القاهرة ـ رويترز ـ من توم فايفر ومروة عوض: لم يأت الرجل الذي يرجح كثيرا ان يتولى قيادة تنظيم القاعدة خلفا لأسامة بن لادن من احياء مصر الفقيرة المزدحمة ولم يتبن افكاره المتشددة في اي كلية أو مدرسة ذات طابع ديني.لكن أيمن الظواهري نشأ في ضاحية المعادي الراقية في القاهرة وسط فيلات فاخرة يقبل على سكناها مواطنو دول غربية يعملون في مصر وهي الدول التي يناصبها الظواهري العداء. ودرس الظواهري في جامعة القاهرة وتخرج طبيبا.لم يكن توجه الظواهري -الذي كان والده أستاذا بكلية الطب- فريدا بين ابناء جيله. فكثيرون من الشبان المتعلمين اغضبهم أسلوب معاملة الإسلاميين في الستينات حين تحولت مصر لدولة الحزب الواحد على غرار النموذج السوفييتي ابان حكم الرئيس جمال عبد الناصر.أودع الآلاف السجن بعد محاكمات صورية للاشتباه في ارتكابهم أعمالا تخريبية. وأعدم سيد قطب – احد الأبطال في عيني الظواهري في سنوات شبابه والشخصية اللامعة في جماعة الاخوان المسلمين – في عام 1966 بتهمة محاولة الاطاحة بنظام الحكم.وقال خليل العناني خبير الحركات الإسلامية بجامعة درم البريطانية ‘الظواهري احد الضحايا الكثيرين لنظام عبد الناصر الذين عانوا من مظالم سياسية شديدة وتملكهم شعور بالخزي بسبب هزيمة مصر أمام إسرائيل في عام 1967’.نشأ متشددابمرور السنوات أصبح الظواهري الرجل الثاني في القاعدة مما يجعله المرشح الرئيسي لقيادة التنظيم بعد مقتل بن لادن في تبادل لاطلاق النار مع القوات الامريكية في مخبئه في باكستان يوم الاثنين الماضي بعد عشر سنوات تقريبا من هجمات 11 ايلول على الولايات المتحدة.ولد الظواهري في عام 1951 لعائلة عريقة في القاهرة وكان جده شيخا للازهر. واثناء دراسته للحصول على درجة الماجيستير في الجراحة في السبعينات نشط في الحركة التي اضحت فيما بعد تعرف باسم ‘الجهاد الإسلامي’ التي سعت للاطاحة بالحكومة واقامة دولة إسلامية.ويختلف من يعرفون الظواهري بشأن ما إذا كان متشددا بطبعه ام أنه دفع إلى ذلك احتجاجا على قمع الدولة للإسلاميين.ودفعت السياسة الامنية شديدة الصرامة التي انتهجتها مصر بهدف اضعاف التيار الإسلامي اعضاء هذا التيار نحو مزيد من اعمال العنف نتيجة احتجاج من اعتقلوا خلال الحملات الأمنية الواسعة النطاق على ما لاقوه من معاملة اعتبروها جائرة.وكان الظواهري ضمن مئات حوكموا في عام 1981 في قضية اغتيال الرئيس المصري انور السادات الذي خلف عبد الناصر. وامضى في السجن ثلاثة اعوام بعدما ادين بتهمة حيازة سلاح دون ترخيص ولكنه بريء من الاتهامات الرئيسية.وقال محاميه نزار غراب ان الظواهري لم يمنح الفرصة ليشارك في العمل السياسي وانه عايش حقبة شهدت قمعا شديدا لمن يتبنون افكارا دينية وأراد تغيير المشهد السياسي الذي اتسم بالقمع في عهدي عبد الناصر والسادات.ويتحدث من زاملوا الظواهري خلال دراسته في كلية الطب بجامعة القاهرة خلال السبعينات عن شاب مفعم بالحياة يرتاد دور السينما ويستمع للموسيقى ويمزح مع اصدقائه.وقال طبيب درس مع الظواهري ولكنه رفض نشر اسمه ‘اضحى شخصا مختلفا تماما بعد خروجه من السجن.’ويقول اخرون ان ما دفع الظواهري نحو العنف السياسي الثورة الإسلامية في ايران في عام 1979 وتوقيع السادات معاهدة سلام مع إسرائيل في نفس العام.وقال العناني ‘طرأ تغير على فكره. لم ير امثال الظواهري سبيلا لتحقيق اهدافهم سوى تغيير النظام بالقوة’.وقال عبد الرحمن الظواهري ابن شقيق الظواهري – وهو محاسب يبلغ من العمر 26 عاما – انه لا يعتقد ان السنوات التي امضاها عمه في السجن أو ما تعرض له من تعذيب هو ما دفعه لاختيار المسار الذي سلكه ووصفه بانه مفكر لديه فكر وايديولوجية.وعقب الافراج عنه سافر الظواهري إلى باكستان حيث عمل مع الهلال الاحمر لمعالجة المجاهدين الذي اصيبوا في افغانستان خلال الغزو السوفييتي في عام 1979. وقال محفوظ عزام احد اقارب الظواهري ‘في طفولته وشبابه كان دائما بشوشا ضاحكا.. السنوات التي عاشها على الحدود وقت الحرب الافغانية غيرت وجهة نظره بالنسبة للمقاومة وكيفية التغيير (السياسي)’.وتولى الظواهري قيادة الجهاد في مصر في عام 1993 وأضحى وجها بارزا في حملة عنيفة سعت في منتصف التسعينات لاقامة دولة اسلامية وراح ضحيتها أكثر من 1200 مصري.وفي عام 1999 اصدرت محكمة عكسرية مصرية حكما غيابيا بالاعدام على الظواهري وفي ذلك الحين كان قد ترك الضاحية الراقية التي نشأ فيها وعاش حياة المجاهدين الخشنة.وقال جون برينان مستشار مكافحة الارهاب للرئيس الامريكي باراك اوباما أمس الثلاثاء انه يعتقد ان الظواهري -الذي كان هو العقل المدبر لتنظيم القاعدة تحت قيادة بن لادن – يعيش في افغانستان اوابكستان وان مطاردته لا زالت مستمرة. وقال حارس في ضاحية المعادي حيث يعيش شقيق الظواهري ان اسرته تملك فندقا في الضاحية وإنها اسرة معروفة ومحل احترام.واضحت مقاهٍ مثل ستاربكس وكوستا كوفي من الاماكن الشهيرة التي يرتادها سكان المعادي ويتردد عليها عدد كبير من الامريكيين وغيرهم من العاملين الاجانب المقيمين في الضاحية.ويعمل عدد كبير من الامريكيين العاملين في شركات نفط امريكية او السفارة الامريكية.. وهي أكبر بعثة امريكية من حيث عدد العاملين الدائمين وشاهد على العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة وبرنامج المساعدات العسكرية البالغ حجمه 1.3 مليار دولار سنويا وهو احد نتائج اتفاق السلام المبرم مع إسرائيل.ووقع السادات اتفاق السلام ودعمه خليفته حسني مبارك خلال العقود الثلاثة التي امضاها في منصبه والتي انهتها انتفاضة شعبية في 11 شباط فبراير من العام الجاري.ولم تظهر القاعدة التي هاجمت بعنف الحكام العرب الشموليين المدعومين من الغرب في تلك التظاهرات وإنما قاد الاحتجاجات شبان غالبيتهم ذوو اتجاهات علمانية واستخدموا موقعي تويتر وفيسبوك لحشد المتظاهرين.وكانت شقيقة الظواهري ضمن من احتشدوا في ميدان التحرير بوسط القاهرة. وقال العناني ‘المظاهرات السلمية في العالم العربي هزيمة هائلة للقاعدة وافكارها’.