دمشق – «القدس العربي»: ألقت الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية القبض على رئيس فرع الأمن السياسي السابق في ريف دمشق، العميد سمير عثمان الشيخ، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بعد الكشف عن مكان وجوده عن طريق المنظمة السورية للطوارئ “إس إي تي إف” والتنسيق مع الشهود والضحايا الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب في عهده.
ولعب الشيخ (72 عاماً)، الذي ينحدر من محافظة إدلب، دوراً في محاصرة وتطويق مدينة دير الزور، واقتحامه قوات النظام السوري للمدينة، كما ساهم في اعتقال آلاف الشباب من أبناء دير الزور وريفها، وتعذيبهم.
معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، قال لـ”القدس العربي” إن منظمته “بلّغت الحكومة الأمريكية بوجود سمير الشيخ على الأراضي الأمريكية، وعملت مع الجهات المختلفة، ومن بينها وزارة العدل الأمريكية، لمنع الشيخ من المغادرة وذلك قبل سفره إلى بيروت”.
وحول توفير المعلومات ومكان إقامة تواجد العقيد سمير الشيخ، قال مصطفى: “بمساعدة لاجئة سورية وصلت إلى أمريكا حديثاً، تأكدنا من وجود الشيخ في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أبلغنا وزارة الخارجية ووزارة العدل وكل الجهات المعنية بتواجده، حتى السفيرة الأمريكية للقضاء الجنائي، بيتث فان شاك، ومكتب التحقيقات الفدرالي أو مكتب التحقيق الاتحادي (أف.بي.آي)، حيث عملنا معاً لتوصيل المعلومات والشهود والوثائق عن أماكن تواجده وكل مناصبه في سوريا، سواء في سجن عدرا وغيره، كما تواصلنا مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى لتوصيل المعلومات حول الجرائم التي ارتكبها في سوريا.
وعيّن الرئيس السوري، بشار الأسد، سمير عثمان الشيخ محافظاً على دير الزور عام 2011 بعد أن تقاعد من عمله، بموجب المرسوم رقم 278، كما شغر منصب رئيس فرع الأمن السياسي في ريف دمشق. وتسلم إدارة سجن عدرا في ريف دمشق، من عام 2005 إلى 2008، بحسب مصطفى.
وقال مصطفى: “سنقاتل من أجل ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يحاولون الخروج من دائرة حماية النظام لهم، وسنقدّمهم إلى العدالة، هنا في الولايات المتحدة، من أجل كل طفل وشاب وامرأة فقدوا أرواحهم وبيوتهم بسبب ممارساتهم الإجرامية”.
وخلال السنوات الماضية، تمكنت الدول الغربية من ضبط العديد من الضباط في النظام السوري، وتقديمهم للمحاكمة بسبب تورطهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كما صدقت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية، باريس، منتصف الشهر الماضي، على ذكره التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري بشار الأسد المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في آب/ أغسطس 2013.
وبذلك تكون غرفة التحقيق قد رفضت طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بإلغاء مذكرة التوقيف بسبب الحصانة الشخصية للرؤساء أثناء وجودهم في السلطة. وأكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب أنه بالإجماع يعتبر حتى الآن “أن الاستثناءات للحصانة الشخصية لرؤساء الدول في مناصبهم “مخصصة للهيئات القضائية الدولية فقط”، مثل المحكمة الجنائية الدولية وليس محاكم الدول الأجنبية”. و”دون التشكيك في وجود عناصر تثبت تورط الأسد في الهجمات الكيميائية التي ارتكبت في آب/ أغسطس 2013″.
ومنذ عام 2021 بعد رفع شكوى، يقوم قضاة التحقيق من وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية بالتحقيق في التسلسل القيادي الذي أدى إلى الهجمات التي ارتكبت ليل 4 إلى 5 آب/ أغسطس في عدرا ودوما (450 جريحاً) وفي 21 آب/ أغسطس 2013 في الغوطة الشرقية، حيث قُتل أكثر من ألف شخص، حسب الاستخبارات الأمريكية، بغاز السارين.
وأدت التحقيقات إلى إصدار أربع مذكرات توقيف منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر بتهمة التخطيط المزعوم لشن هذه الهجمات.
