باحث وجنرال إسرائيلي: إيران هي الرابح الأكبر من الأزمة مع واشنطن.. وفي لبنان عنصر يثير الإعجاب

حجم الخط
3

الناصرة- “القدس العربي”: يحذّر باحث إسرائيلي في مركز أبحاث القدس للشؤون العامة والسياسة اللواء في الاحتياط يوسي كوفرفاسر (رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية سابقاً) من أن الأزمة الراهنة بين إسرائيل والولايات المتحدة تخدم إيران التي تزداد ثقة، وتتحرك من خلال لبنان لإرساء معادلة جديدة إزاء عدوّيها الإسرائيلي والأمريكي.

باحث: يُجمِع الكل على أن الإيرانيين قادرون على إنتاج كميات انشطارية من أجل جهاز نووي متفجر واحد خلال أقل من أسبوعين، وخلال ثلاثة أشهر يستطيعون إنتاج كميات انشطارية تكفي خمسة أجهزة نووية متفجرة.

 في تحليل نشرَه موقع مركز الأبحاث المذكور، يقول يوسي كوفرفاسر إنه بينما تنشغل إسرائيل بأزمتها الداخلية، وبالمساعي لعبور شهر رمضان بسلام مع الفلسطينيين، تتطور تحدياتٌ مهمة في الساحة الإيرانية، وفي مواجهة عناصر القوة في لبنان. زاعماً أن من الواضح، على المستوى الإيراني، أن النظام الإسلامي يفحص إمكانية تغيير قواعد اللعبة وتخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية.

ويمضي في تحذيراته: “بعكس تصريحات أمريكية سابقة (تصريحات وزير الدفاع الأمريكي في سنة 2012)، والتي جاء فيها صراحة أن الولايات المتحدة تعتبر أي محاولة إيرانية لتطوير سلاح نووي خطاً أحمر، ولن تقبل إنتاج اليورانيوم على هذه الدرجة، فإن إدارة بايدن، بعد أن تحوّلتْ هذه الإمكانية إلى حقيقة، تبعث برسالة ضعيفة. فقد قال رئيس الأركان المشتركة في الولايات المتحدة الجنرال ميلي، أمام لجان الكونغرس (23 آذار/مارس): إن الولايات المتحدة لا تزال تلتزم سياسة عدم حصول إيران على سلاح نووي.. بكلام آخر، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تستطيع إيران تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية، وربما أيضاً استخدامه لإنتاج رؤوس نووية متفجرة، لكنها إذا أنتجتْ سلاحاً نووياً، فإن الأمريكيين لن يسكتوا عن ذلك”.

الخط الأحمر الأمريكي

كما يقول إنه صحيح أن ميلي قال إن الجيش الأمريكي طوّرَ مجموعة إمكانات عمل كي يستخدمها صنّاعُ القرار، إذا قررتْ إيران إنتاج سلاح نووي، لكن عدم الوضوح بشأن مسألة تَغَيُّر الخط الأحمر الأمريكي كان أمراً مهماً. ويستذكر أنه، رداً على كلام ميلي، قالت الناطقة بلسان البيت الأبيض إن “الولايات المتحدة ملتزمة منْعَ إيران من الوصول إلى سلاح نووي”، وكررت بذلك رسائل الرؤساء الأمريكيين السابقين (أوباما وترامب وبايدن)، لكنها أبقت الغموض بشأن ما إذا كانت تصريحات ميلي هي تصريحات غير موفقة، أم أن هناك تبدُّلاً في الخطوط الأمريكية الحمراء، بحيث أن تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية، ومغزاه الوحيد الرغبة في إنتاج سلاح نووي، لم يعد يتطلب رداً. ويضيف: “إذا استنتجْنا من الكلام الأمريكي أن تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية لا يفرض القيام بعملية، فإن هذا يخلق فجوة بين وجهة النظر الإسرائيلية ووجهة نظر الإدارة الأمريكية. على ما يبدو، هذه الفجوة ليست كبيرة لأن الطرفين في هذه المرحلة يدّعيان أن إيران لم تتخذ قراراً بشأن إنتاج سلاح نووي، ولم تستأنف العمل في مجموعات السلاح التي جمّدتها في سنة 2003. لكن يبرز هنا اختلاف في الآراء بشأن الوقت الذي يحتاج إليه الإيرانيون لإنتاج سلاح نووي منذ اللحظة التي يتخذون فيها قراراً في هذا الشأن. ويُجمِع الكل على أن الإيرانيين قادرون على إنتاج كميات انشطارية من أجل جهاز نووي متفجر واحد خلال أقل من أسبوعين، وخلال ثلاثة أشهر، يستطيعون إنتاج كميات انشطارية تكفي خمسة أجهزة نووية متفجرة”. 

كلما كان الوقت لإنتاج سلاح نووي إيراني أقصر، كلما أصبحت الفجوة أكبر وملحّة أكثر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن ما الذي يجب فعله إذا قرّرت إيران تخصيب يورانيوم على درجة عسكرية.

إنتاج السلاح النووي

منبّهاً إلى أنه مع ذلك، وحتى وقت قريب، كان التقدير أنه حتى لو خصّب الإيرانيون اليورانيوم على درجة عسكرية، فإنهم بحاجة إلى عامين على الأقل لإنتاج سلاح نووي يركَّب على صواريخهم البعيدة المدى، لكن ميلي جاء ليقول إن الوقت الذي يحتاج إليه الإيرانيون لإنتاج جهاز نووي متفجر يمكن أن يكون أقصر بكثير، وليسوا بحاجة إلى أكثر من بضعة أشهر. ويتابع: “كلما كان الوقت الذي تحتاج إليه إيران لإنتاج سلاح نووي أقصر، كلما أصبحت الفجوة أكبر وملحّة أكثر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن ما الذي يجب فعله إذا قرّرت إيران تخصيب يورانيوم على درجة عسكرية”.

ويقول يوسي كوفرفاسر إن مجرد تخصيب اليورانيوم على درجة قريبة من الدرجة العسكرية (60% وربما 84%) والتغييرات التي أجريت مؤخراً على تكوين أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو تحت الأرض، والتي تسمح بالتخصيب على درجة عسكرية، كل ذلك يدل على أن إيران أصبحت أكثر جرأة، وكلام مثل كلام الجنرال ميلي مع التردد الأمريكي في نقاشات الوكالة الدولية للطاقة النووية،

يمكن أن يزيد في الاستعداد الإيراني لاختبار الولايات المتحدة (وإسرائيل). منّبهاً إلى أنه، ضمن هذا الإطار، يجب رؤية تصاعُد هجمات وكلاء إيران في سوريا والعراق ضد قواعد أمريكية في سوريا، والتي أدت إلى مقتل مقاول أمريكي وجرح خمسة آخرين. ويقول إنه صحيح أن بايدن ردّ على ذلك بحدّة، والأمريكيون هاجموا قاعدة إيرانية في شمال سوريا، لكن ثمة شكاً في أن هذا سيحقق الردع المطلوب.

الاتفاق مع السعودية

ويرى يوسي كوفرفاسر أنه، في جميع الأحوال، يبدو أن إيران تستمدّ تشجيعاً من تحسُّن مكانتها الإقليمية والدولية بعد الاتفاق بينها وبين السعودية، وتعزيز العلاقات بينها وبين الصين وروسيا، ومن الضعف الأمريكي في المنطقة، ومن عودة رأس النظام السوري إلى حضن العالم العربي، ومن انشغال إسرائيل بمشكلاتها الداخلية، وإحجامها عن الدخول في مواجهة مع “حزب الله”.

وبرأيه أيضاً، تندرج هنا حادثة الهجوم في مفرق اللجون- مجدو، والتي تكشف تصعيداً بدرجة جرأة وكلاء إيران في لبنان. ويضيف: “صحيح أن ما حدث بالضبط لا يزال خفياً، لكن من الواضح أن عنصراً قوياً في لبنان يتمتع بمهنية عسكرية مثيرة للإعجاب، وقدرة على الوصول إلى عبوة متطورة، وعلى اجتياز العائق الحدودي، قررَ أن يرسل إلى الأراضي الإسرائيلية “مخرباً” مسلحاً بصورة جيدة، نجحَ في تنفيذ عمليته التي انتهت “بأعجوبة” بسقوط جريح واحد فقط”.

