لندن ـ «القدس العربي»: تستعد حكومة حزب العمال البريطاني بزعامة كير ستارمر إلى إصدار شروط جديدة ستكون ضاغطة على المهاجرين وطالبي الحصول على تأشيرات عمل، ويتوقع أن تمهد الأرضية للتحلل من المادة الثامنة للمحكمة الأوروبية العليا التي يستند إليها المحامون في دفاعهم عن الحقوق العائلية للمهاجرين بما فيها جمع الشمل.
أبرز المعالم المرتقبة ستصدر الأسبوع المقبل في ما يسمى ” الكتاب الأبيض” وهو يشمل إجراءات سيعلنها رئيس حزب العمال لتشديد قوانين الهجرة، ويأتي في مقدمة تلك الإجراءات ” رفع المستوى المطلوب لامتحان اللغة الإنكليزية لطالبي العمل”.
هذا الأمر تحدثت عنه عدة صحف بريطانية وخاصة صحيفة «التايمز»، حيث عنونت تقول: “إن المهاجرين الذين يرغبون في القدوم إلى المملكة المتحدة للعمل، سيتعين عليهم التحدث بالإنكليزية بطلاقة”.
وبموجب ذلك سيتعين على المتقدمين للحصول على تأشيرة عمل في المملكة المتحدة إثبات قدرتهم على التحدث باللغة الإنجليزية بمستوى يعادل شهادة أي- ليفل (الثالث عشر)، ليقفز فوق المستوى الحالي الذي يعادل شهادة الصف الحادي عشر، المعروف في المدارس البريطانية باسم جي سي إس إي، والسبب هو أن المسؤولين في وزارة الداخلية باتوا يرون “أن المستوى القائم حاليا هو منخفض للغاية ولا يتيح للناس الاندماج الكامل في المجتمع البريطاني” .
ووفقا لما نشرته صحيفة “التايمز فإن المستوى الجديد، الذي يعادل شهادة أي- ليفل للغة أجنبية، سيسمح للأشخاص بالتعبير عن أنفسهم “بطلاقة وعفوية دون الحاجة الواضحة للبحث عن الكلمات”، كما سيتعين على المتقدمين إثبات قدرتهم على كتابة نصوص مفصلة حول مواضيع معقدة باللغة الإنكليزية.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني إن الحكومة تركز على “خفض الأرقام القياسية (للهجرة) التي خلفتها الحكومة السابقة (للمحافظين) ومعالجة الأسباب الجذرية وراءها”. وأضاف: “سيعرض الكتاب الأبيض للهجرة حزمة جريئة من الإجراءات لتحقيق ذلك (…) اللغة والقدرة على التواصل هما جزءان أساسيان من عملية الاندماج”.
ومن المتوقع أيضا أن يتضمن” الكتاب الأبيض “خططا لتقييد قدرة طالبي اللجوء على البقاء في المملكة المتحدة بسبب الروابط العائلية، حيث يرى مصدر حكومي رفيع في تصريح لصحيفة “صن” أن المحامين “يستغلون” المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان للادعاء بأن من حق الأشخاص البقاء في المملكة المتحدة بسبب حقهم في الحياة العائلية. وأضاف المصدر: “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أصبحت مثارا للسخرية منذ وقت طويل، وسنغير القانون لإعطاء الأولوية لبرلماننا السيادي”. ومن المرتقب أيضا فرض قيود إضافية على قدرة الطلاب والعمال على جلب أفراد من عائلاتهم إلى المملكة المتحدة.
كذلك قد يتم تقييد طلبات التأشيرة من بعض الجنسيات التي يُعتبر حاملوها من بين ” الأكثر احتمالاً لتجاوز مدة الإقامة القانونية الممنوحة لهم، ثم يقدمون على تقديم طلب لجوء في المملكة المتحدة “.
وتوضح «التايمز »أن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب مخاوف من أن العديد من الأشخاص الذين يأتون إلى المملكة المتحدة بتأشيرات عمل أو دراسة يتقدمون لاحقا بطلبات لجوء، ويعيشون في فنادق تابعة لوزارة الداخلية حتى يتم البت في طلباتهم – مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على دافعي الضرائب”.
وسيُنظر إلى الكتاب الأبيض على أنه فرصة لإظهار جدية حزب العمال – أمام منافسيه – في خفض مستويات الهجرة. وقال متحدث باسم الحكومة: “في إطار خطة التغيير الخاصة بنا، سيعرض “كتاب الهجرة الأبيض”، خطة شاملة لإعادة تنظيم نظام الهجرة المختل، من خلال ربط الهجرة بالمهارات (التخصصية في العمل) ونظام التأشيرات، بهدف تنمية القوى العاملة المحلية، وإنهاء الاعتماد على العمالة الأجنبية، وتعزيز النمو الاقتصادي”.
وحصل حزب العمال على نتائج ضعيفة في الانتخابات المحلية الأخيرة التي شهدتها المملكة المتحدة، حيث تمكن حزب الإصلاح “ريفورم يو كيه” بزعامة نايجل فاراج، المعارض للهجرة، من السيطرة على 10 مجالس محلية وإضافة نائب خامس إلى صفوفه في البرلمان، بعد فوزه في الانتخابات الفرعية بمقعد منطقة “رانكورن وهيلسبي” حيث انتزع ذلك المقعد من حزب العمال الحاكم في الأول من أيار / مايو الجاري.
واعترف بات مكفادين، وزير دوقية لانكستر، يوم الأربعاء بأن حزب العمال يواجه “معركة تمتد لأجيال” ضد “سياسة قومية يمينية”.
وباتت قضايا الهجرة أحد المرتكزات لاجتذاب الناخبين على حساب المهاجرين، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد أن قوانين الهجرة ستزداد تشددا، ومنها ما يتعلق بإطالة أمد الحصول على الإقامة الدائمة وهي الخطوة الممهدة لاكتساب الجنسية البريطانية، وهو يتوافق مع ما يطرحه حزب المحافظين المعارض.
وهذا التعديل المحتمل أشارت إليه صحيفة «فايننشال تايمز» التي نشرت أن “الإصلاحات المرتقبة قد تفرض على المهاجرين الانتظار لمدة تصل إلى عشر سنوات قبل التقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة، بدل المدة الحالية التي تبلغ خمس سنوات بالنسبة لمعظم الحاصلين على تأشيرات عمل محددة المدة وخاصة أصحاب المهارات.”
وتوضح الصحيفة أن تمديد فترة الانتظار إلى عشر سنوات قد يُطبق على من يقضون فترات طويلة خارج البلاد أو على من تدور حولهم تساؤلات مالية.To