بيروت- ستيفاني راضي: صدمة كبيرة يعيشها لبنان، سلطة وشعبا، منذ أن اغتالت إسرائيل الأمين العام لجماعة “حزب الله” حسن نصر الله في غارة على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
والسبت أعلن “حزب الله” “استشهاد” نصر الله (64 عاما) في غارة إسرائيلية مساء الجمعة، بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي نجاح عملية اغتياله.
وقال جيش الاحتلال، في بيان، إن “الغارة تمت بتوجيه دقيق من هيئة الاستخبارات والمؤسسة الأمنية على المقر المركزي لحزب الله تحت الأرض أسفل مبنى سكني في ضاحية بيروت الجنوبية”.
وفي 16 فبراير/ شباط 1992، تولى نصر الله منصب الأمين العام لـ”حزب الله”، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي في هجوم شنته إسرائيل التي لا تزال تحتل منذ عقود أراضٍ في لبنان وسوريا ولبنان.
ومنذ توليه القيادة، قاد نصر الله “حزب الله” إلى تنفيذ سلسلة عمليات نوعية ضد إسرائيل، أجبرت قواتها على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 بعد احتلال دام 22 عاما.
ودخل “حزب الله” على خط دعم “المقاومة” الفلسطينية، بعد عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها فصائل فلسطينية، بينها حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وشنت الفصائل هذا الهجوم على قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة قطاع غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين، ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، وفق الفصائل.
وفي 7 أكتوبر، شنت إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حربا مدمرة على غزة تقترب من إكمال عامها الأول، فبدأ “حزب الله” من اليوم التالي فتح “جبهة في جنوب لبنان لدعم وإسناد المقاومة الفلسطينية”.
وشدد نصر الله، في عدد من خطبه، على أن الجبهة اللبنانية “لن تهدأ إلا بعد إنهاء الحرب على غزة”.
وأسفرت حرب إسرائيل على غزة عن أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال.
اعتبر الصحافي آلان سركيس، في حديث للأناضول، أن “اغتيال نصر الله شكّل صدمة في المجتمع اللبناني وبيئة حزب الله بشكل خاص”.
وتابع: “لا يمكن معرفة تداعيات الاغتيال، لكنه تغيير استراتيجي وأمني وعسكري كبير”.
وأوضح أن “شخصية نصر الله رمزية، كونه كان أمين عام للحزب لمدة 32 عاما ويمسك بكل مفاصل الحزب، وهو شخصية مهمة لجمهوره. ما حصل ضربة قوية وقاسية على الحزب وأتت بعد سلسلة اغتيالات لقياداته”.
سركيس رأى أن “حزب الله الآن في فترة ضياع وضعضعة وانسداد أفق وقدراته غامضة وينتظر تعيين أمين عام جديد.. والشخص الخليف لنصر الله لن يكون بنفس قدرته على التأثير”.
وقال إن “الأنظار تتجه إلى مَن سيخلف نصر الله، وإذا كان الحزب سيتحول لحزب سياسي فقط أو سيبقى يمارس النشاطات العسكرية”.
وحسب مصادر في أوساط “حزب الله”، فإن الرجل الثاني في الحزب هاشم صفي الدين هو الأوفر حظا لخلافة نصر الله.
ووفق سركيس فإن “حزب الله كان الحزب الأقوى في لبنان، فلا يمكن انتخاب رئيس جمهورية دون موافقته ولا تتشكل حكومة أو تحصل تعيينات دون موافقته، لذا فغياب نصر الله سيترك فراغا على المستوى السياسي”.
أما بالنسبة للطائفة الشيعية، فاعتبر أن “نصر الله نقلها من طائفة عادية إلى طائفة حاكمة، لكن بعد غيابه قد يتغيّر دور الشيعة في لبنان، فنصر الله حاول تغيير وجه لبنان وأخذه نحو إيران”.
و”علينا أن نرى ردة الفعل الإيرانية على عملية الاغتيال، علما أن التقارير تقول إن إيران باعت حزب الله ولن تدخل بحرب إقليمية من أجل نصر الله”، حسب سركيس.
وزاد قائلا: “لذا من الأفضل الانتظار لتوضيح الصورة، مع ترجيح عدم اندلاع حرب إقليمية؛ لأن ايران أذكي من الدخول بحرب”.
واعتبر أن “مستقبل حزب الله مرتبط بقرار طهران وإن كانت ستعيد بناءه وتجهزه، علما أن هذا الأمر مستبعد”.
بينما رأى المحلل السياسي منير الربيع أن “اغتيال نصر الله يشكل تثبيتا للنية الإسرائيلية في افتعال حرب كبرى، هذه الحرب يسميها الإسرائيليون معركة تغيير الشرق الأوسط”.
وأضاف الربيع أن “اغتيال نصر الله يهدف إلى الضغط على إيران وحزب الله لتغيير دوره وأدائه في المنطقة”.
ووصف ما حدث بأنه “زلزال ينعكس على واقع لبنان، والهدف منه إلحاق الضعف بحزب الله وبيئته وبنيته ورسالة مباشرة لإيران بأن إسرائيل مستعدة لمواجهة مشروعها”.
وحسب الربيع فإن كل المؤشرات الآن تفيد بأن “حزب الله سيكون ملتزما بالرد، لكن مثل هذه التداعيات (لاغتيال نصر الله) تحتاج إلى وقت لتظهر”.
ومنذ 8 أكتوبر، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر حتى السبت عن “1673 شهيدا، بينهم أطفال ونساء و8 آلاف و603 جرحى”، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
أما الصحافي فادي بو ديا فقال: إن “للمقاومة استراتيجية بدأها السيد عباس الموسوي واستكملها نصر الله”.
واعتبر أن جرح “حزب الله” كبير وما حصل ضربة موجعة ومؤلمة جداله، لكنه سيقف من جديد.. وحزب الله سيكمل مسيرته بطريقة أقوى لأن في داخله حقد الثأر”.
واستطرد: “في السابق كان القتال فقط لمقاومة الاحتلال وتحرير القدس، أما الآن هناك سبب إضافي للمقاومة، وهو الانتقام من إسرائيل بسبب الاغتيال”.
وعما يتردد عن أن إيران تختلت عن نصر الله”، أجاب بو ديا: “عندما تريد إيران بيع حزب الله فهي تبيع نفسها، الهدف من هذا الكلام شق الصف وسيطرة الهزيمة بين الناس”.
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.
(الأناضول)