بقع دم وبقايا خيام وفتات طعام: آثار مجزرة باحة مستشفى الأقصى

حجم الخط
0

غزة – «القدس العربي»: بقع دماء هنا وهناك، وبقايا خيام كانت تؤوي نازحين، والكثير من الأمتعة المتناثرة، هذه آثار المجزرة التي نفذتها قوات الاحتلال وطالت خيام النازحين في ساحة مستشفى الأقصى في دير البلح، والتي حصدت خمسة شهداء وهم نيام، علاوة على عدد من الجرحى.
ومع بزوغ شمس أمس الخميس تكشف بشكل أكبر حجم الجريمة. فقد غطت بقع من الدماء التي نزقت من الشهداء والمصابين أرض المكان المستهدف، فيما تناثرت بقايا الخيام والأواني البسيطة وقطع من الخبز، في عدة اتجاهات، بسبب هول القصف العنيف الذي استهدف المنطقة.
ووقف النازحون الناجون مصدومين من هول الموقف، فجميعهم في تلك المنطقة كانوا عرضة لأن يصبحوا من الضحايا، بسبب تناثر شظايا القصف، فيما لا يوجد ما يحميهم منها سوى أقمشة الخيام المهترئ الكثير منها.
وبدأ التأثير والصدمة على الناجين مع خروج جنازات الشهداء الذين سقطوا في الغارة، حيث لم يعد لجيران النزوح الذين شاركوا الناجين في مراحل النزوح أي وجود بعد اليوم، وذهبوا كما ذهب من قبلهم عشرات الآلاف.
وأدت الغارة الجوية الإسرائيلية على منطقة خيام النازحين المقامة في ساحة مستشفى الأقصى لاستشهاد خمسة مواطنين، غالبيتهم من عائلة خطاب، إضافة إلى عدد آخر من المصابين. وأجلست العوائل المنكوبة أطفالها على الأرض، بما تبقى من أمتعتها، فيما صنع بعضها خياما بسيطة بما تبقى من بقايا الخيم الأصلية، لوقاية أطفالهم حرارة الصيف.
وكان من بين أفراد تلك الأسر مصابون بينهم أطفال تلقوا العلاج اللازم لجروحهم من الغارة من الطواقم الطبية في مشفى الأقصى، وخرجوا لتوهم، وقال طفل صغير يجلس برفقة أشقائه الأصغر سنا، وكانت ضمادة جروح موجودة على كاحله، إنه أصيب داخل خيمة أسرته بشظايا من الصاروخ الذي استهدف المكان، وقال إن عدة شظايا اخترقت قماش الخيمة، ووصلت إليهم.
فيما اهتم الآباء في جمع بعض المقتنيات الأساسية من تحت حطام وركام القصف، حيث عملوا جاهدين على إخراج بعض المعلبات الغذائية، التي تعد المصدر الأول للطعام، كما عملوا على استخراج الأمتعة من فرشات وأغطية النوم، وبعض الأدوات الخاصة بالطبخ، رغم أن غالبيتها طالها التخريب.
وباتت هذه العائلات النازحة بلا مأوى، وتنتظر كيف ستتدير أمرها وأمر أطفالها بعد تدمير الخيام من شدة القصف الجوي الإسرائيلي.
وكانت أم العبد، وهي إحدى السيدات اللواتي فقدن خيمة النزوح جراء الغارة، تنظر إلى مكان الإقامة السابق، الذي دمر من القصف وقالت بحسرة لـ “القدس العربي”، “ما ظل أشي، كل أشي راح، شو بدنا نعمل، حتى الخيمة الي بتأوينا راحت، صرنا في الشارع”.
وتقول تلك السيدة الأربعينية، إنها وأسرتها كانوا نياما لحظة الاستهداف، وأنهم فزعوا جميعا من النوم على صوت انفجار ضخم، لافتا إلى أنها ظنت في اللحظات الأولى بعد تطاير أعمدة الخيمة وانقلاعها من مكانها أنها وأسرتها والجيران لن ينجو من الموت، على غرار مجازر النازحين السابقة في خيام خان يونس ومن قبلها خيام رفح. وأضافت “ما قدرنا نتحرك وأخذت أولادي في حضني، وكلنا صرنا نصرخ في المكان”، وقالت إنها لا تقدر على وصف شعورها بدقة في تلك اللحظة.
وقد زاد الخوف أكثر لدى هذه الأسرة وجيرانها في النزوح، حين بدأت طواقم الإسعاف بنقل الضحايا من أمامهم، ونقلهم على عجل إلى قسم الاستقبال في مشفى الأقصى، الذي يبعد أمتارا قليلة عن مكان الاستهداف.
وقالت “شفنا الشهداء والمصابين، والأطفال شو ذنبهم يشوفوا كل هل مأساة” .
وكانت هذه السيدة وأسرتها تقيم في المكان ذاته حين تعرضت سابقا خيام تؤوي نازحين في المستشفى لعمليات قصف مماثلة، طال أحدها في شهر مارس/ آذار الماضي خيمة لصحافيين، وقصف آخر وقع قبل شهرين، أدى إلى استشهاد العديد من المواطنين وطال عدة خيام، ووقتها اشتعلت النيران في المكان.
وتقيم مئات الأسر في ساحة المشفى والمنطقة المجاورة لها، بعدم توفر أي مكان آخر للإقامة، حيث تمتلئ ساحات وسط قطاع غزة وحتى الشوارع بخيام النازحين، الذين فروا من مناطق العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة، ومن المناطق الحدودية الشرقية للقطاع، ومن مدينة رفح، التي تتعرض لهجوم بري كبير.
وقال محمد عودة النازح من مدينة غزة منذ بداية الحرب، ويقيم في خيمة في محيط المشفى لـ “القدس العربي”، إن الغارة وقعت على بعد أقل من عشرات الأمتار من خيمة أسرته.
وأشار إلى أن صوت الانفجار كان ضخما، وأن حالة من الخوف انتابت جميع النازحين في المكان، وقد ظن كغيره أن الهجوم سيتبعه قصف آخر سيقضي على الجميع في المنطقة، على غرار هجمات سابقة لجيش الاحتلال.
وذكر أيضا أن عدة شظايا اخترقت خيمة نزوحه، والخيام المجاورة له، وأنه ومن معه من أفراد الأسر نجوا بأعجوبة من الإصابة بهذه الشظايا القاتلة.
وقال “الوضع كان خطيرا للغاية، والنازحون الناجون خرجوا جميعا مفزوعين من خيامهم، وسط صراخ الكبار والصغار”.
وحسب إفادات زملاء صحافيين من المشفى، فإن شظايا القصف طالت خيامهم هناك، وأن بعض الشظايا اخترقت الخيمة الخاصة بإقامة الصحافيات النازحات هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية