لندن ـ ‘القدس العربي’ ـ من محمد جميح: اتهم الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية اليمني إيران مجدداً بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية، مؤكداً أن لدى اليمن أدلة على تدخل أطراف داخل إيران لإقلاق الوضع الأمني في البلاد.
وذكر القربي ـ في حوار أجرته معه ‘القدس العربي’ على هامش حضوره مؤتمر أصدقاء اليمن الذي انعقد الثلاثاء الماضي في العاصمة البريطانية لندن ـ أن سفن الأسلحة التي تم ضبطها تعد دليلاً على استمرار إيران في تدخلاتها رغم مخاطبة بلاده للإيرانيين في ذلك الشأن، وأكد أن اليمن بعث برسائل للحكومة الإيرانية في هذا الخصوص، مؤكداً أنه من المنتظر أن يزور صنعاء وكيل وزارة الخارجية للوقوف على حقيقة التدخلات الإيرانية التي قال القربي إنها لا تخدم مصالح إيران، ولا أمن المنطقة.
وفي المقابل أكد الوزير اليمني على عمق العلاقات التي تربط بلاده بدول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن أغلب الدعم الاقتصادي يأتي لبلاده من ‘الأشقاء في الخليج’.
ودعا القربي الأطراف المختلفة في اليمن إلى تحقيق المصالحة الوطنية، ونوه إلى أن على حزب الإصلاح والحوثيين التوقف عما من شأنه تهديد مخرجات الحوار الوطني في البلاد.
وذكر أن عدم قدرة الوزارات المختلفة في اليمن على استيعاب أموال المانحين، وعدم القدرة على تنفيذ المشاريع هو ما أعاق تحويل هذه الأموال في السابق، مؤكداً أن 36′ من الأموال قد تم تحويلها إلى اليمن، فيما تم تخصيص ما بين 90 إلى 95′ من الأموال.
ونفى القربي أن تكون هناك أية خلافات بين بلاده والمملكة العربية السعودية أدت إلى نقل اجتماع أصدقاء اليمن من الرياض إلى لندن، مؤكداً أن الرياض دعت لاجتماع المجموعة في نيويورك في شهر ايلول/سبتمبر القادم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وهذا نص الحوار:
‘ ما أهم نتائج لقائكم بمجموعة أصدقاء اليمن؟
‘ انعقدت جلسة اجتماع مجموعة أصدقاء اليمن يوم الثلاثاء الماضي، وبعد الاستماع لكلمة الأخ رئيس الجمهورية، ومداخلات الجانب اليمني، اطلع الأصدقاء على حقيقة مفادها أن اليمن خرج من الأزمة، وتفادى الحرب، لكن الجانبين الأمني والاقتصادي أغفلا بدرجات متفاوتة خلال الفترة الماضية. ونتيجة لعدم البدء في تنفيذ المشاريع التي رصدت لها الأموال تعقد الوضع الاقتصادي، بشكل أدى إلى تهديد حقيقي لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. بالإضافة إلى ذلك، فإن العجز في ميزاينة الدولة ينبغي أن ينال اهتمام الأشقاء والأصدقاء، لتحقيق الاستقرار، وتمكين الحكومة من مواصلة الإصلاحات الاقتصادية، ومتابعة المشكل الأمني.
‘ يقول المانحون إن من أسباب عدم تحويل الأموال المرصودة منذ 2006، والتي رصدت بعد ذلك الفساد المستشري في مفاصل مؤسسات الدولة. كيف تنظر للمسألة؟
‘ جاءت الأزمة السياسية بعد انتخابات 2006، وقد كانت سبباً في عدم الاستقرار السياسي، الذي أدى مع عدم قدرة المؤسسات والوزارات على استيعاب أموال المساعدات، إلى عدم تحويل أموال المساعدات، ومن ثم عدم تنفيذ المشاريع.
واستمرت الأزمة السياسية آنذاك، إلى ان جاء عام 2011، ودخل اليمن في منعطف آخر، تداعيى له أصدقاء اليمن، وأضيفت مبالغ إضافية.
لكن آثار المرحلة الانتقالية كانت لا تزال ماثلة، وظلت مسألة استيعاب أموال المساعدات محط نقاش إلى أن انتهينا بمساعدة فنية من البنك الدولي إلى تشكيل ‘وحدة متابعة تنفيذ المشاريع’ التي ستهتم بمتابعة تخصيص الأموال وتنفيذ المشاريع. والآن وبعد أن اصبح لدينا هذا الجهاز الجديد، نأمل أن نكون قد تغلبنا على معوقات تنفيذ المشاريع وتحويل الأموال. وقد تم إلى حد الآن تخصيص ما بين 90 إلى 95′ من أموال المساعدات لصالح مشاريعها التي رصدت لها، كما تم تسليم حوالي 36′ من أموال المساعدات وهي الآن تمول مشاريع تم البدء في تنفيذها واخرى في طريقها للتنفيذ.
