بشار الأسد والتحليل الاقتصادي

أضاف بشار الأسد إلى الألقاب الإستثنائية التي يحملها لقب الاقتصادي الأول بعد أن تفتقت ذهنيته عن سبب الإنهيار الاقتصادي في سوريا «أنه الأموال المودعة في البنوك اللبنانية من قبل السوريين».
للأمانة استنساخ عبقري كبشار الأسد عملية مستحيلة بكل المقاييس، ولو اجتمع كل علماء الأرض وأطباء الاستنساخ، فلما استطاعوا أن يصنعوا نسخة مشابهة لحضرته فهو حالة فريدة من نوعها، والتاريخ لا يقدم مثله مرتين وفكره لا يتكرر إلا بمعجزة تخرج عن نطاق البشر وتجاربهم.

الحكم الاستبدادي

حقيقة هذا الرجل صنع من التخلف فكرا وأحاط نفسه بهالة من الكوميديا السوداء، وقدم نفسه في تحليلاته كمهرج، ويعلم تماما أن قوته في السخرية منه وأن استمرار حكمه الاستبدادي جزء منه يستمد طاقته من الهزل الذي يوقع الآخرين في حيرة من أمرهم، فهل هم أمام طاغية يدرك ما يريد أم في مواجهة جاهل صناعة تايوانية.
وجودك في الحكم أصاب المجتمع السوري والدولة بمقتل في الكبرياء والكرامة والتجانس، وأفقد المناعة لمقاومة إستبدادك وظلمك فتضخمت الأنا خاصتك، وأصبحت كطبل أجوف حتى استوليت على جميع سلطات الدولة، وتوجت نفسك بهالة من الألقاب والمصفقين والمطبلين من ذوي العقول المريضة فشكلت وهما ذاتيا أنك الأمن والإستقرار، وأنك المقاوم ضد المؤامرة الكونية، وأن كل صوت يعلو بالحرية والديمقراطية هو خائن وعميل، وأن إنجازاتك الخلبية هبة للشعب من سيادتك ونسيت أو تناسيت أن بناء مدرسة أو تزفيت شارع واجب من واجبات الدولة، ومحصلة حكمك اليوم أكثر من 13 مليون مهجر داخليا وخارجيا ودمار كامل وفقر وجوع.
أنت اليوم تنتقل من إخفاق إلى إخفاق ومن فشل إلى فشل أكبر، وتثير السخرية والإشمئزاز، وفقدت مصداقيتك حتى بين الموالين إلا قلة قليلة هي مجرد أبواق مستفيدة من وجودك،
وبالعودة إلى تصورك الاقتصادي يبدو أنك لا تعلم أن هناك سياسة مالية تهدف إلى تأمين الأموال اللازمة للإنفاق العام، وهي من أهم السياسات الاقتصادية اللازمة للنشاط الاقتصادي، وأن إيرادات الدولة تعتمد على الإيرادات الضريبية التي أنهكت المواطن السوري بها رغم فقره، بعد أن رهنت أصول البلد وثرواتها ولم تعد لديك مصادر لخلق الثروة، وبذلك فقدت مصدرا هاما هو الإيرادات غير الضريبية التي تأتي من أملاك الدولة وإستثماراتها، وأن إيراداتك الإستثمارية والتي تعبر عن فائض القطاع العام الاقتصادي فهي معدومة وخاسرة بسبب حربك المجنونة على شعبك وفساد حاشيتك، وتناسيت أن سياسة المالية العامة لديك تعتمد إعتمادا مباشرا على النفط الذي تشتريه اليوم ضمن سوريا تهريبا من منظمات إرهابية كنت ووالدك الراعي الرسمي لها، ويبدو أنك لا تعلم أن خزينة البنك المركزي لا تستطيع تمويل عملية إستيراد القمح لتقديم الخبز إلى الشعب، وأن عملية الإنتقال والتنقل محفوفة بالمخاطر والتشبيح والإبتزاز، فحواجزك تملأ الطرقات الرئيسية والفرعية وأن معظم إيراداتك اليوم تأتي من تجارة المخدرات والتهريب والحجوزات وتزوير العملة والخوة التي فرضتها على التجار تحت مسميات متعددة، وأن عجز الموازنة في نظامك يزداد بشكل متسارع بسبب تدهور الإيرادات والفساد العام لمواليك، وإن استمرار المصرف المركزي بتمويل الإنفاق الحكومي هو من أشد الإمور خطورة مع ازدياد الحاجة للإنفاق حيث لا يوجد تصدير، وهناك ندرة في القطع الأجنبي، حتى وصلت إلى مرحلة فرض 100 دولار على كل سوري يطأ تراب بلاده، ويبدو أنك لا تدرك أن هناك خللا كبيرا ما بين الكتلة النقدية وتراجع الاقتصاد الفعلي، وهو الناتج المحلي، فمعظم معامل البلد مغلقة أو مدمرة أو تم خطف ملاكها لدفع الأتاوة، وأن تركيزك على طباعة عملة دون رصيد فاقم كل المشاكل، وأدى إلى التضخم الجامح، وأن الاقتصاد بالمجمل منكشف على إيران وروسيا، حتى وصلت إلى مرحلة الاقتصاد البدائي وهو المقايضة.
حلفاء سيادتك هدفهم الأساسي إغتنام سوريا، وأنت وسيلتهم وحجم التوتر والخلاف بينهم على الغنيمة بات واضحا، وحتى مواليك يعيشون الحالة التنافسية، فقسم هنا وآخر هناك.
لقد حولت سوريا إلى ساحة صراع دولي وإقليمي وحتى داخلي، والمطلوب من القوى الوطنية بالكامل أن يعوا أن هذه معركتهم للحفاظ على هذا البلد الأصيل قبل ضياعه.
وصل سعر الليرة السورية إلى قرابة 2900 ل. س قياسا للدولار، ولهذا أسباب متعددة، منها أن الاقتصاد مفتقد للنهج وقصير النظر، ويعتمد على نظريات متناقضة، فلا هو اقتصاد حر ولا اقتصاد موجه ولا يحمل صفة واحدة لآلياته وأنظمته، وتابع لقراراتك السياسية الطائشة، ولإنفلات الوضع الأمني نتيجة الحرب والعسكرة للمجتمع السوري.

الفساد المالي والإداري

لقد أبعدت الاستثمارات المحلية والأجنبية وأثقلت كاهل ميزانيتك بالإضافة إلى أزمة الوقود والكهرباء والماء التي لن تستطع إيجاد حلول لها، وانتشار الفساد المالي والإداري في جميع الأجهزة باعتبارك سيد الفساد، ومن تربع على عرشه وعمليات تهريب العملة التي كنت أول من بادر بها منذ بداية عام 2011، وأرصدتك تشهد عليك في الخارج وقد قدرت منظمات متخصصة وموثقة ثروتك بـ 123 مليار دولار. إن الاقتصاد في سوريا يتميز بـ 4 سمات أساسية:
اقتصاد ديكتاتوري: معظم واردات الميزانية تخصص لحصتك أولا ثم أجهزة الأمن والجيش والميليشيات التي شكلتها، وصرف مبالغ طائلة على المخبرين والبعثيين والمنظمات المختلفة المؤيدة كاتحادات ونقابات لكسب الولاء والتبعية، بحثا عن شرعية ومشروعية معدومة أصلا.
اقتصاد طفيلي: نظامك يلعب دور العمولة من خلال المقربين له، والعاملين في مجالات اقتصادية متعددة كتجارة داخلية وخارجية وتأمين ومكاتب صيرفة، لتحقق الربح السريع وهي لا تساهم في الإنتاج مما أثر على الصناعة والتجارة والزراعة، فغلبت الاستيراد على التصدير، وساهمت بشكل مباشر بعجز الميزانية وعجز الميزان التجاري، وأثرت سلبا على ميزان المدفوعات وسعر صرف الليرة السورية.
اقتصاد حرب: لقد أنتجت في حربك آلة التدمير والتهجير هربا من الموت، فهاجرت الكفاءات، وغيرت الخريطة الديموغرافية، وأسست لنزاعات مستقبلية، ودمرت الثروات والبنية التحتية، وخرجت مصادر كثيرة من الإنتاج ونهبت الموارد، وعطلت ودمرت المشاريع القائمة، وسـخرت الأمـوال لشـراء السـلاح ودفـع رواتـب الميـليشـيات.
اقتصاد فساد: تربعت سوريا على عرش الفساد العالمي بين الدول، ففساد آل الأسد معروف بتاريخه منذ استلام الحكم في سوريا، وحرمانها من رأس المال الضروري للتنمية، وممتلكاتهم وثرواتهم وطريقة تحصيلها معروفة لدى كافة السوريين الموالي والمعارض، وتحتاج إلى بحث خاص.
العمى السياسي الذي أصاب رأس بشار الأسد باعتباره القائد الأوحد للدولة والمجتمع مكنه من اعتبار سوريا ملكية خاصة له وكأن النساء السوريات عقمت عن إيجاد البديل.
حولت مواليك إلى قتلة متورطين في صنع مآسي الشعب السوري، وحجبت عنهم سبل الوعي والإدراك لكيانهم البشري، لتحولهم إلى مسوخ يرعاها الشيطان، وكائنات غريبة عن مجتمعنا، فارغة ومعطلة ودون قيم وأخلاق، ليتباهوا بأعمالهم المقززة والوحشية دون أي إدراك، لما هو حالهم من سقوط وتهاوي وانحطاط فاحش، فمجدت إنجازاتهم ولبيت عطشهم للجريمة بدماء وجثث النساء والأطفال والعجز، وكلهم من أبناء الوطن، وسلكت درب الخيانة، فجلبت الدمار الكلي لبلد هو درة البلاد.
نتساءل كيف لمثلك أن يتكلم عن الوطن وأنت المرتهن الذليل الخانع الذي باع بلده ووضع نفسه في وحل المهانة الإيرانية والروسية؟
كيف تسمح لنفسك بالتحدث عن السيادة الوطنية، وشرف سوريا، وأنت تقبض ثمن انتهاك واستباحة الوطن للبقاء على كرسيك وترتمي بكل ذل بأحضان من دمرك وتقتات على فضلاته؟
لقد طعنت سوريا بخاصرتها بخنجر حاقد وبيد أخرى مددتها لتصافح أعداء الوطن بكامل إصرارك وحقدك وكراهيتك.

كاتب سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نور:

    مقال واقعي

  2. يقول OUMAIMA AHMED:

    أجل هذا هو بشار سليل عائلة غريبة عن سورية ، جثمت على صدر سورية خمسة عقود من القمع والنهب والسلب والمعتقلات لنخبتها وأخيرا الاستقواء بمن أذلوا وذبحوا الشعب السوري معه . والمؤلم أن الدول دعاة الحرية يغضون الطرف عنه ويتعاملون معه طالما كان حارسا لحدود الجولان المحتل ، لم يطلق رصاصة لا هو ولا والده سوى حرب 1976 التسووية لإنهاء حالة الحرب مع اسرائيل التي احتلت فلسطين وأراضي عربية ضمتها لسيادتها ، اسرائيل تدافع بالنواجز على بقاء بشار، من أين يأتيها مثله حارس على حدودها لأراضي عربية محتلة ؟ لكن مهما طال الظلم لابد من نهاية .

اشترك في قائمتنا البريدية