صنعاء – «القدس العربي»: فيما شُيّع، أمس الأحد، بالحديدة غربي اليمن، جثامين شهداء مجزرة ميناء رأس عيسى، كانت الغارات الأمريكية قد استهدفت، مساء السبت، مقبرتين بصنعاء وفق وسائل إعلام تابعة لـحركة «أنصار الله» (الحوثيين)، وألحقت أضرارًا بـ240 قبرًا، وفق هيئة الأوقاف بصنعاء.
وكانت «تدوينة» وزير الثقافة اليمني الأسبق، خالد الرويشان، هي أقرب لاختزال المأساة، قائلًا: «أمريكا العظمى تضرب بالصواريخ أموات مقبرة ماجل الدمّة في صنعاء! اتصلت بحارس المقبرة كي أطمئن على قبر الوالد وقبور جثامين الجد صالح بن ناجي وأعمامي وإخوتي والأسرة وعليه كحارس وعلى أطفاله أيضًا في غرفته المتواضعة! كان الحارس يصيح: أولاد الكلب بيضربوا الميّتين يا أستاذ خالد! جريمة تلخّص تفاهة ترمب، تفاهة اللحظة المجنونة التي تحكم العالم!».
وشهدت مدينة الحديدة الساحلية الواقعة غربي اليمن، أمس، «تشييع عدد من شهداء مجزرة العدوان الأمريكي في ميناء رأس عيسى، والتي راح ضحيتها 80 شهيدًا و150 جريحًا من موظفي الميناء وسائقي الشاحنات».
الحوثيون لواشنطن: لا يمكن أن نتخلى عن ثأرنا
وقالت وكالة الأنباء «سبأ» بنسختها التابعة للحوثيين إن «موكب التشييع انطلق من أمام جامع الرضا بمدينة الحديدة، بمشاركة جماهيرية واسعة وحضور رسمي تقدَّمه محافظ الحديدة عبدالله عطيفي».
إلى ذلك، قال نائب رئيس هيئة الأركان العامة، رئيس الفريق الوطني لإعادة الانتشار في حكومة «أنصار الله» (الحوثيون)، اللواء علي الموشكي، إن «الوضع في اليمن سيكون أكثر خسارة وكلفة على واشنطن، مضيفًا: «لا يمكن أن نتخلى عن ثأرنا أو ننسى دماء شهدائنا».
وأكد الموشكي، وفق قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين، «أن خسارة أمريكا في عدوانها وتصعيدها على اليمن ستكون كارثية ونحن نعرف كيف ندافع عن أنفسنا»، موضحًا «أن الهجمة العدوانية الأمريكية لم تقتصر على الحديدة والأعيان المدنية فحسب، بل وصلت إلى القرصنة على كل السفن المتجهة إلى الحديدة».
وقال خلال لقائه القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة: «إن مصير كل الهجمات الأمريكية على اليمن هو الفشل ونرى فيها التخبط الواضح، واستهداف مقابر الموتى في العاصمة صنعاء دليل على ذلك».
وكان الطيران الحربي الأمريكي قد كثف غاراته، مساء السبت، على العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات الحديدة، ومأرب، وعمران، مستهدفًا مطار وميناء الحديدة، ومقبرتين بالعاصمة، مخلفة شهيدين و11 مصابًا، وفق وزارة الصحة بصنعاء، كما ألحقت الغارات أضرارًا في 240 قبرًا بصنعاء، وفق هيئة الأوقاف، وذلك بعد يومين من المجزرة الناجمة عن استهداف منشأة ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، والتي سقط فيها 80 شهيدًا.
وأعلنت وزارة الصحة في حكومة «أنصار الله» (الحوثيون)، أن الغارات على أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، مساء السبت، أسفرت عن استشهاد مواطنين اثنين و11 جريحًا.
