مهاجرون غير نظاميين يحاولون عبور الحدود إلى سبتة. أرشيف
الرباط: تتزايد موجات الهجرة غير النظامية من دول الساحل الإفريقي نحو شمال القارة وأوروبا، مدفوعة بالجفاف، وتغير المناخ، والتوترات الأمنية المرتبطة بالجريمة المنظمة والإرهاب.
وتُعد المنطقة من أكثر مناطق العالم تضررا بالإرهاب، حيث سجلت خلال السنوات الماضية أعلى معدلات الضحايا عالميا، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
ويشكل المغرب نقطة عبور واستقرار رئيسية لعشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، حيث أحبطت السلطات 78 ألفا و685 محاولة هجرة غير نظامية في عام 2024، كان 58 بالمئة منهم من بلدان غرب إفريقيا.
كما تواصل الحكومة المغربية تنظيم اجتماعات دولية لمناقشة هذه القضية، كان آخرها اجتماع مجموعة العمل حول الهجرة، واجتماع آخر مع المنظمة الدولية للهجرة.
الباحث المغربي المهتم بقضايا الهجرة عبد الفتاح الزين، انتقد، في حديث مع الأناضول، الوضع بدول الساحل (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر)، التي قال إنها “لا توفر لمواطنيها مقومات الحياة الكريمة”.
وقال: “تفتقد هذه الدول للحقوق السياسة والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن غياب الأمن للعديد من المواطنين، وهو ما يجعل الكثير منهم يهاجرون”.
ووصف الزين تلك البلدان بـ”المناطق غير الآمنة لمواطنيها وللأجانب، فضلا عن غياب الديمقراطية السياسية، وغياب مقومات الحياة الاجتماعية والثقافية، وضعف الاستفادة من خدمات وخيرات هذه البلدان، وغياب حرية التعبير والتظاهر فيها”.
واتفق الزين مع ما ذهبت إليه رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (غير حكومية) آمنة بوعياش، التي قالت إن منطقة شمال إفريقيا تحولت إلى نقطة انطلاق رئيسية لآلاف المهاجرين في رحلة محفوفة بالمخاطر.
وقالت عياش التي تترأس مجموعة العمل حول الهجرة التابعة لشبكة المؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الإنسان، في اجتماع بالرباط نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، إن شمال إفريقيا تحتل مكانة محورية باعتبارها ملتقى للهجرة.
وأشارت إلى أن أكثر من 20 ألف شخص لقوا حتفهم أو اعتبروا في عداد المفقودين بعد محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط بين 2014 و2022.
وشهدت بعض دول الساحل انقلابات عسكرية، مثل مالي (2020)، وبوركينا فاسو (2022)، والنيجر (2023)، مما زاد من حالة عدم الاستقرار.
وفي هذا السياق، أكدت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أن إفريقيا باتت مركزا للإرهاب العالمي، كون أن منطقة الساحل مثلت نقطة البداية لواحدة من أكثر الأزمات وحشية في العالم.
وأوضحت محمد أنه على مدى ثلاث سنوات متتالية، شكل عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في تلك المنطقة أكثر من نصف إجمالي الوفيات في العالم.
وأضافت المسؤولة الأممية، في إحاطة لها بمجلس الأمن، في يناير 2025، أن بوركينا فاسو تتصدر دول العالم في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة زيادة بلغت 68 بالمائة.
كما أعلن مركز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الإفريقي، في بيان سابق، تسجليه لأكثر من 3200 هجوم إرهابي و8400 ضحية مدنية بين يناير وسبتمبر/ أيلول 2024 بالقارة.
من محركات الهجرة أيضا، وفق بوعياش، هي التأثيرات المدمرة للتغيرات المناخية.
قالت إنه بجانب النزاعات المسلحة وانعدام الاستقرار السياسي في بعض مناطق القارة، تعد تأثيرات تغير المناخ من بين الأسباب العميقة لحركات الهجرة.
وأضافت أن “الجفاف الشديد في شرق إفريقيا خلال سنة 2023 أثر على ما يزيد عن 27 مليون شخص، مما فاقم الأوضاع المتردية بالأساس جراء النزاعات وعدم الاستقرار الإقليمي”.
كل هذه العوامل تدفع الشباب الطامحين إلى حياة أفضل نحو خيار الهجرة، حيث يجد البعض أنفسهم عالقين في شمال إفريقيا، مما يزيد الضغط على دولها، بينما يخوض آخرون رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر، قد تنتهي إما بالوصول إلى أوروبا أو بالموت في عرض البحر.
أكد الباحث عبد الفتاح الزين أن “المغرب يعتمد نهجا إنسانيا في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين ضمن إطار احترام حقوق الإنسان، حيث لا يطردهم من البلاد، لكنه يمنعهم من العبور نحو أوروبا عبر سبتة ومليلية (خاضعتان للإدارة الإسبانية وتطالب الرباط باسترجاعهما) أو البحر المتوسط”.
وأشار إلى أن المملكة تتبع مقاربة ثلاثية الأبعاد تشمل التعاون بين دول المصدر، العبور، والاستقبال، ما يجعلها تلعب دورا محوريا في إدارة هذه الظاهرة.
وأضاف أن السلطات المغربية تقوم بإعادة توزيع المهاجرين داخل البلاد لمنع الضغط على المناطق الحدودية، لكنها لا تلجأ إلى طردهم خارج البلاد، نظرا لتبنيها نهجا إنسانيا يأخذ بعين الاعتبار الظروف القاسية التي دفعتهم للهجرة.
وجه الباحثون المغاربة انتقادات حادة للخطاب الأوروبي تجاه الهجرة، حيث وصف “الزين” السياسات الأوروبية بأنها تضخم القضية لأغراض سياسية وانتخابية، خاصة من قبل التيارات اليمينية، وهو خطاب تسايره فيه أحزاب اليسار بحثا عن الوصول إلى السلطة”، بحسبه.
وقال إن “أوروبا تتخلى عن حقوق المهاجرين، الذي هو جزء أساسي من حقوق الإنسان”.
وفي أكتوبر الماضي، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن الدول الأوروبية حوّلت قضية الهجرة إلى ورقة سياسية وتجارية، تسهم في تأجيج المخاوف، مشيرا إلى أن الهجرة الإفريقية تمثل نسبة صغيرة من الظاهرة العالمية.
وأوضح بوريطة أن المهاجرين الأفارقة لا “يغزون” أوروبا كما يروّج البعض، بل إن الهجرة غير النظامية الإفريقية لا تشكل سوى 0.23 بالمئة من إجمالي الهجرة العالمية.
كما شدد على أن إيجاد حلول فعالة للهجرة يتطلب تعاونا مشتركا بين دول المصدر والعبور والاستقبال، بدلا من الضغط على دول العبور وحدها.
أكد الباحث عبد الفتاح الزين أن المغرب يعمل على إيجاد حلول تنموية لمعالجة جذور الهجرة، عبر إطلاق مبادرتين رئيسيتين: وهي مبادرة الأطلسي، وأنبوب الغاز المغرب- نيجيريا”.
وفي ديسمبر 2023، اتفق وزراء دول الساحل الإفريقي، بمدينة مراكش المغربية، على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة دولية للملك محمد السادس، لاستفادة بلدان الساحل من المحيط الأطلسي.
وفي 2016، وخلال زيارة دولة قام بها العاهل المغربي إلى نيجيريا، تم الاتفاق على إحداث مشروع أنبوب للغاز يربط بين البلدين، ويمر بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، بالإضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
وسيمتد أنبوب الغاز على طول يناهز 5660 كلم، وسيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوروبا.
يرى الزين أن هذه المبادرات يمكن أن تساعد في الحد من التوترات والصراعات في الساحل، عبر توفير فرص العمل والتنمية الاقتصادية، ما يسهم في تقليل دوافع الهجرة غير النظامية.
(الأناضول)
مشروع أنبوب للغاز يربط بين البلدين، ويمر بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، بالإضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا و الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
هكذا تكون التنمية الشاملة والمصلحة العامة والسوق المشتركة ، الحكمة لا تكمن في طول الأنبوب بل في الكم الهائل من البشر الذي سينتفع منه.
سبب الهجره الأهم هو الاستبداد. هل يهاجر السويدي او الفنلندي او حتى الفرنسي كموجات الهروب من بلداننا الموبوءة بالفساد؟ التحسن الإقتصادي قد يخفف من الهجرات. لكن لكي يقضي عليها لا بد من تحول البلدان الطاردة إلى بلدان الخليج.
أغلبية الحراݣة من ثالث أقوى اقتصاد في العالم