الناصرة ـ «القدس العربي»: يرى باحثان إسرائيليان في مقال مشترك نشرته صحيفة «هآرتس» الجمعة أن حزب الله يمكن أن ينتظر وأنه حان الوقت للحد من الخسائر ووقف الحرب. ويستذكر الباحثان الأكاديميان في معهد «مولاد» لدراسات الديمقراطية والتجدّد، شاي أغمون ونافو شبيغل، إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين من عشرات المستوطنات منذ ثمانية أشهر، وهناك نحو 100.000 آخرين يعيشون تحت التهديد المتواصل لإطلاق الصواريخ والمسيّرات من لبنان، والحقيقة المُرَّة هي أنه حتى بعد دخول الشهر التاسع من حرب الاستنزاف على الحدود الشمالية، فإنه ليست لدى الحكومة أي فكرة بشأن ما يجب أن تفعله. ويمضي الباحثان في رؤيتهما الناقدة: «في الواقع، فإن المستوى السياسي لم يضع أهدافاً للجيش الإسرائيلي في هذه الجبهة باستثناء المطالبة بالمحافظة على وضع محمول، والأمر الوحيد الذي يسمعه مواطنو إسرائيل من حكومتهم هو شعارات طفولية وفارغة كالإرهاب نقضي عليه فقط بالقوة. ومن جهته، فقد صرّح حزب الله أنه سيواصل القتال ما دامت الحرب في غزة مستمرة، الأمر الذي يجعل مساعي الوساطة للإدارة الأمريكية والموفد الخاص، عاموس هوكشتاين، غير مفيدة في الوقت الحالي». ويقولان إن «إسرائيل كدولة ذات سيادة لديها واجب أخلاقي، وهو إعادة الأمان إلى مواطنيها من أجل العيش في منازلهم وإن استمرار الوضع الحالي لا يمكن القبول به، ويمكن أن يؤدي إلى تخلٍّ طويل الأمد عن هذه المنطقة من البلد». بعد هذا يتساءل الباحثان الإسرائيليان: لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ ويجيبان بالقول: «على المدى القصير؛ إسرائيل أمام خيارَين مركزيَين: صفقة مخطوفين تنهي الحرب في الجنوب، ويمكن أن يتبع ذلك إنهاؤها في الشمال أيضاً، لكن مع إنجازات سياسية محدودة (تواصل «حماس» العمل في قطاع غزة وحزب الله في جنوب لبنان، في ظل تآكل قوتهما العسكرية ونفوذ سياسي محدود، وكذلك بالنسبة إلى إسرائيل) أمّا الخيار الثاني، فهو استمرار الحرب في غزة ودخول حرب وعملية برّية في لبنان.
محّق أم حكيم؟
ويريان أنه مبدئياً، الحرب ضد حزب الله هي حرب محقة تماماً، فقد اختار حزب الله، بصورة استباقية، الانضمام إلى دائرة القتال بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر من دون أن يتعرض لهجوم من إسرائيل أولاً، لكن ليس من الحكمة أن تفعل إسرائيل ذلك في الأوضاع الحالية، وذلك أولاً، لأنه بعد 9 أشهر من القتال في غزة، بالإضافة إلى هجمات من طرف دول أُخرى في الشرق الأوسط، فقد أصبحت إسرائيل والجيش منهكَين، وفي حاجة إلى التقاط أنفاسهما. كما يعتقدان أن الجيش الإسرائيلي الذي خطط طوال سنوات لحروب قصيرة وقوية وجد نفسه في مواجهة حرب طويلة أدت إلى تآكل منظومته القتالية، وخصوصاً منظومة الاحتياط، وقد ازدادت الفجوة في الميزانية الإسرائيلية وتجاوزت، خلال الربع الأول من السنة، عجز العام كله. وينبهاّن إلى أن الموارد شحيحة وتتضاءل، ودخول حرب في لبنان يمكن أن يؤدي إلى أضرار واسعة النطاق في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وشلّ الاقتصاد، وسيزيد تضاؤل الموارد. ويتابعان: «حذّر هوكشتاين نتنياهو، من أن حرباً ضد حزب الله يمكن أن تؤدي إلى هجوم إيراني واسع النطاق سيكون من الصعب على إسرائيل مواجهته، فحزب الله ليس ذراعاً لإيران، إنما هو شريك استراتيجي لنظام الملالي، وإذا اعتقد الإيرانيون أن حزب الله يوشك أن يتعرض لضربة قوية، فمن الممكن أن يضعوا كل ثقلهم من أجل دعمه، وستجد إسرائيل نفسها في خضم حرب إقليمية شاملة، وفي أوضاع سيئة جداً بالنسبة إليها».
الرهان المطلق على القوة
ويسوقان تحذيرا ثالثا بقولهما إن الأخطر من كل شيء، فإن الحرب ستكون خطأً فادحاً في التوقيت الحالي، لأن الحكومة الحالية تعمل في ضوء نظرية القوة الطفولية التي توجه اليمين، والتي يروج لها، والقائلة إن استخدام القوة فقط يحقق الأمن، وهذه النظرة التي تتسبب بخسارتنا في غزة ستؤدي إلى خسارتنا في لبنان أيضاً. وقالا هنا إن إسرائيل قوة غير مسبوقة في غزة، وضحّت بحياة مئات الجنديات والجنود، وعدد غير معروف من المخطوفين من مواطنيها، ولا تزال «حماس» صامدة ما يعني فشل سياسة حكومة اليمين، وهذا الفشل سيستمر، فالقوة العسكرية من دون تبصُّر استراتيجي لا يمكن أن تنتصر في الحرب.
فقدان النظرة المستقبلية
وطبقا للباحثين الإسرائيليين فإنه في الواقع، وحتى في ظل الحكومة الحالية المذعورة، فإنه في إمكان الجيش الإسرائيلي السيطرة على أراضٍ في الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني، لكن كما هو الوضع في قطاع غزة، فإنه ليست لدى الحكومة خطة لتحوّل هذا الإنجاز العسكري إلى أداة لتحقيق الأمن على المدى البعيد، وسيواصل الإسرائيليون سماع الدعوات الجوفاء نفسها من دون استراتيجيا واضحة للخروج من الحرب، وسيجدون أنفسهم في وضع يضطرون فيه إلى الانسحاب من دون إنجازات، أو إقامة منطقة أمنية في جنوب لبنان مجدداً ستدفع إسرائيل أثمانها الباهظة. ويقولان أيضا «إن إدارة منطقة أمنية في جنوب لبنان بينما الجيش الإسرائيلي غارق في حرب استنزاف في غزة، والوضع في الضفة الغربية يتصاعد، مع التهديد الإيراني الذي يحوم فوق هذا كله، وهذا كله أكبر من هذه الحكومة». من هنا يخلصان للقول إنه «لا يوجد خيار آخر، وكي لا يصبح وضعنا الصعب والمؤلم أسوأ بأضعاف الأضعاف، فإنه يتعين علينا الحد من الخسائر، والسعي لنهاية سريعة للقتال في الشمال». ويتابعان «في الأوضاع الحالية، فإن الطريق الوحيد لذلك هو الدفع بصفقة مخطوفين مع حماس تنهي الحرب في غزة من دون القضاء بصورة كاملة على الحركة، وهذه رسالة من الصعب إرسالها إلى الجمهور الإسرائيلي الذي لا يزال تحت صدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر، والحرب التي جاءت بعدها. لكن عندما نأخذ في حسابنا كل الفرص والمخاطر، يجب أن نعترف بحقيقة أن هذه هي الرسالة الوحيدة، ومن المهم أن نسمعها من المعارضة ومن الاحتجاج. رغم محاولة اليمين أن يصور إنهاء الحرب على أنها هزيمة، فإنها ليست كذلك، فوقف القتال سيؤدي إلى تغييرات ليست بهزيمة، كما أن الاستعداد مجدداً لمواجهة تحديات مستقبلية هو أكثر أهمية من العلاقات العامة التي تقوم بها حكومة فقدت شرعيتها الجماهيرية». ويختتم الباحثان الإسرائيليان رؤيتهما بالقول: «من الممكن في المستقبل غير البعيد أن نضطر إلى استخدام القوة العسكرية ضد إيران التي تقترب من التوصل إلى سلاح نووي، أو ضد محور المقاومة الذي بنته حولنا. لكن يمكننا أن نفعل هذا فقط مع حكومة كفوءة لديها نظرة أمنية مسؤولة وبراغماتية، وتحظى بتأييد دولي، أمّا الحكومة الحالية، فهي تفعل كل شيء لتخسره. حينها فقط، سنستحق ثمن الدماء الذي ندفعه. والآن، حان وقت الحد من الخسائر ووقف القتال والتركيز على تغيير الحكومة».
حزب الله هو التهديد الرئيسي والأخطر لإسرائيل
في هذا السياق قال محلل الشؤون العسكرية في موقع «يديعوت أحرونوت» رون بن يشاي الجمعة إن حرب «السيوف الحديدية» بدأت من وجهة نظر إسرائيل، كحدث كارثي في إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويوضح أنه خلال أيام قليلة، تبددت المخاوف التي سادت المنظومة الأمنية الإسرائيلية، والتي تتمثل في أن الهجوم الفظيع الذي نفذته حركة «حماس» في 7 تشرين الأول/أكتوبر لم يكن سوى المرحلة الأولى في هجوم منسق بين كل من حزب الله و«حماس» وإيران على إسرائيل. وقال بن يشاي إن وجهة النظر الإسرائيلية الاستراتيجية تمثّلت في ضرورة هزيمة «حماس» عسكرياً ومدنياً في قطاع غزة، وبعدها يتم ردع حزب الله أيضاً، بحيث يتم إجباره على قبول تسوية سياسية تُبْعِد قوات الرضوان وصواريخه المضادة للدروع عن الحدود الإسرائيلية إلى حدود نهر الليطاني تقريباً، وهي مسافة تبلغ في المعدل نحو عشرة كيلومترات. ويضيف «لكن، وعلى مدار الأشهر الماضية، وخصوصاً منذ الهجوم الإيراني على إسرائيل في نيسان/أبريل، انقلبت الآية؛ إذ تحولت الحرب من حدث فلسطيني إسرائيلي شديد العنف، بل أيضاً مصيري، إلى حرب إقليمية كاملة، ستصبح نتائجها شديدة الأهمية من ناحية استراتيجية أمنية، ووجودية أيضاً بالنسبة إلى إسرائيل ومواطنيها. وعلاوة على ذلك، فقد صار حزب الله، الذي يشكّل رأس الحربة الإيرانية، مؤخراً التهديد الرئيسي الذي يتعين على إسرائيل إزالته بصورة عاجلة، ليس فقط لأنه تمكّن من إخلاء منطقة شمال الجليل من سكانها، وزرع الدمار والحرائق في تلك المنطقة، بل أيضاً لأنه يحتجز الآن نحو 50.000 رهينة إسرائيلية غير قادرة على العودة إلى منازلها طالما لم يسمح نصر الله أو خامنئي لهم بذلك».
دويلة العنكبوت التي ستسقط مثل ورقة التوت قريبا جداً جداً جداً وعد رب العالمين وكان وعد الله مفعولا ✌️🇵🇸😎☝️🔥🐒🔥