وأفادت في بيان، الأحد، «باستشهاد مواطن وإصابة تسعة آخرين جراء العدوان على حي النهضة بمديرية الثورة، وإصابة مواطن في الغارة على مقبرة ماجل الدمة بمديرية الصافية في أمانة العاصمة، واستشهاد مواطن وإصابة آخر نتيجة غارات العدوان على منطقة المساجد بمديرية بني مطر في محافظة صنعاء».
وأدانت الهيئة العامة للأوقاف بصنعاء «جرائم العدوان الأمريكي التي طالت الأحياء السكنية والأعيان المدنية، وبلغت حد استهداف الأموات بقصف مقبرة ماجل الدمة بأمانة العاصمة». واعتبرت الهيئة، في بيان، «استهداف المقابر تعديًا على حرمة الموتى، وبقدر ما يعبر عن طغيان العدو الأمريكي وحقده، يعكس فشله وتخبطه أمام صلابة وإيمان الشعب اليمني».
وقالت: «تتابع هيئة الأوقاف ما يمارسه العدو الأمريكي من جرائم نكراء تستهدف الشعب اليمني ومقدراته، وآخرها جريمة استهداف مقبرة ماجل الدمة بالعاصمة صنعاء، ما أدى إلى جرح حارسها والإضرار بــ240 قبرً،ا منها تسعة قبور تضررت بشكل كلي، و231 قبرًا تضرر بشكل جزئي».
وحمّل البيان «العدو الأمريكي ومن يسانده كامل المسؤولية عن هذه الجرائم والاعتداءات الآثمة بحق الشعب اليمني»، داعيًا «كل الأحرار إلى إدانة هذه الجرائم التي يرتكبها رأس الشيطان العالمي أمريكا».
وكانت المقاتلات الأمريكية شنت، مساء السبت، ثلاث غارات على جزيرة كمران بمحافظة الحديدة (غرب)، وأربع غارات على مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران (شمال).
كما استهدف بسلسلة غارات أمانة العاصمة، من خلال غارة استهدفت حي النهضة بمديرية الثورة، وغارة استهدفت مقبرة ماجل الدمة خلف النادي الأهلي بمديرية الصافية، وغارة استهدفت مقبرة النجيمات بمديرية السبعين، وأربع غارات استهدفت منطقة الحفا بمديرية السبعين، وخمس غارات على حديقة 21 سبتمبر (الفرقة سابقًا) بمديرية الثورة.
وفي محافظة صنعاء، ذكرت وكالة الأنباء سبأ بنسختها التابعة للحوثيين أن «العدوان الأمريكي استهدف بـ 3 غارات مديرية بني حشيش، كما استهدف منطقة ضروان بمديرية همدان، واستهدف بغارة مديرية بني مطر، وبغارتين على مديرية الحصن وغارة على مديرية الحيمة الخارجية».
كما استهدف بغارة مديرية صرواح بمحافظة مأرب (شمال شرق).
وذكرت وسائل إعلام تابعة لـ»أنصار الله» أن «العدوان الأمريكي عاود مساء السبت غاراته الإجرامية على محافظة الحديدة مستهدفًا بـ13 غارة ميناء ومطار الحديدة».
وكانت حركة «أنصار الله» (الحوثيون)، قد أعلنت، السبت، «عن إسقاط طائرة أمريكية معادية نوع (إم كيو-9) أثناء قيامِها بتنفيذ مهام عدائية في أجواء محافظة صنعاء، هي الثانية خلال 24 ساعة والسادسة خلال شهر أبريل الجاري».
وأوضح المتحدث العسكري باسم الحركة، العميد يحيى سريع، في بيان، «أن الدفاعات الجوية أسقطت الطائرة بصاروخ أرض- جو محلي الصنع، ليرتفع عدد الطائرات التي تم إسقاطها خلال معركة «الفتح الموعود والجهاد المقدس» إلى 21 طائرة».
وأكدَّ «أن استمرار الغارات الجوية واستهداف المواطنين وممتلكاتهم والمنشآت العامة والخاصة لن يكسر إرادة الشعب اليمني، ولن يؤدي إلا إلى المزيد من الصمود والثبات على الموقف الداعم للشعب الفلسطيني في مواجهة جريمة حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الأشقاء في غزة، استجابة للواجب الديني والأخلاقي والإنساني».
