«اليوم التالي» لغزة أم لحكومة نتنياهو؟

حجم الخط
14

أطلق دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تصريحا مهمّا يوم الأربعاء الماضي، قال فيه بصراحة إن أحاديث الساسة الإسرائيليين، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، على إمكانية القضاء المطلق على حركة «حماس» هي «كذب على الجمهور وبيعه أوهاما» وأنها «بمثابة ذر للرمال في عيون الجمهور».
تستخدم حجة القضاء على «حماس» لتبرير استمرار الحرب على غزة، والتهرّب من إعلان حكومة إسرائيل الموافقة الواضحة على قرار مجلس الأمن الأخير حول وقف إطلاق النار، في سياق إتاحة الفرصة لنتنياهو، كما قال بعض المحللين الإسرائيليين، لتأخير احتمالات خروجه من الحكومة.
يستخدم نتنياهو الحرب على غزة كعتلة كبرى في استراتيجية بدأت تتضح خطوطها، فهذه الحرب أعادت إحياء خططه التي قسمت الإسرائيليين قبلها، ضمن ما سمي «الانقلاب القضائي» لمنع المحكمة العليا الإسرائيلية من إيقاف قرارات الحكومة (وقرارات نتنياهو شخصيا الذي كان مهددا بمحاكمة) والجزء الثاني من هذه الاستراتيجية يقوم على تزايد عدد الموالين له، أو للأحزاب الدينية الصهيونية، في المناصب العسكرية والأمنية، مستغلا استقالات قادة كبار تحمّلوا مسؤولية الفشل الاستراتيجي في 7 تشرين أول/أكتوبر.
هناك تطوّر جديد في هذه الاستراتيجية يقوم على نقل وزرائه المتطرفين، أمثال بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية والذي أيضا يعتبر وزيرا ثانيا للدفاع، صلاحيات عسكرية للمستوطنين، وهو أمر يقوم شريكه ايتمار بن غفير، وزير «الأمن القومي» بالقيام بما يناظره.
لا يمكن حصول هذه التطوّرات من دون اشتباك نتنياهو العلني مع الولايات المتحدة، راعيته الرسمية، وهو اشتباك ختمه مؤخرا بالانتقادات التي وجهها لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ضمن إطار حرف الجهد الدبلوماسي الأمريكي لإنجاز وقف لإطلاق للنار. حوّل نتنياهو المشكلة إلى كونها تأخر واشنطن في تسليح إسرائيل للقضاء على «حماس» وليس امتناع نتنياهو عن الموافقة على قرار مجلس الأمن، والاستجابة للدبلوماسية الأمريكية والغربية، والامتثال للضغوط الأممية والعالمية.
قام نتنياهو، في حديث مع الموقع الأمريكي «بنشباول» نشر أمس الجمعة، بهجوم وقائي على حلفائه الخارجيين ومنتقدي سياساته الداخليين، فردّا على قول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه «إذا لم نأت بشيء آخر (بديل لحماس) فسنحصل في النهاية على حماس» اقترح نتنياهو وجود «إدارة مدنية» في غزة «بالتعاون مع رعاية عربية مشتركة». مهمة «الإدارة المدنية» الغامضة هي «نزع التطرف بدءا من المدارس والمساجد». بعد ذلك يأتي دور «إعادة الإعمار» الذي، حسب نتنياهو، سيكون «مسؤولية المجتمع الدولي» وترجمة هذه التصريحات، أن إسرائيل بعد تدميرها الكامل للقطاع بدعوى «القضاء على حماس» ستقوم بـ»التعاون مع دول عربية» على إدارة القطاع، فيما يقوم «المجتمع الدولي» بتعويض إسرائيل ماليا عن القطاع الذي قامت بتدميره.
تتجاهل خطط نتنياهو، أولا، خطط «حماس» نفسها، كما تتجاهل الفلسطينيين، وحلفاءهم، كما أنها تتجاهل خصومه في إسرائيل، ومصالح حلفائه أنفسهم، وتتجاهل العالم، والشرع الأممية والقوانين الإنسانية.
لا يمكن طبعا التنبؤ بالمستقبل، لكن أحلام نتنياهو الوردية حول «اليوم التالي» و«القضاء على حماس» قد تنقلب، لأسباب كثيرة، لنشهد ربما «اليوم التالي» لنتنياهو، وحكومته الإرهابية نفسها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل -المانيا:

    بالتأكيد سيكون يوم نتنياهو مع قدوم حكومة جديدة ولكن هل سيكون هناك نهاية للحرب ام بداية جديدة لها وهل ستكون كذلك بداية جديدة لحماس ام نهايتها كحركة لنكن واقعيين ولا نتكلم بلغة العواطف لقد خسر نتنياهو وحماس كلاهما مستقبلهم السياسي لن تقف الحرب الا بشرط حصول انتخابات فلسطينية في غزة وسيفوز فيها من يقف معه ممولي إعادة الإعمار ولا تستغربوا إذا فاز دحلان

  2. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

    تكاترث مؤخرا التصريحات التي تقول أن حماس فكرة..
    والفكرة لا تموت.. والغريب هو .. كيف لم ينتبهوا
    إلى هذا في بداية العدوان…
    .
    ما يعني إقرار باستحالة القضاء على حماس عسكريا..
    .
    والتصريحات تمهد إلى تهيئة الداخل الاسرائيلي من
    أجل التعايش مع الفكرة.. التي لا تموت…

  3. يقول عماد غانم:

    كما اكذوبتي “اسلحة الدمار الشامل” و”اسقاط ديكتاتورية واقامة ديمقراطية” ابان تدمير العراق واحتلاله؛ رغم مهنيتها العالية تدس الصحف الامريكية اكاذيب تنطلي على شريحة من النخب العربية سيما الاسلاميين؛ مثل انه ما زال هنالك انفاق تستخدمها حماس لتهريب السلاح من مصر وهذه تم ردمها منذ سنوات عدة؛ ولذلك قاطعت مصر “مفاوضات الاسرى” في باريس وانضمت لدعوى جنوب افريقيا في المحكمة الجنائية؛ فما يجري ابادة وليس توغل في رفح للضغط على حماس لتليين موقفها في صفقة الاسرى
    من الآخر؛ موقف العرب بقيادة مصر “حكومة وحدة وطنية تشمل حماس”؛ موقف امريكا “السلطة الفلسطينية”؛ المعارضة الاسرائيلية والجيش يطالبون بقرار واضح حتى لو كان سيء: اما القبول بما يطرحه العرب وامريكا؛ او احتلال غزة لعدة سنوات .. فما يحدث لن يحرر اسرى ولا يقضي على حماس

  4. يقول ساني:

    جشع الصهابنة و رغبتهم المسعورة للاستيلاء على كل فلسطين بالسباحة على محيطات من دماء الشعب الفلسطيني سيكون محصلتها ان سوف لا يحصلوا على شيء، بل سيفقدون كل شيء، و ان غدا لناظره لقريب

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية