بغداد ـ «القدس العربي»: قالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أمس الإثنين، أنها تراقب مصادر تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب، التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما أكدت، أن نقل الناخبين يجري وفق الدائرة الواحدة.
وذكرت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية، جمانة الغلاي، للصحيفة الرسمية، أن «المفوضية تطبق القانون بخصوص تنظيم الحملات الانتخابية للأحزاب التي ستشارك في الانتخابات المقبلة ومراقبة مصادر تمويلها، التزاماً بتنفيذ قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 والذي تحوله المفوضية إلى أنظمة وتعليمات تخص هذا الموضوع».
وأضافت، أن «المفوضية، وضمن إجراءات التحديث لسجل الناخبين أكدت أن عمليات النقل يجب أن تكون ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة، إلا أن البعض لا يعلم أن، هناك خطا فاصلا بين منطقتين، فيتصور أن هناك منعا في حال رفض طلبه بالنقل».
وأشارت إلى أن «منطقة الناخب قد تكون دائرة انتخابية والأخرى التي يريد الانتقال لها قد تكون دائرة انتخابية أخرى رغم أنهما متجاورتان، وبالتالي، فإن أنظمة وتعليمات المفوضية وفق القانون الجديد للانتخابات لا تسمح أن يكون هناك انتقال من دائرة إلى أخرى أو من محافظة إلى أخرى، بينما يسمح أن يكون الانتقال داخل الدائرة الانتخابية الواحدة فقط».
ليس إشراف
في الأثناء، قال الخبير القانوني، طارق حرب، إن قرار مجلس الأمن الدولي المنتظر صدوره حول الانتخابات سيكون «قرارا لمراقبة الانتخابات وليس الإشراف عليها».
وبين في منشور على صفحته في «فيسبوك» بشأن دور الأمم المتحدة في الانتخابات التشريعية المبكّرة، المقررة في العاشر من تشرين الثاني/ أكتوبر المقبل، أن «هذا القرار يعتبر مكملاً لقراره 1770لسنة 2007 الخاص ببعثة يونامي، الذي ما زال نافذاً ويتجدد سنوياً والذي يحدد مهمة يونامي ورئيسة البعثة جنين بلاسخارت بالعون والمساعدة للعراق وليس الإشراف أو المراقبة على الانتخابات التي سيقرها القرار الجديد».
وأوضح أن «مجلس الأمن الدولي سبق وأن ألغى الفصل السابع الذي كان مطبقاً على العراق منذ غزو الكويت سنة 1990 بالقرار 2017 لسنة 2013 ولا يعود مجلس الأمن لإعادة العمل بالفصل السابع، كونه يحترم السيادة العراقية».
وزاد: «مجلس الأمن لا يرغب في التدخل بالعملية الانتخابية التي تعتبر من الشؤون الداخلية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ولا يرغب، أن يتولى إجراء الانتخابات أو الإشراف عليها بشكل مباشر، وغاية ما يمكن أن يقرره هو المراقبة للعملية الانتخابية، إذ أن الرقابة تعني الاطلاع على سير العملية الانتخابية ومتابعتها ومعاينتها فقط، أما الإشراف فيعني الإمرة والقيادة ومباشرة العملية الانتخابية وعدم الاكتفاء بالمراقبة فقط».
وحسب ما أكد فإن «مجلس الأمن الدولي سيبتعد في قراره الجديد بشأن الانتخابات العراقية، عن الإشراف، وأن المراقبة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي هي التي تحدد شرعية الانتخابات وتمنحها الصفة القانونية لما لمجلس الأمن من سلطة طبقاً للفصل السابع، باعتباره السلطة التشريعية الدولية».
في السياق ذكرت وكالة «الأناضول» في تقرير لها أمس أن، حتى بعد تأجيلها، تواجه الانتخابات التشريعية في العراق، تحديات جدية، تحول دون إجراء استحقاق نزيه يطمح إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في ظل واقع الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
تحذير من خطر السلاح على سير عملية الاقتراع في بعض المحافظات
ووفق التقرير، يشكل سلاح المجموعات المسلحة الحليفة لإيران، وسلاح العشائر وسط وجنوب العراق، التهديد الأمني الأكبر على سير العملية والوصول الآمن لمراكز الانتخاب في محافظات وسط وجنوب البلاد. وكذلك محافظات ديالى ونينوى والأنبار وصلاح الدين، بالإضافة إلى مناطق حزام بغداد ومناطق أخرى خاضعة أمنيا لسيطرة تلك المجموعات المسلحة.