وجدد «التأكيد على استمرارهم في عمليات الإسناد حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها».
على صعيد الادانات، أدان اتحاد ملاك المحطات البترولية في صنعاء، بأشد العبارات، «الغارات الجوية الأمريكية الإجرامية التي استهدفت منشآت مدنية في ميناء رأس عيسى النفطي، والتي أسفرت عن استشهاد 80 عاملًا وموظفًا وسائقًا وإصابة ما يزيد عن 150 آخرين، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع.»
واعتبر الاتحاد، في بيان، «أن هذا العدوان الغاشم على منشآت نفطية مدنية يستخدمها الشعب اليمني لتأمين احتياجاته من المشتقات النفطية، يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية والإنسانية التي تحظر استهداف البنى التحتية الحيوية والأعيان المدنية».
وحذر الاتحاد «من التبعات الكارثية لهذا الاستهداف، الذي لا يضر فصيلًا أو جماعة، بل يطال حياة الملايين من أبناء الشعب اليمني ويزيد من معاناتهم الإنسانية».
كذلك، أدان مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية، بأشد العبارات، «العدوان الأمريكي على العاصمة صنعاء مساء السبت. وأوضح المركز في بيان «أن غارات العدوان الأمريكي التي استهدفت حي النهضة السكني في مديرية الثورة ومقبرة ماجل الدمة في مديرية الصافية وعلى مديريات بني حشيش وبني مطر والحيمة وهمدان التابعة لمحافظة صنعاء، وأسفرت عن سقوط شهداء وجرحى، انتهاك صارخ لكافة الأعراف والقوانين الدولية».
واعتبر البيان أن «هذه الغارات تصعيد خطير بعد أيام قليلة من جريمة استهداف العدو الأمريكي لميناء رأس عيسى النفطي، الذي أدى إلى استشهاد 80 شخصًا وجرح 150 آخرين وتدمير الميناء».
أيضًا، وجه الاتحاد العام لنقابات عمّال اليمن، «رسالة إلى منظمة العمل العربية، حول ما يتعرض له عمال اليمن من قتل وتدمير لمنشآتهم من قبل العدوان الأمريكي».
وقال الاتحاد: «نود أن نشعركم وأنت تعقدون مؤتمركم السنوي الذي يخصص جزءًا كبيرًا من برنامجه لمناقشة قضايا العمال في الوطن العربي، أن تتذكروا موطن العرب الأول اليمن الذي يتعرض عماله للقتل المستمر وتدمير منشآتهم من قبل العدوان الأمريكي، وآخرها استهدافه لميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة بالعديد من الغارات ما أدى إلى استشهاد 80 مدنيًا وإصابة 150، معظمها إصابات حرجة للعاملين في منشآت النفط والغاز بالميناء».
وأوضح «أن العدوان الأمريكي على المنشآت الاقتصادية والصناعية والخدمية محاولة لتدمير البنية الاقتصادية وإفقار الشعب اليمني وحرمانه من مقومات الحياة الكريمة»، معتبرًا ذلك «انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والمواثيق الدولية».
في السياق، أعرب المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، الأحد، عن قلقه البالغ» إزاء تأثير الضربات الجوية الأمريكية في ميناء رأس عيسى ومحيطه على المدنيين، ولا سيما سائقي الشاحنات والعاملين في الميناء، وكذلك على البنية التحتية المدنية».
وقال: «إن سلسلة الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله على البحر الأحمر، والغارات الجوية الأمريكية ردًا عليها، تقوّض جهود السلام، وتُنذر بجرّ اليمن لمزيد من الصراع الإقليمي. لذلك، أُكرّر دعوتي إلى ضبط النفس، وخفض التصعيد، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية من جميع الأطراف وفقاً للقانون الدولي».