برلمان العراق يراهن على تحقيق النصاب لتمرير 4 قوانين في جلسة اليوم

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: قررت هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي (البرلمان) إدراج أربعة قوانين خلافية ضمن جدول أعمال الجلسة المقرر عقدها اليوم الثلاثاء، بهدف تمريرها بـ«سلّة واحدة» محاولة الوقوف بوجه ظاهرة الإخلال بنصاب الجلسات، عِبر إعادة العمل بـ«مدوّنة سلوك العمل النيابي» وفرض غرامات مالية ومنع الإيفادات بحق النواب المتغيبين عن حضور الجلسات.

القوانين المقترحة

الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، نشرت جدول أعمال جلسة اليوم المعدّل، المُؤلّف من 10 فقرات، أبرزها التصويت على تعديل مشروع قانون الموازنة «الثلاثية» وقانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولين بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحلّ، بالإضافة إلى مناقشة وقراءة قانونين آخرين.
وكان البرلمان قد أخفق في تمرير التعديل على قانون الموازنة في جلسة أمس الإثنين، نتيجة إخلال نواب الوسط والجنوب بنصاب الجلسة.
القصة بدأت عندما صوّت 10 أعضاء من مجموع 17 عضواً في اللجنة المالية البرلمانية، لصالح المادة 12 من قانون الموازنة المتعلقة باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر شركة التسويق الوطنية «سومو» مقابل دفع الحكومة الاتحادية مبلغ 16 دولاراً كنفقات «إنتاج ونقل» عن كل برميل من نفط الإقليم، وهو ما أثار حفيظة النواب السبعة المعترضين.
وكشف عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب رائد المالكي، عن قيام رئيس البرلمان بـ«تهديد» النواب المعترضين على قانون الموازنة، بقطع مرتّباتهم.
وقال في بيان إن «اللجنة المالية في مجلس النواب قررت رفع تعديل قانون الموازنة للتصويت عليه، وكما ورد من الحكومة دون تغيير، متجاهلة اعتراضات7 من أعضاء اللجنة، وكذلك اعتراض وملاحظات نواب الوسط والجنوب التي قدمناها والتي لم تكن تهدف تعطيل تعديل قانون الموازنة أو عرقلة حل مشاكل إنتاج النفط في الإقليم، وهذا الأمر دفعنا إلى تحشيد موقف النواب المعترضين للانسحاب من جلسة المجلس وكسر نصاب التصويت». وبيّن أن «رئاسة المجلس لم تظهر أي محاولة جدية لسماع الملاحظات والمقترحات، بل هددت بتغييب النواب المعترضين الذين خرجوا من الجلسة وتهديدهم بقطع رواتبهم، وهو أمر لم تفعله الرئاسة مع النواب المتغيبين حقيقة على مدى سنوات من عمر البرلمان وتعطيل جلساته».

غرامات وإلغاء الإيفادات سلاح هيئة الرئاسة ضد النواب المقاطعين

وأضاف: «إننا، وزملاءنا في تجمع نواب الوسط والجنوب، نؤكد استعدادنا للتحاور مع الأطراف النيابية المعنية لإنضاج التعديل وإدخال المقترحات عليه ومعالجة الملاحظات والإشكالات وإقراره سريعا، ونبدي استغرابنا الشديد من عدم إحاطة ومعرفة نواب ورؤساء كتل بطبيعة التعديل وآثاره واهدارهم فرصة معالجة أحد أهم إشكاليات العلاقة مع إقليم كردستان».
ووفق النائب المنتمي «للإطار التنسيقي» الشيعي، فإن «هذا الأمر كشف عنه الحوار مع الأخوة النواب، حيث كانت أقوى حجة لدى المدافعين عن المقترح الحكومي لتعديل المادة 12 من قانون الموازنة هو قولهم (إن تمرير هذا التعديل أفضل من ترك نفط الإقليم يهرب) وهنا نجد أنفسنا مضطرين لرفع القبعة لقادة وسياسيي إقليم كردستان الذين فرضوا قبول هذا الواقع الفاسد على السياسيين في بغداد».
وختم: «لا توجد مقارنة بين جدوى إنتاج نفط الإقليم، وإنتاج نفط المحافظات الأخرى، ومع ذلك ممكن أن يتم تقبل وتحمل تكاليف الإنتاج بشروط أهمها: تحقق مطلب الإدارة المشتركة للحقول والعقود وأمور أخرى».

