اليهود الحريديم في إسرائيل بين السياسة والدين

مع ارتفاع عدد اليهود الأشكناز في فلسطين خاصة عبر أبواب الهجرة التي سهلتها بريطانيا، اقترح البريطانيون تشكيل مؤتمر حاخامي مشترك يضم مجلساً مصغراً لكل من الأشكناز والسفارديم، فضلاً عن مجلس حاخامي أعلى مشترك، و قد طبق هذا النظام في عام 1921.
يشكل اليهود المتدينون الحريديم الآن نحو (13) في المائة من عدد السكان في إسرائيل ومع ذلك فإن نفوذهم في الدولة كبير، حيث تستمد الأحزاب الدينية قوتها من حاجة الساسة الإسرائيليين إليها عند تشكيل الحكومات لنيل ثقة الكنيست الإسرائيلي.

الخدمة العسكرية

يلحظ المتابعون عودة الأحزاب الإسرائيلية الدينية بقوة إلى المشهد السياسي خلال العقدين الأخيرين.
وتولي تلك الأحزاب أهمية كبيرة بشكل خاص لمصادقة الكنيست على قانون يستثني المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية ونجحت قبل عدة أيام في ذلك.
واللافت أن نمو السكان الأرثوذكس المتشددين (الحريديم) في إسرائيل هو الأعلى بين جميع السكان في العالم.
ويبلغ حوالي (4) في المائة سنويا، والعامل الجوهري في ذلك هي معدلات الخصوبة المرتفعة، ومستويات المعيشة والطب الحديث، ومتوسط عمر الزواج عند الشباب، والأعداد الكبيرة من الأطفال لكل أسرة حريدية، وتصل نسبة الشباب الحريديم في إسرائيل (60) في المائة مقارن (30) في المائة من اجمالي عدد سكان إسرائيل من اليهود.

أسس الأنظمة القضائية

ومن الأهمية الإشارة إلى أنه بعد إنشاء إسرائيل قبل ستة وسبعين عاماً تمّ إنشاء هيكلية للمحاكم اليهودية في فلسطين وبالتحديد في مدينة القدس،‏ واستمر العمل في هذه التراتبية بعد ذلك، و ذلك رغم إرساء أسس الأنظمة القضائية العلمانية والعسكرية ، كما أضيف إلى النظام المذكور وزارة الشؤون الدينية التي يشرف عليها الحزب السياسي الديني الذي دخل الائتلاف الحكومي ، و كان يدعى سابقاً «مزراحي» ومن ثم لاحقاً الحزب الوطني الديني المفدال.
وقد استقر كبار الحاخامات المحليين منذ عام 1988 في مدن فلسطين المحتلة الكبرى ، وبالتساوي في كل مدينة ، حاخام يمثل اليهود الغربيين الأشكناز وآخر يمثل اليهود الشرقيين السفارديم ، وقد تم إنشاء مجالس دينية محلية في إطار وزارة الشؤون الدينية ، حيث تقدم تلك المجالس الخدمات الدينية المختلفـــة، و تشرف في الوقت ذاته على المسالخ والملاحم، وتعنى في الوقت ذاته بالقوانين الشرعية المتعلقة بالمواد الغذائية، داخل المؤسسات العامة، كما تقوم المجالس بمراقبة حالات الطلاق والزواج .

معطيات ماثلة

تشير الإحصاءات الإسرائيلية خلال العام الحالي 2024 ، أن عدد اليهود في إسرائيل قد بلغ (7) ملايين و247 ألف يهود ويشكلون (73) في المائة من سكان إسرائيل ، منهم (40) في المائة يهود أشكناز من أصول أمريكية وأوروبية، و (36) في المائة يهود شرقيين سفارديم ، من أصول أفريقية وآسيوية ، في حين يشكل اليهود لأب يهودي مولود في فلسطين ، أي يهود الصابرا (24) في المائة من إجمالي مجموع اليهود في إسرائيل، وتعود أصول غالبية الفئة الأخيرة إلى الدول الأوروبية الغربية.‏ لقد ضمن الإعلان الرسمي لإقامة إسرائيل عام 1948 بنوداً حول حرية العبادة لكافة المجموعات داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأصبحت وزارة الشؤون الدينية في إسرائيل، تشرف على مراقبة ودعم المجالس الدينية المحلية و تلك العائدة للجماعات غير اليهودية، المسيحية ، الإسلامية ، و الدرزية التي تصفها الأدبيات الإسرائيلية بقومية و طائفة لها عاداتها وتقاليدها وهويتها الخاصة .‏
وأنشأت السلطات الإسرائيلية في عام 1965 نظاماً مستقلاً للمحاكم الدرزية محاولة لتمييز هذه الطائفة عن غيرها من الطوائف غير اليهودية، و فرضت وزارة الأديان الإسرائيلية سلطتها المباشرة على الأوقاف الدينية الإسلامية، بعد أن كانت تدار من الطائفة نفسها، كما أشرفت الوزارة المذكورة على الأقسام التابعة لوزارتي الداخلية والرعاية الاجتماعية.
وإلى جانب المحاكم المسيحية والإسلامية والدرزية، كان هناك أيضاً نظام آخر من المحاكم الأرثوذكسية اليهودية الموازية لها، و تعمل بشكل مستقل عن المحاكم الحاخامية، و كانت تشرف هذه المحاكم على شؤون المتشددين الأرثوذكس كحزب «أغودات إسرائيل» ، وجماعة «ناطوري كارتا» وغيرها من المجموعات ، حيث لم يذعن المتشددون من اليهود لسلطة الدولة الرسمية، وما ينبثق عنها كوزارة الشؤون الدينية والمجلس الحاخامي في إسرائيل .
ومن نافلة القول أن الحريديم يرفضون الانضمام إلى الخدمة العسكرية في إسرائيل ونجحوا إلى حد كبير في ذلك ، لكنهم في الوقت ذاته يدعون إلى قتل الفلسطينيين، وقد أشار أكثر من حاخام يهودي إسرائيلي الى ذلك .

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    الحريديم ينطبق عليهم قول اليهود للنبي موسى : اذهب وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🚀

اشترك في قائمتنا البريدية