وبين أن بعد استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 استجابة لمطالب المحتجين، أُعلن في أيار/ مايو 2020 تشكيل حكومة انتقالية برئاسة الكاظمي تتولى بالأساس مهمة التمهيد لإجراء انتخابات مبكرة في غضون عام، حدد الكاظمي موعدها في 6 يونيو/ حزيران 2021 بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. ووصل الكاظمي لرئاسة الحكومة وفق مبدأ توافقات الكتل السياسية على ترشيح شخصية مستقلة من خارج الكتل والأحزاب السياسية، وهو أحد أهم مطالب المحتجين.
لكن الكاظمي الذي يفتقر لكتلة سياسية داخل مجلس النواب، تبعاً للتقرير، يطمح من خلال التبكير بإجراء الانتخابات إلى الفوز بولاية رئاسية جديدة دائمة، لمدة أربع سنوات. قد يجد أن الانتخابات المبكرة ستحرم الكتل السياسية من الوقت لترتيب صفقات بين الكتل والأحزاب التي تتصدر المشهد السياسي طيلة 18 عاما، ما يضيّق أيضا من مساحة عملها في الأوساط الاجتماعية كما حدث خلال الدورات الانتخابية السابقة وما عرف عنها من صفقات لشراء ذمم لقيادات المجتمع الاجتماعية والدينية والسياسية والشبابية.
التقرير بين أن الكاظمي لا يبدو أن لديه ما يكفي من القناعة واليقين بإجراء انتخابات نزيهة إلى حد ما، وظل متمسكا بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد مع الحديث المتكرر عن ضرورة وجود مراقبة دولية لضمان نزاهتها.
وأضاف: لتبديد مخاوفه من خسارته رئاسة جديدة للحكومة ولضمان انتخابات نزيهة، يعتقد أنه سيفوز بها لو جرت في أجواء طبيعية خالية من التزوير وشراء الذمم والصفقات السياسية، ذهب الكاظمي أبعد من تمسكه بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها.
وقبيل قرار تأجيل الانتخابات إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل اتجه الكاظمي لدعم فكرة حث مجلس الأمن الدولي على استصدار قرار لتأمين مراقبة دولية وتوفير أجواء نزيهة لعملية الاقتراع، وفق مصادر مطلعة تحدثت لمواقع إخبارية محلية لم تذكر تفاصيل أكثر.
لا يملك نفوذا
وحسب التقرير، رغم حديث يتردد في الأوساط السياسية عن دعم كتلة «سائرون» بقيادة رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر لترشيحه ثانية، لكن الكاظمي لا يمتلك أي نفوذ سياسي داخل مجلس النواب، فهو لا يقود تيارا سياسيا أو حزبا أو كتلة تتيح له فرصة تعيين مراقبين «موالين له» في مراكز الاقتراع.
ويلاحظ التقرير، أن في الدورة الانتخابية السابقة، أيار/مايو 2018 كانت هناك أسباب جوهرية لتأجيل الانتخابات حيث لم تمض سوى أشهر قليلة على انتهاء الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» ووجود ملايين النازحين في المخيمات، وخلافات حول الموازنة العامة بين حكومتي بغداد وأربيل وملف إعادة إعمار المناطق المدمرة، بالإضافة إلى تخصيصات الإنفاق على إجراء الانتخابات. ومع ذلك أجريت الانتخابات في الموعد المحدد لها وفي ظروف غير مواتية قياسا إلى ظروف نظيرتها الراهنة، التي لا تبدو ثمة مسوغات منطقية بعيدة عن الدوافع السياسية التي تقف وراء قرار تأجيلها.
ووفقا لبيانات رسمية صادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن هناك 231 حزبا مرخص له رسميا حتى الأول من فبراير/ شباط، ستشارك في الانتخابات مع قرار بتمديد تسجيل الأحزاب والكيانات إلى غاية الأول من مارس/ آذار.
وتبلغ المبالغ المدورة من الموازنة السابقة لميزانية المفوضية، نحو 133 مليار دينار عراقي، (أكثر من 90 مليون دولار) متوقع لها أن تصل إلى 300 مليون دولار بعد إقرار موازنة 2021 في الأيام القليلة المقبلة، وفق تصريحات لأعضاء في مجلس النواب.