وتستهدف المذكرات بشار الأسد وشقيقه ماهر القائد الفعلي للفرقة الرابعة، وهي وحدة النخبة في الجيش السوري، بالإضافة إلى ضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن.
وطعنت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب بمذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري، ولكن ليس تلك الصادرة بحق الثلاثة الآخرين.
وتستند التحقيقات الموكلة إلى المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الكراهية، بين أمور أخرى، إلى الصور ومقاطع الفيديو والخرائط المقدمة من الأطراف المدنية وشهادات ناجين ومنشقين عن الوحدات الأمنية والعسكرية.
وفي مايو/ أيار الماضي، شهدت العاصمة الفرنسية باريس محاكمة غيابية أمام محكمة الجنايات لثلاثة مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في النظام السوري، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب على خلفية مقتل فرنسيَين سوريَين اعتُقلا في 2013.
وكان قاضي التحقيق قد أصدر عام 2018 مذكرة اعتقال بحق ثلاثة متهمين من مسؤولي النظام السوري، وهم: علي مملوك المدير السابق لمكتب الأمن الوطني، وجميل حسن المدير السابق للمخابرات الجوية، وعبد السلام محمود المدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية. ثم أصدر قرار اتهام بحقهم وأحالهم إلى محكمة الجنايات في قضية الضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن.
يقول المحامي أنور البني، أحد القائمين على القضية، إن “إغلاق طرق العدالة المألوفة في مثل حالة الوضع السوريّ كمحكمة الجنايات الدوليّة أو إنشاء محكمةٍ خاصّةٍ بالوضع السوريّ بسبب عدم انضمام سوريا إلى اتّفاق إنشاء المحكمة واستخدام روسيا والصين الفيتو أربع مرّاتٍ لمنع هذه الطريق، كما أنّ إغلاق طرق الحلول السياسيّة الاتفاقيّة لإنهاء مأساة الشعب السوريّ وانعدام أيّ فرصةٍ لحلٍّ سياسيٍّ يحقّق الحدّ الأدنى من العدالة للضحايا، ألهم الضحايا وممثليهم لاستخدام الصلاحيّة العالميّة المتوفّرة في عددٍ من البلدان الأوروبيّة، وأقدمها ألمانيا، للبدء بإجراءات العدالة، وهو طريقٌ لم يسلك سابقاً إلّا بشكلٍ بسيطٍ، ولم تكن هناك نتائج تذكر في هذا المضمار”.
و”من هنا كان تركيزنا في موضوع ملاحقة المجرمين على هذه الجريمة بالتحديد، أولاً لأنها الأوسع نطاقاً والأكثر ضحايا، وثانياً بسبب وصول مئات آلاف السوريين/ات إلى أوروبا ممن كانوا ضحايا هذه الجريمة، لذا توفر الضحايا والشهود بالإضافة إلى المدعين على ارتكابها، والحصول على الوثائق التي تؤكد سلسلة القيادة ومسؤولية الشخصيات الأكبر في النظام السوري عن هذه الجريمة ضد الإنسانية، كما يتوفر لدى أوروبا القضاء المستقل ويتوفر لدى قضائها الصلاحية العالمية التي تمنح القضاء ملاحقة المجرمين ضد الإنسانية ومجرمي الحرب إذا كانوا موجودين في أراضيها حسب اتفاقيات جنيف الأربع، واتفاقيات منع التعذيب وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالعنف الجنسي، كما تتوفر لدى بعض الدول، وهي ألمانيا منذ 2002 والسويد والنرويج منذ 2014، صلاحية ملاحقة المجرمين ضد الإنسانية حتى لو كانوا خارج أراضيها، لأن إفلات هؤلاء من العقاب سيهدد السلم العالمي كله”. ولا يزال أكثر من 60 مسؤولاً أمنياً سورياً كبيراً في سوريا مشتبهاً بهم، وموضوع التحقيق مفتوح رسمياً بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. وبناء على ملفات تحقيقية، صدرت مذكرات توقيف دولية بعدد من المسؤولين المتهمين في أعلى هرم السلطة والموجودين في سوريا إلى الآن.
ان شاء الله يتم القبض على جيع الرؤوس العفنة التي شاركت في قتل الابرياء