المعركة بين الحروب

مذكّراً أن هذا كله حدثَ من دون أن يكون أي شخص في إسرائيل على علم بالنية والقرار والتنفيذ، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الاستخبارات الإسرائيلية قادرة على منع تكرار مثل هذه الحادثة لاحقاً، وأن ما جرى، من الناحية الاستخباراتية، مفاجأة متعددة الأبعاد.

 وبرأي يوسي كوفرفاسر، الأخطر من أي شيء أن ما جرى مفاجأة تتعلق بأسس التقديرات الإسرائيلية، إذ تعمل المنظومة الإسرائيلية على أساس تحليل أساسي أن أطراف القوة في لبنان في حالة ردع بسبب القوة الإسرائيلية، وهي تلتزم قواعد اللعبة التي تمنعها من مهاجمة أهداف في إسرائيل، ما دامت إسرائيل لا تؤذي مصالح لبنانية حيوية، أو تهاجم في لبنان، أو تمسّ بعناصر “حزب الله” في سوريا، ضمن إطار المعركة بين الحروب، التي تهدف إلى ضرب جهود بناء قوة عسكرية لإيران و”حزب الله” في سوريا ولبنان.

إيران تستمدّ تشجيعاً من تحسُّن مكانتها الإقليمية والدولية بعد الاتفاق مع السعودية، وتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا، ومن الضعف الأمريكي في المنطقة، وانشغال إسرائيل بمشكلاتها الداخلية..

التردّد الإسرائيلي

وعن ذلك يضيف: “يظهر الآن أن هذا الافتراض لم يعد صالحاً. هناك طرف قوي في لبنان يعتقد أن في الإمكان شنّ عملية “إرهابية” في الأراضي الإسرائيلية”. وعلى الأرجح، فإن المقصود هو “حزب الله” نفسه، أو طرف مرتبط به، أو بإيران (مثلاً “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، التي نفّذت في سنة 2002 هجوماً مشابهاً من السياج اللبناني، وأدى يومها إلى مقتل 5 إسرائيليين). ويعتبر أنه إذا كان هذا صحيحاً، فإن شيئاً أساسياً في الفهم الإسرائيلي للواقع في لبنان هو خطأ، مرجحاً “أننا لم نفهم أن التغييرات الداخلية الجارية في اسرائيل يمكنها أن تغيّر الصورة في نظر أعدائها، وتدفعهم إلى انتهاج إستراتيجيا جديدة”.

ويتابع: “كما حذّرتُ في مقالي في هذا الموقع، وعلى الرغم مما قيل عن التردد الإسرائيلي والإحجام عن الدخول في مواجهة مع “حزب الله” بشأن اتفاق الغاز، هناك تخوّف أمني كبير من أن تزداد ثقة الحزب بنفسه، الأمر الذي يشجعه على المجازفة بصورة تبدو لنا أنها غير محسوبة، لكنها في نظره محسوبة”.

أسئلة خطيرة ما زالت مفتوحة

وطبقاً ليوسي كوفرفاسر، فإن “تطورات الأشهر الأخيرة؛ سلوك إسرائيل حيال اتفاق الغاز، وتعزيز قوة نظام الأسد، والتقارب بين إيران وروسيا، والاتفاقات بين السعودية وإيران التي عززت قوة النظام المتطرف في طهران، والتصعيد في مواجهة الفلسطينيين في الضفة والأزمة الداخلية في إسرائيل، إزاء هذا كله، يزداد الانطباع بأن القيود التي تأخذها عناصر القوة في لبنان في الاعتبار بشأن تقديراتها للوضع خفّت، ودفعت طرفاً ما إلى انتهاج سياسة جديدة، أو على الأقل فحص تداعيات انتهاج مثل هذه السياسة من خلال الهجوم في مفرق اللجون/ مجدو”.

 ويضيف: ” صحيح أن نصر الله لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم، في خطابه هذا الأسبوع، لكنه حاول طرح معادلة جديدة، مفادها أنه مسموح لعناصر القوة العاملة في لبنان بالعمل ضد إسرائيل عبر الحدود (من الأفضل من خلال إخفاء هويتهم وعدم تحمّل المسؤولية)، لكن ممنوع على إسرائيل الرد، وأيّ ردّ سيواجَه بردّ أكبر”.

ويعتقد يوسي كوفرفاسر أنه من اللحظة التي يتضح فيها لإسرائيل مَن المسؤول عن هجوم اللجون/ مجدو، يتعين عليها أن تدفّعه ثمناً باهظاً كما وعدتْ، وإذا لم يجرِ ذلك، فإن الخلاصة التي سيصل إليها الحزب وعناصر قوة أُخرى، أن القيود تآكلت، وثمة مجال لزيادة العمليات “الإرهابية” ضد إسرائيل من لبنان.

الباحث: أسباب تدعو للقلق تتعلق بالغموض بشأن هوية الطرف الذي أرسل “المخرّب” (عملية مجدو)، وما هي نياته، ولماذا لم يستخدم الحزام الناسف، وهل جرى إعداد “مخرّبين” آخرين..

ويستذكِر أن قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لـ “حزب الله” عرضتْ، في يوم السبت (18 آذار/مارس)، فيديو تهديدات لتنظيم اعترف بمسؤوليته عن هجوم اللجون/ مجدو، يحمل اسم “قوات الجليل – الذئاب الوحيدة”، هدّدَ فيه بتنفيذ هجمات أُخرى، هذه المرة ضد شخصيات رفيعة المستوى، بينها الرئيس هرتسوغ.

ويتساءل، في تحليله، بالقول إنه في هذه المرحلة، ليس من الواضح صحة ادّعاء “الجهاد الإسلامي” أن اغتيال أحد ناشطيه، في 19 آذار/ مارس، في دمشق علي رمزي الأسود، كان نتيجة عملية إسرائيلية، وهل هناك علاقة بين الاغتيال وبين الهجوم في اللجون/ مجدو، وإذا كان هذا صحيحاً، فإن الأمر هو ردّ نوعي.

ويقّر يوسي كوفرفاسر بأن هناك مشكلة منفصلة تتمثل في المفاجأة العملانية التي انطوى عليها الهجوم، ويقول إنه من المفترض أن الجيش وسائر الأجهزة الأمنية مستعدون لإحباط هجمات من الحدود، حتى من دون معرفة مسبقة.

موضحاً أن هناك أسباباً تدعو إلى القلق تتعلق بالغموض بشأن هوية الطرف الذي أرسل “المخرّب”، وما هي نياته، ولماذا لم يستخدم الحزام الناسف، وهل جرى إعداد “مخربين” آخرين، وهل “المخرب” فلسطيني، أو لبناني.

 ويخلص يوسي كوفرفاسر للقول إن كل هذه الأسئلة، من المهم الإجابة عليها لمنع الهجوم المقبل.

 ويختم: ” نأمل بأن يقدم التحقيق السريع في الحادثة إجابات كاملة عن هذه الأسئلة في أقرب وقت. هذا الواقع المعقد والخطير يفسّر، جزئياً، دعوة الوزير غالانت إلى وقف العملية التشريعية، ووقف التهديدات برفض الخدمة العسكرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    جنرالات دويلة ما يسمى اعتباطا إسرائيل، عجزوا أمام دهاء وذكاء حزب الله،. قال تعالى : ألا إن حزب الله هم الغالبون ✅

  2. يقول ناصر المصراتي:

    لطالما ادعت العصابات الصهيونية أنها أذكى مخلوقات الله في الأرض رغم أنهم أجرم وأقبح وأغبى كيان في المعمورة ، لكن هاهي الأيام تثبت كذب ادعائهم وصدق يقيننا في حمقهم وغبائهم ، إيران حضارة تعود لآلاف السنين فلا يمكن مقارنتها مع جماعات قطاع الطرق من الكاوبوي الأمريكي أو المهاجرين الصهاينة إلى فلسطين بطريقة غير شرعية ..

  3. يقول abuelabed:

    مبروك على إيران انت مضايق ليش.

اشترك في قائمتنا البريدية