انتقام ترامب: منعطف تاريخي خطير؟

حجم الخط
21

انتصر دونالد ترامب، على كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية الثانية في التاريخ الأمريكي، بعد فوزه عام 2020 على هيلاري كلينتون، وعلى أمريكا الآن، ومنطقة الشرق الأوسط، والعالم، تحمّل التكاليف الباهظة لهذا الانتصار.
استخدمت مجلة «نيويوركر» الأمريكية في تعليقها على الانتصار الثاني الذي يحققه الرئيس الأمريكي المنتخب الجديد عنوان «انتقام دونالد ترامب» وهو يشبه ما ورد في افتتاحية صحيفة «لوموند» الفرنسية التي قالت إنه «يعود مدفوعا بغريزته السياسية ورغبته في الانتقام».
وعزت «إل باييس» الإسبانية فوز الأخير إلى «طريقته العدوانية والذكورية» بحيث نجح في توظيف الغرائز الوحشية وتمثّلها «وتغذية تعطشه للانتقام لتوليد جهاز هائل من المعتقدات في تعبئة انتخابية غير مسبوقة». ترامب، حسب هذا التحليل المعمّق، «هو الوحش الموجود داخلنا جميعا»!
انتصر ترامب رغم أن الأمريكيين خبروا حكمه السابق، وتفوّقت الغرائز التي تحرّكها، كما قالت التحليلات، وعوده بتحسين الاقتصاد ومواجهة الهجرة غير الشرعية، على أحكام المنطق والعقل، وصار سعر ليتر الوقود أهم من الديمقراطية نفسها التي يعرف منتخبوه أنه سيستخدم منصبه لتحجيمها والتلاعب بها كما فعل سابقا.
الأغلب، أنه مع هذا الفوز الكبير، فإن هذا الاتجاه سيتعزز لا في أمريكا فقط بل في العالم، أيضا بسبب إيمان ترامب، الذي لم يتغيّر، بأن الانتخابات الرئاسية السابقة قد «سرقت منه» وبأن كل ما يجري ضدّه (بما في ذلك الدعاوى القضائية التي ثبتت إحداها الحكم عليه، وحضوره المتوقع لمحاكمة أخرى خلال هذا الشهر) هو «مؤامرة».
مع هذا النجاح الكبير الذي حققه ضد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ومع تحقيق حزبه الجمهوري الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، سيشعر ترامب بأن يديه طليقتان لتنفيذ أجنداته المتطرّفة داخل وخارج أمريكا.
سيشكّل انتخاب ترامب على المستوى الأمريكي، كما تقول هيئة التحرير في «نيويورك تايمز» «خطرا على حكم القانون، الدستور، الأعراف الديمقراطية والحاجة إلى حكم مستقر يمكن توقع قراراته» كما أن أوروبا، التي تمر أكبر دولتين فيها، فرنسا وألمانيا، بأزمات سياسية خطيرة، فتستعد لسنوات من الاضطراب نتيجة مواقف ترامب المعلومة من «حلف الأطلسي» وأوكرانيا، وروسيا، ودعم أنظمة اليمين المتطرّف، التي هلّل أهم زعمائها، فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، لفوزه.
كان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أول المهنئين لترامب بالفوز معتبرا ما حصل «أكبر انتصار في التاريخ» وكان لافتا، رغم هذه العلاقة الشخصية الحميمة بين الشخصين، وكذلك سوابق ترامب خلال ولايته السابقة بخصوص القدس والجولان والتطبيع والضغط على السلطة الفلسطينية، وسياساته الخطيرة ضد الشعوب العربية والإسلامية، أن كثيرا من الناخبين (وبعضهم تحمل صفحاتهم على وسائل التواصل أسماء مثل «غزة الحرة» و«فلسطين الحرة») أعلنوا صراحة تصويتهم لترامب، وأن عددا من القادة السياسيين والدينيين في أمريكا ساهموا في حملة انتخابه وحشد التأييد له، بل إن بعض مرشحيه العرب ضد مرشحين عرب آخرين أعلنوا صراحة تأييدهم لإسرائيل.
يصف باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، نشاط مجموعات وأفراد لصالح ترامب بـ «تصويت النكاية» أو «الانتهازية» معتبرا من «يعول على ترامب كأنه يعول على أن يكون نتنياهو منقذا للشرق الأوسط» فترامب «لن يغير من موقفه الثابت والداعم لإسرائيل».
«انتقام ترامب» بهذا المعنى، ستكون له تداعيات خطيرة على الديمقراطية وحكم القانون في أمريكا نفسها، ولكن تأثيراته في بلداننا، والعالم، قد تكون أكثر خطورة بكثير.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    انتقام ترامب: منعطف تاريخي خطير. ترامب نرجسي خطير، والنرجسي لا يرى ولا يسمع ولا يفهم، ويمتاز بغباء لا مثيل له. يعبد احتقار الآخرين، مهما كانوا، حتى لو كانوا علماء من علماء الأمة. النرجسي يتهم الجميع بعدم الفهم والغباء، ويغدر غدر الأنذال ويؤذي من أحسن إليه. هو كذاب، يكذب على نفسه وعلى أقرب الناس إليه، وفي جميع إيمانه يكذب، ويصدق نفسه، ولا يثق في أحد. عصبي بلا مناسبة، وأيضًا يضحك بلا مناسبة. حبه لنفسه أعماه عن حقائق كان يجب عليه أن يعرفها. إذا أردت الحصول على كل ما يملك النرجسي، عليك بالنفاق المستمر معه. النرجسي يعتمد على القوة التي تتاح له من المركز الذي هو فيه، وليس قوته الشخصية، كونه إنسانًا جبانًا إلى أبعد الحدود ولا يملك قوة. لا يوجد نرجسي مثقف. يجب أن نفرق بين غرور المعرفة وغرور النرجسي الجاهل إلى أبعد الحدود. ولجميع هذه الأسباب، حرق هتلر العالم. لا أقول إن ترامب سيحرق العالم، بل سيحرق أمريكا أولًا بقرارات عنجهية القوة والاعتداء المستمر على القانون ( 1 )

    1. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      أخي محيي الدين، هتلر حرق نفسه وحرق ألمانيا والعالم معه! فهل سيحرق ارامب أمريكا دون أن يحرق العالم؟ أنا أعتقد أننا أو المحترقين على جمبع الأحوال طالمنا أننا لانملك التأثير في الأحداث، وفي هذا التاريخ المتوحش، على الأقل في إطفاء الحرائق وهذا أضعف الإيمان!

  2. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    الأمريكي. وسيعمل على تحويل دول أوروبا إلى اليمن العنصري المتطرف، وسيبتز ويستنزف الدول البترولية. وعالمنا العربي، إذا لم يفكر في مصلحة الشعوب العربية، علينا السلام. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 2 )

  3. يقول onside:

    لم ينتصر ترامب بل هزم الديمقراطيين ، ترامب حصل على نفس عدد الأصوات كما في 2020, أما الديمقراطي فخسر 14 مليون صوت

  4. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    ومتى كان التفكير الجمعي أكثر من التفكير الفردي. حتى يومنا هذا لايوجد مثال يدل على ذلك في التاريخ! أم أنني جاهل في التاريخ. الحل في استعادة التاريخ من الفاشية الجديدة التي تجتاح العالم!

  5. يقول Samir:

    مشكلة الحزب الديمقراطي الأساسية هي أنهم ليسوا حزبًا سياسيًا متجانسًا بالمعنى المتعارف عليه، بل هو أشبه ما يكون بتحالف فضفاض يضم في ثناياه خليطًا من التيارات السياسية المتعددة من يسار تقليدي إلى يسار تقدمي إلى ليبرالي معتدل و ليبرالي متطرف..الخ، و بالتالي وقوع الخلافات و الانقسامات وارد، و هذا ما برز بوضوح في ظل إدارة بايدن التي تم اعتبار كمالا هاريس مسؤولة عن كل صغيرة و كبيرة فيها..!!

  6. يقول Abderrahmane:

    الشئ الجميل في ترامب أنه لا ينافق برغماتي مصلحجي يستعمل الابتزاز …هناك من اعطى لترامب كل ما يملك….ترامب رجل المرحلة.

  7. يقول احمد العيساوي:

    لم يعد لنتنياهو أو لترامب دور استراتيجي في المنطقة على المدى البعيد ، لقد فقدوا ادوات السيطرة و التحكم بعد طوفان الأقصى المبارك ، و الحمد لله رب العالمين.

  8. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسامة، كلّيَّة سوريا/ألمانيا، أخي أسامة، أنت تجلس في ألمانيا وأنا في اليونان، ومع ذلك نحترق ألمًا على أوضاع عالمنا العربي. لا تنسَ أني رجل كبير، أبلغ من العمر 82 عامًا، وقد شاركت في حرب 1967. ولتعلم أننا لم نحارب في النكسة، ولكن ما رأيته في سيناء لا يوصف، رغم أنني لم أطلق رصاصة واحدة. فما بالك بما يعانيه الشعب الفلسطيني اليوم، وكذلك لبنان، وسوريا، واليمن، والعراق، وليبيا، والسودان.
    الأخوة في فلسطين يتعرضون للإبادة، ولبنان يسير على نفس الطريق. نحن نحترق بما فيه الكفاية. أنا شخصيًا أتألم يوميًا على ما يحدث في منطقتنا، ويكفي أن نقول إن المنطقة قد تنفجر إن لم تتوقف هذه المجازر. سواء كان ترامب أو بايدن، كلهم في نظري سيّان. يا قلبي لا تحزن، فأنا لا أثق في أحد من هؤلاء. وياريت نتمكن من اطفاء الحرائق.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية