بعد الجرائم التي ارتكبها نظامه بحق السوريين على مدى 12عاماً… ترحيب حار بالأسد وعناق له في جدة تزامناً مع انعقاد القمة

هبة محمد
حجم الخط
1

جدة – دمشق – «القدس العربي» ووكالات: بعد كل الجرائم والارتكابات التي اقترفها النظام السوري بحق الشعب السوري، كافأته الجامعة العربية أمس بترحيب حار وعناق وكلمة له أعرب فيها رئيس النظام بشار الأسد أمام القادة العرب في جدّة خلال أول مشاركة له في قمّة عربية منذ 13 عامًا، عن أمله في أن يكون الاجتماع بحضور دمشق “بداية مرحلة جديدة” للعمل العربي المشترك.
وبدون إعلان مسبق، حضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي أيضًا القمّة، فسرق الأضواء لبعض الوقت من الأسد، الحليف المقرّب من موسكو التي تشنّ حربًا على أوكرانيا منذ العام الماضي. ورحّب القادة العرب بحرارة في الجلسة الافتتاحية بالأسد بعد غياب استمرّ أكثر من عقد، منذ عُلّقت عضوية دمشق في الجامعة ردًا على قمعها الاحتجاجات الشعبية التي خرجت إلى الشارع في 2011 قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام. وقال الأسد في كلمته “ونحن نعقد هذه القمة في عالم مضطرب، فإنّ الأمل يرتفع في ظل التقارب العربي – العربي والعربي – الإقليمي والدولي والذي تُوّج بهذه القمة”. وأضاف “أتمنى أن تشكّل (القمة) بداية مرحلة جديدة للعمل العربي للتضامن في ما بيننا للسلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار”.

الأسد: فرصة تاريخية

وتابع “هي فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكوّن اليوم”. وشكر “خادم الحرمين الشريفين على الدور الكبير الذي قام به والجهود المكثفة التي بذلها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولإنجاح هذه القمة”. وتأتي القمة بعد حوالي شهرين على مصالحة بين الرياض وطهران، حليف دمشق الأبرز في المنطقة. وقطع قادة عرب علاقات بلادهم أو خفّضوها مع الحكومة السورية على خلفية قسوة النظام السوري في التعاطي مع معارضيه. وقدمت دول عربية عدّة بينها السعودية وقطر، خصوصًا في السنوات الأولى للنزاع، دعماً للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا. لكن الرياض انفتحت أخيرًا على سوريا وضغطت في اتجاه إعادتها الى الحضن العربي.
وأكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن “ثمة فرصة لا ينبغي تفويتها لمعالجة الأزمة” في سوريا، بينما اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أنّ دمشق عادت “بعدما تم إحباط المؤامرة التي كانت تهدف الى تفتيتها وتقسيمها”. ووصل الأسد مساء الخميس إلى جدّة. وكانت قمة سرت في ليبيا في آذار/مارس 2010 آخر قمة حضرها. وقرّرت الجامعة العربية في السابع من أيار/مايو “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها”.
وأودى النزاع المستمر في سوريا منذ العام 2011، بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشرّد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتحوّلت سوريا إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية. وقبل بدء أعمال القمة، التقى الأسد نظيره التونسي وبحث معه “العلاقات الثنائية”. وعقد الأسد لقاءً آخر مع الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات الذي يترأّس وفد بلاده إلى القمة.

رفض قطري للتطبيع معه

كما صافح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السورية. وكانت قطر أعلنت أنها لن تطبّع العلاقات مع حكومة دمشق. وقد تدخلّت روسيا عسكريًا في النزاع السوري، لا سيما من خلال القصف الجوي، وكان لتدخلها الدور الحاسم في استعادة القوات السورية الحكومية مساحة واسعة من الأراضي كانت خسرتها في بداية الحرب على أيدي الفصائل المعارضة.
وكانت الجامعة العربية حسمت أمرها، بعدما قررت إنهاء عزلة النظام السوري الطويلة، حيث شارك بشار الأسد بعد أكثر من 12 عاماً، في القمة العربية في مدينة السعودية، وهو ما دفع سياسيين ومثقفين وناشطين سوريين، لإطلاق وسم “سوريا لا يمثلها الأسد المجرم” للتأكيد على خطورة النظام السوري على الدول والشعوب العربية، والآثار الكارثية على المدى البعيد التي قد تنتج عن إعادة تأهيله والتطبيع معه وإعادته إلى المنظومة العربية الرسمية.
وبينما استنكر المعارضون السوريون التطبيع مع النظام الحاكم، نظراً لجرائمه التي أمعنت في إهدار دماء السوريين، عبروا عن ذلك بتظاهرات شعبية غاضبة عمت المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، وخرج المئات في كل من مارع وإعزاز واخترين والباب، وعفرين بريف حلب، وهتف المتظاهرون للثورة السورية وعبروا عن استمرارها رغم تقارب الدول العربية مع النظام السوري.
واعتبر المتظاهرون الانفتاح العربي “خيانة للعروبة والإنسانية”، ولاقت مشاركة بشار الأسد في القمة العربية ال32 رغم استمرار انتهاكاته في سوريا وفق تقارير حقوقية ودولية، انتقادات كبيرة من جهات وشخصيات سياسية وحقوقية وثورية مختلفة، حيث تداول رواد وناشطو مواقع التواصل الاجتماعي وسم “سوريا لا يمثلها الأسد المجرم” مؤكدين أنّ مقعد سوريا يجب ألا يشغله مجرم حرب، مطالبين بمحاسبته. وكتب الباحث السياسي محمد منير الفقير الجمعة يقول “نحن باقون، نحن مستمرون، بدأنا وحدنا ونستمر وحدنا وننتصر وحدنا نحن أو أبناؤنا أو أحفادنا”.
وحمل المحتجون لافتات كتب عليها: “بشار الأسد مجرم حرب”، و”بشار قاتلاً لأطفال” و “لا للتطبيع مع النظام الأسدي دماء شهدائنا ستحاسبكم” و “لن نسامح من تاجر بدمائنا لا للتطبيع مع نظام الأسد لقد بعتم ضمائركم يا حكام العرب كرامتنا لن تباع”.
كما ربط الناشط السياسي بشار الحلبي عودة مقعد الجامعة العربية للنظام السوري بمواقف الولايات المتحدة الأمريكية، وفشل المعارضة السورية، حيث كتب “إذا أردنا تعيين مسؤولية مباشرة وراء جلوس بشار الأسد في كرسي سوريا اليوم في القمة العربية المنعقدة في مدينة جدّة السعودية، فعلينا ان نرسم خطا مستقيما يربط هذه اللحظة بلحظة تخاذل الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما عام 2013 وتراجعه عن كلامه وخطوطه الحمر… هناك مسؤولون آخرون طبعًا، وهناك فشل ذريع على مستوى المعارضات السورية طبعًا، ويمكن الإسهاب بالحديث حول الانظمة العربية، ولكن تبقى المسؤولية الأساسية والمباشرة مرتبطة بفشل السياسة الامريكية في سوريا خصوصًا والمنطقة عمومًا. والفشل هنا لا يعني الإطاحة بالأسد لأنه لم يدخل ذلك الهدف بحسابات إدارة اوباما ابدًا، هي التي كانت منشغلة باستقطاب إيران وتسليمها جزءاً من المنطقة هدية مقابل التوقيع على الاتفاق النووي”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr Arabi:

    خلاص ،قضي الأمر ، ولا يصح إلا الصحيح.

اشترك في قائمتنا البريدية