بلاط صاحبة الجلالة.. تعب وألم ومعاناة

حجم الخط
0

بلاط صاحبة الجلالة.. تعب وألم ومعاناة

أحمد بوقرينبلاط صاحبة الجلالة.. تعب وألم ومعاناة لا يزال بعض هواة العمل الصحافي في عالمنا العربي مَن يظن ـ رغم كل التجاوزات التي تصدر بحق الصحافة والصحافيين ـ أن مهنة الصحافة هي مهنة الأبهة والتمظهر والوجاهة والتفاخر بحمل البطاقة الصحافية، والتردد علي نقابة الصحافيين لحضور الاجتماعات والندوات، والجلوس علي الكراسي الدوارة داخل المكاتب الصحافية المجهزة بكل وسائل الراحة والاسترخاء، والدعوة لحضور الولائم الفاخرة ذات اليمين وذات الشمال، واحتساء الشاي وتناول المرطبات بعد إجراء الحوارات والمقابلات الصحافية مع الشخصيات المرموقة، وغير ذلك مما يظن هؤلاء.لكنً حقيقة الأمر ليست كذلك علي الإطلاق، بل إن واقع الحال يقول لهؤلاء الهواة أن من كان هذا شأنه وهذه حالته فهو بالتأكيد ليس صحافيا، ولا يمكن له بحال أن يكون صحافيا يوما ما، وربما كان أولي له أن يبحث عن عمل آخر يوفر له حياة الدعة والراحة والاسترخاء التي يريد، إذ أن حياة الصحافيين ومهنة الصحافة في عالمنا العربي غير ذلك تماما، فهي مهنة الجد والكد، التعب والنصب، الشقاء والمعاناة، السهر والقهر، الألم والدم أحيانا..إن مهنة الصحافة في عالمنا العربي ليست هي السلطة الرابعة ـ كما يفترض لها أن تكون ـ التي تراقب وتحاسب، وتنتقد وتوجه، وتنقل رأي الشعب وتعبر عن آماله وطموحاته وأمانيه، وتفتح عيون الناس علي السلطة والحكم، وتكشف أي عملية فساد قد تحدث في أجهزة الدولة. وإنما أصبحت صحافتنا العربية اليوم تعاني أكثر من ذي قبل من سياسات التضييق علي الحريات والبطش والقمع والقهر والمصادرة والإغلاق فنظرة سريعة علي التقارير والبيانات الصادرة عن اتحاد الصحافيين العرب والمنظمة العربية لحرية الصحافة، ومنظمة مراسلون بلا حدود، وغيرها من المنظمات والإتحادات الأخري التي تُعني بشأن الصحافة وحقوق الصحافيين في العالم بشكل عام وفي عالمنا العربي بشكل خاص، يتبين مدي التجاوزات الكبيرة والخطيرة التي تمارس ضد حرية الصحافة والصحافيين من تهديد واعتقال وإيذاء واعتداء وإغلاق صحف وقتل في بعض الأحيان كما حدث أخيرا في جريمة اغتيال الصحافي جبران تويني النائب والإعلامي اللبناني مدير عام صحيفة النهار الذي تم اغتياله قبل أسبوعين في بيروت، والذي نعتبر عملية اغتياله جرحا آخر يضاف إلي جراحات الصحافة الكثيرة والمتكررة، كما يضاف إلي الثمن الباهظ الذي تدفعه الصحافة ويدفعه الصحافيون من أجل الوصول إلي الحقيقة، والمحزن في الأمر أننا ما زلنا نري مؤشر الجرائم والاعتداءات ضد الصحافيين في ارتفاع دائم واطراد مستمر. فعلي سبيل المثال لا الحصر في العراق وحده ـ كما تقول تقارير المنظمات التي تُعني بالصحافة العربية ـ وفي ظل شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان التي يدعو لها الاحتلال الأمريكي قتل 19 صحافيا علي الأقل معظمهم سقطوا بنيران قوات الاحتلال الأمريكي الداعي للحرية والمبشر بالديمقراطية وحقوق الإنسان.وما يزيد من بؤس الصحافة والصحافيين العرب أنه حتي سياسات الإصلاح التي تتبناها دولنا العربية لم تمس لا من قريب ولا من بعيد مسألة حرية الصحافة وإلغاء القوانين المقيـــــدة للحريات الصحافية، بل إن بعض الدول العربية تراجعت عن وعودها بإلغاء بعض هـــذه القيود المفروضة علي الصحافة، وزادت حدة الرقابة والتضييق علي هامش الحرية البسيط الذي تتمتع به الصحافة في عدد قليل من هذه الدول، فتأخر بذلك ترتيب الدول العربية في قائمة الدول التي تتمتع بحرية الصحافة في العالم حتي كادت تقترب من الدول التي تُعرف بدول الجحيم الصحافي مثل كوبا والصين وكوريا الشمالية.إن خدمة صاحبة الجلالة ـ الصحافة ـ اليوم ليس بالأمر بالهين كما يتصوره البعض، بل هو عمل شاق يتطلب من الصحافيين مزيدا من الشجاعة، والجد، والعطاء، والبذل، والسهر، بل قد يتطلب أحيانا مزيدا من الدماء من أجل الوصول إلي الحقيقة التي لا مساومة عليها في عرف وأدبيات الصحافة والصحافيين الذين نذروا أنفسهم من أجل الحقيقة، وبطبيعة الحال سيضحون بالغالي والرخيص من أجلها.ہ صحافي ليبي ـ سويسرا ـ برن8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية