برلمان الجزائر ينصب لجنة لإعداد قانون تجريم الاستعمار.. والبرلمانية الفرنسية صبرينة صبايحي تثمن الخطوة

حجم الخط
5

الجزائر ـ”القدس العربي”:

أُعلن في الجزائر، عن تنصيب لجنة خاصة تتولى صياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار، تضم ممثلين عن مختلف المجموعات البرلمانية.  وتؤكد هذه الخطوة جدية البرلمان الجزائري في المضي إلى الآخر في هذا المشروع، بعد سنوات من التردد والتسويف.

وأكد إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني في الجزائر، في كلمة له خلال تنصيب اللجنة، أن “التحرك نحو تجريم الاستعمار هو مسؤولية جماعية، تهدف إلى حماية حقوق الشعوب، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً.” وأضاف قائلاً: “لا يمكن أن نسمح بطمس الحقيقة أو القفز على الذاكرة الوطنية، فتجريم الاستعمار ليس خيارًا، بل هو واجب وطني وأخلاقي تجاه شهدائنا وتاريخنا.”

وأشار رئيس المجلس إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها تضم إجماعًا من كل التيارات السياسية حول هذا الموضوع، مؤكداً أن هذا التحرك هو تكريم لذاكرة الأجيال المتعاقبة من جيل المقاومة إلى جيل الثورة التحريرية المجيدة، الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حرية الوطن والشعب.

وأضاف بوغالي أن اللجنة ستحظى بكافة ضرورات العمل التي تُمكِّنها من أداء مهامها على أكمل وجه، مشيرًا إلى أنه يمكن للجنة الاستعانة بالكفاءات والخبراء والحقوقيين المهتمين بقضايا الذاكرة والجرائم المرتكبة ضد الشعب الجزائري في الفترة ما بين 1830 و1962. وتحدث بالموازاة، عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني تحت نير الاحتلال، مشيرًا إلى أن هذا الملف يُبرز ضرورة النضال المستمر ضد كل أشكال الاستعمار والاحتلال، في جميع أنحاء العالم.

ويحظى مقترح تجريم الاستعمار بدعم واسع داخل المجلس الشعبي الوطني، حيث عكست اللجنة الخاصة بإعداد المشروع وحدة الصف الوطني تجاه هذا الملف الحساس.

وعلى الصعيد الدولي، يأتي هذا التحرك تزامنًا مع اعتماد الاتحاد الإفريقي خلال قمته الأخيرة قرارًا بتصنيف الاستعمار والاسترقاق كجرائم ضد الإنسانية، وهو ما يعزز الموقف الجزائري ويفتح الباب أمام مقاضاة فرنسا عن الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعوب الإفريقية.

وفي نفس السياق، ثمنت البرلمانية الفرنسية صبرينة صبايحي المهتمة بقضايا الذاكرة، خطوة البرلمان الجزائري، معتبرة أن “هذا تطور تاريخي منطقي”. وذكرت في حوار مع جريدة “الخبر”: “إذا لم ندن الاستعمار بشدة، فسنكون محكومين بتكراره. نفس المنطق يحدث الآن في غزة. النضال ضد الاستعمار هو نضال حياتي”.

وفي سؤال لها حول ما إذا سيأتي يوم يتم فيه الاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر، قالت صبايحي: “حالياً، لا نسير في هذا الاتجاه. ولكن ماهية السياسة تدور حول بناء طرق للتفاهم. الحقيقة التاريخية ستكون دائماً في صف العادلين. فرنسا قوية بما يكفي لتتحمل مواجهة ماضيها والاعتراف بالأخطاء”.

وستكون الأنظار مشدودة إلى عمل هذه اللجنة التي يُنتظر منها أن تصوغ مشروع قانون تجريم الاستعمار، خاصة في ظل التجارب السابقة الفاشلة. وسبق للبرلمان الجزائري، أن طرح قانون تجريم الاستعمار سنة 2006، كرد على قانون تمجيد الاستعمار الذي أرادت فرنسا تبنيه سنة 2005 في ظل رئاسة جاك شيراك. لكن القانون الجزائري تم تعطيله بمبررات عدة، منها عدم الرغبة في الإضرار بالعلاقات مع فرنسا، وظل يستعمل من حين لآخر كورقة ضغط جزائرية كلما تأزمت العلاقات بين البلدين، لكن دون أي إرادة حقيقية في اعتماده.

وشهدت بدايات العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون، محاولات لإحياء المشروع لكن دون جدوى. ففي شباط/ فبراير 2020، اقترح 50 نائبا في المجلس الشعبي الوطني، مبادرة قانون لتجريم الاستعمار، تنص على “اعتراف فرنسا بجرائمها وأفعالها إبان احتلالها للجزائر من سنة 1930 إلى 1962 والاعتذار عنها حق مشروع للشعب الجزائري غير قابل للتنازل”. وأشار مقترح القانون إلى أن أشد الجرائم خطورة، هي الإبادة الجماعية ، جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب”، مبرزا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

واعتبر مقترح القانون أن مسؤولية الدولة الفرنسية قائمة عن كل الجرائم التي ارتكبتها جيوشها في حق الشعب الجزائري إبان فترة الاحتلال، ونص على أن “الشعب الجزائري تعرض إلى أبشع أنواع وأخطر أنواع الجرائم خلال فترة الاحتلال، مازالت أثارها وتأثيراتها إلى يومنا هذا”. واعتمد أصحاب المبادرة على اعترافات عن تلك الأفعال والممارسات وردت عن مجرمي حرب فرنسيين، كانوا “يتباهون ويتفاخرون بجرائم إبادة قبائل بأكملها وحرق قرى ومداشر برمتها والقضاء على عائلات بأكملها بنسائها وأطفالها وشيوخها في جميع أنحاء البلاد”.

 لكن هذا المقترح الذي صاغه الإسلاميون لم ير النور. وتلا ذلك سنة 2021 بعد انتخاب البرلمان الجديد، تقدم أكثر 100 نائب في المجلس الشعبي الوطني، بمقترح قانون لتجريم الاستعمار. وقام النائب بلخير زكريا بإيداع المشروع مندوبا عن أصحاب المبادرة، تزامنا مع ذكرى أول نوفمبر وهو تاريخ انطلاق الثورة التحريرية ضد المستعمر الفرنسي سنة 1954، لكن هذا المشروع أيضا بقي حبيس الأدراج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    خطوة متأخرة جدا جدا جدا ✌️🇩🇿👍

  2. يقول م/ب اولادبراهيم:

    لكن تأتي متأخرا افضل مما لاتأتي ..

  3. يقول سعيد وركا:

    خطوة لن تتم اتحدا اي جزائري ان يتم اعتماد او تبني هذا القرار والايام بيننا

    1. يقول بوشوك علي:

      وانا كجزائري حرا اتحداك ان تتراجع الجزائر عن اتخاذ هذا القرار والايام قليلة بيننا.

    2. يقول زينو الجزائر:

      ترونه بعيدا ونراه قريبا باذن الله

اشترك في قائمتنا البريدية