الوحدة العربية ـ الإسلامية على الهواء مباشرة!

حجم الخط
20

تواشجت عوامل عديدة لرفع راية القومية في العالم العربي، بعد استتباب الأمر لهذا المفهوم في أوروبا، وكشكل من الرد على تعرض العالم العربي للاستعمار، وكبديل للخلافة الإسلامية التي حلّها الأتراك، فتصاعدت الدعوات لدولة عربية واحدة كبيرة تجمع مقدّرات العرب الاقتصادية والسياسية والطبيعية لتكون قادرة على المنافسة في سباق النهضة الحديثة.
وبعد فشل الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين وتبلور الخرائط السياسية الجديدة التي لعب البريطانيون والفرنسيون دور الأسد في تشكيلها، جاءت النكبة الفلسطينية المدوّية لتكسب تلك الدعوات القومية قوّة أكبر وشكّلت حمولة أيديولوجية كبيرة ملأت الشعوب العربية بأمل التوحّد لمجابهة إسرائيل ناهيك تنكّبها، إضافة الى هدف تحرير فلسطين، مهامّ كبرى مثل الحداثة والعدالة الاجتماعية والتنمية.
رفعت هذه الدعوات حركات مثل حركة القوميين العرب وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي وغيرها، وتزامنت مع التدخل المتعاظم للجيش فتمكنت عبر تحالفها أو تنظيرها لانقلابات عسكرية (سمّيت ثورات) من السيطرة على بلدان كبرى فاعلة في المنطقة، وذات تاريخ حضاري قديم هي سوريا ومصر والعراق واليمن وليبيا (وهو أمر لم يتم التعمّق في دلالاته كثيرا)، وإثر استتباب السلطات لهذا التحالف الأيديولوجي مع العسكر تبادلت هذه البلدان بشكل ثنائي أو ثلاثي أحياناً محاولات التوحّد وفشلت جميعها في ذلك فشلاً فظيعاً.
وشهدت هذه البلدان (إضافة الى السودان وموريتانيا والجزائر) صيرورة متعاظمة نحو التحوّل الى دكتاتوريات قاسية تستخدم أدوات الدولة من جيش وشرطة واستخبارات لتأبيد زعامات فردية وعائلية حوّلت البلاد الى مزارع فساد ساعية في أغلبها الى تحويل تلك الجمهوريات «الثورية» الى ملكيّات ولكن من دون مزايا تلك الدول الملكية والإمارات التي تمتّع أغلب شعوبها بالحدّ الأدنى من التنمية والرفاهية والأمان والاستقرار لكنّها، بدورها، غرقت في الفساد والقمع وانتهاك الحريات الأساسية.
لم تدخل تلك البلدان في حائط مسدود فحسب، بل إنها، وهي الوحدوية، نجحت في خلق عداوات هائلة في جوارها الإقليمي (العراق والكويت، وسوريا ولبنان وفلسطين)، بل إنها ساهمت حتى في تجزئة شعوبها نفسها وأحالتها الى وحدات إثنية وطائفية ومذهبية متقاتلة.
حاولت الشعوب العربية اجتياز هذا الحائط منذ عام 2010 وحتى الآن، وقد توحّدت الأنظمة العربية ضد الثورات، فتمكنت المؤسسة العسكرية الأمنية المصرية من استعادة مقاليد الأمور، وأغرق الرئيس السوري بلاده في بحر من الدماء، وما زالت الأوضاع في اليمن وليبيا على شفا هاوية بفعل عوامل خارجية وداخلية عديدة، فيما نجت الجزائر حتى الآن من الثورة بل وكانت منذ بدء الربيع العربيّ خزّاناً للقوى المضادة للتغيير.
كان الصراع المعقّد بين التغيير والثورة المضادة في العالم العربي مجالاً لتدخل قوى إقليمية وعالمية، وخصوصاً إيران، الحاضرة بقوة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وكذلك إسرائيل التي تشتغل دون هوادة على استمرار طاحونة القتل والحرب دون منتصر، ورغم هذه الصراعات المكشوفة الأهداف فإن ماكينة الأيديولوجيا القومية المعطوبة ظلّت تعمل بطرق ماكرة، مرة لخدمة استبداد قديم: النظم الدكتاتورية، ومرّة لخدمة استبداد مستجد: «داعش» وأخواتها.
وبذلك فإن أثر تلك الأيديولوجيات القوميّة لم يمح بل تمت وراثته من جماعات ترفع راية أيديولوجيات إسلامية، لكنّها في الواقع هجين أيديولوجيات وممارسات تزاوج بين «إنجازات» النظم العربية المشوّهة ومخيال مريض عن الإسلام مع الواردات الفظة لـ «الحداثة» الغربية مثل ألعاب الإجرام والقتل العشوائي في «البلاي ستيشن» وإباحيّات الإنترنت.
والنتيجة هي تكسّر حدود المخيّلة والخرائط بحيث رأينا جموعاً تتنقّل عابرة للحدود كاسرة مقدّسات الدين والسياسة والجغرافيا، في وحدة عربية (وإسلامية) بين الأنظمة التي تعبر الحدود، مجازاً أو واقعاً، لتمنع الثورة من الامتداد الى عروشهم، ومتطرّفين من كل شكل ولون، جذبهم المشهد الدمويّ، فجاءوا بدعاوى الدفاع الإسلام او مراقد طائفتهم ليكملوا الإجهاز على الشعوب.
يا لها من وحدة عربية إسلامية ناجزة!

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول م. حسن هولندا:

    للنجاح شروطة ومنهجة , وكذلك للفشل . إذا كان جلد الذات وتوزيع التهم سيفيد فعلي بركة اللة . السؤال هو ماهو البديل الذى يرفع من شأن أوطاننا ؟ كيف تفوقت أوطان وتعيش في عزة وتقدم بالعلم والعمل ؟ علي كل من يريد الإصلاح أن يبدأ بنفسة ومحيطة . البداية هي تأمل عميق وإلتزام بشروط النجاح ومنهجة , وسوف نصل بإذن اللة الي مانريد من عزة ونجاح .

  2. يقول Hassan:

    الطرق الصوفية والشعوذة كانت إحدى أدوات المستخرب للسيطرة على الوطن العربي في بداية الأمر. المستهدف بالدرجة الأولى هو الإنسان العربي الذي كان وقودا للقومية العربية من جهة وللعولمة وأخواتها من جهة أخرى بعد أن استخلف الغربي من يواصال هدم ذات وكيان ذاك الإنسان العربي. بعد تآكل تلك النظريات حوربت الشعوب العربية بلافتات الدين المنحرفة عما هو اعتدال وخاصة منها التكفيرية. ما يحدث في هذه الأيام من ثورة مضادة يعتر تخريبا ممنهجا لتفكيك وتقطيع مفاصل الأمة قصد السيطرة على النفط الذي دخل العد التنازل في الإستنزاف والتضحية بمن كرم الله إلى أن طال الأمر نواة كرامة الأمة ألا وهي غزة. غزة هي العزة لمن أراد العزة من بني عرب ممن طال استعبادهم من قبل عرب وعجم.

    1. يقول كمال التونسي ألمانيا:

      إذا أردنا التقدم و الوحدة فعلينا الأخذ بالأسباب !
      نحن أمة يجمعها ضرب الطبل و يفرقها ضرب العصا قال تعالى :[ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]
      صدق الله العظيم ….فعلا في القرآن الكريم حلولا لنهضتنا يا أمة ‹‹ إقرأ ››

  3. يقول فيصل شماخ:

    أنا اتفق هذه المره مع المقهور في محتوى رسالته وكذالك محمد طا هات
    وأضيف على ذالك. غلطة القوميين العرب بجميع مسماياتهم (بعث ناصريين وغيرهم ) في قوقعتهم في قالب ضيق ومحدود (حريه. اشتراكيته وحده)
    مم أدى
    اولا استبعا د المفكرين والقوميين الغير مؤمنين بهذه القولبه
    ثانيا أدى رفع شعار الشتراكيه لاستعمالها كفزاعه اوبعبع لتخويف الشعوب
    العربيه وتنفيرهم من القومية
    ثالثا الحملة الاعلاميه والتكفيريه التي قامة بها التيارات المتاسلمه

  4. يقول Hikmat USA:

    أرجو نشر هذا الرابط ..
    كنت أتابع أفلام البطولة والرجولة لأبطال فلسطين بكل فصائلهم ووجدت هذا الفيديو الذي نشره أعلام الصهيونية العربية .
    هذا ما يبرره الاعلام المصري والعربي الصهيوني لعدم دعم المجاهدين في غزة البطلة ، من مدعي الاسلام شيوخ الدين الذين باعوا انفسهم للصهيونية العربية
    لا أقول غير.. لا حول ولا قوة الا بالله
    أرجو النشر، واترك للأخوة والأخوات الحكم

    http://youtu.be/qOu5D6p8fKI
    والشكر للقدس الجميلة

  5. يقول الحضرامي -الصحراء الغربية-:

    لم نسمع عن الجزائر إلا انها قبلة الثورة والثوار وليست “خزاناً للقوى المضادة للتغير” ولكن الجزائر جربت الإرهاب في العشرية السوداء 1991-2001 وتملك رؤية وخبرة في المجال ولها سياسة داخلية وخارجية صلبة بصلب جبال الاوراس، إسئلوا فرنسا!!!! هل تريدون إقاعنا أن في ليبيا توجد ثورة مثلاً؟ اللهم حاكم ظالم ولا ذبح الاخ لأخيه! لكن هذا لا يعني ان الشعوب لا تملك حق تقرير مصيرها، نعم تملك شرط ان لا يغير مسار الثورة وأهدافها. الفتنة أشد من القتل والقذافي له ما كسب وعليه ما اكتسب من اخطاء فادحة لكنه لم يقتل من اليبيين مثل ما قتلت “الثورة”، إن الله خلق الإنسان ليعبده وليعيش لا ليقتل او ينشغل في قتال أخيه. على كل حال اي شعب رأى في الاقتتال ثورة وهو مقتنع بها فأنا أؤيده لأنه مقتنع بما يقوم به والمهم القناعة لا الإملائات الخارجية.

  6. يقول AL NASHASHIBI:

    الصمت العربي. هو مشاركه بالجريمه …. ونذاله وحقاره من….
    ……… ما دام الحكام العرب الانذال مشغولين في خدمه الاستعمار ….وما دام شعوب هذه الحكام في نوم  عميق ..لا يستطيعون  تقديم اي مساعده الي الانسان الفلسطيني الذي يذبح باليه استعماريه وحشيه …سوي التنديد والاستنكار والدعاً …كل هذه الامور لا تفيد  شيً من الدعم الحقيقي لهذا الوطن الذي هو جزً لا يتجزاً من الوطن الاسلامي والعربي ….للأسف  أناشد كل انسان شريف ان يقوم. بتفجير كل  مركز بترولي .. لان الفاًده من هذا البترول  تذهب فقط الي المستعمر واذنابه …وبهذا. الافضل قطع البترول …وتدميره …حتي يخضع الاستعممار  واذنابه الي المطالب الشرعيه لهذا الشعب بالعيش الكريم والشريف دون مذله …
    النشاشيبي …تدمير كل الآبار البتروليه  هي احدي الخيارات من اجل محاربه الاستعمار   واذنابه …ما دام  ليس هناك باليد من حيله في رفع الظلم والاضطهاد  عن الاخوه في غزه  العزيزه ….اين الاسلام الذي تنادوا به ..وأين الاسلام الذي تودونه …وأين هذه الصلاه التي تردع …وأين هذه المبادي الشريفه التي تربيتوا عليها …للأسف  مات الضمير الحي من قبل الحكام وشعوبها …واصبحنا نعيش بين الحفر  كمثل الجراذين …للأسف …الغياب والصمت العربي يدل علي المشاركه في الجريمه …وعلينا معاقبه الكل …نعم لتدمير آبار البترول …حتي نعود لبناً الضمير الحي للانسان العربي …
    AL NASHASHIBI

  7. يقول غادة الشاويش:

    * لا حول ولا قوة الا بالله لقد اصبحنا في زمن انحطاط العمائم ومدعي الجهاد والله لو كان كل من بفلسطين شيعيا لوجبت حمايتهم من وجهة نظر الاسلام ايها الذي لا تخرج عن كونك جاهلا الى حد الاجرام او منافقا الى حد التواطؤ المسلم دمه وماله وعرضه حرام والدفاع عنه واجب شيعيا كان او وهابيا سلفيا او اخوانيا قوميا او بعثيا ،ماذا وما هو الفرق بينك وبين مجرمي حزب ( الله ) الجددالذين ينصرون نظام الميغ في سوريا ويفتون انها معركة خروج وظهور الامام المهدي وينسون انهم في صف الظالمين

  8. يقول محمد حسن عبدالوهاب:

    اول قدم الی الوحده هی رفض التطرف و الطایفیه .. کل من یقول لا اله الاالله و محمد رسول الله فهو مسلم ، لحمه لحمی و دمه دمی ..

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية