تعرضت في الأسبوعين الماضيين لوعكة صحية نتيجة للإرهاق الشديد والناجم عن العمل والسهر على لوحةِ المفاتيح ( الآلة الكاتبة) مما جعل الضغط غير مستقر ويتخطى حدوده الطبيعية انخفاضاً وارتفاعاً، وقد راجعت المستوصف القريب للسكن والدكتور الخاص بي (حيث يوفر النظام الصحي لكل شخص دكتوره الخاص بأقرب مستوصف لسكناه) وقد طلب فحوصات شاملة بالمستشفى العام من خلال تحليل الدم .
ورغم سلامة النتائج ولله الحمد بيد أن الحالة الصحية لم تستقر والمشكلة ذاتها قائمة مما دعاني لمراجعة المستوصف ثانياً ومن ثم إلى المستشفى العام فأجرى معاون الدكتور فحوصات عاجلة وقال لا شيء يُذكر غير أنه حولني للدكتور المناوب في قسم الطوارئ والطريف أنهُ كان يُجيد كليمات عربية مُقتضبة فتبادلناها بإسلوبٍ طريف فأجرى كشفاً عاماً وأخبرني أن لا مشكلة لديك سوى الإرهاق وحينما أخبرتهُ عن السهر المفرط قال هنا بيت الداء فقدم بعض النصائح العامة وودعته شاكراً ثم قمت ببرنامج غذائي معين وتغيير نمط الحياة اليومية حتى تخلصت من المشكلة ولله الحمد .
تفاجئتُ لاحقاً أنَّني قد تلقيتُ رسالة بريد ألكتروني وأعقبها اتصال من مستشفى آخر وحينما استفهمتُ عن فحوى الاتصال أخبروني أنَّ الدكتور الخاص بالمستوصف طلب مراقبة ضغط الدم لأربع وعشرين ساعة من خلال وضع جهاز بأعلى اليد من جهة الكتف ومن ثم تذهب لمزاولة يومك طبيعياً فشكرتهم على ذلك حيث أنني توليتُ الأمر شخصياً باقتنآء جهاز ضغط الدم ومراقبة وضعي الصحي غير أنَّني وعدت موظفة ترتيب المواعيد إلاَّ أن أتناول الموضوع كتابياً وها أنا أفي لها بذلكَ خصوصاً أن كاتب هذه السطور من بلاد وادي الرافدين والتي لم تشهد بلاده مهزلة صبيانية في الإدارة والخدمات من عهد جلجامش و حمورابي إلا في زمن الأحزاب الطائفية التي تتربع على حكم البلاد اليوم .
يشهد العراق في المرحلة الراهنة واقعاً خدماتياً مزرياً يندى له الجبين رغم الميزانية الهائلة والتي تتخطى ميزانية دول مجتمعة يفوق عدد سكان بعضها أضعافاً مضاعفة عدد سكان البلاد ولو تناولتُ الرعاية الصحية على سبيل المثال لا الحصر لأسمعتكم العجب العجاب وربما تكون مستوحاة من طرائف الكشكول العراقي وقصص ألف ليلة وليلة حيث تتجول الحيوانات السائبة في بعض مستشفياتنا البائسة وفي حال تم بناء مستشفى حديث ذي مستوى لا بأس بهِ كما قامت بعض الجهات الدينية فالأغراض تجارية وأرباح خيالية والكثير من أبناء شعبنا لا يتسنى لهم رؤيته إلا من خلال شاشات التلفاز، ناهيك عن سيارات الإسعاف حيث يحتاج المريض المتصل بها إلى مرافق يذهب معه لدفع فاتورة النقل الصحي. ولا إعتراض على ذلك فمن أين يأتي ابن المسؤول بأموال السرقات كي يتجول بسياراته الفارهة في العواصم الغربية والمنتجعات السياحية لولا الضرائب من كدح العمال والمواطن ومنها فاتورة سيارة الإسعاف !
يمثل القانون والجهة التنفيذية النزيهة لتطبيقه عصب الحياة لدى الدولة والمواطن ولو عدت للاهتمام الصحي أعلاه فلم يكن الحرص الأخلاقي والمهني على المريض وحده، وإن كان موجوداً بطبيعة الحال من قبل الكادر الطبي بل للمراقبة المكثفة على الموظف ومدى التزامه بالقانون، ففي حال تلقى إتصالاً أو حالة مرضية ولم ينجز الوظيفة الموكلة له وتعرضت سلامة الشخص الصحية إلى حادث فسوف يحال للمحكمة ويتحمل مسؤولية كاملة .
لو عدت للمشهد العراقي المعاصر وواقعه الكسيف وتناولت الجهة الرئيسية في البلاد ألا وهي التشريعية والتي من وظائفها سن القوانين ( مجلس النواب ) فقد حدثت في النصف الثاني من السنة المنتهية مساجلة لا أمتلك وصفاً لها إلاَّ بالطريفة ما بين رئيس السن ونائب في البرلمان العراقي قد جاء إلى قبة البرلمان بأصوات حزب طائفي لا على اعتبار مهني. وكانت المساجلة نتيجة ربط رئيس السن تاريخ بغداد بحاكم من حكّامها الذي مضت على عهده القرون، وكان اعتراض نائبنا الموقر لنزاع تاريخي فيما رد عليه آخرون من المنطق ذاته لكن بعكس الاتجاه. وهكذا ليستمر الجدل والخلاف وكما نقول باللغة الدارجة ( وعلى هالرنة طحينج ناعم ) علماً أنه في دولة الحاكم المتنازع عليه بُني أول مستشفى في العهد الإسلامي ببغداد متنقلاً وبشكل منظم نظراً للأوبئة والحالات الطارئة . في عهد التكنولوجيا الحديثة وتبادل التجارب والمعارف ما بين الدول والشعوب لا يوجد ما يمنع التقدم والازدهار سوى الأفكار الظلامية البالية ، ولا ثمة مجتمعات في الجنس البشري ذات نبوغ خارق تنفرد بهِ عن غيرها وإذا وجد بسبب الجينات الوراثية فبنسبة محدودة جداً وما علينا فعله إلاَّ تقوية الإرادة والطموح لدى أبناء جيلنا الطموح ومعالجة المواضيع والقضايا المتهالكة بمهنية عالية وبضمير حي بعيداً عن التشفي والانتقام وليس على طلاب العلم والحياة الكريمة ببعيد .
* كاتب عراقي
تحيا الشآم مع العراق دياري
وشعار وادي الرافدين شعاري
بن ثامر الإحسان إنك محسن
فالوصف منك يضيء مثل نهار
ابو تاج الحكمة ٫٫ كل الشكر والتقدير على هذه الأبيات الرائعة وأرجو أن أكون في حسن ظنكم .
تحيا الشآم مع العراق دياري
وشعار وادي الرافدين شعاري
بن ثامر الإحسان إنك محسن
والوصف منك يضيءشمس نهار!
تحياتي دكتور إحسان
شافاكم الله و عافاكم و طهور بإذن الله تعالى.
.
استكمالاً لأوجه المآساة التي تفضلتم بها حول الواقع المزري للنظام الصحي و الطبي في بلاد ما بين القهرين، هذا النظام الذي حاز على النظام الأفضل في الشرق الأوسط في منتصف السبيعينيات بشهادة اليونيسكو نفسه، و لا تقل كل جوانب الحياة الأخرى سوءاً في العراق عن وضع الجانب الصحي أيضاً وللأسف الشديد
اقول، استكمالاً لما ذكر جنابكم، اروي لك و للأخوة القراء ما حصل معي قبل اقل من أسبوع حين راجعت طبيب عيون لشعوري بأعراض ما يسمى بالذبابة الطائرة او ال Eye Floaters
و يتطلب ذلك فحص لشبكية العين…
.
يتبع لطفاً…
الدكتور والأخ العزيز : أثير الشيخلي تحياتي وسلامي لك سائلاً المولى عز وجل أن يرزقكم السلامة والصحة .
أحتاج أن أوضح بعض الملاحظات على تعليقكم القيم والمؤلم .
أولاً : أنا لست دكتور .
ثانياً : المستوصف وا لمستشفى التي راجعتهما في العاصمة البريطانيا لندن .
ثالثاً : شكراً لك على هذا التعليق الذي يُعد بمثابة مقالة مفصلة لما يُعاني منه بلدنا العزيز العراق وما دعاني للإقتضاب عن ذكر المزيد بما يتعلق عن الوضع الصحي المزري في العراق هو إفساح المجال للقرآء الكرام أن يعبرون عن شواهدهم الحية من الواقع فلعلنا نكون رأي عام ضد هذه المهزلة التي لا تطاق .
