعرشمارين ومعراتة والغدفة ومعرشورين الزعلانة والدانا وتل الشيخ والصوامع وخربة مزين ومعصران وبسيدا وتقانة وبابولين وكفرباسين ومعرحطاط والحامدية ودار السلام والصالحية وكفروما ومدينة معرة النعمان ووادي الضيف وحنتوتين والجرادة والرويحة والقاهرية وعين حلبان وتل الدبس وخان السبل ومعردبسي.
النظام السوري أعلن عبر بيان لقيادته العسكرية، سيطرته على كل من «دير الشرقي، معرشمارين، تل منس، معرشمشة، معرشورين، الزعلانة، العامودية، بابيلا، الدانا، كفروما، الحامدية، خربة الحناك، دير الغربي، بسيدا، تقانة، كفر باسين، بابولين، جرابلس، جوز فين، الصالحية، صهيان، الغدفة، معصران، تل الصوامع، عين البان، تل دبس، معراتا، عين قريع، معرة النعمان».
الباحث السياسي السوري فراس فحام، استبعد من جانبه وجود اتفاق روسي – تركي حول ما يشهده الشمال السوري من معارك، قائلاً: لا اعتقد بوجود اتفاق حصل ليتم تطبيقه في الشمال السوري بين تركيا وروسيا، وأنقرة كانت تفضل وتميل إلى إبقاء هذه المناطق تحت نفوذها، لكن في المحصلة نحن أمام مشهد مختلف، فموسكو تفرض سياسة الأمر الواقع على المناطق التي كانت تخضع سابقاً للنفوذ التركي في الشمال الغربي من سوريا.

هدفان روسيان

وقال فحام لـ»القدس العربي»: خيار «الحرب»، هو الخيار الذي سيكون موجوداً خلال الفترة المقبلة، وفي مرحتلها الأولى ستركز روسيا على هدفين أساسيين: الأول: يتمثل في السيطرة على مدينة سراقب الواقعة بدورها على الطريق الدولي الرابط بين محافظتي حلب ودمشق. أما الهدف الثاني، محاولة تأمين محافظة حلب شمالي سوريا، والسيطرة على الضواحي الغربية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
وبالنسبة للهدف البعيد، فهو الأكثر أهميةً للروس، ويتمثل بالسيطرة التامة على كامل محافظة إدلب، ونجاحها في هذا يتوقف على حدثين أساسيين، وهما: مدى المقاومة التي ستخوضها التشكيلات العسكرية للمعارضة السورية أمام القوات الروسية لمنعها من السيطرة على المحافظة الأهم لها. والآخر هو الموقف التركي، وهل سيكون هنالك رد فعل حقيقي من قبل أنقرة، إذا ما لمست من موسكو إصراراً على فرض الحل العسكري في الميدان.
كما أن تصريحات الرئيس التركي الأخيرة، قرأها الباحث السوري، ضمن خانة عدم وجود دلائل أو مؤشرات على رد فعل تركي مختلف في الميدان، وإنما يمكن تصنيفها ضمن خانة الضغوط السياسية، فأنقرة تدرك أن الموقف في إدلب ليس في صالحها، خاصة أنها تعهدت سابقاً بإنهاء ملف «هيئة تحرير الشام» وإقامة منطقة منزوعة السلاح حسب اتفاق سوتشي، وهذا ما تستغله روسيا لتبرير حملاتها على الشمال السوري.

نزوح جماعي

وأعلن فريق منسقو الاستجابة في سوريا، عن نزوح 268 ألف نسمة من المناطق منزوعة السلاح في ريفي إدلب وحلب شمال غربي سوريا بسبب المعارك المستمرة. وأشار الفريق إلى توثيقه مقتل أكثر من 130 مدنياً بينهم 40 طفلاً منذ بدء الحملة العسكرية على آخر مناطق خفض التصعيد. أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تحدث عن مقتل 19434 على يد القوات الروسية منذ دخولها الحرب السورية في آواخر عام 2015، من ضمنهم 8500 مدني و2070 طفلاً.
وتستعجل قوات النظام السوري بدعم وغطاء جوي روسي من السيطرة على العقد الاستراتيجية في أرياف محافظة إدلب، وخاصة مدن «سراقب، وأريحا»، على اعتبارهما من العقد المهمة التي ستخول دمشق وموسكو إعلان فتح الطرقات الدولية كمرحلة أولى، ثم التوجه لفتح مطار حلب الدولي، والذي يعد ثاني أكبر مطارات سوريا، بعد إغلاقه منذ عام 2013. وتقع مدينة سراقب على الطريق الدولي الرابط بين حلب ودمشق، أما مدينة أريحا، فتقع على الطريق الدولي الرابط بين اللاذقية وحلب، وهذا ما أشار إليه مندوب النظام السوري خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، إذا أشار إلى أن السيطرة على معرة النعمان ومن ثم سراقب وأريحا، ستمكن دمشق من إعادة افتتاح مطار حلب الدولي.
ووفق ما يقوله المتابعون للشأن السوري، فإن المعارك الأخيرة في إدلب تسير حتى الساعة لصالح النظام السوري، مما يعني إمكانية كبيرة لسيطرتهم على المدن التي تحدث عنها المندوب «الجعفري»، خاصة مع وجود ضعف في خطوط الدفاع للمعارضة التي تم إنشاؤها شرق وجنوب إدلب منذ تشكيل حدود التماس في المنطقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية