إسطنبول: قبل بدء العام الدراسي الجديد، عادت فرنسا بقرارات تبيّن صرامتها ضد الأقليات وخاصة المسلمة بإعلان وزير التعليم غابريال أتال أنه سيحظر ارتداء “العباءة” في المدارس.
وفي 27 أغسطس/ آب المنصرم، قال أتال خلال مقابلة مع تلفزيون “تي إف 1” الفرنسي، إن “ارتداء العباءة في المدرسة لن يكون ممكنا بعد الآن”.
واعتبر أن ارتداء هذا الزي الإسلامي يعد “انتهاكا للقوانين العلمانية الصارمة المطبقة في مجال التعليم في البلاد”.
ولفت أتال إلى “سعيه لوضع قواعد واضحة على المستوى الوطني لاتباعها من قبل مديري المدارس قبل بدء العام الدراسي الجديد في جميع أنحاء فرنسا اعتبارا من 4 سبتمبر/ أيلول الجاري.
ويأتي القرار الفرنسي الجديد ضمن الضغوطات الممارسة على النساء المسلمات في البلاد وقوانين المنع الصادرة باستمرار منذ عام 2004.
تعليقا على إعلان أتال، قال الباحث الحقوقي في منظمة “CAGE” (مركزها بريطانيا) ريان فريشي، إن “حظر فرنسا لارتداء العباءة في المدارس الحكومية قرار معادٍ للإسلام لأنه يستهدف المسلمين فقط”.
وأضاف أن “حظر الحجاب والرموز الدينية في المدارس الحكومة بفرنسا يرجع إلى عام 2004″، مبينًا أن “الألبسة الطويلة لم تكن تعد كرمز ديني آنذاك”.
لفت فريشي، إلى أن فرنسا “شهدت في السنوات الأخيرة جدلا حول اعتبار الألبسة الطويلة التي ترتديها النساء المسلمات عادة المعروفة بالعباءة كرمز ديني”.
وقال: “أعتقد أن هذا ليس مفاجئا نظرا لعدد من العوامل، فتاريخ فرنسا السياسي وفلسفتها السياسية قاسية للغاية تجاه الأقليات وخاصة المسلمين”.
وأضاف فريشي: “كما أنها (فرنسا) تتخذ موقفا صارما للغاية بخصوص الاندماج، وفي الواقع لا يمكن أن نسميه اندماج، فنهج الفرنسيين يعتمد أكثر على صهر الأقليات”.
وأوضح فريشي، أن فرنسا “شهدت اتخاذ العديد من القرارات المناهضة للمسلمين منذ عام 2021 الذي تمت فيه المصادقة على قانون مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية، الذي يوصف بالانفصالي لأنه يهمش المسلمين”.
وأردف: “ما يريدونه منك هو أن تتخلى عن الأشياء التي تجعلك مختلفا وتقطع صلتك بها، لكن ينبغي القول أنه حتى لو فعلت، لا يمكنك أن تكون فرنسيا بالكامل من النواحي السياسية والمعنوية والتاريخية، لأن الهوية الفرنسية مركزية عرقية”.
وتابع فريشي: “لكن على الأقل إذا لم تعد مسلماً أو خالفت تقاليدك، فلن يُنظر إليك على أنك تهديد للحكومة، وهذا هو الغرض الرئيسي من الصهر، وجعلك خاضع لإدارة الجمهورية”.
وشدد فريشي أنه “يُنظر في فرنسا إلى الدين بشكل عام، والإسلام بشكل خاص، على أنه تهديد أمني”.
وقال: “منع العباءة قرار معادٍ للإسلام للغاية لأنه يستهدف المسلمين فقط، فإذا كنتِ امرأة بيضاء وتعرفّين بنفسك على أنك لست مسلمة، فلن تواجهي مشاكل في الذهاب إلى المدرسة بملابس طويلة”.
وتطرق فريشي إلى “تنفيذ حظر الحجاب في البلاد من قبل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم عام 2016″، مبينًا أن “قرارات الحظر الأخيرة شكلت ضغطا على النساء حتى وإن كنّ لا زلن يستطعن ارتداء الحجاب في الشوارع”.
وأعرب فريشي، عن اعتقاده بأن “القوانين المناهضة للمسلمين ستزداد في السنوات المقبلة”.
وقال: “قبل الانتخابات الرئاسية عام 2027 سيضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخليفته إلى القبول بقانون معادٍ للإسلام لإثبات أنهم صارمون للغاية ضد الأقلية المسلمة”.
والجمعة، أكد ماكرون على قرار أتال قائلا إن السلطات الفرنسية “لن تتهاون” في تطبيق الحظر الجديد على العباءات في المدارس.
وأضاف في حديثه للصحافيين بعد زيارة مدرسة في منطقة فوكلوز بجنوب فرنسا، أن “الرموز الدينية من أي نوع ليس لها مكان في المدارس الفرنسية في ظل نظام العلمانية”.
وتابع ماكرون، أن المعلمين ورؤساء المدارس “لن يُتركوا بمفردهم” عندما يتعلق الأمر بتطبيق الحظر، مضيفا أن السلطات “لن تتهاون في هذا الموضوع”.
وقال فريشي: “أعتقد أن الحجاب سيحظر في الجامعات أيضا في السنوات القليلة القادمة”.
ولفت إلى أن “القوانين الفرنسية المناهضة للمسلمين يتم استغلالها كشكل من أشكال العنف”.
وأضاف فريشي: “يعرفون (الفرنسيون) أن القسوة هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع المسلمين، سواء في عنف الشرطة أو الخطاب أو التشريعات”.
وأردف أنهم “يقولون لا نريدكم أن ترتدوا العباءة، وهنا ينتهي النقاش، وهذا أمر يتضمن عنفا كبيرا ولا أتوقع حدوث تغيير بهذا الموضوع في القريب العاجل، بل سنستمر في رؤية عنف الشرطة المعادي للإسلام والسياسات العامة المعادية للإسلام في فرنسا”.
واستطرد فريشي: “على الرغم من الحظر يستهدف النساء المسلمات على وجه التحديد، إلا أن المزيد من النساء المسلمات يرتدين الحجاب، ويتجه الشباب بشكل عام أكثر نحو التدين”.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا سلكت طريق الفصل بين الدين والدولة مع قانون العلمانية عام 1905.
وتم حظر ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة لأول مرة في فرنسا عام 1989.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 1989 طردت 3 طالبات (مغربيتان وجزائرية) في المرحلة الإعدادية لرفضهن خلع الحجاب في المدرسة، لتدرج هذه الحادثة في القاموس السياسي للبلاد باسم “قضايا كراي للحجاب” نسبة إلى البلدة التي تقع فيها المدرسة بإحدى ضواحي باريس.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته، قررت المحكمة الإدارية العليا أن حمل او ارتداء الطلاب رموزا تكشف عن انتمائهم الديني لا ينتهك العلمانية.
ومع بقاء مسألة الحجاب موضع جدال في البلاد لسنوات طويلة، صدر عام 2004 قرار بحظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس الحكومية.
وعام 2010، حظرت فرسنا ارتداء الملابس التي تغطي الوجه بالكامل مثل البرقع والنقاب في الأماكن العامة.
(الأناضول)
على أمتنا ان تستيقظ للدفاع عن نفسها ودينها أقل الإيمان بطرد السفراء ومقاطعة المنتوجات صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة غثاء كغثاء السيل لماذا لا تنشرون عن واقعنا المرير