‘ لماذا تم تحويل اجتماع أصدقاء اليمن من الرياض إلى لندن؟ هل هناك خلافات مع السعودية حالت دون انعقاده في الرياض؟
‘ خرجت تفسيرات لا أساس لها من الصحة لانعقاد الاجتماع في لندن بدلاً من الرياض. والذي تم، هو أننا خلال الفترة الماضية تمكنا من هيكلة أسلوب عمل مجموعة أصدقاء اليمن، بحيث تتم الاجتماعات على مستوى كبار الموظفين في الخارجية بدلاً من وزراء الخارجية. وعندما حسم موضوع الهيكلة، وفي ظل الهيكلة الجديدة لم يعد مناسباً الدعوة لاجتماع وزاري، واستعيض عنها بالدعوة لاجتماع على مستوى كبار الموظفين في وزارات الخارجية للدول المعنية. وقد تقرر هذا الاجتماع في لندن، وحضر ممثلو الوفد السعودي الشقيق، ودعت الرياض للاجتماع المقبل في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول/سبتمر القادم.
‘ ماذا عن الانتخابات القادمة؟
‘ من المتوقع أن تجري الانتخابات القادمة خلال عام من تاريخ تشكيل لجنة صياغة الدستور، لأن الانتخابات مرتبطة بصياغة الدستور وإقراره والاستفتاء عليه، والاستعدادات الأمنية والسياسية.
‘ غالباً ما تتهمون إيران بالتدخل في شؤونكم الداخلية، ودائماً تنفي إيران، هل لديكم أدلة على تدخلات طهران في الشؤون الداخلية اليمنية؟
‘ ثبت من خلال السفن التي تم القبض عليها محملة بالأسلحة أن هناك أطرافاً في إيران تقوم بتهريب السلاح إلى اليمن، وقد خاطبنا الإخوة في إيران أن ذلك ليس من مصلحة إيران، ولا من مصلحة أمن المنطقة. وحرصنا مع قدوم الحكومة الجديدة في إيران على أن يكون لها موقف واضح ومحدد من قضية تهريب السلاح إلى بلادنا. وأرسلنا لهم رسائل في هذا الخصوص.
‘ وماذا كان ردهم؟
‘ نحن ننتظر وكيل وزارة الخارجية الإيراني في زيارة لصنعاء لنقف على حقيقة الموقف الإيراني مع وصول حكومة جديدة إلى السلطة.
‘ أعمال العنف شمال صنعاء. هل تقلقكم؟
‘ ليس فقط أعمال العنف شمال صنعاء هي ما يقلق، بل بالإضافة إليها هناك الإرهاب وأعمال التخريب المستمرة في البلاد. كما أن المماحكات السياسية تؤثر سلباً على مخرجات الحوار الوطني في البلاد. والمطلوب اصطفاف وطني يضع مصلحة البلاد فوق المماحكات السياسية، وبما ينسجم مع مساعي الأخ الرئيس في تحقيق المصالحة الوطنية.
‘ كيف هي علاقاتكم مع دول الخليج العربي؟
‘ العلاقة مع دول الخليج العربي متميزة، والدول الست داعمة لجهود الرئيس لإنجاز ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية، ودول الخليج هي الداعم الأكبر لليمن، وفي مقدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، ولكننا نأمل في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، وما أشرت إليه سابقاً من عجز الميزانية أن نرى دعماً لتغطية العجز من الأشقاء في دول التعاون لأهميته في هذه المرحلة، وضمان النجاح الكامل لهذه المرحلة.
‘ ما هو تأثير اختلال العلاقات بين تجمع الإصلاح والحوثيين على عملية تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني؟
‘ الإصلاح والحوثيون طرفان مشاركان في الحوار الوطني، وأسهما في انجاحه، ويجب التزامهما بهذا الموقف الآن، وعليهما تجنب ما من شأنه أن يثير الخلافات فيما بينهما، أو الخلافات في وجهات النظر حول العملية السياسية برمتها، ومنع تصعيد المواقف بما يهدد النجاحات التي تحققت، وفي مقدمتها مخرجات الحوار الوطني، وعليهما القيام بما من شأنه تحقيق المصالحة الوطنية، ومع كل الأطراف السياسية بما يخدم بناء اليمن الجديد.