رابعاً : أتمنى لك الشفآء والصحة ولجميع المرضى في عالمنا الإنساني الواسع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستاذ الشيخ إحسان ثامر المحترم
.
لكم كل التقدير على إثارة مثل هذه المواضيع
.
تحياتي و احترامي.
تتمة رجاءاً…
.
عيادة الطبيب عبارة عن مدخل كراج سيارات في طابق ارضي من بيت متهالك تم تحويره ليكون غرفة انتظار تدلف منها إلى ما كان مطبخ سابقاً تم تحويره بدوره ليكون مكتب السكرتير و هو الممرض في ذات الوقت و تكملة لغرفة الانتظار لكثرة المراجعين ، و لا حاجة إلى وصف الوضع البائس للحال بأكمله من اثاث رث مختلط بذوق هابط لكل ما حولك مغلف بغبار و رائحة أقرب إلى رائحة الاسطبل، تأخذ رقم دور و تنتظر ربما 5 ساعات حتى يأتي دورك…
.
يتبع لطفاً…
شكرا لإحسانكم
يا أسرتي الرااااااائعة
القدس العربي الغراء
تتمة رجاءاً…
.
الحالات التي تراها من حولك و تستمع إلى روايات اصحابها تجعلك ترى حالتك او ربما مصيبتك هينة بالقياس و تحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به غيرك.
.
لكن من عنده قلب يتحمل سماع او مشاهدة تلك الحالات التي تجعلك بعدها بحاجة إلى طبيب نفسي اكثر من طبيب عيون!
.
أجرة الكشف أعلى بكثير من معدل قيمة الأجور اليومية لمتوسط دخل المواطن العراقي ( بدون ما سيلي من أجور المختبر و الدواء وهذه لوحدها تدار بأسلوب عصابات المافيا ولعلها تحتاج إلى مقال متفرد لمآساويتها الهائلة).
.
حين تدخل إلى غرفة الكشف بعد أن تتنزل الرحمات و يأتي دورك، تكتشف ان وضع غرفة الطبيب لا يقل سوءاً عن وضع غرف الانتظار و رائحة المكان لا تشي بأي نوع من الارتياح، كما أن الأجهزة المستخدمة لا يبدو أنها تعقم بعد استخدامها للمريض الذي سبق
.
يتبع لطفاً…
تتمة رجاءاً…
.
ناهيك عن الوجه المتجهم لطبيب يفترض أنه أخصائي استشاري و تراجعه بفلوسك في عيادته الخاصة لتكتشف انه يجلس في برج عاجي ينظر إلى الناس منه كأنهم حبات رمل، و لا اعمم حتى لا نظلم أطباء لا تزال في قلوبهم رحمة
.
لكن وضع عياداتهم جميعاً بلا استثناء لا يفرق كثيرا عن وضع زريبة او حظيرة حيوانات إن لم يكن أسوء و رغم حجم الدخل الهائل الذي يتحصلون عليه.
.
و يمكن قياساً تخيل وضع و نوع الخدمات في المستشفيات الحكومية و طريقة تعامل الأطباء الذين تراجعهم مجانا؟!
.
لا أنصح اي شخص في العراق لديه القدرة المادية على التورط في اي نوع من المراجعات الطبية داخل العراق له أو لأولاده او لوالديه او لزوجه.
لأنه سيدفع الثمن أضعاف مضاعفة ليس ماديا فحسب وإنما من صحته و عمره و ربما عمر من يحتاج إلى علاج.
نتمنى لك السلامة يا شيخ إحسان, مشكلة العراق الحقيقية بالفساد! لو إنتهى الفساد لانتهت الطائفية!! هناك رواتب بالمليارات لفضائيين يتبعون الأحزاب!!! ولا حول ولا قوة الا بالله
الكروي داوود : شكراً لك أخي العزيز على هذا الدعاء المبارك ٫ الطائفية في العراق هي التي أنبتت الفساد ورعتهُ .
و يبقى السؤال : و لماذا يُعاد إنتخابهم ؟
إن كانت الطائفية …فبؤس ذلك !
من هنا دكتور محمد شهاب أضمُ صوتي لصوتكَ فبأساً لكل شخص ينتخب على إعتبار طائفي وجهوي دون النظر للمهنية والوطنية ٫ وينبغي لجميع المشتركين في الحكومات المتعاقبة فسح المجال أمام الآخرين لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً .