أفادت وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين بهجوم قامت به قوات الثوار في شمال سوريا تحت اسم حملة “ردع العدوان”. مركز القتال حلب وإدلب وحماة، ومنها نزلت القوات جنوباً إلى حمص. ومن جنوب سوريا جاءت تقارير عن هجمات قام بها الثوار على مواقع وقواعد لجيش الأسد في منطقة درعا والسويداء أيضاً.
ظاهراً، يبدو أن الثوار يحاولون استغلال الضربة التي وجهتها إسرائيل في لبنان على معسكر المقاومة – إيران، سوريا وحزب الله – بهدف تحقيق مكاسب إقليمية وربما تغيير ميزان القوى في سوريا. وهذا على ما يبدو بدعم من الجارة الكريهة تركيا، التي اجتاحت سوريا في كانون الأول 2018 في إطار حملة “غصن الزيتون” واحتلت منطقة فاصلة على الحدود التركية السورية على مقربة من مركز الثوار الأخير في سوريا – محافظة إدلب.
من هم أولئك الثوار؟ فضلاً عن أن لهم هدفاً واحداً – إسقاط نظام الأسد – فإنهم بعيدون عن وضع جدول أعمال موحد لـ “اليوم التالي”. عملياً، هذه هي مشكلة معسكر الثوار المركزية بأطيافه السياسية والدينية. فعلى مدى 13 سنة من الحرب الأهلية لم يعملوا كجسم موحد يعرض خطة مرتبة وشرعية لمعارضي النظام في سوريا.
وهو الوضع السائد اليوم. أولئك الذين شنوا الهجوم المفاجئ في شمال سوريا ينتمون لهيئة تحرير الشام، المتفرعة عن “القاعدة” ومنظمة أحرار الشام التي تشكل إطاراً ائتلافية لبضع منظمات إسلامية متطرفة. المفاجئ أن من “جيش سوريا الحر” هو من يتعاون، الذي يمثل التيار القومي – العلماني في الحرب ويشكل ذراعاً عسكرياً لـ “الائتلاف الوطني السوري” الجناح السياسي للمعارضة السورية المعترف بها من الغرب. وعليه، أمامنا ترتسم صورة وضع مشوشة، بانعدام وحدتها بالذات، تعمل في صالح الأسد.
ومع ذلك، لا يبدو النظام السوري في خطر الآن. حتى في السنوات الصعبة، حين كان نحو ثلثي الدولة في أيدي جماعات الثوار المختلفة، بما فيها “داعش”، لم ينكسر الأسد. فالمساعدة التي تلقاها من إيران وحزب الله وروسيا، إلى جانب الانقسام آنف الذكر في المعارضة، ساعدته على البقاء. كما أن تمسكه بـ “سوريا المجدية” – المناطق الهامة في الدولة، من دمشق جنوباً، على طول القاطع الخارجي حتى الشمال – ساهم في نجاحه العسكري؛ إذ إن معظم السكان السوريين يسكنون في هذه المناطق ويخضعون لحكمه.
ثمة رهان خطير من جانب الثوار، وهو محاولة أخيرة لإسقاط نظام الكفر العلوي، مع العلم أن الأسد سيفعل كل شيء لصد وتصفية مراكز الثورة، بمساعدة الإيرانيين.
على خلفية الأهمية التي توليها إيران وروسيا بكون الأسد حاكم الدولة، ثمة افتراض حذر بأنهم سيجمعون قواهم في غضون وقت قصير، وسيردون الحرب لصد الثوار وإعادة احتلال المناطق التي خسروها وتصفية مراكز الثورة الأخيرة، إلى الأبد.