ويرتبط تمرير موازنة عام 2021 في مجلس النواب ارتباطا جدليا بموعد الانتخابات، نظرا لحاجة المفوضية المستقلة للانتخابات إلى الموارد المالية والتخصيصات الخاصة بالإنفاق التي لن تصرفها وزارة المالية قبل إقرار الموازنة العامة.
أرجعت المفوضية طلبها من الحكومة الاتحادية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بتأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد في 6 يونيو إلى حرصها على «إجراء انتخابات متكاملة، نزيهة، وعادلة، ونظرا لقلة عدد التحالفات المسجلة في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات، مما يتطلب تمديد فترة تسجيل التحالفات، وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين».
وحسب التقرير، يعتقد الكاظمي بوجود فرص للفوز برئاسة حكومة دائمة لأربع سنوات، وأن هذه الفرص ستكون أكبر مع التبكير بإجراء الانتخابات حيث ثمة سخط عام في الشارع ضد الكتل السياسية التي احتكرت المشهد السياسي بعد غزو العراق واحتلاله عام 2003.
وخلافا لرغبة الكاظمي، صادق مجلس الوزراء بالإجماع في 19 يناير/كانون الثاني الماضي على تأجيل الانتخابات من موعدها المحدد في 6 حزيران/يونيو إلى 10 تشرين الأول/ أكتوبر بناء على «طلب المفوضية المستقلة بتأجيل موعد الانتخابات يقوم على أساس فني، والمجلس اقتنع بأسباب تمديد الموعد وحدد العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر لإجرائها».
فرص
التقرير، بين أن، من المهم للأحزاب والكتل السياسية ذات النفوذ المحدود إجراء الانتخابات في موعدها المحدد سابقا قبل تأجيله، أي في 6 حزيران/يونيو، لاعتقادها أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف الكتل المتنفذة عبر حرمانها من عامل الوقت اللازم لشراء الذمم والبحث في آليات التزوير بعد إقرار نظام البطاقة البيومترية وعقد الصفقات مع الكتل المتنفذة الأخرى وغير ذلك من عوامل الفساد التي لا شك أنها العامل الأهم في فوز تلك الكتل لدورات انتخابية عدة.
وتبعاً للتقرير، يسود اعتقاد في الأوساط السياسية بتخوف جدي من خسارة متوقعة كلية أو جزئية للكتل والأحزاب السياسية المتنفذة في الانتخابات المقبلة. من المتوقع أن تكون للمشاركة الشعبية الواسعة والشباب منهم بشكل خاص، أثرها الواقعي على نتائج الانتخابات لصالح المرشحين المستقلين عن الأحزاب والكتل السياسية، أو لصالح أحزاب ينتظر الإعلان عنها من أوساط المحتجين أو بدعم منهم.
ويبلغ عدد سكان العراق 40 مليونا و150 ألف نسمة، حسب إحصائية أصدرتها وزارة التخطيط أوائل يناير المنصرم.
وتشير تقديرات مراكز بحثية محلية مهتمة، أن ما يزيد عن 25 مليون عراقي يحق لهم التصويت بعد إضافة مواليد أعوام 2001 و2002 و2003 لبلوغهم السن القانونية للمشاركة بالاقتراع، أي 18 عاما وفق مواد الدستور العراقي لسنة 2005.
ويشكل الشباب النسبة الأكبر من الذين يحق لهم التصويت، ومعظمهم ممن شاركوا في الاحتجاجات، ما يمثل تهديدا جديا لمستقبل الأحزاب السياسية المهيمنة على القرار طيلة 18 عاما. ومن غير المستبعد أن تلجأ الجهات المعنية بالانتخابات ـ الحكومة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ـ إلى تأجيلها مرة أخرى إلى موعد لاحق غير الموعد المحدد في التأجيل الأول، ما يرجح احتمالات إلغائها والذهاب إلى إكمال الدورة التشريعية الرابعة لمجلس النواب التي تنتهي في سبتمبر/أيلول 2022 على أن يصار إلى إجراء انتخابات قبل 45 يوما من التاريخ المذكور.
كما أن تأجيلها عن موعدها الجديد، سيؤدي إلى إلغائها بضغوط من المحتجين المتوقع عودتهم إلى ساحات الاعتصام للمطالبة بحل مجلس النواب وإسقاط رئيس الوزراء الذي ينظر إليه أنه جاء بضغط المحتجين لإجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي هم قادرون على إسقاطه، حسب التقرير.