تصريحات «مضللة»

في مقابل ذلك، أعلن رئيس تحالف «العزم» السنّي، مثنى السامرائي، دعمه للتعديل على الفقرة 12 من الموازنة، معتبراً أن توقف تصدير نفط الإقليم تسبب بخسارة العراق أكثر من 18 مليار دولار.
وذكر في بيان صحافي أمس، أنه «في الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية الملف النفطي باعتباره الرافد الأساسي لموارد خزينة الدولة، نعرب عن استغرابنا من التصريحات المضللة والتصرفات غير المسؤولة التي تسعى إلى عرقلة الإجراءات الفنية والحلول العملية لمعالجة الملفات الاقتصادية العالقة، حيث شهدت الموازنة العامة خسارة مبالغ كبيرة نتيجة توقف تصدير النفط المنتج في إقليم كردستان لأسباب فنية تتعلق بتحديد كلف الإنتاج والنقل ومستحقات الشركات النفطية الدولية العاملة في الإقليم».
وأفاد أن «هذا التوقف نجم عن تقديرات سعرية دقيقة أو غير دقيقة لكلف النفط المستخرج من حقول الإقليم، حيث تختلف كلف الإنتاج تبعاً لطبيعة الأرض وعمق الآبار النفطية، فعلى سبيل المثال، تصل كلفة الإنتاج في حقول البصرة إلى حوالي 6 دولارات للبرميل، بينما تتجاوز الكلفة في بعض حقول الإقليم 20 دولاراً للبرميل».
وأشار إلى أن «السعر المنصوص عليه في تعديل القانون (16 دولاراً) يمثل تقديراً أولياً وليس نهائياً، وهو خاضع للتدقيق من قبل الجهة الاستشارية المشار إليها في مقترح التعديل، بالإضافة إلى تدقيق ديوان الرقابة المالية الاتحادي، ويعد هذا التعديل ضرورياً لدعم تنفيذ بنود الموازنة المقرّة، خاصة المواد المتعلقة بالواردات النفطية، في ظل تزايد النفقات العامة وتفاقم العجز المالي».
وأضاف: «لقد أدى توقف تصدير نفط الإقليم وجزء من نفط كركوك خلال الأشهر الماضية، إلى خسائر جسيمة للاقتصاد العراقي، تجاوزت قيمتها 18 مليار دولار، ومن هذا المنطلق، تقع على عاتق الحكومة مسؤولية تنفيذ بنود البرنامج الحكومي، وفي مقدمتها الملف النفطي، من خلال إيجاد حلول فنية فعّالة، وهي مسؤولية أكدت وزارة النفط الاتحادية أهميتها ودعمت المضي في تعديل قانون الموازنة لتحقيقها».
ورأى أن «آلية تصدير النفط، التي نص عليها قانون الموازنة، تمت عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو) وفقاً للدستور وقرارات المحكمة الاتحادية».
ودعا السامرائي رؤساء التحالفات أعضاء تحالف «إدارة الدولة» وأعضاء مجلس النواب إلى «المضي في تشريع تعديل قانون الموازنة».
وبدعم كردي من المقرر أن تشهد جلسة اليوم التصويت على قانون إعادة أملاك مصادر في زمن النظام السابق لأصحابها، وخصوصاً تلك التي تقع في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتمتاز بطابعها الكردي.

آثار كارثية

وإضافة إلى تلك القوانين، يخطط البرلمان للتصويت على تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي من شأنه أن يسمح للمرجعيات الدينية العراقية، بدلا من قانون الدولة، بالإشراف على مسائل الزواج والميراث، وذلك على حساب الحقوق الأساسية، حسب منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية.
وفي تقريرها الأخير، اعتبرت المنظمة تمرير هذا التعديل، الذي يمثّل مطلباً سياسياً شيعياً، أنه سيؤدي إلى «آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي، من خلال السماح بزواج الفتيات في سن التاسعة، وتقويض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، وإزالة الحمايات المتعلقة بالطلاق والميراث للنساء».
ودعت السلطات العراقية إلى «رفض التعديل المقترح على قانون الأحوال الشخصية».
أما السنّة، فنجحوا في إدراج فقرة تنص على تمرير «قانون العفو العام» في جدول الأعمال، رغم الرفض الشيعي.
وفي 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلنت كتلة «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، أنها ستقاطع جميع جلسات مجلس النواب لحين إدراج التصويت على مشروع تعديل قانون العفو العام في جدول أعمال الجلسات المقبلة.
ارتفاع سقف طموح هيئة رئاسة البرلمان في تمرير جمّلة القوانين الخلافية تلك في سلّة واحدة وبجلسة واحدة، يصطدم بموقف النواب المعترضين الذين يلجؤون إلى خيار كسّر النصاب القانوني للجلسة.
وعلى هذا الأساس، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، أن الأيام المقبلة ستشهد تفعيل «قواعد السلوك النيابي» مع النواب المتغيبين، وبينما وجه بإلغاء جميع الإيفادات للنواب، وكذلك العودة للعمل بالتصويت الإلكتروني على مشاريع القوانين، وتفعيل طلبات الاستجواب الخاصة بالوزراء، وترشيد الظهور الإعلامي للنواب. دعا الكتل السياسية إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها.
جاء ذلك خلال اجتماع ترأسه المشهداني مع رؤساء الكتل النيابية في القاعة الدستورية داخل مبنى مجلس النواب العراقي.
وأكد المشهداني في بيان ضرورة «مضي مجلس النواب في عقد جلساته، التي تضمن أداء دوره التشريعي والرقابي الذي ينتظره أبناء الشعب العراقي لما يتعلق بالقوانين التي تلامس احتياجاتهم ومعيشتهم كإقرار جداول الموازنة والقوانين الأخرى التي تخص بعض الأجهزة الأمنية وقانوني العفو العام والأحوال الشخصية».
وأضاف أن «تكاتف وتعاون الكتل النيابية مع رئيس المجلس سيؤدي إلى انعقاد الجلسات وإنعاش حالة الثقة بين المجلس والمواطنين، مما سينعكس إيجاباً على الحالة الانتخابية التي ستجري في الأشهر المقبلة».
وأوضح أن «الأيام المقبلة ستشهد تفعيل قواعد السلوك النيابي وفقا لقانون المجلس ونظامه الداخلي، وفرض غرامة مالية قدرها مليون دينار (نحو 763 دولاراً) على النائب المتغيب عن الجلسة الواحدة، ونشر أسماء النواب المتغيبين في الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس».
كما وجه المشهداني بـ«إلغاء جميع الإيفادات للنواب، وكذلك العودة للعمل بالتصويت الإلكتروني على مشاريع القوانين، وتفعيل طلبات الاستجواب الخاصة بالوزراء» وفق البيان.
وشدد على ضرورة «ترشيد الظهور الإعلامي للنواب وأن يكون لائقاً بالصفة النيابية وتمثيله لأفراد الشعب العراقي، وعدم توزيع الانتقادات على مجلس النواب والمؤسسات الحكومية دون سلوك السُبل الرسمية في إيصال هذه الانتقادات».
وجدد في ختام البيان، دعوته للكتل السياسية «بضرورة تحمل مسؤولياتها في التزام النواب بحضور الجلسات وتحقيق النصاب القانوني والمشاركة الفاعلة في إقرار القوانين التي تصب في مصلحة البلد».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية