انتقادات بعد توجيه برلمانية ألمانية اتهامات للجالية الفلسطينية باستغلال الأطفال في المظاهرات

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين- “القدس العربي”:

مع تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط وتأثيرها على الشارع الألماني، أثارت عضوة البرلمان في برلين إيريس شبرينغر، قضية حساسة تتعلق باستخدام الأطفال والمراهقين في المظاهرات المؤيدة لفلسطين. حيث أصبحت تلك التجمعات مشهدا متكررا في العاصمة الألمانية. هذه التصريحات أثارت التساؤلات داخل الاعلام الألماني، وولّدت انتقادات في المقابل من صفوف الجالية الفلسطينية التي استنكرت هذه الأفعال.

الأطفال وتعزيز الحماسة السياسية؟

في تصريحاتها الأخيرة أمام لجنة حماية الدستور، أشارت شبرينغر إلى أن الشرطة في برلين لاحظت تزايدا ملحوظا في استخدام الأطفال بهذه المظاهرات. ووفقا لما تم رصده، فإن هؤلاء الأطفال لا يشاركون فقط بشكل عفوي، بل يتم إدماجهم بشكل نشط في ديناميكية المظاهرات. يُطلب منهم الهتاف بشعارات قد تكون ذات طابع عدائي، مما يثير تساؤلات حول مدى حرية إرادتهم في المشاركة.

وقالت البرلمانية إن هناك مؤشرات على أن هؤلاء القاصرين قد يُستغلون من قبل الكبار. وأضافت أن هؤلاء الأطفال لا يقتصر دورهم على الوجود في المظاهرات فقط، بل يتم تشجيعهم على المشاركة الفعالة في رفع الشعارات وخلق حالة من التوتر.

بيد أن هذه التصريحات لاقت استهجانا من قبل الجالية الفلسطينية. ويقول رئيس اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية جورج رشماوي لـ”القدس العربي” إن الأطفال هم جزء من العائلة الفلسطينية، ومشاركتهم هي رسالة سلام لألمانيا وللعالم لأنهم يشكلون المستقبل الفلسطيني.

واستنكر رشماوي أقوال البرلمانية شبرينغر قائلا إن الأحداث السياسية والانتهاكات بحق الفلسطينيين هي ما تدفعهم والأطفال للتظاهر، فالأخبار تتحدث يوميا عن آلة الحرب الإسرائيلية في غزة والضفة ولبنان، ما يدفع إلى وجود ردات فعل سلمية يريد الأطفال بها التعبير عن أنفسهم ورفض ما يحدث بطرق سلمية.

وأضاف الناشط الفلسطيني:” هل من الممكن أن يعرّض الأب أو الأم أطفالهم للخطر؟ مشاركة الأطفال دليل على نية المتظاهرين بالتعبير السلمي عن رفضهم لهذه الأمور، وهو حق كفله لهم الدستور الألماني”.

من جانبها قالت نسرين وهي أم فلسطينية لـ”القدس العربي” إن اصطحابها لأطفالها يكون حسب رغبتهم، فهم يريدون عمل شيء ما، ولا تحبذ تركهم بمفردهم. وتساءلت: “جميع المظاهرات في ألمانيا يشارك بها أطفال أو يافعون، حتى المظاهرات الإسرائيلية.. لماذا لا يتم التعرض لهم؟”.

غياب الإحصاءات والدلائل الملموسة

رغم هذه التصريحات المثيرة، لم تقدم السلطات في برلين أرقاما دقيقة حول عدد القاصرين المشاركين في المظاهرات، حيث إن الشرطة لا تسجل أعمار المتظاهرين. ومع ذلك، أكدت شبرينغر في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام ألمانية محلية، أن الشرطة لاحظت بشكل متزايد اصطحاب الأطفال إلى هذه التجمعات خلال الأسابيع الأخيرة.

وجهة نظر الخبراء: المشاركة عفوية أم استغلال؟

بينما تثير تصريحات شبرينغر قلقا كبيرا، يرى بعض الخبراء أن مشاركة الأطفال في المظاهرات ليست بالأمر الجديد. سواء كان ذلك في مظاهرات من أجل المناخ، أو ضد الحروب، أو حتى ضد التطرف، كان الأطفال دائما جزءا من الحراك المجتمعي.

وفي حديث مع مجلة شبيغل الألمانية، أوضح الدكتور لينو كليفسات، المتخصص في العلوم السياسية بجامعة جورج أوغست في غوتينغن، أن “الأطفال دائما ما يكونون واجهة عاطفية قوية في أي مظاهرة”، ويضيف أن استخدام الأطفال كأداة لنقل رسائل سياسية يثير تساؤلات حول مدى أخلاقيته في الديمقراطيات الحديثة.

تأثيرات قانونية وسياسية على المشهد الألماني

من الناحية القانونية، تشكل هذه القضية معضلة معقدة. إذا قام الأطفال، خاصة الذين لم يبلغوا سن الرشد القانوني، برفع شعارات تحريضية أو عدائية، فمن المسؤول؟ وهل يمكن تحميلهم المسؤولية القانونية؟ هذه التساؤلات تضع السلطات الألمانية في موقف حرج، حيث تواجه تحديات قانونية وأخلاقية في التعامل مع هذه الظاهرة.

في ظل هذه التوترات المتزايدة، أكدت شبرينغر أن النزاع في الشرق الأوسط سيظل يشكل محورا رئيسيا لاهتمام السلطات الأمنية في برلين. فمنذ أكتوبر 2023، سجلت السلطات حوالي 700 مظاهرة مرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع استمرار الدعوات لتنظيم المزيد من المظاهرات، يُتوقع أن تبقى هذه القضية موضع جدل لفترة طويلة.

يشار إلى أنه ومنذ بداية حرب غزة  قبل عام، تلقى مكتب المدعي العام في برلين ما يقرب من 3200 قضية تتعلق بالحرب. وبحسب بيانات المتحدث، تتعامل شرطة برلين مع حوالي 5300 قضية أخرى، ومن المرجح أن ينتهي الكثير منها إلى مكتب المدعي العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية